[بين عبد الملك بن مروان وعطاء]
ودخل عطاء بن أبي رباح على عبد الملك فقال له: اتق الله في حرم الله وحرم رسوله، فتعهدهما بالعمارة، واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار، فإنك بهم جلست هذا المجلس، واتق الله في أهل الثغور فإنهم حصن المسلمين، وتفقد أمور المسلمين فإنك وحدك المسئول عنهم، واتق الله فيمن على بابك فلا تغفل عنهم، ولا تغلق بابك دونهم.
فقال: أفعل إن شاء الله…إلخ، وقال للوليد: بلغنا أن في جهنم وادياً يقال له هبهب أعده الله لكل إمام جار في حكمه.(1/352)
[بين سليمان بن عبد الملك وأعرابي]
ودخل أعرابي على سليمان بن عبد الملك فقال: إني مكلمك كلاماً فاحتمله إن كرهته، فإن وراءه ما تحب إن قبلته، قد تكنفك رجال أساؤوا الاختيار لأنفسهم، وابتاعوا دنياك بدينهم، ورضاك بسخط ربهم، خافوك في الله ولم يخافوا الله فيك، حرب للآخرة سلم للدنيا، فلا تأمننهم على ما ائتمنك الله؛ فإنهم لم يألوا للأمانة تضييعاً، وفي الأمة خسفاً وعسفاً، وأنت مسئول عما اجترحوا، وليسوا مسئولين عما اجترحت، فلا تصلح دنياك بفساد آخرتك؛ فإن أعظم الناس عيباً من باع آخرته بدنيا غيره، فقال سليمان: أما إنك قد سللت لسانك وهو أقطع من سيفك، فقال: أجل ولكنه لك لا عليك.(1/353)
[بين عمر بن عبد العزيز ورجل]
وقال رجل لعمر بن عبد العزيز: إن قوماً غرهم حلم الله عنهم، وكثرة ثناء الناس عليهم حتى زلت بهم أقدامهم فهم في النار مبعدون، فإياك أن يغرك حلم الله عنك[94ب] وكثرة ثناء الناس عليك فتلحق بهم.(1/354)
[بين هشام بن عبد الملك وطاوس]
وقال طاوس لهشام: سمعت أمير المؤمنين علياً [عليه السلام] يقول: (إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام) فقال له: عظني.
فقال: سمعت أمير المؤمنين علياً يقول: (إن في جهنم حيات كالجمال، وعقارب كالبغال، تلدغ كل راعٍ لا يعدل في رعيته).(1/355)
[بين المنصور العباسي وعمرو بن عبيد]
وقال المنصور العباسي لعمرو بن عبيد: عظني. فقرأ ?وَالْفَجْرِ…? إلى قوله: ?إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ?[الفجر:1ـ14] فبكى كأنه لم يسمع تلك الآيات إلا تلك الساعة، ثم قال: زدني.
فقال: إن الله قد أعطاك الدنيا بأسرها، فاشتر نفسك فيها ببعضها، واعلم أن هذا الأمر الذي صار إليك إنما كان في يد من كان قبلك ثم أفضى إليك، وكذلك يخرج منك إلى من هو بعدك، وإني أحذرك ليلة تمخض صبيحتها عن يوم القيامة، فبكى ثم قال: يا أبا عثمان أعني بأصحابك.(1/356)