شنفاً جواهره الثمان صحاح
تهتز من طرب له الأشباح
تمليه فهو لقرطها فضاح
كرم الطباع وجودك الفياح
منا النفوس ودامت الأفراح
ترتاح عند سماعها الأرواح
نفس الحبيب ومسكه النفاح
لها إلى شيء سواه طماح
هو يا أخي ريحانها والراح
في كل علم بحره سياح
لا ساحل أبداً ولا ضحضاح
كل النفوس لطيبه تلتاح
من در علمٍ نورها وضاح
الندب الذي حسنت له الأمداح
شمل الورى رشد به وصلاح[83ب]
النبرس الوقور الكامل الجحجاج
مبرزٍ من علمه يمتاح
سحب الرضا المتردد السحاح
لعلاهما ما هبت الأرواح
حلل البهاء للنور منه لياح
يغدا عليها بالهنا ويراح
عن مجدك التعبير والإفصاح
لي إذ قصرت وما عليّ جناح
إن التشبه بالكرام فلاح
في العلم شهب ما لهن براح
أو قلت رحب فالكلام صحاح
للواردين إلى نداه فياح
فازت لهم بالمكرمات قداح
فيه لودك مسرح ومراح
طرق المقال وفضلك المفتاح
للخلق وهو لنا بك الفتاح
كالشمس يهجر عندها المصباح
للأولياء تحفك الأرواح
وتعاقب الإمساء والإصباح(1/322)
هذا وكم شنفت آذان الورى
من كل معنى رائق مستحسن
ما قرط مارية هناك فكل ما
وحبوتني ببليغ قول زانه
وافى فسر وبر وابتهجت به
قد حاز من غرر البديع معانيا
ونحن من شوق إليه لأنه
وعليه قدقصرت مآربهافليس
ويحق ذاك لها وكيف وإنما
نتجته فكرة عالم قدسية
فترى به بحر اً محيطا ماله
عذبا فراتا سائغاً فشرابه
ترمي زواخره بكل يتيمة
أعني الحسين الفذ نجل الناصر
إذ كان نوراً مستطيلاً شاملاً
من جده عبد الحفيظ الفاضل
قد كان آية دهره الكبرى فكل
رحم الإله ثراهما وسقاه من
وأدام سبطهما الكريم مجدداً
يا حسن ذاك النظم إذ يختال في
ألبست نفسي منه أبهة لها
وكسوتني حلل الثناء وشأنها
من أجل ما أنشدته متمثلاً
وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
يا أيها الحبر الذي أنظاره
أو قلت بحر فهو غير مدافع
رحب الفنا للوافدين وسوحه
حققت ما أملت من شبهي بمن
فسررت قلباً من محبك لم يزل
وشرحت صدراًمنه فانفتحت له
حرستك عين عناية من حافظ
وأدام فينا نور علمك طالعاً
وبقيت غيظاً للعداة وملجأً
ما دارت الأفلاك في أدراجها
ولما: بقيت للتحقيق بقية في المباحث المذكورة حققت بقيتها، وقلت مجيباً عليه قدس الله روحه:[84أ]
ويجود جودك في الورى الأشباح
أسنى المطالب والسماح رباح
فلهم غدوٌّ نحوها ورواح
لاحت بما راموا بها الألواح
تلك العلوم تشوق وطماح
يأتيه من بركاتها الإيضاح
بسيوف طالوت العلى تجتاح
أرواح أرباب النهى ترتاح
للقلب فيه مسرح ومراح
عرضا ولكن جوهرا يمتاح
تقري بروح علومك الأرواح
أموا جنابك للسماح فنولوا
وجدوا بطور هداك نور هداية
وجدوا لميقات الفضائل آية
فلهم إلىالوادي المقدس من طوى
من يغترف من نهرفضلك غرفة
فلذاك جالوت الخلاف مدمر
أرداه طالوت العلوم فأصبحت
لما غدا التوحيد والعدل الذي
يوليك صاحبه محاسن لم تكن
ومنها:
فلنا بها حلي علا ووشاح
فبدا لنا المفتاح والمصباح
من حكمه للمنطق الإصلاح(1/323)
نلت المحاسن من صفات قدست
فزنا بتنقيح المقال بفضله
فالعقل بدر كحسنه لما اغتدى
ولما استدعى السيد رحمه الله منا المتحصل من (المواهب القدسية) أرسلته إليه، وكتبت إليه كتاباً صدره:
أنفاد جميع العالمين إمامها
فحق على رب الأنام احترامها
تنال المعالي والأماني كرامها
حليف المعالي في الهداة نظامها[84ب]
وراقت بها أزهارها وكمامها
إليّ اقتضى منه بعلو مقامها
براهين فالأعداء حان اخترامها
فطاب لأرباب العلوم مقامها
فأحيت نفوساً حين زال سقامها
فعاد بحمد الله رياً أوامها
مباحث فرض في العلوم التزامها
ويحسن منها للخليل مقامها
إلى الحضرة العليا والسدة التي
ومحفل أهل العلم والحلم والنهى
ومربع علم الاجتهاد الذي به
ليحيى الذي يحيى به المجد والعلا
سلام كنشر المسك في روضة ربت
إليك أتت هذي المواهب إذ أتى
غرست بأرض العلم غرساً فأثمرت
وأعليت للدين المبين مناره
وأبرزت من تلك العلوم دقائقاً
وأروت قلوباً طالما صديت لها
وأصلح ورَقّح ما اطلعت عليه من
ليحلو لنا من زمزم العلم مشرب
فأجاب رضوان الله عليه:
وعقد لآلٍ زانهن نظامها
أزاهيره يؤسي القلوب ابتسامها
حسان القوافي في يديه زمامها
تحير أرباب العقول وسامها
من العلم عالٍ في العلوم مقامها
مسهلة إذ كان صعباً مرامها
إذا عُدِّدَتْ في المكرمات كرامها
ينافس فيها غير وانٍ همامها
وأما فنون العلم فهو إمامها
حصا قد علاه في الفلاة رغامها
من العلم جلت في الصدور فخامها
جلا صبحها فانجاب عنهاظلامها[85أ]
حميد السجايا القامرات سهامها
من الذروة العليا في الفخر هامها
بنى ضعفها فاستدركتنا شمامها
وكان بها من غير نقصٍ تمامها
موارده عذب كثير زحامها
بحبلك في سبل الرشاد اعتصامها
بك ازدان في جيد الوجود انتظامها
معالٍ قصارى السؤل منه دوامها
علوماً لنا ما زال يهمي ركامها
يزورك منها كل حين سلامها(1/324)
أجونة مسك فض عنه ختامها
وروض أريض صافح القطر فاغتدت
أم النظم وافى من بليغٍ محبر
تحير منها كيف شاد بدائعاً
ويودعها أسرار كل غريبة
فيبرزها للطالبين قريبة
وذلك من تثني الخناصر باسمه
وواحدهم في حوز كل فضيلة
فأما فنون الشعر فهو مجيدها
إذا قال عاد الدر عند مقاله
وإن أبرز التحقيق منه دقائقاً
وإن أظلمت في المشكلات عويصة
علي المقامات الحسين بن ناصرٍ
سلالة أخيار الأفاضل من لهم
قفا إثرهم فيما بنوا من مكارم
ووفت معاليه معالي جدوده
أعالم هذا العصر والمنهل الذي
ومفزع طلاب العلوم فكلهم
جمعت فنون الفضل فانتظمت حلى
فهناك ما أولاك ربك من علا
مواهبها قدسية جمعت لنا
ولا زلت محروس الجناب لأمة
ولما طلب منا مؤلفنا [الموسوم]: بـ(ثمينات الجواهر) والمتحصل من مؤلفي من (المنعم الكافل بفوائد شرح مسلم) أرسلتهما، وقلت صدر كتاب أبيات طويلة، منها:
ولا عورضت أصلاًوفرعاً رقومها
ونقض اعتراضات هناك ترومها
عزيز وهل مثل النجوم تخومها
إذا استسفرت لم تلق منعاً لفسرها
فإن قدح القالي أبيد بكسره
فيعرف باستدلاله أن مثلهم
ومنها:
فعاد حديثاً في الكرام قديمها
تجلت بأنظار تدق فخيمها
نظام معانيه يروق شيمها
وليس خروجاً عن قوافٍ تقيمها
فلم تنه عن تلك المناهل ميمها
يسر القلوب الأصدقاء قدومها [85ب]
فعم رياض المجد فينا عليمها
يليق بمن أحيا العلوم بأسرها
ومن إن دجت في المشكلاتِ عويصة
ولكنها استحيت وقد جاء منكم
وفي ردفها ياء تنادي بوصلها
فمن نظمكم أروى الرواة رويها
تنحى لنا يحيى ثمينات جوهر
فمن أفقه تلك الغيوث تتابعت
ومنها:
ملاحظ أحداق هناك نسيمها
كجونةمسك منك طاب شميمها
تسرح في تلك الحدائق منهم
تطيب بأنحاء الفضائل والعلا
فأجاب رضوان الله عليه بما لفظه:(1/325)
قد ابتلغت أزهارها ونجومها
درور ملث بالهنا مستديمها
رباها بأمطار غزار يديمها
كما قاله في مثل هذا قديمها
فأهدى لنا المسك الفتيت نسيمها
ويرفل في ثوب البهاء نظيمها
الأماني وانقادت لنا إذ نرومها
وبين فيها للعيون نعيمها
به ونفىعنها فزالت همومها
على صفحات الدهر باد وسومها
جديداً وما تبلى عليه رسومها
ومن هو إن عد الكرام كريمها
منيراً ولم تستر سناه غيومها
جرى ذكره لانت ورق سليمها
ففي أوجه العلياء يزهو وسيمها
مذاهب آل المصطفى وعلومها[86أ]
وآمنها من كل باغٍ يصيمها
ولم يحتمل معنى الخصوص عمومها
ابن عبد الحفيظ الذي يمته قرومها
وطاب كما من قبل طابت أرومها
تقاصر عن إدراكها من يرومها
ومن هو معلي ركنها ومقيمها
قسيماً عظيم الحظ نعم قسيمها
له اليوم منها سرها وصميمها
مفيد الورى في عصره وعليمها
إذا ناب يوماً من خطوب عظيمها
إلى الفضل منه كعبة وحطيمها
كما ازدحمت عند الموارد هيمها
جلائل والله الكريم يديمها
من الدين والدنيا يروق فخيمها
رقيق الحواشي والمعاني قويمها
لنا ولقد وفى الضمان زعيمها
هي الروضة الغناء طاب شميمها
تحير فيه العين حيث أسيمها
تلوح على أفنانها وهي ميمها
روياً لقد راقت ورقت نظومها
لطائف صنعٍ صاغهن حكيمها
مراجلها بالبغي تغلي حميمها
بنىالسبع لا يخشى فطوراً أديمها[86ب]
ويلطف وقعاً في النفوس جسيمها
درور ملثٌ بالهناء مستديمها(1/326)