الكتاب : تحرير الأفكار
المؤلف : العلامة بدر الدين الحوثي
المحقق : السيد جعفر الحسيني
بالتعاون مع رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية
الناشر : المجمع العالمي لأهل البيت(ع) ـ قم
الطبعة : الأولىتحرير الأفكار
المؤلف:…العلامة بدر الدين الحوثي
المحقق:…السيد جعفر الحسيني
بالتعاون مع رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية
الكتاب:…تحرير الأفكار
المؤلف:…العلامة بدر الدين الحوثي
المحقق:…السيد جعفر الحسيني
الناشر:…المجمع العالمي لأهل البيت(ع) ـ قم
الطبعة:…الأولى
المطبعة:…أمير
سنة الطبع:…1997م ـ 1417هـ
الكمية:…3000
«حقوق الطبع محفوظة»
قم، ص. ب 837 ـ 37185، ت 3 ـ 740771
مقدمة المجمع
تتعرض الأمة الإسلامية إلى مؤامرة وهجمة استكبارية واسعة، إذ لا زالت مقومات حضارتها هدفاً تأريخياً لأعدائها الذين لم يتركوا وسيلةً تحطّ من شأن الأمة وقيمتها إلا وتوسّلوا بها، سعياً منهم إلى تركيعها والقضاء عليها.
ولقد سعى الاستكبار بكل ما أوتي من قوة إلى تحريف وتخريب أهم حصونها المنيعة، وهو بناؤها العقائدي وكيانها الروحي، وإن كان أفلح يوماً في إبعاد بعض شرائح الأمة عن مسار حركتها الرائدة إلى متاهات الضياع والتيه، فإنه سيفشل حتماً في سعيه، وستنهار كل محاولاته الراميه إلى حرف الأمة عن دربها الأصيل الذي ابتدأه رسولنا العظيم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) وأكمله الأئمة الراشدون من أهل البيت(عليهم السلام) ( والله متم نوره ولو كره المشركون ).(1/1)
إن المحاولات التأريخية التي مارستها الحكومات المنحرفة عن خط الرسالة السماوية لإطفاء معالم الوعي ومحطات التوهج الفكري في الأمة، لم تفلح أبداً في إيجاد ثغرة ضئيلة بين الأمة وقادتها الحقيقيين من أهل البيت(عليهم السلام) رغم ما مارسته هذه الحكومات من إرهاب وصرامة، ورغم ما بذلته من ثروة لاستجداء بعض الأفواه الأجيرة والأقلام المنافقة. فقد سعت السلطات الأموية والعباسية بكل قوّتها وجبروتها إلى إخفاء معالم البيت النبوي الشريف، وطالت رجاله الأبرار قتلاً وتشريداً، وراحت تشوّه الحقائق وتغيّر المعالم مستغلّةً وضّاع الحديث ومبتدعي السنن ومحرّفي الكلم.
والعجيب أن تعود بعض الأبواق المنحرفة والوجودات المشبوهة، إلى لعب الدور نفسه، فتثير الفرقة في وقت تحتاج فيه الأمة إلى الوحدة، وتنشر التخلّف في وقت تطمح فيه الأمة إلى النهوض والتقدم !
إن علماء الأمة الإسلامية ومفكريها وحملة الرسالة فيها لَيقع على عاتقهم أمر التصدي لهذه المؤامرات والمكائد، فهم أمل الأجيال المتطلّعة والمقصد الواثق للخطى المتعثّرة.
والمجمع العالمي لأهل البيت(عليهم السلام) وهو أحد منابع الضوء في مسيرة الأمة الإسلامية المعاصرة، يرى أن من مهماتهِ الأساسية التصدّي للأدوار المشبوهة والتخريب المتعمّد في البناء الفكري والعقائدي للأمة الإسلامية، وهو إذ يقدم هذا الكتاب القيّم لمؤلّفه العلاّمة بدر الدين الحوثي، يؤكد حقيقةً مهمة ; هي أن علماء الأمّة الأمناء لم يفرّطوا بموقف ولم يتخلّفوا عن مواجهة.
إن هذا الكتاب يمتاز بأمرين أساسيين هما: موضوعية الحوار، وواقعية البراهين، بعيداً عن أسلوب التعسّف والاضطهاد في مواجهة الفكرة وبعيداً عن التعصب المرفوض في المناظرات العقائدية والمواجهات الفكرية.
إنه كتاب يعتمد الحقيقة بكل أبعادها، لم يزلزلها الانفعال، ولم يطمسها التحيّز.. ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ).
والحمد لله رب العالمين
المعاونية الثقافية للمجمع العالمي لأهل البيت «ع»(1/2)
مقدمة المؤلف
الحمد لله رب العالمين، القائل في الكتاب المبين: ] إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين [(1)[1]) وأشهد أن لا إله إلا الله، سميع الدعاء، الذي يستحق العبادة، ويضاعف الجزاء، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذي أرسله بالهدى، اللهم صلّ وسلّم عليه وعلى آله، الذين هم كسفينة نوح، من ركب فيها نجا...
أما بعد:
فقد تحركت الهمم، واستيقظ النائمون، لمّا سمعت الفرقة الناجية والعصابة الهادية بما يحاك ضد الحق وأهله، فقام العلماء للإرشاد والتعليم، وجدَّ الطلاب في التعلم وطلب التحقيق، بحركة من الفريقين زائدة على العادة، واهتمام لكشف كيد الأعداء، وذلك لما انتشرت في البلاد كتب المخربين، وظهرت مكائد المفسدين ومن ذلك كتاب مقبل المشتمل على ثلاثة كتب: الرياض والطليعة، والرسالة الداعية إلى تخريب قبة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
__________
(1) سورة المؤمنون: الآية 30.(1/3)
والنسخة التي وصلتنا منه هي الطبعة الأولى سنة ( 1401 هـ، الموافق 1981 م ) في مطبعة التقدم، وكان بعض الإخوان أيدهم الله قد أشار بالإعراض عنه لأن في الإعراض عنه المعارضة له بنقيض قصده. لأنهم يرون صنيع مقبل غرضه فيه التصنع لدى أسياده، ليبذلوا له الأموال الجزيلة، وترتفع درجته عندهم. ويرون في الإعراض عنه إخمالاً لما جاء به، وتفويتاً لذلك الغرض. أما قيام العلماء ضدّه فهو تشهير به وبما جاء به، وذلك غاية مرامه منهم، لتكون النتيجة ما ينال من المال والجاه عند أسياده. ولكني رأيت الدفع عن الحق أهم من المعارضة المذكورة لأن في كتابه ما قد يغتر به بعض القاصرين، فتكون المفسدة في ذلك أعظم، فشرعت في الجواب وبالله التوفيق إلى الصواب. وجعلت أكثر الجواب المنقول من كتب أسلاف مقبل الذين ينتمي إليهم في مذاهبه، وذلك ليكون أبلغ في الحجّة عليه، ولكون ذلك من المخالفين كثيراً ما يكون بمنزلة الإقرار، وهذا هو السبب في ذلك. فإذا نقلنا من كتاب منها فلا يظن بنا أنّا نراه عمدة. وكتابنا هذا ينادي بذلك مراراً.
وأرجو ممن اطلع على أحد بحوثه أن لا يعجل بالاعتراض قبل النظر في بقية الكتاب. وهذا أوان الشروع وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.(1/4)
المبحث الأول علماء الزيدية ومؤلفاتهم
قال مقبل ( ص 2 ): وأغلب هؤلاء المفتين أعرفهم ليسوا من أهل العلم، فهم لا يعرفون الصحيح من السنة من السقيم.
والجواب: أن أصل الفتوى وابتداءها من السيد علي بن هادي الصيلمي، وكان يصلي في بلده إماماً، فسأله سائل في مسألة الضم والتأمين لتحريك الجدل في المسألتين، فأجاب بمذهبه، واعترضه مقبل وأكثر من تخطئته، وأجاب السيد علي بن هادي ثانياً عن مقبل لدفع اعتراضه، وأضاف إلى جوابه توقيعات من علامة العصر ـ شيخ الإسلام العابد الزاهد ـ علي بن محمد العجري، والأخ العلامة العابد عبد العظيم بن حسن الحوثي وغيرهما، كما يأتي ذكره، وقصد السيد علي بن هادي تقوية جوابه، وعند ذلك لاحت الفرصة لمقبل لسب علماء الزيدية ومحاربة علومهم، فجاءت كتبه الثلاثة المذكورة مطبوعة مظنة الانتشار بسبب طبعها، مما حرك الهمة للجواب عنه.
بيان فساد تجهيل مقبل للعلماء
فقوله: « ليسوا من أهل العلم » بناه على أصله الفاسد في دعوى أن العلم هو تقليد أسلافه الذين هم ابن المبارك، ويحيى بن سعيد القطان، وتلاميذه وأتباعهم، فمن كان متبعاً لهم في الجرح والتعديل وتصحيح الحديث وتضعيفه فهو عند مقبل وأشباهه عالم، ومن لم يكن على طريقتهم فليس بعالم، وذلك لاعتقاد مقبل أنه لا سبيل إلى معرفة السنة والتمييز بين الصحيح والسقيم إلا تقليدهم، فمن قلدهم في ذلك فهو العالم عند مقبل وأصحابه، وهو عندهم مجتهد غير مقلد، ومن لم يكن على طريقتهم فهو عند مقبل جاهل بالسنة، لأنه قد عدل عنده عن طريق المعرفة. ونحن لا نوافقه على هذه الدعوى، لأنها أساس الباطل، وزمام الضلال، وليست طريق المعرفة بالحق، بل هي طريق التورط والعمى عن الهدى ] كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين [(1)[2]).
__________
(1) سورة الأنعام: الآية 71.(1/5)