وساعدني دهري وما عاق عائق
وتأييده لم أخش ما قال فاسق
وما غضب المخلوق إن يرض خالق
أمنت ولي رب السماء مرافق
لحيتم أما فيكم مدى الدهر صادق
تملكم عند الخمول النمارق
سروج المذاكي والحسام المعانق
علي وللنقع الكثيف سرادق
وحزم له تعثو الذرى والشواهق
يفل فرند السيف والسيف فالق
إلى المجد سباق وإني للاحق
تخاف أعاديها وترجو الأصادق
بها شفتي والحر بالحق ناطق
علوم لها بحر على الناس دافق
وحلماً وعلماً فهو للنفس خارق
عليك سلام الله ما ذر شارق
اللئام وللأوباش ثَمَّ بوارق
فبورك قولاً فهو للخير سابق
فلبتك منه بيضه والسوابق[65ب]
عليه ولا للقرن إن ضاق مازق
وشاب وما شاب الزمان الغرايق
هو العدل إن جار اللئيم المنافق
بها مارد طاغ وما زال مارق
أضاء به الإسلام فالغشم زاهق
ونفثة مصدور به الذرع ضائق
له شبهات وهو والله سارق
ـذي قلت أو يدري لمن أنا راشق
ولولا ما في الخلق أروع حاذق
وكيف ينير العدل والحق رائق
لها الود والإخلاص داع وسائق
وإن كذبت فالمجد عني طالق
ينادى إذا ما الظلم للرفق ما حق
سلام امرئٍ في وجه لا ينافق
وإلا فقد قل الولي المصادق
وأقصيتها ما لاح أو ذر شارق
تحية حبٍ بالمودة واثق
فريقا هوى منا مشوق وشائق
بها لا ولا قرم فتوق وفاتق
ولاؤهم في قائم الدهر صادق(1/282)


لئن صرفت عني الهموم الطوارق
وأيدني رب العباد بنصره
وحسب الفتى أن يتقي الله وحده
وإني فتى غير الإله وبطشه
فقل للأولى قد يحسدوني على العلا
تبات كأعيان الغواني عيونكم
ولي مقلة شهر الجفون ومفرش
وسرد الدلاص الزعف أشرف ملبسٍ
ولي عزمات تسلب الليث شبله
ورأي إذا أعملته في ملمة
سجية آباء كرام غطارف
نمتهم إلى العليا نفوس كريمة
وما هي إلا نعمة قد تحدثت
فيا سعد عج لي بالحسين الذي له
فتى يدهش الأبصار رأياً وحكمةً
وناد بناديه وقل يا بن ناصر
لقدأرعدت في الأرض من قبل صولتي
وما صولتي لولا الإمام بقوله
أتت نحوه منك الطروس مذكراً
يقودهم من ليس للخصم مدخلِ
فتىً شبَّ في نصر الخليفة جاهداً
وقام بأمر الحق عن أمر قائم
وأنقذت سبلاً للمساكين لم يزل
وجاء معي وجه من الحق أبلج
ولكنني أدعوه دعوة وامق
ذوي البغي في الأصعاد حرب وآخر
لعل أمير المؤمنين يحقق الـ
ومن يعلم التلميح غير خليفةٍ
وكيف يصح الجسم والرأس موجع
إليك على بعد الديار نصيحة
فإن نطقت عني بحق فأهله
ويا أيها القاضي الهزبر وخير من
سلام عليكم بعد جدي وآله
تحية ذي قلب يحرق بالجوى
ولولا ك في هذي الربى للعنتها
وإخوتك الصبية الكرام عليهم
يقول إذا ما ضم شملي بشملكم
ولم لا ولم ألق امرءاً ذا حفيظة
سواك وإخوان لكم قد عرفتهم

ورد رسوله بها إلى حلقة التدريس في (الكشاف) بالجامع المبارك من هجرتنا (الشجعة) حرسها الله فقلت في جوابها في الحال بديهاً [66أ] لعجل رسوله الواصل إلينا من حضرته.(1/283)


وروض به للمكرمات حدائق
فلاحق هاتيك الجداول سائق
مطارفه تلك الغصون البواسق
وتلك لفرط الشوق فيها نواطق
فمنها اكتست أحلاقها والحدائق
كما قدحكت تلك الخدود الشقائق
التثني إذا وافى النسيم المعانق
فيا حبذا منها العذيب وبارق
بديع ومعناه لذي الفهم رائق
عظيم إلى كل المكارم سابق
علوم وفهم بالدقائق خارق
وإن صال ولت من ظباه الفيالق
له الجد والمجد الأثيل مرافق
الفساد وإن البغي للدين ماحق
أزيل بها باغ وأذهب فاسق
وقد طرقت منها هناك الطوارق
تدك لها تلك الجبال الشواهق
لقد حميت في الدين تلك الحقائق
الوصي الذي فيه لنا قال صادق
ويبغضك الضد العصي المنافق
له أذعنت بالمكرمات الخلائق
لئن صرفت عني الهموم الطوارق[66ب]
وساعدني دهري وما عاق عائق
طرائق يحكيها القنا والسوابق
فألسنها بالشكر فينا نواطق
كما صلحت من قبل ذاك مشارق
لطائف معنى منه تولي الأصادق
له نفحات كالعبير فواتق
ويشتاقها منا مشوق وشائق
لنا درها المنظوم تلك المهارق
على عجل وافاك بالعذر ناطق
وحولي شموس للأمالي شوارق
وأنهارنا بالمكرمات دوافق
يحف به الإكرام ما ذر شارق(1/284)


خضم علوم بالجواهر دافق
جرت فيه أنهار من البحر عذبة
فيا حبذا ذاك الربى حين ألبست
وأطيارها بالشكر فيها سواجع
وللحور في تلك الجنان مدائحٌ
فمن عينها قد فاق نرجس روضها
ومنها الغصون الرائقات تعلم
إذا الوهم أبدى لي لماها وثغرها
إذا نطقت أبدت حمايا نظامه
ولكنه لم يحك نظماً أتى به
سليل أبي الفتح الإمام الذي له
إذا قال لم يترك مقالاً لقائل
غدا لأمير المؤمنين مناصراً
فوافى دياراً طال ما عم أهلها
فصال عليهم صولة ناصرية
فجاءوا جميعاً خاضعين لهيبة
من الرعب قد وافت إليهم كتائب
بسعي أمير المؤمنين الذي به
خليفتنا المهدي من سار سيرة
يحبك في هذا الخليقة مؤمن
لعمرك ما الفتحي إلا معظم
أتانا نظام منه في مستهله
ويسر لي رب الخلائق صحة
لأفعل في نصر الإمام وآله
لذا أصبحت منه الورى مطمئنة
وقد ألبست برد الأمان مغارب
أنجل أبي الفتح الإمام حبوتنا
لقد أنشدت في مجلس الدرس فاغتدت
تروح أرواح المعالي بروحها
فلا زلت تولينا مزايد أبرزت
وعذراً إذا رك المقال فإنه
ففي حلقة العلم الشريف رقمته
وأرجاؤنا منهلة سحبها بها
سلام على ذاك المقام وأهله
وفي قوله:
كيف يصح الجسم والرأس موجع
إشارة إلى نواب كانوا قد تعودوا من عسف الرعية، والاستيلاء على أموال المسلمين بطريق النقولات التي يأتي بها من يأمرونه بتجسس أخبار الرعية وغيرها، ويحتجون على ثبوتها باستمرار العادة لهم عليها، وقد كان الإمام المهدي رضوان الله عليه أمره بإيصال هؤلاء النواب إليه، ووصل إلينا منه كتاب يأخذ علينا في معونة السيد أبقاه الله على ضبطهم، وكتب عليه السلام إليّ بخط يده الكريمة في شأن ذلك، ثم قال بخط يده في شأن هؤلاء النواب:
فعادة أهل البيت كلهم الرقص

إذا كان رب البيت بالدف مولعاً(1/285)


[بين صاحب الترجمة والإمام المتوكل]
وبالجملة فالإمام رحمه الله من محاسن هذا الدهر، وله مقاصد صالحة، ومن مؤكدات ذلك ما كتبه إليه الإمام المتوكل على الله رضوان الله عليه [67أ]وقد وقع من ابن أخيه المولى السيد العلامة: علي بن أحمد بن أمير المؤمنين حفظه الله ما وقع عند دخول المولى السيد العلامة: الحسن بن أمير المؤمنين حفظه الله (صعدة)، فكتب رضوان الله عليه إلى الإمام: المهدي يحثه على القدوم لإصلاح ذات البين كتابا لفظه:
(الولد السيد المقام الأفخم، العلم العلامة الهمام، الحقيق بالتوقير والإعظام، الراقي من درجات المجد والمحامد إلى أعلى مقام، صفي الإسلام والمسلمين: أحمد بن الحسن بن أمير المؤمنين طول الله عمره، وقوى فيما يرضيه عزائمه وقدره، ولازالت مساعيه في إعلان كلمة الله مشكورة، ومآثره الكريمة في تعظيم دين الله مأثورة، ومناقبه الفخيمة على جرايات الدهر باليمن -إن شاء الله- والبركة مسطورة، والله يهدي إليه سلاماً ممزوجاً بالتسنيم، وإكراماً معصوما بالنعيم -إن شاء الله- العميم، ورحمة الله وبركاته التي تزيد في رفع قدره إلى كل مقام كريم، وبعد:
فإنه لما احتاج الحال إلى تدارك هذه الأمور العظيمة، بالمسارعة لحسم مواد مفاسده الجسيمة، اقتضى رأينا الحث لهمته العلية، والإثارة لحفيظته الدينية، والاستعجال لإغارته المنصورية، والتهيج لما جبله الله عليه من الحمية الشرعية في الغضب لله عز وجل ولرسوله وللمؤمنين، والغيرة على الإسلام والمسلمين، والتلافي للضعفاء والمساكين، وسرعة النهوض لذلك المقصد المبرور، والسعي الصالح المشكور، والثقة بما عوده الله من الجميل، والخير الواسع الجزيل الموفور، الذي يحق له قول من قال:
يطول به عزاً على كل كابر
لوطأته منها صدور المنابر
ولا رده من حاجر دون حاجر
ويبذل ما في حوزه والذخائر(1/286)

57 / 95
ع
En
A+
A-