مسألة [ قول الإمام حجة ]
قول الإمام حجة على جميع المسلمين أم قولهم وإجماعهم حجة عليه؟
الجواب في ذلك اتباع الإمام واجب على جميع الخلق، وقوله لا يخلو إما أن يكون في أصول الدين أو فروعه؛ فإن كان في أصول الدين فالحجة الدليل دون القول، وإن كان في فروعه فكل مجتهد من أهل العلم فيها مصيب وميدانها رحيب، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يخالفون الإمام في مسائل الفقه فلا ينكر عليهم ذلك، وذلك معلوم لأهل العلم، فإن حكم الإمام بحكم في مسألة فقهية وجب على جميع الأمة الانقياد فيه؛ لأن الحكم بخلاف الفتوى فالتزامه يجب عليهم حتماً لا رخصة فيه.(1/328)
[ دعوى الباطنية في الإمامة والرد عليها ]
قال عليه السلام مما دلست به الباطنية على العامة؛ لأن الإمامة لما كانت في علي عليه السلام بالنص من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم نص بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على ولده الحسن، ثم نص بها الحسن عليه السلام على أخيه الحسين عليه السلام، ثم نص بها الحسين على ولده علي بن الحسين عليهم السلام ، ثم تدرجت في أولاده على ما هو مذكور عندهم وعند من قال بقولهم.
قالوا: ولا يجوز رجوعها إلى ولد الحسن عليه السلام لأنها لا ترجع القهقرى.
والكلام عليهم في ذلك: إن المعلوم عند جميع الأمم فضلاً عن أهل الإسلام إمامة إبراهيم الخليل عليه السلام وهو نص القرآن، قال الله تعالى فيه: ?إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا?[البقرة:124] ثم كان القائم بالأمر بعده ولده إسماعيل عليه السلام ثم أخوه إسحاق بالإجماع في ذلك، ثم ولده يعقوب، ثم قامت الإمامة في ولد يهودا بنص التوراة، فإن رامت الباطنية صحة مقالتها في أنها لا ترجع القهقرى فليثبتوا على دين اليهودية؛ فكل حجة احتجوا بها فهي حجة اليهود في نفي نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإن رجعوا إلى الحق وقالوا بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فهو من ولد إسماعيل، وقد كانت النبوة والإمامة بالإجماع في ولد إسحاق، فما ذكروه أنه الموجب لرجوعها إلى ولد إسماعيل، فهو بعينه دليل على رجوع الإمامة إلى ولد الحسن بن علي عليهم السلام فتأمل ذلك تصب الصواب إن شاء الله تعالى.(1/329)
ودعواهم في غيبة الإمام دعوى باطلة؛ لأن الإمامية أكثر منهم أضعافاً مضاعفة فما راموا به نفي دعوى على غيبة الإمام بطل به دعواهم في ذلك، وكذلك الكيسانية، والنصيرية، والفطحية، والسمطية، والطالقانية، والجعفرية، والواقفية، والمغيرية، والغرابية، والحسينية، فكيف تميز دعواهم بالصحة من دون هذه الفرق، ولكل فرقة من هذه الفرق من الحجج ما هو أقوى وأظهر، فلينظر في ذلك العقل؛ لأن كل فرقة من هذه الفرق تروي بأسانيدها إلى النبيً وإلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام صحة دعواها في غيبة إمامها، فما انطوى به دعوى خصمهم فبمثله تبطل دعواهم فأي الفريقين يكون أولى بالإصابة.(1/330)
[ تناقض من يرى إمامة أمير المؤمنين وتصويب من خالفه ]
مسألة
وأما قوله فيمن [يرى] بأمامة أمير المؤمنين بالنص من رسول اللهً: وكذلك نقول بإمامة الحسن والحسين عليهما السلام بالنص أيضاً، ثم يصوب النفر الذين خالفوا عليا عليه السلام وتقدموا عليه، وأخذوا حقه، واستأثروا به دونهم، ويزعم أن تخطئتهم وانتقاصهم يؤدي إلى الوقيعة في الصحابة، ولا يأخذ بإجماع أهل البيت عليهم السلام من أنهم أخطئوا وظلموا، فعندنا أنه مخطئ في قوله، ومناقض في مذهبه، وخارج عن الشيعة بهذا القول والاعتقاد المتدافع؛ لأن عندنا أنهم عصوا وظلموا في التقدم على علي عليه السلام لتقديم الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم إياه في مقام بعد مقام وملأ بعد ملأ، وإنما نكف عن سبهم وأذيتهم اتباعاً له عليه السلام لأنه كان يبكّتهم ويدين خطأهم ولا يسب ولا يؤذي وهو القدوة في الدين.(1/331)
مسألة [ في زواج آدم لبنيه ]
سأل بعض الباطنية عن زواج آدم لبنيه من أين كان ؟
والجواب عن ذلك: إن الباطنية لا يعلمون في هذه المسألة فرعٌ على إثبات الصانع تعالى وتوحيده وعدله وما يجوز عليه وما لا يجوز، وما يجوز أن يفعله وما لا يجوز أن يفعله، فإذا تقرر ذلك كانت الشرائع مصالح وهي مما تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والمكلفين، والمأثور في تفصيل القرآن الكريم أن آدم عليه السلام كان يولد له في بطن واحد ذكر وأنثى لما أراد الله تعالى من انتشار النسل، فكان يزوج البطن الأعلى من البطن الأسفل والبطن الأسفل من البطن الأعلى، ويحرم على المولودين في بطن المناكحة، فلما انتشروا وساروا بني أعمام حرم نكاح الأخوة وحلت بنات العم، وهذا من نسخ الشرائع للمصالح، وإنما أرادوا بذلك التوصل إلى نكاح أمهاتهم وأخواتهم أخزاهم الله وهم لا يرون بالشرائع ولا بالصانع فافهم ذلك.(1/332)