بحث في طرق حديث الثقلين
هذه الورقات في ذكر ما تيسّر من أسانيد حديث الثقلين:
1 ـ في مسند أحمد بن حنبل ( ج 3 ص 14 ): حدّثنا عبدالله، حدّثني أبي، حدّثنا أسود بن عامر، أخبرنا أبو إسرائيل ـ يعني إسماعيل بن أبي إسحاق الملائي ـ عن عطية، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): « إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ».
وفي ( ج 3 ص 17 ): حدّثنا عبدالله، حدّثنا أبي، حدّثنا أبو النضر، حدّثنا محمد ـ يعني ابن طلحة ـ عن الأعمش، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)قال: « إني أوشك أن أدعى فأجيبُ وإني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله عزَّوجلَّ وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، وأن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا بم تخلفوني فيهما ».
وفيه ( ج 3 ص 26 ): حدّثنا عبدالله، حدّثنا أبي، حدّثنا ابن نمير، حدّثنا عبد الملك ـ يعني ابن أبي سليمان ـ، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): « إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله عزَّوجلَّ حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، ألا أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ».
وفيه ( ج3 ص59 ): حدثنا عبدالله، حدثني أبي، حدثني ابن نمير، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): « إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا بعدي: الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ».(1/161)
وفي مسند أحمد بن حنبل أيضاً ( ج 4 ص 366 ): حدّثنا عبدالله، حدّثني أبي، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي حيان التيمي، حدّثنا يزيد بن حيان التيمي قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً، رأيت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصليت معه، لقد رأيت يا زيد خيراً كثيراً، حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)! فقال: يابن أخي، والله لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فما حدّثتكم فاقبلوه، وما لا فلا تكلفونيه. ثم قال: قام رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يوماً خطيباً فينا بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال:
« أما بعد ألا أيها الناس، إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربّي عزَّوجلَّ فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله عزَّوجلَّ فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله تعالى واستمسكوا به ـ فحث على كتاب الله ورغب فيه ـ قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ».
وفيه ( ج 5 ص 189 ): حدّثنا عبدالله، حدّثني أبي، حدّثنا أبو أحمد الزبيري، حدّثنا شريك، عن الركين، عن القاسم بن حسان، عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): « إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله وأهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردّا عليّ الحوض جميعاً ».(1/162)
2 ـ وفي صحيح مسلم ( ج 15 ص 179 ): حدّثني زهير بن حرب وشجاع بن مخلد جميعاً عن ابن علية، قال زهير: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدّثني أبو حيان، حدّثني يزيد بن حيان قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً، رأيت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً، حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: يابن أخي، والله لقد كبرت سنّي، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فما حدثتكم فاقبلوه، وما لا فلا تكلفونيه، ثم قال: قام رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خمّاً بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر ثم قال: « ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه ـ ثم قال ـ وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد ؟ أليس نسائه من أهل بيته ؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم ؟ قال: آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة ؟ قال: نعم.
وحدّثنا محمد بن بكار بن الريان، حدّثنا حسان ـ يعني ابن إبراهيم ـ عن سعيد بن مسروق، عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم، عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم). وساق الحديث بنحوه بمعنى حديث زهير.(1/163)
حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا محمد بن فضيل ( ح ) وحدّثنا إسحاق ابن إبراهيم، أخبرنا جرير، كلاهما عن أبي حيان بهذا الإسناد نحو حديث إسماعيل، وزاد في حديث جرير: « كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضل ».
حدّثنا محمد بن بكار بن الريان، حدّثنا حسان ـ يعني بن إبراهيم ـ عن سعيد وهو ابن مسروق، عن يزيد بن حيان عن زيد، بن أرقم قال: دخلنا عليه فقلنا له: لقد رأيت خيراً، لقد صاحبت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وصليت خلفه، وساق الحديث بنحو حديث أبي حيان غير أنه قال: « ألا وإني تارك فيكم ثقلين، أحدهما كتاب الله عزَّوجلَّ هو حبل الله، من اتّبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة ». وفيه: فقلنا من أهل بيته، نساؤه ؟ قال: لا وايم الله، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده.
انتهى ما نقلته من كتاب مسلم المسمى الصحيح.
قال النووي في شرحه: قال العلماء: سمّيا ثقلين لعظمهما وكبير شأنهما، وقيل: لثقل العمل بهما، وقال: المعروف في معظم الروايات في غير مسلم أنه قال: نساؤه لسن من أهل بيته. انتهى.(1/164)
قلت: قد جاء تفسير أهل بيته في حديث الكساء، وقد أخرجه مسلم في صحيحه في فضائل الحسن والحسين، وجمهور المحدثين، وفي ألفاظه التي رويت من مصادر كثيرة « هؤلاء أهل بيتي »، إشارة إلى علي وفاطمة والحسن والحسين، مع أن النساء وإن كنّ من أهل بيت الرجل ـ أي الساكنين معه في بيته ـ فقد خرجن في حديث الثقلين بقوله: « وعترتي » لأن زوجة الرجل ليست من عترته، بل العترة من القرابة خاصة، ولأنه لا يصح في نساء النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)أن يقال فيهنّ: أهل بيته، بمعنى أنهنّ ساكنات في بيته، لأنه لم يكن يجمعهنّ بيت واحد، بل كان لكل واحدة بيت. ولذلك قال تعالى: ] واذكرن ما يتلى في بيوتكن [(1)[120]) فلو أريد الزوجات لقيل: أهل بيوته أو أهل البيوت، فبان أن المراد بأهل البيت ما فسّره به زيد بن أرقم(2)[121]) في حديث الثقلين أو ما خصّه حديث الكساء.
__________
(1) 120]) سورة الأحزاب: الآية 34.
(2) 121]) ما فسرّ زيد بن أرقم به حديث الثقلين ليس صحيحاً، إذ إن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)فسّر أهل بيته بـ « علي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) » وذلك بنص كثير من الأحاديث ومن أهمها حديث الكساء، فلا وجه لقول زيد: « إن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس ».(1/165)