المسألة السادسة[ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ]
قال أيده الله تعالى : هل مجرد التعريف بوجوب الواجب وقبح القبيح يسقط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن المكلف مع القدرة على سواه أم لا؟.
الجواب عن ذلك: إن التعريف بوجوب الواجب وقبح القبيح هو يقين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن المكلف ليس هو الموجب ولا المقبح، فإذا عرف عن الله سبحانه بالواجب والقبيح ولم يقابله الإنكار كان قد أمر عن الله سبحانه ونهى .
فتأمل ذلك موفقاً إن شاء الله تعالى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ورأينا المبادرة بذلك إليك لإحراز الثواب في تعجيل الجواب ولئلا ننام على شبهة، ولا نترك واجباً قد تعين أداؤه بالتمكن مع الحاجة إليه، فاعلم ذلك والسلام عليك ورحمة الله.
[قال الناسخ للأصل]:
كان الفراغ من رقمه آخر نهار الجمعة المباركة في شهر رجب من شهور سنة ست وأربعين وألف للهجرة وصلى الله على محمد وآله وسلم
وفي (ب) قال في آخره:
والسلام وصلى الله على محمد وآله وسلم، نقل من خطه عليه السلام وصحت قصاصته على خطه عليه السلام ورحمة الله.(1/368)


كتاب الرسالة النافعة بالأدلة الواقعة في تبيين الزيدية ومذاهبهم
وذكر فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وتقرير أدلة على الإمامية وسنن من خرج عن الشيعة المحقين من الإمامية والباطنية والمطرفية
الحمد لله الذي جعل إلهام الحمد من موجبات حمده، وصلاته على محمد الصادق المصدوق وعلى الذرية الطيبين من بعده.
أما بعد .. فإنه بلغنا نزاع جرى من الأصحاب، لا يحسن مثله من أولي الألباب، لأن التلاحي من غير بصيرة في الدين، من حبائل إبليس اللعين، وإنما الواجب على العاقل التبصر والتفكر، وتنقير الأدلة والتدبر، ليكون من الفائزين، كما روينا عن أبينا الصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله الطيبين أنه قال: ((من أخذ دينه عن التفكر في آلاء الله تعالى، والتدبر لكتابه، والتفهم لسنتي، زالت الرواسي ولم يزل، ومن أخذ دينه عن أفواه الرجال، وقلدهم فيه ذهبت به الرجال، من يمين إلى شمال، وكان من دين الله على أعظم زوال)) وهذا كما ترى عظيم، والخطر بالنفس شديد، ولا سيما مع صحة النقل بالخلود، وصدق الوعيد، ولما جعلنا الله تكرمة ورثة الكتاب وتراجمه، من أهله وحفظته واستأمننا على خلقه، واستخلفنا في بلاده، واستشهدنا على عباده، وكان من لوازم ذلك وموجباته أن نعمل له شكراً، وأن تزداد به الأمة نصحاً، وإذا كان ذلك كذلك لزمنا أن نبيِّن للراغبين، وأن نشفي قلوب الطالبين، برسالة تتضمن ما نذهب إليه بأدلة مختصرة، وأدلة شافية تثلج لها قلوب الراغبين، ولابد والحال هذه من مقدمات يبنى عليها الكلام .
أولها : تبيين الزيدية من هم ولم اختصوا بهذا الاسم؟ وما الظاهر من قولهم الآن في جميع أقطار البلاد؟.
وثانيها: تبيين مذهبهم في الإمامة من وقت الصحابة رضي الله عنهم وبعدهم إلى انقطاع التكليف.
وثالثها : الدلالة على صحة قولهم فيما ادعوا ليعلم العاقل أن ذلك لم يكن تجنياً ولا اتباع هوى.(1/369)


ورابعها : اعتقاد ما قطعنا على علمه من قولهم في الصحابة - رضي الله عنهم - وما الموجب لما رأيناه من ذلك من الأدلة والبراهين ليكون من الأمر على يقين.(1/370)


[ سبب تسمية الزيدية ]
واعلم أيدك الله أنها سميت زيدية لاتباعها زيد بن علي عليه السلام وهو أول قائم من أهل البيت بيت النبوة عليهم السلام بعد الحسين بن علي عليهما السلام على بني أمية، ولد سنة خمس وسبعين، واستشهد عليه السلام سنة اثنتين وعشرين ومائة، وأمه أم ولد اشتراها المختار بن أبي عبيد بثلاثين ألف درهم وبعثها إلى علي بن الحسين عليه السلام وقد كان قبل ذلك رأى في المنام ما رويناه بالإسناد إلى الشريف أبي عبد الله محمد بن علي بن الحسين الحسيني الكوفي قال: حدثنا أبو عبدالله محمد بن علي بن الحكم الهمداني قال: أخبرنا عمار بن محمد القطان قال : حدثنا سعيد بن عمر القطان قال: حدثنا حسن بن عمر الجعفي قال: حدثني أبي قال: كنت أديم الحج فأمر على علي بن الحسين عليهما السلام [لأقضي] واجب حقه، ففي آخر حجة غدا علينا بوجهه فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ليلتي هذه آخذ بيدي فأدخلني الجنة، وزوجني حوراء فواقعتها فعلقت، فصاح فيَّ رسول الله ً: يا علي بن الحسين، سمي المولود زيداً، قال: [فأقمنا] حتى أرسل إليه المختار بأم زيد فجاءت بزيد.(1/371)


وروينا بالإسناد الموثوق به في حديث فيه بعض طول، في قصة سير الحسين عليه السلام إلى العراق أنه مرّ بماء من مياه بني سليم، فاشترى خادم له شاةً ونقد ثمنها إلى صاحبها فجاء الأعرابي، فقال: من هذا؟ فقيل: الحسين بن علي عليهما السلام فصاح بأعلى صوته: أنا بالله وبك - يا بن رسول الله - إن عبدك هذا أخذ شاتي ولم يدفع لي ثمناً فنظره الحسين نظراً منكراً، فقال: يا بن رسول الله، إني قد دفعت له ثمن شاته وجاء بالبينة، فقال عليه السلام: ما حملك على هذا؟ قال أصحابه: يا بن رسول الله، عرفك فأراد أن تعوضه شيئاً، فأمر له بشيء وعلي بن الحسين عليه السلام قائم فقال: ما اسمك يا أعرابي؟ فقال الأعرابي: زيد، فضحك علي بن الحسين، وقال: يا أعرابي، ما بالمدينة أكذب من زيد يريد رجلاً كذّاباً بالمدينة كان يبيع -الخُمُرُ والخُمُرُ جمع خمرة- وسجاجيد من خوص بيته، يقال له: زيد فقال الحسين: مه، يا بني لا تعيره باسمه، فإن أبي أخبرني: أنه يولد من ذريتي رجل يقال له: زيد، يقتل فلا يبقى في السماء ملك مشرف، ولا نبي مرسل إلا تلقّى روحه بالسلام، يرفعه أهل كل سماء إلى سماء، وقد بُلغت: يأتي يوم القيامة هو وأصحابه يتحللون رقاب الناس، يقال: هؤلاء خلف الخلف وأئمة الحق.(1/372)

74 / 92
ع
En
A+
A-