[ما قاله أبرويز لابنه]
وقال أبرويز لابنه: لا توسعن على جندك فيستغنوا عنك، ولا تضيقن عليهم فيضجوا منك، وأعطهم عطاء قصداً، ومتعهم متاعاً جميلاً، ووسع عليهم في الرجاء ولا توسع لهم في العطاء.
وقيل : إذا طلبت عدوك فلا تقدمن عليه حتى تعلم ضعفه عنك، وإذا كدته فلا يعظمن أمره عندك.
وقيل: يفسد الرأي كثرة الشركاء فيه، وأن يكونوا متنافسين متحاسدين، وأن يديره من غاب عنه دون من شهده.
وقيل: احترس من تدبيرك على عدوك كاحتراسك من تدبيره عليك، فرب هالك بما دبر ومكر، وواقع في البئر التي حفر، مقتول بالسلاح الذي شهر.
وقيل: لا تحقرن من الأتباع أحداً[98أ] فإنك تنتفع به كائناً من كان، أحسن الوزراء حالاً من أحسن لكل أمر يجوزه عدة، وأسوأهم حالاً من اتكل على فطنته.
وقيل: اتق صحبة الجاهل فإنه يخشى على نفسه ولست أعز عليه منها.
وقيل: الأمين يصحب الملك بالدؤوب في الخدمة والمتابعة في النصيحة، والخائن يصحب الملك بحسن المداراة والمبالغة في التذلل.
وقيل: يثير الفتنة أمران: أثرةٌ تضغن الخاصة، وحلم يجرئ العامة، ليس لأحد أن يطلب شيئاً من الفضائل قبل تزكية نفسه من الرذائل.(1/372)
(حكم منثورة)
· ظهير الأمير وزيره وزينته صاحبه، ولسانه كاتبه، وعينه رسوله.
· ثلاثة تدل على أربابها: الكتاب على الكاتب، والرسول على المرسل، والهدية على المهدي.
· ما صلح من فسد وزيره، ولا عدل من جار أميره.
· من استوزر غير كافٍ خاطر بملكه، ومن استشار غير أمين أعان على هلكه.
· أقبح الأشياء سخف الولاة وجور القضاة.
· آفة الملوك سوء السيرة، وآفة الوزراء خبث السريرة، وآفة الدعاة ضعف السياسة، وآفة العلماء حب الرئاسة.
· من ضعفت سياسته بطلت رياسته.
· من خاف وزيره ساء تدبيره.
· من طمع في أموال الرعية انقطع عنه الخير بالكلية.
· من أوغرت صدره استدعيت شره.
· من خاف شرك أ فسد أمرك.
· من بصرك فقد نصرك، ومن وعظك فقد أيقظك.
· لا تأمن جانب من لا يأمن جانبك.
· عليك بالاعتدال في الأمور؛ فإن الزيادة عبث والنقصان عجز.
· سمين الغضب مهزول، ووالي العزل معزول، وجيش العدوان مفلول، وعرش الطغيان مثلول.
· ما اجتمع الملك والبغي على سرير إلا خلا، ولا أعطى البغي أحداً إلا أخذ منه أضعافه.
· رب حيلة أنفع من قبيلة.
· خير الرأي ما أسس على الروية.
· كل رأي لم تتمخض به الرقابة ليلة كاملة فهو خداج.
· المخطئ مرجوّ ما لم يخامره الإعجاب بخطابه.
· المتأني في مداواة الداء بعد ما عرف علاجه كالمتأني في إطفاء النار [98ب] وقد أخذت بأطراف ثيابه.
· من أطاع الغضب أضاع الأدب.
· لا يقوم عز الغضب بذل الاعتذار.
· النصح في الملأ تقريع.
· لا ترد على من قبلك فيرد عليك من بعدك.
· لا يكن سمعك لأول مخبر.
· ترك نكير الصغائر مدعاة إلى الكبائر.
· دولة الجاهل عبرة للعاقل.
· من أشد الجهل مصاحبة ذوي الجهل.
· عالم معاند خير من جاهل مساعد.
· من طال أمله ساء عمله.(1/373)
· من وجه رغبته إليك وجبت معونته عليك.
· من تبرع بالوعيد فقد تعرض للذم، ومن عجل الرد فقد أحسن الرفد.
· من ظلم نفسه كان لغيره أظلم، ومن هدم دينه كان لمجده أهدم.
· من حارب الدين حرب ومن غالب الحق غلب.
· لا يزال السلطان ممهلاً حتى يتخطى إلى هدم مباني الشريعة، فحينئذٍ يريح الله منه البلاد والعباد.
· الصبر على مضض الأخ خير من معاتبته، والمعاتبة خير من القطيعة، والقطيعة خير من الوقيعة.
· إن لم تعن ناصحك على نفسك كان كمن يروم تقويم ظل العود الأعوج.
· الرأي مرآة العقل، فمن أردت أن ترى صورة عقله فاستشره.
· من لم تعرفك غائبا أذناه لم تعرفك شاهداً عيناه.
· من ضاق قلبه اتسع لسانه.
· حفظ اللسان راحة الإنسان.
· أمران يسلبان الحر كمال الحرية وهما: قبول البر، وإفشاء السر.
· كفاك أدباً لنفسك ما كرهته لغيرك.
· إذا قبح السؤال حسن المنع.
· فوت الحاجة خير من طلبها إلى غير أهلها.
· لا تقابل السفيه بغير التغافل عنه.
· إخوان الصفا خير مكاسب الدنيا.
· المرء كثير بأخيه.
· ألف صديق قليل وعدو واحد كثير.(1/374)
(فصل في شيء مما ورد في حق الإمام على الرعية)
قال الله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ?[النساء:59] وهم أئمة الحق، والآيات المتضمنة لوجوب طاعة النبي كثيرة، وفيها دلالة على وجوب طاعة إمام الحق إذ هو قائم مقامه، والإجماع منعقد على ذلك.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله وسلم]-[99أ]: ((من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني، وإنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله وعدل فإن له بذلك أجراً، وإن قال بغيره كان عليه ورداً)). أخرجه الشيخان.
وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:((على المرء المسلم الطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية؛ فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)). عند الستة إلا الموطأ.
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((من بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر)). عند مسلم وأبي داود مع زيادة.
(فصل) وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: ((من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس)). أخرجه الترمذي من حديث عائشة.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم : ((الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم)). عند مسلم وغيره.
وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لكعب بن عجرة: ((أعاذك الله من إمارة السفهاء.
قال: وما إمارة السفهاء؟(1/375)
قال: أمراء يكونون من بعدي لا يهتدون بهديي، ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسو مني ولست منهم، ولا يردون عليّ الحوض، ومن لم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم، وسيردون عليّ الحوض)). عند أحمد وغيره.
وعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((يكون أمراء يغشاهم حواشٍ وغواشٍ من الناس يكذبون ويظلمون، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه)). وفي رواية أخرى: ((فأنا بريء منه وهو مني بريء، ومن لم يدخل عليهم، ولم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه)). رواه أحمد وغيره.
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((من أعان ظالماً بباطل [99ب] ليدحض به حقاً فقد برئ من ذمة الله وذمة رسوله -صلى الله عليه [وآله وسلم])). رواه الطبراني وغيره.
وعن أوس بن شرحبيل أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم، فقد خرج عن الإسلام)). رواه الطبراني.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((من أسخط الله في رضا الناس سخط الله عليه، وأسخط عليه من أرضاه في سخطه، ومن أرضى الله في سخط الناس رضي الله عنه، وأرضى عنه من أسخطه في رضائه)). رواه الطبراني.
وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((من أرضى سلطاناً بما يسخط به ربه خرج عن دين الله تعالى)). رواه الحاكم.
وفي الخبر: ((خير الأمراء الذين يأتون العلماء، وشر العلماء الذين يأتون الأمراء)).
وفي الخبر: ((العلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان، فإذا فعلوا ذلك فقد خانوا الرسل فاحذروهم)). رواه أنس.(1/376)