[ علامات ظهور المهدي المنتظر(ع)]
وقد ذكروا لقيامه علامات [30أ] منها: خروج السفياني وقتل الحسيني وكسوف الشمس في نصف شعبان وخسوف القمر آخر الشهر وطلوع الشمس من مغربها وقتل نفس زكية في سبعين من الصالحين وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام وهدم حائط (مسجد الكوفة) وإقبال رايات سود من قبل (خراسان) وخروج اليماني وظهور المغربي بـ(مصر) وتملكه الشامات ونزول الترك الجزيرة ونزول الروم الرملة وطلوع نجم بالمشرق يضيء كالقمر، ثم ينعطف حتى يكاد أن يلتقي طرفاه، وحمرة تظهر في السماء ونار تظهر بالمشرق وتبقى في الجو ثلاثة أيام أو سبعة أيام، وخلع العرب أعنتها وتملكها البلاد وقتل أهل (مصر) أميرهم وخراب (الشام) واختلاف ثلاث رايات فيه، ودخول رايات قيس والعرب إلى (مصر) ورايات (كندة) إلى (خراسان) وورود خيل من الغرب حتى تربط بفناء (الحيرة)، وإقبال رايات سود من المشرق نحوها، وفتق في (الفرات) حتى يدخل الماء أزقة (الكوفة)، وخروج ستين كذاباً يدعون النبوة، وزلزلة حتى ينخسف كثير منها وخوف يشمل (العراق) وموت ذريع ونقص في الأنفس والأموال والثمرات وجراد يظهر في أوانه وغير أوانه حتى يأتي على الزرع والغلات وقلة ريع ما يزرع الناس، واختلاف بين العجم وسفك دماء كثيرة بينهم وخروج العبيد عن طاعات ساداتهم وقتلهم مواليدهم، ويختم بعد ذلك بأربع وعشرين مطرة متصلة فتحيى الأرض بعد موتها وتظهر بركاتها وتزول بعد ذلك كل عاهة عن أتباع المهدي، فيعرفون عند ذلك ظهوره بـ(مكة) فيتوجهون إليه قاصدين لنصرته، ومن جملة هذه العلامات ما هو محتوم ومنها ما هو مشترط. والله أعلم ما يكون.
وعن أبي نصير عن أبي عبد الله قال: ((لا يخرج القائم إلا في وتر من السنين، سنة إحدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع)).(1/157)


وعن أبي عبد الله: ((ينادى باسم القائم في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ويقوم في (يوم عاشوراء) ولكأني به في يوم السبت العاشر من المحرم قائماً بين الركن والمقام، وشخص قائم على يده ينادي البيعة من أطراف الأرض تطوى لهم طياً حتى يبايعوه فيملأ الله به الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ثم يسير من (مكة) إلى (نجف الكوفة) ثم يفرق الجنود منها إلى الأمصار)).
وعن أبي جعفر في حديث طويل قال: (إذا قدم القائم سار إلى (الكوفة) فوسع مساجدها وكسر كل [30ب]جناح خارج في الطريق، فأبطل الكنف والميازيب الخارجة إلى الطرقات ولا يترك بدعة إلا أزالها ولا سنة إلا أقامها ويفتح (القسطنطينية) و(جبال الديلم) فيمكث على ذلك سبع سنين، كل سنة عشر سنين من سنينكم هذه، منصور بالرعب، مؤيد بالظفر تطوى له الأرض وتظهر الكنوز ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب ويظهر الله دينه على الدين كله ولو كره المشركون، فلا يبقى في الأرض خراب إلا عمر ولا تدع الأرض شيئاً من نباتها إلا أخرجته ويتنعم الناس في زمانه نعمة لم يتنعموا مثلها قط).
قيل له: يابن رسول الله ومتى يخرج؟(1/158)


قال: إذا تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال وركبت ذوات الفروج السروج وأمات الناس الصلوات واتبعوا الشهوات وأكلوا الربا واستخفوا بالدماء وتعاملوا بالرياء وتظاهروا بالزنا وشيدوا البناء واستحلوا الكذب وأخذوا الرشا واتبعوا الهوى وباعوا الدين بالدنيا وقطعوا الأرحام وظنوا بالطعام وكان الحلم ضعفاً والظلم فخراً والأمراء فجرة والوزراء كذبة والأمناء خونة والأعوان ظلمة والقراء فسقة وظهر الجور وكثر الطلاق وبدا الفجور وقبلت شهادة الزور وشربت الخمور وركبت الذكور الذكور واستقل النساء بالنساء واتخذ الفيء مغنماً والصدقة مغرماً واتقي الأشرار مخافة ألسنتهم وخرج السفياني من (الشام) واليماني من (اليمن) وخسف بالبيداء بين (مكة) و(المدينة) وقتل غلام من آل محمد بين الركن والمقام، وصاح صائح من السماء بأن الحق معه ومع أتباعه، فعند ذلك خرج قائمنا، فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة فاجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أتباعه، فأول ما ينطق بهذه الآية: ?بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ?[هود:86] فيقول: أنا بقية الله وخليفته وحجته عليكم؛ فلا يسلم عليه مسلم إلا قال: السلام عليك يا بقية الله في الأرض، فإذا اجتمع عنده عشرة آلاف رجل، فلا يبقى يهودي ولا نصراني ولا أحد ممن يعبد غير الله إلا آمن به وصدقه، وتكون الملة واحدة (ملة الإسلام) وكلما كان في الأرض من معبود سوى الله، فتنزل عليه نار من السماء فتحرقه.
وللهادي يحيى بن الحسين صلوات الله عليه في كتاب (السيرة من الأحكام) كلام يماثل ما سقناه عن أبي جعفر: يقول عليه السلام آخره:
جامع القلبِ
الموت في الحربِ
حذار الحتف في الكرب
في الهيجاء بالضرب
شديد بأخي الذنب
وفصل الحكم والخطب
غوث الشرق والغربِ

كريم هاشمي فاطمي
رؤوف أحمدي لا يخاف
يرى أعداؤه منه
شجاع يتلف الأرواح
رحيم بأخي التقوى
حكيم أوتي التقوى
بعدل القائم المهدي(1/159)


وأما الأئمة الهادون من العترة الزكية عليهم السلام
فأحوالهم الشريفة أشهر من الشموس، وأقرّ شيء في النفوس وهم كما قال الإمام الشهير يحيى بن حمزة [عليه السلام] :(بالمحل الذي لا يسامى والرتبة التي لا تدانى) ومن أراد الاطلاع على رفضهم الدنيا وإعراضهم عنها وحرصهم على إيثار الآخرة وسلوكهم لجانب الحيطة في الأخذ والترك وبعدهم عن المأثم، وإزوادهم عن الوقوع في المحرمات والمكروهات؛ فليطالع سيرهم وأخبارهم ليعلم أن تعويلهم ما كان إلا على رفض الدنيا وإيثار رضوان الله تعالى، وإحراز طاعته، والعمل لوجهه وتحصيل مرضاته فإن حصلوا الدنيا من غير شبهة آثروا بها، وإن زويت عنهم صبروا على ما أصابهم من مشقة لأوائها علماً بمالهم عند الله من عظم الزلفة ورفيع المنزلة، فيزيدهم رغبة فيما عند الله وشوقاً إلى لقائه، وهذه هي حقيقة الورع، وغاية أمره وقصارى حاله ويسره.
وسنذكر في كتابنا هذا طرفاً يسيراً من أحوالهم وورعهم تبركاً بها وحثاً على الاقتداء بها وقد مر من أحوال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووصيه أمير المؤمنين [عليه السلام] ما يوضح لك منهج الحق المبين ويعرفك مسالك الأنبياء والمرسلين وأولياء الله المقربين ونزيد هنا من أحوال الذرية الطاهرة ما فيه ثلج صدور المؤمنين والدلالة على ما فيه الفوز العظيم عند ذي القوة المتين.(1/160)


[(15) الإمام الحسن بن الحسن بن علي (ع)]
(……- نحو90وقيل 97 ، 99 هـ /…… - نحو 708 م)
أما الإمام الكبير الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام فكان رجلاً جليلاً مهيباً عابداً فاضلاً رئيساً ورعاً زاهداً، وكان يلي صدقات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بـ(المدينة)، ولما قام بايعه خلق كثير، وكان زعيم أنصاره عبد الرحمن بن الأشعث.
وكان ولاه الحجاج (سجستان) فعظم حاله، وخلع الحجاج وهم بالدعاء لنفسه؛ فنهاه علماء (الكوفة) و(البصرة) وأمروه بإقامة رجل من أهل البيت عليهم السلام فراسلوا (زين العابدين) فامتنع، وطالبوا الحسن بن الحسن فأجابهم، ثم توارى في (الحجاز) بعد انهزام أعوانه حتى زعم بعض أصحابنا أنه لم يدع، وأن أول من دعا بعد الحسن السبط: زيد بن علي [عليه السلام] والصحيح ما ذكرناه.(1/161)

32 / 95
ع
En
A+
A-