لكن المجادلة عن علماء السوء المضلين بما ورد من النهي عن أعراض العلماء العاملين، من لبْس الحق بالباطل، {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء:107]، {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [النساء:109].(1/11)


يالله، بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً، والجاهلية الأخرى شر من الجاهلية الأولى، وأقول: والذي يعلم السر وأخفى إنه ليسوؤنا أي خلل في جناب أقصى علماء الأمة، ولعلنا بحمد الله أعرف بمقدار مكانتهم من العلم، وإنه ـ وحق المعبود ـ لا يخفى علينا أن الإعراض عن الأعراض، والصمت والإدهان أسلم لدنيانا، وأبقى لعرضنا، وأبعد عن تطرق نفثات سفهاء الأحلام، وبادرات جهلاء الأنام، ولكن كيف السبيل، والله عز وجل يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء:135]، فحق الله أعظم، وأمره المقدّم، وإن مجته الأسماع، ونفرت عنه الطباع، فلسنا بحمد الله نبالي بعد امتثال أمره، والوقوف تحت حكمه، بقالة المتقولين، وقعقعة المتحزبين، الذين يقلدون في دين الله الرجال، فيميلون بهم من يمين إلى شمال، لا سيما هذه الطائفة من الزائغين، الذين صار لديهم من خالف الحق وأهله موسوماً باتباع الدليل، ولو كانوا يسمعون أو يعقلون لعلموا أولاً أن المعتبر اتباع الحق المأخوذ على الخلق، لا المشاقة واتباع غير سبيل المؤمنين، وأن لزوم جماعة الحق والكون معهم هو فرض الله المتعين، {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}(1/12)


[التوبة:119]، {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103]، {الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام:159]، والله عز وجل يقول: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59]، {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء:83]، {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر:18].
ويقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي كتاب الله وعترتي))، الخبر المروي في دواوين الإسلام، عن بضع وعشرين صحابياً، و((أهل بيتي فيكم كسفينة نوح))، وغيرها من الأخبار المعلومة، إنما نهى الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم عن اتباع الباطل، والرجوع إلى من لم يأمر الله بالرجوع إليه، والطاعة لمن لم يجعل الله له ولاية من الظالمين، ومتابعة الأهواء، ومحبة الترؤس والإخلاد إلى الدنيا، وبيع الآخرة بالأولى، كما علم من حال هؤلاء المضلين، الذين لا يفقهون الخطاب، ولا يفهمون فرقاً بين خطأ وصواب.
ومن البلية عذل من لا يرعوي .... عن غيره وخطاب من لا يفهم(1/13)


وتالله لقد غرست في صدور المتمردين شجرات، تجتنى من زيغها وضلالها ثمرات، ولله حكمة بالغة، وربنا الرحمن المستعان على ما يصفون، فهذا الذي يلزمنا وندين الله به من البيان، والخروج عن عهدة الكتمان، موجهاً إلى ذوي العرفان، وأما غيرهم فنقول لهم: سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين"، انتهى.
ـــــــــــــــ
[السند إلى مؤلفات السيد الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير]
أروي مؤلفات السيد الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير عن والدنا ومولانا الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى، عن والده السيد العلامة محمد بن منصور المؤيدي رضي الله عنه، عن الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحسيني، عن الإمام المنصور بالله محمد بن عبدالله الوزير، عن مشائخه السادة الأعلام: أحمد بن زيد الكبسي ، وأحمد بن يوسف زبارة، ويحيى بن عبدالله الوزير ، ثلاثتُهم عن السيد الإمام الحسين ، عن أبيه يوسف ، عن أبيه الحسين بن أحمد زبارة الحسني، عن السيد العلامة عامر بن عبدالله بن عامر ، عن الإمام المؤيد بالله محمد ، عن أبيه الإمام القاسم بن محمد ، عن السادة الأعلام: أمير الدين بن عبدالله ، وإبراهيم بن المهدي وصلاح بن أحمد بن عبدالله الوزير ، عن السيد الإمام أحمد بن عبدالله الوزير ، عن الإمام شرف الدين، عن السيد(1/14)


الإمام صارم الدين إبراهيم بن محمد بن عبدالله، عن أبيه، عن جده عبدالله بن الهادي، عن أبيه السيد الإمام الهادي بن إبراهيم؛ "أعاد الله من بركاتهم، وأولاهم التحيات والتسليم".
ـــــــــــــــ
وقد رأيتُ أن أزيدَ على ترجمة السيد الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير هنا ماذكره مولانا الإمام/ مجدالدين المؤيدي أيده الله تعالى في لوامع الأنوار وجوامع العلوم والآثار نقلاً عن كتاب صلة الإخوان ج/2/216/ط1، وقصيدة السيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير وجوابها للسيد الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير رضي الله عنه، وقد نقلتُهما من كتاب عيون المختار من فنون الأشعار والآثار لمولانا الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى.
ــــــــــــــــ
هذا وقد تمت المقابلة على ثلاث نسخ
* النسخة الأولى: جيّدة الخط، تم الصف عليها، وهي مصوّرة، من مكتبة السيد العلامة/ محمد حسن العجري، وقد رمزنا لها بـ(أ)، قال في آخرها: تم الكتاب الجليل العظيم، بعون الملك الرؤوف الرحيم، وذلك صبح يوم الربوع لعله ثامن عشر شهر ربيع الأول من شهور سنة 1325هـ، بخط الحقير الفقير إلى خالقه القدير، عبدالصمد بن عبدالرحمن بن أحمد بن عبدالله أبوطالب، وفقه الله لصالح الأعمال، آمين.(1/15)

3 / 51
ع
En
A+
A-