[أبو مسلم وزوال الدولة الأموية]
وقيل لأبي مسلم: ما سبب زوال الدولة الأموية؟
قال: إنهم أبعدوا أولياءهم ثقة بهم، وأدنوا أعداءهم تألفاً لهم، فصار الصديق بالإبعاد عدواً، ولم يصر العدو بالإدناء صديقاً.(1/367)


[أهمية اختيار الحاشية الصالحة]
وقيل: من قرب السفلة وأدناهم، وباعد ذوي الفضل وأقصاهم، استحق الخذلان.
وقيل: زوال الدول بارتفاع السفل.
وقيل: موت ألف رجل من العلية أقل ضرراً من ارتفاع رجل واحد من السفلة.
وقيل: من استعان بأصاغر العمال على أكابر الأعمال آل أمره إلى شر مآل.(1/368)


[أهمية مكانة الوزراء الصالحين]
وقيل: موقع الوزارة من المملكة موقع المرآة من الناظر، فكما أن من لم ينظر في المرآة لم ير محاسن وجهه ولا عيوبه، كذلك السلطان إذا لم يكن له وزير صالح لا يعلم محاسن دولته وعيوبها .(1/369)


[فيما يجب أن يتأدب به السلطان]
ومن كلام الحكماء فيما يتأدب به السلطان: إنك إن تلتمس رضاء الناس تلمتس ما لا يدرك، وكيف يتفق لك رضا المخالفين أمام حاجتك إلى رضاء من رضاه الجور، وإلى موافقة من موافقته الضلال والجهالة، فعليك بالتماس رضا الأخيار وذوي العقول، فإنك متى تصب ذلك يضع عنك مؤونة ما سواه، احرص أن تكون خبيراً بأمور عمالك، وأن المسيء يعرف من خبرتك قبل أن تصيبه عقوبتك، وأن المحسن يستبشر بعلمك قبل أن يأتيه معروفك، ليعرف الناس من أخلاقك أن لا تعاجل بالثواب ولا بالعقاب، فإن ذلك أدوم لخوف الخائف، وأرجى لرجاء الراجي، عود نفسك الصبر على ما خالفك من رأي ذوي النصيحة والتجرع لمرارة قولهم وعذلهم، ولا تستسهلن سبيل ذلك[97ب] إلا لأهل الفضل والمروءة والعقل، وليكن ذلك في ستر؛ لئلا ينشر عليك من ذلك ما يجترئ به عليك سفيه، أو يستخف به شانٍ، واعلم أن رأيك لا يتسع لكل شيء ففرغه لمهم ما يعنيك، وأن مالك لا يتسع لجميع الناس فاخصص به أهل الحق، وأن ليلك ونهارك لا يستوعبان حاجاتك فأحسن قسمتها بين عملك ودعتك، واعلم أنك إن شغلت من رأيك بغير المهم أزرى بك في المهم، وما صرفت من مالك في الباطل فقدته حين تريده للحق، وما عدلت به من كرامتك إلى أهل النقص أضر بك العجز عن أهل الفضل.(1/370)


[الملك والغضب]
وقيل: ليس للملك أن يغضب؛ لأن القدرة من وراء حاجته، وليس له أن يكذب؛ لأنه لا يقدر أحد على استكراهه على غير ما يريد، وليس له أن يبخل؛ لأنه أقل الناس عذراً في خوف الفقر، وليس له أن يحقد؛ لأن خطره قد عظم عن المجاراة لكل أحد، وليس له أن يكون حلافاً؛ لأن الملوك أحق الناس باتقاء الحلف.
وقيل: ليتفقد الملك فيما يتفقده فاقة الأخيار الأحرار، فليجتهد في سدها، وطغيان السفلة والأشرار فليقمعهم، وليستوحش من الكريم الجائع، ومن اللئيم الشبعان؛ فإنما يصول الكريم إذا جاع، واللئيم إذا شبع.(1/371)

74 / 95
ع
En
A+
A-