سلام كزهر الروض قد صافح القطرا
سلام وتسليم وأزكى تحية
وأنشر ميتاً للمعالي بعزمه
وطوق أعناق المكارم سنة
وقلد جيد اً للوجود وطال ما
وأحيا رسوماً للعلوم بنشره
وشاد مبانيها وقد طال ما غدت
فما همه إلا اقتناص شرودها
فيا ناصر الدين الذي ظل عصره
ونافس فيه يومه الأمس مثل ما
أبن لي لم أوليتني الهجر بعدما
وصرت على بعد الديار وشوقه
وأوردته من بعد إيراد مشرب
وعاملتني بالقطع حتى لقد حكى
وما حلت عن عهدالإخاء الذي صفا
ولا ملت عن نهج استقامة مذهب
ولم أتخذ عنكم بديلاً وإنني
ولو كان دهري مسعفي بمطا لبي
ولكنه دأباً يعوق عن الذي
نعم والتماسي من مكارمك التي
تمام سماعي للقرآن وضبط ما
فإن تولني فضلاً بتفريغ مدة
فإنك مول للثناء وإنني
فحقق وصدق قولك السابق الذي
فقد قلت أني في القراءة فارس
فلا ترض أن يلقى امرؤٌ ما يقوله
فإني لأرجو النجح فيها بسرعة
فكم لك من سعي إلى الخير صالح
ومن جواب والدي رحمه الله:
أم النظم وافي من أجل بني الزهرا
يفوق ويعلو من بلاغته الشعرا[80ب]
إلى أن سمعت النثر من ذاك والشعرا
علمت بأن الله زان به العصرا
بذا خصهم من أنزل الفجر والعصرا
كقطرة ماءٍ لا يريد بها فدرا
ومظهر ما جاءت به السنة الغرا
خبير بها ما كنت عن بعضها غرا
قرأت له لن تستطيع معي صبرا
ويابن رسول الله دمت لنا ذخرا
ويخفي شذاه الطيب الطيب والعطرا
على القرب فضلت التباعد والهجرا
فلا غفر الرحمن للمرتضي وزرا
مقالته والمرء قد يطلب البرا
لما كنت أرضى أن أ فارقكم شبرا
ويخلفه من لم يكن سيداً حرا
وكيف وعندي شاهد ناطق جهرا
وما زال سيف البعد يقتله صبرا
وإن مع العسر الذي نلته يسرا
ويطلع من أفق القبول لنا فجرا
ويقتل بالأسياف عسكره المجرا
تجل عن التمثيل همته الصغرا
وإن أجتلي من بحره ذلك الدرا
فأنت به أولى وأنت به أحرا[81أ]
وتنظرنا الأشغال من غيظها شرا(1/317)
أعرف نسيم صافحت بكرةً زهرا
فتى في سماء النثر والنظم قوله
وما كنت أدري أن للدر مكسداً
وليس عجيباً ما سمعت لأنني
وإن رياض العلم آل محمد
وإن بليغ الشعر في بحر علمهم
وإنك يا يحيى لمحيي علومهم
وفارس ميدان الفضائل كلها
وبحر علوم إن يعارضك عالم
فيابن وصي المصطفى وابن عمه
عليك سلام فاق مسكاً وعنبرا
تحققت ما أودعت نظمك أنني
فإن كان مثلي يرتضي بفراقكم
حقيق لمثلي أن يزين بشعركم
ولو كان دهري مسعفي بمطالبي
وفيه بأن الود يزداد جده
ولست علىما قلت أحتاج شاهداً
هو القلب لا يهوى بديلاً سواكم
أقول له اصبر إن للكرب فرجة
وسوف بفضل الله يأتيك لطفه
فيهزم ليل الهم أنوار فجره
ويحضى بقربٍ من عليم محقق
فقد عاقت الأشعار عن أن أزوره
ورجواي بسط العذر منك تفضلا
في أن يمن الله بالقرب واللقاء
وله إلى والدي قدس الله روحه يعاتبه على التأخر في طلوعه إلى (الوعليه):
وما الذي أوجب الإعراض وا عجبا
على الجوار وكون الجار ذا قربى
ثم الخميس وما إن جاء منك نبا
يبدو لنا وجهك الميمون فاحتجبا
بعد اللقاء إذا مشتاقة قربا
يكون ودك للأحباب مضطربا
وأنت مع ذاك شيخي عكس ما وجبا
جهل ولكن عذري عنك ما عزبا
أحبابنا ما لهذا الهجر من سبب
يمضي الزمان ولا نحضى بقربكم
يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء مضت
وفي العروبة ظللنا ناظرين بأن
وليس شيء علىالمشتاق أصعب من
أعيذك الله يا سبط الأكارم أن
هذا وإني أدري بأن قصدك لي
لكنه لم يكن مني لحقكم
وأشار رحمه الله إلى عذر منعه من الوصول إلى حضرة والدي رحمه الله في خلال هذه الأيام التي تأخر عن الطلوع فيها، وعذر السيد رحمه الله قرب عهده بفراق زوجةٍ كانت له في بلدنا المذكورة، وكم للسيد قدس الله روحه إلى والدي رحمه الله من محاسن النثر والنظم، كالقصيدة الذي أولها:
وروضة العلم والتعليم والأدب
عنه خطا كل ذي فضلٍ بلا تعب
له الوراثة فيها عن أبٍ فأب
والفرع مهما تطب أعراقه يطب(1/318)
يقل لسمط الللآلي عنده احتجب
في مجلس حف بالطلاب والكتب
يظل سامعها حيران من عجب
وهوالذي سادمن قد شاخ وهو صبي
وقدغدت مثل فيض العارض السكب
في الخافقين مسير السبعة الشهب
يا راقياً في المعالي أرفع الرتب
وحائزاًمن خلال الفضل ما قصرت
وناشئًا في ذرى العلياء إذ ثبتت
وطيباً ظهرت أعراقه فزكت
ومنها:[81ب]
وفارس النظم من يسمع مقاطعه
ومعدن العلم مهما ظل مختبئاً
أبدى دقائق علمٍ قد أحاط بها
وما عجيب أتى من مثله عجباً
وكم أعدّ ولن تحصى خصائصه
وما أقول وقد سارت محاسنه
وهي طويلة من مختار الشعر ومحاسنه.
ولما طلب السيد رضوان الله عليه من والدي قدس الله روحه مؤلفه (المحرر المختصر من المقرر) والمقرر له أيضاً أرسله والدي رحمه الله تعالى وكتب صحبته إلى السيد رحمه الله تعالى :
ففاح عبير زهرٍ مستطاب
كمثل أصوله الكرماء طابوا
له في المجد مرتبة تهاب
علوماً نالها وكذا الشباب
كثيرٌ ليس يحصرها كتاب
تقوم بوصفها وكذا الخطاب
يكن غير الوصي لتلك باب
فمنه قد بدا العجب العجاب
لتصلح منه ما العلماء عابوا
يزول إذا وجدت به انضراب
حقيق أن يلان له الجناب
لديك يحفظها كشف الحجاب[82أ]
ويشملني دعاؤكم المجاب
وإن حسنت بزهرتها الشعاب
مقيم والقرابة والصحاب
سلام الله ما همر السحاب
ورحمته على من طاب فرعاً
وإكرامٌ وإنعامٌ على من
على يحيى الذي ما نال كهل
وبعد فإن أشواقي إليكم
وتقصر ألسن الأقلام عن أن
فيابن مدينة العلم الذي لم
ومن جاز المكارم والمعالي
إليك أتى المحرر في حياءٍ
وتنظر ه بعين البر حتى
فمن قد زار من بلد بعيد
وراجع في عبارته أصولاً
وإني طالبٌ بسطاً لعذر
فمالي غير شعب الأب شعب
ودم واسلم معافى في نعيم
فأجاب السيد رحمه الله:(1/319)
ولا يحصي فضائله كتاب
ولم يبرح له الدهر اكتئاب
ودون مذاق سلسه الرضاب
يروق فما بتكدير يشاب
مع البركات ما انهر السحاب
ولم ينفك بينهما اصطحاب
يدنس مجده مذ كان عاب
يكن كنصاب فضلهم نصاب
تضام وأن يخامرها اضطراب
اتقوا مولاهم وله أنابوا
بما قد قلته لا يستراب
علاه الشيب منهم والشياب
يزال له بنصرته احتساب
وأرغم أنفهم عنه وخابوا
له في العز مرتبة تهاب
كتاب سرني منه الخطاب
وزايلني برؤيته اكتئاب[82ب]
فما لي غير ما فيه طلاب
يدوم فما يخاف له ذهاب
ذخائره وإن كثرت تراب
به نفس وأفضل ما يصاب
به منا تطوقت الرقاب
حلاها أهلها طابت وطابوا
ومغفرةٍ ويهنيك الثواب
علون بها لنا يعلو جناب
وفاح عبير نشرٍ يستطاب
سلام لا يحيط به حساب
ولو أن البحار له مداد
سلام من فتيت المسك أزكى
سلام حشوه ود مصفى
ورحمة ربنا الرحمن تهدى
إلى من لم يزل للمجد خدناً
خليق محاسن الشيم التي لم
سليل أكابر العلماء من لم
حماة شريعة المختار من إن
بناة مكارم التقوى الذين
وواحد أهل هذا العصر طراً
أليس مقصراً عن نيل أدنى
وجيه الدين ناصره فما إن
حماه الله من كيد الأعادي
وأبقاه الإله لنا ملاذاً
وبعد فإنه قد جاء منه
بلغت به من الفرح الأماني
وفى بالدين والدنيا جميعاً
وكيف وطيه ملك عظيم
هو الذخر الذي من لم يحزه
وذاك العلم أفضل ما تحلت
وقد أهديت منه لنا نصيباً
جمعت به المحرر من علومٍ
فنلت بما أنلت عظيم أجر
ولا برحت فضائلك اللواتي
ودمت مسلماً ما لاح فجر(1/320)
[تعريف ببعض كتب المؤلف]
ولما طلب مني هو وجماعة من أكابر العترة وشيعتهم التوجه إلى شرح (المنظومة البوسية) ويسر الله لنا في ذلك (المواهب القدسية)، شرحنا به منظومة العلامة: أبي القاسم البوسي في علم الفقه، واستوفينا فيها الأدلة في المباحث جميعها في الطريق التي يسلكها أرباب الاجتهاد، وحل ما أورد على المذهب الشريف من الإشكالات بطريق لم يسبق إليه، ونظم الجميع بعد ذلك بنظم حافل بما أمليناه في الشرح جميعه، استحسن رحمه الله ذلك، واطلع منه على أكثر الجزء الأول، ووضع بخطه في هامشه ما يؤذن بحرصه على مطالعته بعد أن كان اطلع على مؤلفنا من المنعم المختصر من (شرح مسلم)؛ وهو كتاب اختصرنا فيه شرح النواوي في مثل نصف حجمه مع إيراد جميع ما ذكره فيه، وذكرنا في جميع مباحثه ما عليه أئمة العترة وشيعتهم في المباحث الأصولية والفروعية، فأعجب السيد رحمه الله به، وكان لا يفارقه[83أ]في أكثر مدته إلى قريب وفاته، وفي خلال هذا لم تزل المراجعات بيننا وبينه في عدة علوم منها: مراجعة آلت إلى مؤلفٍ منفرد سميناه (مذاكرة الأفراد في استنباط وجه حكمة ما جاء في القرآن من الجمع والإفراد) حققنا فيه مباحث شريفة، دارت المراجعة فيها بيننا وبين السيد رحمه الله وحتى انتهى الكلام إلى ما قلناه.
فقال السيد عماد الإسلام: يحيى بن أحمد قدس الله روحه بعد أن رجع رحمه الله إلى ما قلناه:(1/321)