حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا ءَابَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة:22]، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة:1]، في آيات تتلى، وأخبار تملى، ولن تتمكن من معرفة الحق وأهله إلا بالإعتماد على حجج الله الواضحة، وبراهينه البيّنة اللائحة، التي هدى الخلق بها إلى الحق، غير معرّج على هوى، ولا ملتفت إلى جدال ولا مراء، ولا مبال بمذهب، ولا محام عن منصب، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء:135]"([1]).
وهنا يتشرَّف مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية بصعدة بتقديم مجموعة من كتب أهل البيت المطهرين عليهم السلام وكتب شيعتهم الأبرار رضي الله عنهم، ومنها هذا الكتاب الذي بين يديك.(1/6)


وأخيراً يتوجه العاملون بمركز أهل البيت(ع) والمنتسبون إليه بالشكر والعرفان لكل من ساهم في إنجاح هذا العمل، وفي مقدّمتهم عالم العصر، شيخ الإسلام وإمام أهل البيت الكرام/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى وأطال بقاه، سائلين الله عز وجل أن يجعله من الأعمال الخالصة المقبولة لديه، وأن يثبّتنا على نهج محمد وآله محمد.
والحمد لله أولاً وآخراً وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
إبراهيم بن مجدالدين بن محمد المؤيدي
مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية
اليمن- صعدة، ت(511816)، ص ب (91064)
ـــــــــــــــــــــ
مقدمة التحقيق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد الأمين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
وبعد:
فقد كان لي شرف المشاركة في تحقيق وإخراج هذا الكتاب العظيم، بعد أن عمل فيه أخي السيد العلامة الفاضل/ أحمد درهم حورية، الذي بذل فيه جُهداً كبيراً يُشكر عليه، ونظراً لمشاغله الكثيرة فقد قمتُ بإكمال ما بدأ، وقد رأيتُ أن أقوم بمقابلته مرة أخرى، وأن أقوم بالترجمة لأعلامه، والتخريج للأحاديث الواردة فيه، حسب الطاقة والإمكان.(1/7)


وقد كان حفظه الله تعالى قد رَسَم مقدّمة عظيمة لهذا الكتاب، وترْجمة وافيةً لمؤلِّفه رضي الله عنه، وأهم الأسباب التي دعته إلى تأليفه؛ أُورِدُها عقب هذا بتمامها.
ـــــــــــــــ
هذا وتظهر في صفحات هذا الكتاب المعاناة الشديدة التي كابدها المؤلف رضوان الله تعالى عليه ممن يظهرون التصوّف والتقشف وهم منه براء، وإذا كانت هذه معاناته في ذلك الزمان المتقدم، فكيف بزماننا الذي "نزغت فيه نوازع الجهالات، وبزغت فيه بوازغ الضلالات"، إلا أن ثقتنا بالله عظيمة، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن عند كل بدعة تكون من بعدي يكاد بها الإسلام ، ولياً من أهل بيتي موكلاً يذب عنه ، يعلن الحق وينوّره ، ويرد كيد الكائدين، فاعتبروا يا أولي الأبصار، وتوكلوا على اللَّه))، ومصداقُ هذا الحديث ملموس ومحسوس، "فكلما هدرت شقاشق الشيطان، قطعتها بواتر قرناء القرآن"، وما أروع ما قاله مولانا الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى في كتابه التحف شرح الزلف ط3/398، وذلك في سنة 1386هـ، 1966م:(1/8)


"وأقول والله تعالى سائل كل قائل: إنه ليشق علينا ما وقفنا عليه من مباينة كثير للمنهج القويم، وعدولهم عن الصراط المستقيم، وقد انصدعت على هذا الأسلوب طائفة، واشتدت من متأخريهم المكاشفة والإنحراف، والبعد عن الإنصاف، مع الزهو والخيلاء والتفيهق والتبجح، ولو أدركهم الأئمة الهداة كإمام اليمن الهادي إلى الحق، أو إمام الجيل والديلم الناصر للحق، أو الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان، أو الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، أو غيرهم من أعلام الهدى رضوان الله عليهم، النافين عن الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين، لهتكوا أستارهم، وكشفوا عوارهم، فإنهم أضرّ على الدين من كثير من سلفهم المتقدمين، وقد فارقتهم عصابة المحقين، وإن لم يكن لهم همم السابقين، مع ابتلائهم بفساد الزمن، وغلبة الفتن، ولعمر الله لقد أصبحنا في زمان كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: (القائل فيه بالحق قليل).
ومن أعجب البدع أن كثيراً من المتقشفين ـ الذين صدق فيهم قوله عليه السلام: (يقول: أعْتَزِل البدع، وفيها وقع) ـ، يعدّ الخوض فيما هذا حاله مما لا يعني، وليته يميز بين ما يعني، وما لا يعني، أيها المتقشف لو جرى الكتاب والرسول صلى الله عليه وآله وسلم على مهذبك في التصوّن، هل كان يتميز موحد من مُلْحد، أو محق من مبطل؟(1/9)


ألم تسمع ما في الكتاب المبين، وعلى ألسنة الرسل المطهرين صلوات الله عليهم أجمعين؟: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ(78)كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ(79)} [المائدة:78ـ79]، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة:34].
ألم تسمع الأمر بالقيام بالقسط والشهادة لله ولو على النفس والوالدين والأقربين، ولأي شيء وضع الجرح والتعديل بإجماع طوائف المسلمين؟
فإن قلت: إنما أتحرج عن غير المستحقين؟
قلنا: فهل بغير موجبه قلنا؟(1/10)

2 / 51
ع
En
A+
A-