[(64) الإمام الحسن بن علي بن داود المؤيدي]
( … - 1024 هـ / … - 1615 م)
وأما الإمام الشهير الناصر لدين الله: الحسن بن علي بن داود بن الحسن بن الإمام علي بن المؤيد بن جبريل عليه السلام فهو بحر العلوم الذي ليس له ساحل، السائر فضله مسير المثل السائر في الأفاضل، نفذت أوامره [عليه السلام] في (اليمن الأعلى) إلا (صنعاء)، وقام بأمر الخلافة العظمى، ورفع عن العباد جور الجائرين ومحدثات المفسدين، وأحيى علوم الأئمة الهادين، وارتحل إليه العلماء من الأقطار الشاسعة، وأخذوا عنه العلوم النافعة، وله بجدنا الشهير: عبد الله بن المهلا قدس الله روحه مزيد اختصاص واجتماع في محروس (الوعلية) من الجهة الشرفية لإحياء العلوم العقلية والنقلية[51ب]، ولما قبض البغاة على الإمام عليه السلام في (الصَّاب) من (الأهنوم) في شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة، وتوجهوا به أسيراً إلى (الروم) في جماعة من أولاد الأمير الشهير الخطير المجاهد الناصر لدين الله: المطهر بن شرف الدين رحمه الله بكت عليه المحافل والجحافل، والجوامع والمساجد، وأظلمت الدنيا لأسره، وحصل مع المسلمين -خصوصاً العلماء منهم- حاصل عظيم.(1/242)


[(65) الإمام القاسم بن محمد بن علي (المنصور بالله)]
( 967 - 1029 هـ / 1559 - 1629 م)
وأما الإمام الشهير، مجدد القرن الحادي عشر المنصور بالله: القاسم بن محمد بن علي صلوات الله عليه فقام عليه السلام والأرض مظلمة بالطغيان، مملوءة بالعدوان، فأظهر عن الخلافة العظمى، وارتقى إلى المحل الأسمى، بعد أن تكاملت له شروط الإمامة الكبرى، ونال من العلوم ما هو أشهر ذكراً، وأرفع قدراً، وأعظم أمراً، وأقام في هجرتنا (الشجعة) من الجهة الشرفية زماناً لتحقيق علم أصول الفقه الذي عليه مدار الاجتهاد على جدي المجتهد الشهير شيخ شيوخ الأئمة: عبد الله بن المهلا قدس الله روحه في الجنان بالقبة المقدسة المقبور فيها السيد الإمام:(1/243)


[(66) استطراد: أبي القاسم بن محمد بن المطهر]
أبو القاسم بن محمد بن المطهر رضوان الله عليه.
وهذا السيد من أكابر العترة وعظمائها، وله تأليف في الفقه يسمى (المعيار) سلك فيه مسلك الأوائل، وهو في خزانته، وهو ممن امتحن في دهره؛ لأنه كان أخضر اللون فإنه ارتحل إلى (صعدة) لأخذ العلم فيها في رفقة من أهل تلك الجهات، فادعوه مملوكاً لهم، وباعوه من حداد بـ(صعدة) وكلفه أعمال الحدادة، ولبث معه عامين صابراً على الرق، وفي خلال هذا أحرز جملة عظيمة من العلم، فورد بعض أهل الجهة الشرفية فعرف أمره، وأخبر الحداد بمنصبه الشريف فاسترجع وبكى، واستحل منه، وأعطاه مالاً جزيلاً أبى قبوله، ثم بقي مدة هنالك، وعاد[52أ] إلى هجرتنا (الشجعة) فاشتغل فيها بالتدريس، ونشر العلوم والتأليف، وحصل بخط يده الكريمة كتباً نافعة في الفقه والتفسير، وسائر العلوم، باقية في خزانته الشريفة إلى الآن، وتوفي رحمه الله ولا عقب له.(1/244)


[عودة إلى ترجمة القاسم بن محمد]
رجع إلى ذكر الإمام المنصور بالله عليه السلام وكان عليه السلام مدة إقامته في (الشجعة) للقراءة على جدنا رحمه الله تعالى ذا همة عالية لا يفتر عن الدرس، والفحص عن المسائل ليلاً ونهاراً.(1/245)


[استطراد: السيد المرتضى]
وكان على القبة المقدسة رجل من فضلاء السادة يعرف بالسيد المرتضى.
وكان تقياً عابداً زاهداً، وكان ينقطع عنه في بعض الليالي لطول درس الإمام في الليل ما يحتاج للاستصباح به من الشيرج فيسأله الزيادة فيه، فكان يقول في بعض الليالي للإمام ما معناه: والنبي يا سيد ما أجد شيئاً مما ذكرت، وكان في بعض الأوقات يرق للإمام من كثرة السهر ويقول: خفض عليك وارفق بنفسك فلست بخارجٍ إماماً.
ولما انتهى الحال بالإمام عليه السلام إلى القيام بالإمامة، والجلوس على سرير الخلافة طلع في بعض الأيام إليه جدنا رحمه الله في عدة من علماء ذلك الزمان، وفي صحبتهم السيد المرتضى المذكور، ولما أراد العود شكى السيد المرتضى حاله وعائلته وحاجته، فقال له الإمام ما معناه: والنبي يا سيد ما أجد شيئاً مما ذكرت –مذكراً له بما كان يقول له؛ فذكر السيد ذلك وسقط في يديه، واعتذر إلى الإمام وقال: ما ظننت أن الأمر سيؤول بك إلى هذه الدرجة الرفيعة؛ فتبسم الإمام ورق له، وآنسه، والتفت إلى جدي رحمه الله وقال له: للسيد ما جاء اليوم -إن شاء الله - فجاء ذلك اليوم شيء كثير من النذور وغيرها، وكان فيها سداد السيد واستقامة حاله، فرحمة الله عليهم أجمعين.
ولما قام عليهم ما كان همه إلا النَّظر في صلاح المسلمين، وإزالة ما ابتدعه عتاة المفسدين، ورفع المظالم عن المؤمنين[52ب]، وإحياء علوم الأئمة الهادين، والقيام بجهاد البغاة المعتدين، وتفقد الضعفاء والمساكين، والأخذ على أكابر العلماء العاملين في تفقدهم، وإنهاء حاجات ذوي الحاجات إليه؛ ولقد أخبرني جدي بقية أكابر العلماء المجتهدين: عبد الحفيظ بن عبد الله المهلا رضوان الله عليه بأنه عليه السلام أخذ عليه في تفقد ذوي الحاجات والمسكنة، والأمر بصرف ما بأيدي العمال إليهم، فإذا كثر رفع ذلك إلى الإمام استحى جدي رحمه الله من كثرته، فيقول له [عليه السلام]: وهل الحقوق إلا لمثل هؤلاء؟(1/246)

49 / 95
ع
En
A+
A-