وفي مسنده بإسناده عن [ميمون أبي عبد الله] قال: قال زيد بن أرقم وأنا أسمع نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بواد، يقال له: وادي غدير خم، فأمر بالصلاة فصلاها قال: فخطب وظلل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بثوب بسط على شجرة من الشمس فقال النبي: ((أو لستم تعلمون، أو لستم تشهدون أني أولى بكل مؤمن من نفسه. قالوا: بلى. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه)). ومنه يرفعه إلى أبي الطفيل قال: جمع علي عليه السلام الناس بالرحبة، ثم قال: أنشد بالله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يوم غدير خم [ما سمع] لما قام، فقام ثلاثون رجلاً من الناس، فقال: قام أبو نعيم فقام أناس كثير فشهدوا حين أخذ بيده، فقال للناس: ((أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم. قالوا: نعم يا رسول الله. قال: من كنت مولاه [فهذا] مولاه. اللهم، والِ من والاه وعادِ من عاداه)).
وبإسناده يرفعه إلى زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه))، ومثله بغير زيادة يرفعه إلى ماذان، عن أبي عمر، ومثله بطريق غير الأولى يرفعه إلى زيد بن أرقم، وقريباً منه رفعه بإسناده إلى ابن إسحاق، قال: سمعت عمر الحديث. وزاد فيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((اللهمَّ، والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه)).(1/388)
وبإسناده إلى البراء بن عازب قال: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع حتى كنا بغدير خم، فنودي فينا إلى الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين شجرتين، فأخذ بيد علي وقال: ((ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ألست أولى بكل مؤمن ومؤمنة من نفسه؟ قالوا: بلى يارسول الله. قال: هذا مولى من أنا مولاه، اللهمَّ، والِ من والاه، وعادِ من عاداه)) فلقيه عمر فقال: هنيئاً لك يا بن أبي طالب!! أصبحت مولاي وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.
وبإسناد فيه، رفعه إلى ابن أبي ليلى الكندي، أنه حدثه قال: سمعت زيد بن أرقم، يقول، ونحن ننتظر جنازة: فسأله رجل من القوم، فقال: أبا عامر أسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي عليه السلام: ((من كنت مولاه فعلي مولاه))، قال: نعم. قال أبو ليلى: فقلت لزيد بن أرقم: قالها؟ قال: نعم، قالها أربع مرات.
وبإسناده إلى بريدة الأسلمي، قال: غزوت مع علي عليه السلام أرض اليمن فرأيت منه جفوة، فلماَّ قدمت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكرت علياً فنقصته، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتغيَّر فقال: ((يا بريدة، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى، يا رسول الله، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه)) ومثله بإسناده حديثان إلى أبي بريدة.
ومن (تفسير الثعلبي) بإسناده في تفسير قوله تعالى: ?يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ?[المائدة:67]، فلما نزلت هذه الآية أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيد علي، وقال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)).(1/389)
وبإسناده رفعه إلى البراء بن عازب قال: لما أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع بغدير خمٍّ، فنادى: إن الصلاة جامعة، وكسح للنبي صلى الله عليه وآله وسلم تحت شجرتين، فأخذ بيد علي فقال: ((ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، يا رسول الله. قال: ألست أولى بكل مؤمن ومؤمنة من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: هذا مولى من أنا مولاه، اللهمَّ، والِ من والاه وعادِ من عاداه))، فلقيه عمر فقال: هنيئاً لك يا بن أبي طالب!! أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة، ومثله رفعه إلى ابن عباس بلفظ يقرب من الأول.(1/390)
ومن (تفسير الثعلبي) أيضاً في تفسير قوله تعالى: ?سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ?[المعارج:1] بإسناده قال: سئل سفيان بن عيينة عن قوله عز وجل: ?سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ?[المعارج:1]، فيمن نزلت؟ قال: لقد سألتني عن مسألة ما سألني أحد قبلك. حدثني جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام قال: لما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بغدير خم نادى الناس، فاجتمعوا، فأخذ بيد علي - صلى الله عليهما - قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه))، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ناقته حتى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته فأناخها وعقلها، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو في ملأ من أصحابه فقال: يا محمد، أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله فقبلناه، وأمرتنا أن نصلّي خمساً فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصوم شهراً فقبلناه منك، وأمرتنا أن نحجَّ البيت فقبلناه منك، ثم لم ترض هذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)) وهذا شيء منك أم من الله؟ فقال: ((والذي لا إله إلا هو أنه من أمر الله))، فولى الحارث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: اللهم، إن كان ما يقول محمد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله، فأنزل الله تعالى: ?سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ، لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ?[المعارج:1، 2] وهذا كما ترى يدل على خبر الغدير وقع في الورود والصدور ليكون جمعاً بين الأخبار، وتصديقاً للآثار، فهذا هو الواجب فيها عند أهل العلم.(1/391)
ومن (الجمع بين الصحاح) في باب مناقب علي عليه السلام ذكره رزين العبدري بإسناده، من صحيح أبي داود السجستاني، وهو [كتاب السنن]، ومن (صحيح الترمذي) قال: عن أبي سرحة، وزيد بن أرقم، أن رسول اللهً قال : ((من كنت مولاه فعلي مولاه)).
ومن مناقب الفقيه أبي الحسن علي بن المغازلي الواسطي الشافعي بإسناده، يرفعه إلى الوليد بن صالح، عن [ابن] امرأة زيد بن أرقم قال: أقبل نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكة في حجة الوداع حتى نزل بغدير الجحفة بين مكة والمدينة فأمر بالدوحات فقم ما تحتهن من شوك، ثم نادى: الصلاة جامعة فخرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم شديد الحر إن منَّا لمن يضع رداءه على رأسه، وبعضه تحت قدميه من شدة الحر، حتى انتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلَّى بنا الظهر ثم انصرف إلينا فقال: ((الحمد لله نحمده ونستعينه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن أضل، ولا مضل لمن هدى، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله. أما بعد : أيها الناس، فإنه لم يكن لنبي من العمر إلا نصف ما عمِّر من قبله، وأن عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة، وأنا قد أشرعت في العشرين، ألا وإني يوشك أن أفارقكم، ألا وإني مسؤول وأنتم مسؤولون، فهل بلغتكم؟ فماذا أنتم قائلون))؟ فقام [من كل] ناحية من القوم مجيب يقولون: نشهد أنك عبد الله ورسوله وقد بلغت رسالته، وجاهدت في سبيله، وصدعت بأمره، وعبدته حتى أتاك اليقين، فجزاك الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته، فقال: ((ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الجنة حق، والنار حق، وتؤمنون بالكتاب كله؟ قالوا: بلى، قال: أشهد أنكم قد صدقتم وصدقتموني، ألا وإني فرطكم وأنتم تبعي، توشكون أن تردوا عليَّ الحوض فأسألكم حين تلقوني عن ثقلي كيف خلفتموني فيهما؟ قال: فأعُيل(1/392)