أجوبة مسائل تتضمن ذكر المطرفية وأحكامهم وغير ذلك له عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وحده وصلواته على محمد وآله وسلامه.(1/148)
[ مقدمة عن المطرفية ]
اعلم أيدك الله وهداك، وحاطك وتولاك أن الفرقة الغوية، الضالة الشقية، المسماة بالمطرفية، قطع الله دابرها، وبت أواصرها، وألحق أولها أواخرها، قد جعلت بغض الذرية الطاهرة لها بضاعة، ورفض الأئمة الهادية سلام الله عليهم عادة وصناعة، وبنت أمورها على التلبيس والتدريس، وزادت في مسالكها على مسالك اللعين إبليس، لأن إبليس لعنه الله وأخزاه، وكبته وأقصاه، ما زاد على تكثير سواد المشركين وإغرائه لهم بمعاداة أهل الدين، ووعده لهم بأنه جارٌ لهم، ومحارب معهم لمن رام حربهم من العالمين، وهؤلاء لعظم عداوتهم وغلبة شقاوتهم تولوا الدفاع عن الظالمين، وصاروا مقدمة لجنود الآثمين، ويقفوا محالهم بالأيمان البالغة أن اعتقادهم اعتقاد المحقين.(1/149)
[ كذبهم عن اعتقادهم ]
فكما حكى الله تعالى عن إخوانهم المنافقين بقوله تعالى: ?إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ?[المنافقون:1]، فكذبهم الباري تعالى في أمر ظاهره الصدق وهو الشهادة بالنبوة لخاتم المرسلين، وإنما كذبهم تعالى لشهادتهم بأمر يعلم من حالهم اعتقاد خلافه، فهل علمت أن الفرقة الملعونة تعتقد خلاف ما أظهرت أم لا؟ وهل علم المسلمون المناظرون لهم المعاشرون ضرورة من اعتقادهم خلاف ما أظهروه في هذه المدة بألسنتهم أم لا؟.
فقد ضربنا لدحضهم لدرن كفرهم بما كذبهم مثالاً فقلنا: هم بمنزلة من يروم غسل الغائط بالبول، ويروم بذلك التطهير، فهل يقع عند المسلمين شك في أنه يزداد تنجيساً [وترجيساً]، وتخبيثاً وتدنيساً، وقد صارت مسائلهم تتكرر، وهو سؤال من لا يتبصر، إن أتاهم الحق لم يقبلوه، وإن ألزموا البرهان لم يعقلوه، فهم كما قال الله تعالى: ?إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً?[الفرقان:44]، وإنما نفى تعالى سمعهم وعقلهم، وإن كانوا على الحقيقة سامعين عاقلين، ولهذا ألزمهم الحجة كما لزمت العقلاء، ولهذا تعينت عليهم الفريضة، ولكنهم لما لم يقبلوا ما سمعوا صاروا كأنهم لم يسمعوا، و[لما] لم ينقادوا لأحكام عقولهم نفى تعالى أن يعقلوا فصاروا أضل من الأنعام؛ لأنه الذي استقر عليه المثال لأنه قال تعالى: ?إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ?[الفرقان:44]، ثم أضرب عن ذلك بحرف الإضراب فقال تعالى: ?بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً?[الفرقان:44] وقد علمت وعلمت الكافة مخالفتهم لأئمة الهدى الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين.(1/150)
[ ابتداء أمر المطرفية وموقف الآل منهم ]
فهم شر البرية، وأعداء الذرية الزكية، وكان أول ناجم في مذهبهم الخبيث أحدثه شيخ من رؤوس ضلالتهم يقال له: أبو الغوازي، وكان من أهل قاعة في البون، وأنكر عليه من كان في عصره من آل رسول الله ً، وكان أعلم أهل زمانه في ذلك العصر من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الشريف العالم الفاضل زيد بن علي من ولد الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وهو الذي أظهر مذهب الزيدية بصنعاء، وإليه ينسب دار الشريف المعروفة هنالك، ورد عليهم وأخزاهم، وتصنيفه عليهم عندنا موجود مشهور، وكذلك العابد من ولد الهادي عليهما السلام يعرف بالعابد عبد الله بن المختار بن الناصر فإنه رد عليهم رداً، شافياً وكذلك الشريف الأجل الإمام العالم عماد الدين الحسن بن محمد المهول من ولد الهادي له عليهم تصنيف مشهور يبين فيه كفرهم ومكرهم، وكذلك الإمام الناصر لدين الله أبو الفتح بن الحسين الناصر [الديلمي] له عليهم تصنيف سماه (الرسالة المبهجة في الرد على الفرقة الضالة المتلجلجة) وكذلك الشريف [الإمام] الفاضل النفس الزكية والسلالة المرضية حمزة بن أبي هاشم الإمام الحسن بن عبد الرحمن له عليهم رد، والإمام الأجل المتوكل على الله عز وجل، أحمد بن سليمان بن الهادي عليه السلام له عليهم ردود عظيمة، ظاهرة موجودة في أرض اليمن، منتشرة في أقطار البلاد منها: كتاب يسمى: (تبيين كفر المطرفية) ورسالة تسمى: (الرسالة العامة) وكتاب سماه: (كتاب المطاعن)؛ لأنهم طعنوا على الإمام، فرد عليهم، وكتاب سماه: (العمدة في الرد على المطرفية المرتدة ومن وافقوا من أهل الردة) فإنه بين فيه مشاركتهم للثنوية، والمجوس، والطبايعية، واليهود، والنصارى، ثم بين ما شاركوا فيه الفرق الضالة من أهل الانتساب إلى الإسلام من المجبرة القدرية، والمرجية النابتة، والنواصب الشقية، والخوارج الردية، ثم بين بعد ذلك ما خالفوا فيه(1/151)
جميع العقلاء من البرية الإسلامية والكفرية.
فأما حالنا وحال القوم، وحال من هو في أيامنا من علماء آل الرسول كشيخي آل الرسول الداعيين إلى الله: شمس الدين وبدره، ورأس الإسلام وصدره، عضدي أمير المؤمنين يحيى ومحمد ابني الهادي عليهم السلام فرأي الكفر في المطرفية معلوم، وكتاب العمدة عندنا موجود، وقد صرح فيه بأن أحكامهم أحكام أهل دار الحرب، وأن مكامنهم التي سموها هجراً حكمها حكم دار الحرب، وقضى بتحريم مناكحتهم وموارثتهم، وأكل ذبائحهم، وقبرهم في مقابر الإسلام والمسلمين. إلى غير ذلك من أحكام المشركين، والكتاب عندنا مشهور موجود، وفيه من حربهم ما شهد به قبح اعتقادهم، وخبث مذهبهم، وقد رددنا عليهم من الردود ما هو موجود، وفيها أكثر هذه المسائل مسطور، فما نذكر ما نذكر إلا على وجه التأكيد، فنقول وبالله التوفيق:(1/152)