وهل أُثِر عن أحد من علماء الزيدية والمعتزلة التوقف عن معاوية؟
الجواب والله الهادي إلى الصواب: ينحصر في سبعة أنماط:
الأول: في حكم معاوية.
والثاني: في حكم من ذهب إلى الترضية عنه.
والثالث: في أنه لا واسطة بين التخطية لعلي والترضية عن معاوية.
والرابع: في أن المرضّي عن معاوية معتقد للخطأ في علي عليه السلام، وغير سالم من هذا الاعتقاد.
والخامس: في حكم [هذا] العَالم، ومايلزم المتمكن من إزالة هذه الضلالة.
والسادس: في هل يجب لعن معاوية في حال؟
والسابع: في هل عُلم المتوقف في معاوية من علماء الزيدية والمعتزلة؟
[توضيح فسق معاوية بالدليل]
أما النمط الأول: وهو في حكم معاوية: فحكمه فاسق بلا خلاف بين الزيدية والمعتزلة، ومحققي علماء الأمة المحمدية، وفسقه من الأمور الظاهرة التي لا يحتاج فيها إلى دلالة، لتجلي الأمر في محاربة علي عليه السلام، وإذا أردنا إفحام المنكر للعن معاوية، قلنا له:
ما تقول في علي عليه السلام؟ هل هو إمام عندك؟ أوليس بإمام؟
فإن قال: ليس بإمام، نقلنا معه الكلام إلى الإستدلال بصحة إمامته، ولا يرتكب أحد هذه المقالة من الشيعة والمعتزلة وأهل المذاهب الأربعة.
وإن قال: بل أقول إن علياً عليه السلام إمام حق، قلنا: فما حكم الخارج على إمام الحق؟..(1/151)


فإن قال فاسق، نقلنا معه السؤال، هل حارب معاوية علياً عليه السلام؟ أم لا؟
فإن أنكر أن يكون معاوية حارب علياً عليه السلام، فقد ارتكب إنكار الضروريات؛ لأن حرب معاوية لعلي معلوم بالضرورة بطريق التواتر، كعلمنا أن في الدنيا مكة، وما شابهها، مما لم نشاهده، وإن قال: بل حارب معاوية -لعنه الله- علياً عليه السلام.
قلنا: فيلزم من القول بأن من حارب إمام الحق فَسَقَ فِسْقُ معاوية وأصحابه، وإلا فما الإخراج من الإلزام لنا في الرد عليهم أنه لا خلاف بين المعتزلة والزيدية، في فسق طلحة، والزبير، وعائشة، وإنما فسقوا لخروجهم على إمام الحق، وهاهنا أصل وفرع وعلة وحكم، فالأصل خروج طلحة والزبير وعائشة، والفرع خروج معاوية، والعلة محاربة إمام الحق، والحكم فسق المحارب.
لنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه قال لعلي عليه السلام: ((تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين))(112)، فالناكثون طلحة والزبير، والمارقون الخوارج، والقاسطون معاوية وأصحابه.
_______________
([112]) - قال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى في لوامع الأنوار ج/1/130:
روى الإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام في الشافي بسنده إلى صاحب المحيط بالإمامة، يبلغ به ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم تزوج زينب بنت جحش؛ ثم تحول إلى بيت أم سلمة فلما تعالى النهار انتهى علي إلى الباب فدقه دقاً خفيفاً، عرف رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم دقه؛ فقال: ((يا أم سلمة، قومي فافتحي له الباب، فإن بالباب رجلاً ليس بالخرق ولا بالنزق، ولا بالعجل في أمره، يحب اللَّه ورسوله، ويحبه اللَّه ورسوله)).
فقامت ففتحت؛ فدخل علي عليه السلام؛ فقال: ((يا أم سلمة، هو علي بن أبي طالب، لحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي، يا أم سلمة، اسمعي واشهدي، علي أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وعيبة علمي وباب الدين، والوصي على الأموات من أهل بيتي، والخليفة في الأحياء من أمتي، أخي في الدنيا، وقريني في الآخرة، ومعي في السنام الأعلى؛ اشهدي يا أم سلمة، أنه قاتل الناكثين، والقاسطين، والمارقين)) انتهى.
وقال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى في لوامع الأنوارج/1/218:
قال الإمام أبو طالب (ع): بعد أن روى عن عبدالله بن مسعود أنه قال: أمر علي بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، هذا حديث مستحسن لأن عبدالله بن مسعود توفي وقد حدث بأمر هؤلاء القوم قبل وقوعه بمدة.....إلخ.
قال المولى الحسن بن الحسين الحوثي رحمه الله تعالى في التخريج:
وروى ابن المغازلي من حديث المناشدة عن عامر عن علي قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((قاتلت على تنزيل القرآن، وتقاتل أنت على تأويله)) وقوله: ((إنك تقاتل الناكثين، والقاسطين، والمارقين)).انتهى.
وفي المستدرك على الصحيحين 3/150 برقم 4674 بسنده إلى الأصبغ بن نباتة قال: حدثني أبوأيوب الأنصار في خلافة عمر بن الخطاب قال: أمر رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسَلَّم علي بن أبي طالب بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، ومله عن علي في مسند أبي يعلى 1/397 برقم 519، وفي المعجم الكبير 10/91 برقم 10054.(1/152)


لنا قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمار بن ياسر رحمه الله تعالى: ((تقتلك الفئة الباغية))(114)، فقتله فئة معاوية في بعض أيام صفين، ولما قتل رحمه الله تعالى بعد أن كان الحديث مشهوراً ظهر لأهل الشام ضلال معاوية وبغيه، ومرج عليه أمره، فقال معتذراً وقد قيل له في ذلك: إنما قتله من جاءَ به، فألزمه علي عليه السلام أن يكون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قتل حمزة؛ لأنه جاء به إلى أحد.
لنا أيضاً قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا}[النساء:93] الآية، وقد قتل معاوية جماعة من المؤمنين، لا يحصون عدداً.
قال وروى السيد أبو العباس الحسني عليه السلام في مصابيحه: أن عمار بن ياسر قُتِل في ألف من المؤمنين، قتلهم معاوية وأصحابه، لعنهم الله، وقتل حجر بن عدي في سبعة من أهل بيته لمّا امتنع من البيعة، رواه المنصور بالله في "الشافي"، وروى السيد أبو العباس في كتاب "المصابيح": أن عدة القتلى يوم صفين كانت سبعين ألفاً.
قال الفقيه الديلمي رحمه الله: عشرون ألفاً من أهل العراق، من أصحاب علي، وخمسون ألفاً من أهل الشام، من أصحاب معاوية، وكانت الحرب أربعين يوماً.
_______________
([114]) - قال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى في لوامع الأنوار ج/2/257:
قال الإمام (ع) في المعراج، في قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لعمار: ((ستقتلك الفئة الباغية)): هذا الحديث مما لاشك في صحته، وإطباق الأمة عليه، وهو في البخاري من رواية أبي سعيد، وقد ذكر بناء المسجد، قال: كنا نحمل لبنة لبنة، وعمار لبنتين، فرآه النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فجعل ينفض التراب عنه، ويقول: ((ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار))انتهى.
وقال المولى العلامة الحسن بن الحسين الحوثي رحمه الله تعالى في التخريج:
روى الكلابي بإسناده إلى أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((أبشر ياعمار تقتلك الفئة الباغية)) وسيأتي جملة أخبار في فضائله في الجزء الثاني.
عنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمار: ((تقتلك الفئة الباغية)) أخرجه النسائي في خصائصه عن أم سلمة من ثلاث طرق، وعن أبي سعيد من طريقين، وعن عبدالله بن عمرو من ثلاث طرق، وأخرجه الكنجي عن أبي سعيد من طريقين، وعن أنس.
قال ابن أبي الحديد: اتفق الناس كلهم أن عماراً رضي الله عنه أصيب مع علي عليه السلام بصفين، وروى ذلك نصر بن مزاحم في كتاب صفين بسنده إلى أبي البحتري، وقال الناس كلهم: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إن الجنة لتشتاق إلى عمار)) ورووا عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال فيه: ((مرحباً بالطيب المطيب))، وروى سلمة بن كهيل عن مجاهد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((مالهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار)) وروى الناس كافة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال له: ((تقتلك الفئة الباغية)) تمت شرح نهج، انتهى.
وهو في: صحيح مسلم/ الفتن 5193، الترمذي/ المناقب 3736، أحمد / مسند المكثين من الصحابة 6211، أحمد / باقي مسند المكثرين من الصحابة 10789، أحمد / باقي مسند الأنصار 21561، الجامع الصحيح سنن الترمذي 5/669 برقم 3800، الجامع الصحيح المختصر 1/172 برقم 436، صحيح مسلم 4/2236 برقم 2916، أحمد 6/300 برقم 26605، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 15/554 برقم 7079، المستدرك على الصحيحين 2/168 برقم 2663، السنن الكبرى 5/75 برقم 8275، سنن البيهقي الكبرى 8/189 برقم 16566، مسند أبي يعلى 13/330 برقم 7346، المعجم الكبير 5/266 برقم 5296، مسند ابي داود الطيالسي 0/90 برقم 649، مسند ابن الجعد 0/246 برقم 1622، بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث 2/924 برقم 1017.(1/153)


وروى الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان عليه السلام، في "حقائق المعرفة": قُتِل من أصحاب معاوية خمسة وسبعون ألفاً، ومن أصحاب علي عليه السلام خمسة وعشرون ألفاً، ومن جملة من قُتل في صفين من أصحاب علي عليه السلام أويس القرني(116)، العابد المشهور، وخزيمة بن ثابت، ذو الشهادتين(117)، وكثير من عيون الفضلاء والعباد، والعلماءِ والزهاد.
_______________
([116]) - قال مولانا الإمام الحجة / مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى في لوامع ج1/ 531 نقلاً عن الينابيع للأمير الحسين في سياق إخباره بمعجزات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:
ونحو إخباره للصحابة أن أويس القرني رحمه الله ـ قلت: كذا في المنقول عنها بغير ألف على لغة ربيعة، قال ـ: يرد عليهم بعد وفاته، وأن به برصاً، دعا اللَّه تعالى فبرئ كله إلا قدر الدرهم، وكان عمر يسأل عنه، ويطلبه حتى ظفر به.
قلت: وهو من الشهداء رضوان الله عليهم بصفين، بين يدي سيد الوصيين، صلوات الله عليه، انتهى من اللوامع.
قال في الإصابة 1/219/ برقم 500: الزاهد المشهور، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن عمر وعلي، وروى عنه بشير بن عمرو وعبد الرحمن بن أبي ليلى، ذكره بن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة، وقال: كان ثقة،....إلى قوله: إلا أن شهرته وشهرة أخباره لا تسع أحدا أن يشك فيه، وقال عبدالغني بن سعيد: القرني بفتح القاف والراء، هو أويس، أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم قبل وجوده، وشهد صفين مع علي، وكان من خيار المسلمين، وروى ضمرة عن أصبغ بن زيد قال: أسلم أويس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولكن منعه من القدوم برّه بأمه، وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي نضرة عن أسير بن جابر عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن خير التابعين رجل يقال له أويس بن عامر))، وفي رواية له: ((فمن لقيه منكم فمروه فليستغفر لكم))، وله من طريق قتادة عن زرارة عن أسير بن جابر وفيها قول عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يأتي عليك أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن ثم من مراد ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه الا موضع درهم،...إلى قوله: لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل))... الحديث، ورواه البيهقي وأبو نعيم في الدلائل وفي الحلية من هذا الوجه مطولاً، وله طرق أخرى منها ما روى بن منده من طريق سعد بن الصلت عن مبارك بن فضالة عن مروان الأصغر عن صعصعة بن معاوية قال: كان عمر يسأل وفد أهل الكوفة إذا قدموا عليه: تعرفون أويس بن عامر القرني، فيقولون: لا، فذكر نحوه،....وقال أحمد في مسنده: حدثنا أبو نعيم حدثنا شريك عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: نادى رجل من أهل الشام يوم صفين: أفيكم أويس القرني، قالوا: نعم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن من خير التابعين اويساً القرني))، ورواه جماعة عن شريك،.....وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الرحمن المهدي عن عبد الله بن أشعث بن سوار عن محارب بن دثار يرفعه: ((إن من أمتي من لا يستطيع أن يأتي مسجده أو مصلاه من العرى، يحجزه إيمانه أن يسأل الناس، منهم أويس القرني...إلى قوله: وفي المستدرك من طريق يحيى بن معين عن أبي عبيدة الحداد حدثنا أبو مكيس قال: رأيت امرأة في مسجد أويس القرني قالت: كان يجتمع هو وأصحاب له في مسجده هذا يصلون ويقرءون حتى غزوا فاستشهد أويس وجماعة من أصحابه الرجالة بين يدي علي، ومن طريق الأصبغ بن نباتة قال: شهدت علياً يوم صفين يقول: من يبايعني على الموت، فبايعه تسعة وتسعون رجلاً، فقال: أين التمام فجاءه رجل عليه أطمار صوف محلوق الرأس فبايعه على القتل، فقيل: هذا أويس القرني، فما زال يحارب حتى قُتل...إلخ.
أنظر: الطبقات الكبر 1/161ن طبقات خليفة 0/146، لسان الميزان 1/471 برقم 1449.
([117]) - قال الإمام الحجة / مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى في لوامع الأنوار ج/3/ 79:
خزيمة بن ثابت، أبو عمارة الأنصاري الأوسي، ذو الشهادتين؛ شهد بدراً وما بعدها؛ كانت راية بني خطَمة بيده يوم الفتح، وكان سيداً فيهم.
وشهد مع علي ـ عليه السلام ـ الجمل وحضر صفين، فلما قُتل عمار بن ياسر، قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يقول: ((تقتل عماراً الفئة الباغية)) ثم سلّ سيفه، وقاتل حتى قُتل سنة سبع وثلاثين ـ رضوان الله عليه ـ.
قلت: وهو من الصحابة المفضلين للوصي عليه السلام.
أخرج له: المؤيد بالله، ومحمد، ومسلم، والأربعة.
روى عنه عبدالله بن حصين.
وقال مولانا الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى في لوامع الأنوار ج1/218، في سياق ذكره للصحابة المفضلين لعلي عليه السلام:
وأبو عمارة: خزيمة بن ثابت الأنصاري الأوسي الذي أقام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم شهادته مقام شاهدين، الشاهد بدراً وما بعدها، ومع أمير المؤمنين صلوات الله عليه، قتال الناكثين يوم الجمل، واستشهد بين يديه بصفين، بعد أن وقف لينظر معجزة الرسول الأمين صلوات اللَّه عليه وآله في الإخبار بقتل عمار، وقال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((تقتل عماراً الفئة الباغية))؛ ثم سل سيفه فقاتل حتى قتل.
ومثل هذه الآية العظمى التي يزداد المؤمنون بها إيماناً، والموقنون إيقاناً، وتطمئن إليها القلوب عرفاناً، قد تطلبها إبراهيم الخليل صلوات الله عليه، ولم يُعِب عليه في ذلك الملك الجليل، سبحانه وتعالى، مع أنه لم يتضيق عليه الإقدام، وهو قائم في صف الإمام، فأي حرج في الإنتظار بين يدي إمام الأبرار؟ صلوات الله عليه، وقد جاهد الناكثين معه يوم الجمل، انتهى.
قال في الإصابة ج/2/278 برقم 2253: من السابقين الأولين،....إلى قوله: وكان يكسر أصنام بني خطمة، وكانت راية خطمة بيده يوم الفتح، وروى أبو داود من طريق الزهري عن عمارة بن خزيمة بن ثابت أن عمّه حدثه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرساً من أعرابي....الحديث، وفيه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من شهد له خزيمة فحسبه))، وروى الدارقطني من طريق أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل شهادته شهادة رجلين، وفي البخاري من حديث زيد بن ثابت: قال فوجدتها مع خزيمة بن ثابت الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين،....إلى قوله: وعند أحمد عن عبد الرزاق بن معمر عن الزهري: أن خزيمة استشهد بصفين، وروى أحمد من طريق أبي معشر عن محمد بن عمارة بن خزيمة قال ما زال جدي كافاً سلاحه حتى قُتل عمار بصفين فسلّ سيفه وقاتل حتى قُتل،.....إلى قوله: وشهد صفين، وقال أنا لا أقاتل أبداً حتى يُقتل عمار فأنظر من يقتله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تقتله الفئة الباغية))، فلما قُتل عمار قال: قد بانت لي الضلالة، ثم اقترب فقاتل حتى قُتل.
أنظر: الطبقات الكبرى 6/51، تهذيب الكمال 8/243 برقم 1685، تقريب التهذيب 1/193 برقم 1710، الثقات 3/107 برقم 355.(1/154)


لنا أيضاً ما روي في لعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمعاوية في حياته، ولعن أباه وأخاه، وكان أبو سفيان راكباً، ومعاوية يقود به، وأخوه يسوق الجمل، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((لعن الله الراكب والسائق والقائد))(120).
ولنا أيضاً: ما ظهر، واشتهر، من قنوت علي عليه السلام بلعن معاوية غير مره، رواه الهادي عليه السلام في "الأحكام"، ورواه الحاكم رحمه الله تعالى في كتاب "تنزيه الأنبياء عليهم السلام"، ولعنة علي من لعنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولعنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من لعنة الله تعالى، {وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا(52)}[النساء:52]
______________
([120]) - قال الإمام محمد بن عبدالله (ع) في الفرائد: وقد روى أئمتنا ـ عليهم السلام ـ وغيرهم حديث: ((لعنتك يا علي من لعنتي ولعنتي من لعنة الله، ومن يلعن الله فلن تجد له نصيراً))، إلى قوله: وحديث: ((لعن الله السائق والقائد والراكب)) رواه الهثيم وذكره في العواصم.
قال المولى العلامة الحسن بن الحسين الحوثي رحمه الله تعالى في التخريج: رواه محمد بن سليمان الكوفي عن الحسن البصري من طريقين، تمت مناقب، وروى نحوه إبراهيم الثقفي في كتاب الغارات عن أنس بن مالك، تمت شرح نهج البلاغة، انتهى...(1/155)

31 / 51
ع
En
A+
A-