(صورة رقم شهادة القاضي يحيى بن أكثم) شهد يحيى بن أكثم على مضمون هذا المكتوب ظهره وبطنه وهو يسأل الله تعالى أن يعرف أمير المؤمنين وكافة المسلمين بركة هذا العهد والميثاق وكتبه بخطه في تاريخه و(صورة رقم شهادة عبد الله بن طاهر) أثبت شهادته فيه بتاريخه عبد الله بن طاهر وصورة (شهادة حماد شهد حماد بن النعمان) بمضمونه ظهراً وبطناً وكتب بيده في تاريخه، و(صورة شهادة [25أ] ابن المعتمر) شهد بمثل ذلك بشر بن المعتمر، وعلى الجانب الأيسر بخط الفضل بن سهل رسم أمير المؤمنين بقراءة هذه الصحيفة التي هي صحيفة العهد والميثاق ظهراً وبطناً بحرم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين الروضة والمنبر على رؤوس الأشهاد، بمرآى ومسمع من وجوه بني هاشم وسائر الأولياء والأجناد بعد أخذ البيعة عليهم واستيفاء شروطها بما أوجبه أمير المؤمنين من العهد لعلي بن موسى الرضا لتقوم به الحجة على جميع المسلمين ولتبطل الشبهة التي كانت اعترضت لأراء الجاهلين ?مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ?[آل عمران:179].
وكتب الفضل بن سهل بحضرة أمير المؤمنين.(1/142)


[بين الرضا (ع) والمأمون]
ونقل: أن المأمون وجد في يوم عيد انحراف مزاج فقال للرضا: قم يا أبا الحسن وصل بالناس فامتنع.
فقال المأمون: إنما أريد أن أنوه بذكرك وألح عليه.
فقال الرضا [عليه السلام]: إن أبيت إلا الخروج فإنما أخرج على الصفة التي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخرج عليها.
فقال: افعل، وأمر الناس بالركوب في خدمته فخرج إليهم وقد اغتسل ولبس أفخر ثيابه وخرج ماشياً ولم يركب وقال لأتباعه: افعلوا كما فعلت ففعلوا وساروا بين يديه عند شروق الشمس رافعين أصواتهم بالتهليل والتكبير؛ فنزل الناس عن مراكبهم وساروا بين يديه، وكان كلما كبر الرضا كبر الناس بتكبيره وكلما هلل هللوا بتهليله حتى خيل للناس أن الحيطان تجاوبهم بالتكبير والتهليل وتزلزلت (مرو) وارتفع البكاء والضجيج؛ فبلغ ذلك المأمون
فقال له (الفضل): إن بلغ الرضا افتتن به الناس، وخفنا على دمائنا وأرواحنا وعليك فرده، فبعث إليه يقول: قد كلفناك يا أبا الحسن ولا نحب أن نلحقك مشقة ارجع إلى بيتك فصلى بالناس من كان يصلي بهم قبل فرجع علي بن موسى الرضا وركب المأمون فصلى بالناس.
قال: (هرثمة بن أعين) خادم المأمون وكان معدوداً من الشيعة قال: طلبني سيدي أبو الحسن الرضا [عليه السلام] وقال: إني مطلعك على سر يكون عندك لا تظهره في حياتك؛ إنه قد دنا أجلي وإني أطعم عنباً ورماناً فأموت، ويريد الخليفة أن يجعل قبري خلف قبر أبيه وأن الله لا يقدره على ذلك، وأن الأرض تشتد عليهم فمدفني في الجهة الفلانية بموضع عينه، فإذا مت وجهرت فأعلمه بما قلت وإذا أرادوا الصلاة علي فليتأن قليلاً يأتيكم رجل عربي متلثم على ناقة من جهة الصحراء عليه وعثاء السفر، فينزل عن راحلته ويصلي علي فصلوا معه، فإذا حملت إلى مدفني فاحفر يسيراً تجد قبراً معموراً في قعره ماء أبيض [25ب] إذا كشفت أطباقه نضب فادفنوني فيه.(1/143)


قال هرثمة: فأكل عند الخليفة عنباً ورماناً فمات بعد ثلاثة أيام، فدخلت على المأمون والمنديل في يده يبكي فأخبرته بما أسره الرضا إليّ، ثم جهزناه وتأنينا قليلاً فإذا بالرجل على بعيره من الصحراء فنزل ولم يكلم أحداً، وصلى الناس معه وطلبوه فلم يجدوا له أثراً ثم حفر له خلف قبر الرشيد فعجزوا عن حفرها، ثم جئنا الأرض التي عينها فما هو إلا أن كشفنا التراب وظهرت الأطباق، فإذا قبر معمور في قعره ماء أبيض فأبصره المأمون ثم نشف الماء فواريناه ولم يزل (المأمون) يتعجب مما رأى ويتأسف ويقول: يا هرثمة كيف قال لك أبو الحسن؟
فنقول إنا لله وإنا إليه راجعون، ولعل هذه البقعة في جانب قريب من قبر الرشيد لتواتر الأخبار بجمعها في محل واحد.(1/144)


[(11) محمد بن علي بن موسى (الجواد)(ع)]
( 195 - 220 هـ / 811 - 835 م)
ومن شمائل ابنه الإمام محمد الجواد بن علي الرضا عليهما السلام.
قال ابن حمدون في كتابه (التذكرة) عن محمد بن علي الرضا أنه قال: كيف يضيع من الله كافله وكيف ينجو من الله طالبه، وقال: من انقطع إلى غير الله وكله الله إليه، ومن عمل على غير علم أفسد أكثر مما يصلح، وقال: القصد إلى الله تعالى بالقلوب أبلغ من إتعاب الجوارح بالأعمال.
وروي في (معالم العترة النبوية) أخباراً رواها محمد الجواد [عليه السلام] عن آبائه، عن علي بن أبي طالب [عليه السلام] قال: لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن قال لي وهو يوصيني: ((يا علي، عليك بالدُّلجَة فإن الأرض تطوى بالليل مالا تطوى بالنهار.يا علي، عليك بالبكر فإن الله تعالى بارك لأمتي في بكورها)).(1/145)


[بعض المواعظ والحكم المروية عنه (ع)]
وقال [عليه السلام] : (لو كانت السماوات والأرض رتقاً على عبد ثم اتقى الله تعالى لجعل الله له منها مخرجاً).
وقال عليه السلام: (من وثق بالله وتوكل على الله نجاه الله من كل سوء، والدين عز والعلم كنز والصمت نور وغاية الزهد الورع، ولا هدم الدين مثل البدع ولا أفسد للرجال من الطمع وبالراعي تصلح الرعية وبالدعاء تصرف البلية ومن ركب مركب الصبر اهتدى إلى مضمار النصر ومن غرس أشجار التقى اجتنى ثمار المنى).
وقال: (أربع خصال تعين المرء على العمل: الصحة والغنى والعلم والتوفيق).
وقال: (إن لله عباداً يخصهم بدوام النعم ولا تزال فيهم ما بدلوها، فإذا منعوها نزعها عنهم وحولها إلى غيرهم).
وقال: (ما عظمت نعمة الله على أحد إلا عظمت إليه حوائج الناس، فمن لم يحتمل تلك المؤنة عرض تلك النعمة للزوال).
وقال: (أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه؛ لأن لهم أجره وفخره وذكره).
وقال: (حسب المرء من كمال المروءة أن لا يلقى أحداً بما يكره، [26أ] ومن حسن خلق الرجل كفه أذاه ومن سخائه بره بمن يجب حقه عليه ومن كرمه إيثاره على نفسه ومن صبره قلة شكواه ومن عقله إنصافه من نفسه ومن إنصافه قبول الحق إذا بان له ومن نصحه نهيه عما لا يرضاه لنفسه ومن حفظه لجوارك تركه توبيخك عند إساءتك مع علمه بعيوبك ومن رفقه تركه عذلك بحضرة من تكره، ومن حسن صحبته لك إسقاطه عنك مؤنة التحفظ ومن علامة صداقته لك كثرة موافقته لك وقلة مخالفته، ومن شكره معرفة إحسان من أحسن إليه، ومن تواضعه معرفته بقدره، ومن سلامته قلة حفظه لعيوب غيره، وعنايته بصلاح عيوبه).
وقال [عليه السلام]: (العامل بالظلم والمعين عليه والراضي به شركاء).
وقال: (يوم العدل على الظالم أشد من يوم الجور على المظلوم).
وقال: (العلماء غرباء لكثرة الجهال بينهم).
وقال [عليه السلام]: (لو سكت الجاهل ما اختلف الناس).(1/146)

29 / 95
ع
En
A+
A-