[بعض الحكم والمواعظ المروية عنه (ع)]
ومن كلامه عليه السلام: (صاحب الحاجة لم يكرم وجهه عن سؤالك، فأكرم وجهك عن رده) وقال: (يا أيها الناس نافسوا في المكارم وسارعوا في المغانم ولا تحتسبوا بمعروف لم تعجلوه واكتسبوا الحمد بالنجح ولا تكتسبوه بالمطل، فمهما يكن لأحد عند أحد صنيعة ورأى أنه لا يقوم بشكرها، فالله له بمكافأته وذلك أجزل عطاءً وأعظم أجراً، واعلموا أن المعروف يُكْسِبُ حَمْداً ويُعقبُ أجراً فلو رأيتم المعروف رجلاً لرأيتموه حسناً جميلاً يسر الناظرين ولو رأيتم اللؤم لرأيتموه منظراً قبيحاً تنفر منه القلوب وتغض عنه الأبصار.
أيها الناس: من جاد ساد ومن بخل ذل، وإن أجود الناس من أعطى من لايرجوه وأعف الناس من عفى عن قدرة وإن أوصل الناس من وصل من قطعه، ومن أراد بالصنيعة إلى أخيه وجه الله تعالى[19ب] كافأه الله بها في وقت حاجته وصرف عنه من البلايا أكثر من ذلك، ومن نَفَّسَ على أخيه كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة، ومن أحسن أحسن الله إليه والله يحب المحسنين).
ومن كلامه [عليه السلام]: (الحلم زينة والوفاء مروءة والصلة نعمة والاستبكار صلف، والعجلة سفه والسفه ضعف والغلو ورطة ومجالسة الدناة شر ومجالسة أهل الفسوق ريبة.
وروي أنه وقع بينه وبين أخيه الحسن [عليه السلام] كلام فقيل له: اذهب إليه واسترضه فإنه أكبر منك.
فقال: سمعت جدي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((أيما اثنين جرى بينهما كلام فطلب أحدهما رضى الآخر كان السابق سابقه إلى الجنة)) وأكره أن أسبق أخي إلى الجنة ، فبلغ قوله الحسن فأتاه وترضاه صلوات الله عليهم.(1/117)


[(6)الإمام علي بن الحسين (زين العابدين)(ع)]
( 38 - 94 هـ / 658 - 712 م)
ومن أولاده الإمام علي بن الحسين بن علي -عليه السلام.(1/118)


[ما قيل في عبادته]
قال طاووس: دخلت الحجر الليل فإذا علي بن الحسين [عليه السلام] يصلي فسجد سجدة أطال فيها فقلت: رجل صالح من بيت النبوة لأصغين إليه فسمعته يقول: (عبدك بفنائك، مسكينك بفنائك، سائلك بفنائك، فقيرك بفنائك).
قال طاووس: فو الله ما صليت ودعوت بهن في كرب إلا فرج عني.
وجاء إليه رجل فقال له: إن فلاناً قد وقع فيك، فقال: انطلق بنا إليه، فانطلق معه وهو يرى أنه يستنصر لنفسه منه، فلما أتاه قال له: يا هذا إن كان ما قلت حقا فأنا أسأل الله أن يغفر لي وإن كان ما قلت باطلا فالله يغفر لك، ثم ولى عنه.(1/119)


[الحكم والمواعظ المروية عنه]
ومن كلامه [عليه السلام]: (عجبت لمن يحتمي من الطعام لمضرته كيف لا يحتمي من الذنب لمعرته) وكان يتصدق سراً ويقول: (صدقة السر تطفئ غضب الرب) فقال أهل المدينة: (ما فقدنا صدقة السر إلا بعد موت علي بن الحسين) [عليه السلام].(1/120)


[رفقه بالحيوان]
وعن إبراهيم بن علي عن أبيه قال: حججت مع علي بن الحسين فتلكأت ناقته فأشار إليها بالقضيب ثم رد يده وقال: آه من القصاص. وتلكأت مرة أخرى بين (جبال رضوى) فأناخها وأراها القضيب وقال: لتنطلقين أو لأفعلن ثم ركبها فانطلقت ولم تتلكأ بعدها.
وجلس إلى سعيد بن المسيب فتى من قريش، فطلع علي بن الحسين [عليه السلام].
وكان الزهري يقول: (لم أر هاشمياً أفضل من علي بن الحسين).
قال أبو حمزة الثمالي: أتيت باب علي بن الحسين [عليه السلام] فكرهت أن أنادي فقعدت على الباب إلى أن خرج فسلمت عليه[20أ] ودعوت له فرد علي ثم انتهى إلى الحائط وقال: يا أبا حمزة ألا ترى إلى هذا الحائط؟
قلت: بلى ياسيدي.
قال: فإني متكئ عليه وأنا حزين مفكر، إذ دخل علي رجل حسن الثياب طيب الرائحة، فنظر في تجاه وجهي ثم قال: (يا علي مالي أراك حزيناً على الدنيا؟ فهو رزق حاضر يأكل منه البر والفاجر)؟
فقلت: ما عليها حزن وإنه كما تقول.
فقال: على الآخرة فهو وعد صادق يحكم فيه ملك قاهر؟
فقلت: ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول.
قال: فعلام حزنك ؟
قلت: ما تخوفٌ من فتنة ابن الزبير.
قال: فضحك ثم قال: يا علي، هل رأيت أحداً خاف الله فلم ينجه؟
قلت: لا.
قال: هل رأيت أحداً سأل الله فلم يعطه؟(1/121)

24 / 95
ع
En
A+
A-