17 ـ المختار أن المتوفى عنها لايجب عليها أن تبيت في بيت زوجها بل يجوز لها أن تبيت في بيتها أو بيت زوجها أو في بيت أبيها لمظاهرة النصوص على ذلك ويحمل ما استدل به للمذهب على وجوب البيتوتة حيث وجبت على الاستحباب لاحتماله التأويل والأدلة الدالة على الجواز لاتحتمل، والجمع بين الأدلة واجب كما قرر في مواضعه. وهو المختار عندي.
18 ـ لايصح عتق الرقبة الفاسقة في الظهار كما هو مذهب الناطق بالحق أبي طالب وقواه طود العترة أبو طالب الأمير الحسين وهو المختار لقوة دليله ورجحانه.
19 ـ والمختار أنه إذا وقع الأمر الموجب للحد في غير ولاية الإمام في زمانه فله أن يقيمه إذا ظفر به أي ظفر المستحق للحد وكذا إذا وقعت الجناية في ولاية الإمام وفي زمانه ثم مات ذلك الإمام وخلفه إمام آخر أقام الحد الإمام الثاني وهذا ما اختاره المؤيد بالله عليه السلام لظهور الأدلة القاضية بذلك وقوتها ورجحانها. وهو المختار عندي.(1/401)


البلاغ المبين
تأليف
الإمام الحجة مجد الدين المؤيدي أيده الله تعالى
البلاغ المبين
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المرسلين محمد خاتم النبيين المرسل رحمة للعالمين وحجة على الخلق أجمعين وعلى آله الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، هداة الأمة ومعدن الحكمة، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً، أمر بالصلاة عليهم معه في الصلاة، وحرم عليهم مع سائر ذوي قرباه كما حرم عليه الزكاة، وخلفهم في أمته مع كتاب اللّه وأخبر أنهم أمان كالنجوم وكسفينة النجاة، وبعد، فيقول المفتقر إلى اللّه عز وجل المستغني به فيما دق وجل، المستعين به على ماعقد وحل، أبو الحسنين مجد الدين بن محمد بن منصور بن أحمد بن عبد اللّه بن يحيى بن الحسن بن يحيى بن عبد اللّه بن علي بن صلاح بن علي بن الحسين بن الإمام عز الدين بن الحسن بن الإمام علي بن المؤيد الحسني المؤيدي أسبل اللّه تعالى عليهم رضوانه وأسبغ عليهم شآبيب فضله وإحسانه: إنه توجه الطلب ممن ينبغي إسعادهم ولايحق ردهم وإبعادهم، أن أجمع ماتفرق في مؤلفات العترة المطهرة وأوليائهم البررة من صحيح سنة الرسول الأمين صلى اللّه عليه وعلى آله الطاهرين، وماصح عن أمير المؤمنين الذي هو مع الحق كما أخبر سيد الخلق، أو صح فيه الإجماع وقد أورد مايشهد لما صح وإن لم يصح عندي سنده اعتماداً على مايصح وأنبه على ذلك بأن أقول: ويشهد أو نحوه. وكذا ماتواتر لأن ما أفاد العلم فهو حجة من غير نظر إلى راويه، وأتكلم على تقرير الدلالة بحسب الإمكان، وقد يسر اللّه سبحانه وله الحمد كتاب لوامع الأنوار وما اختصر منه كالجامعة المهمة وتحصل فيه المختار من الأسانيد الصحيحة إلى مؤلفات أعلام الأمة والكثير الطيب من صحيح الأسانيد والرجال في بطون تلك المؤلفات مع اشتماله على المباحث المهمة، فأغنى ذلك عن ذكر الأسانيد إلى تلك الكتب، إذ صارت في متناول الباحث عن كثب، وأما(1/402)


الأسانيد لما في المؤلفات فقد جمعت بحمد اللّه تعالى في لوامع الأنوار بغية الرائد وضالة الناشد، وأفردت للرجال فصلاً مفرداً العمل الآن جارٍ في إتمامه بإعانة اللّه تعالى وتيسيره، فأجبتهم إلى ذلك المطلب.
وسميته البلاغ المبين بصحاح سنة الرسول الأمين صلى اللّه عليه وعلى آله الطاهرين، وسيكون إن شاء اللّه تعالى على طريقة الإيجاز مع الاستكمال ليكون قريب التناول، راجياً من اللّه ذي الجلال أن ينفع به، وأن يجعله من الأعمال المقربة إليه، والآثار المكتوبة لديه، إنه قريب مجيب، وماتوفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
بحث في الشرط والمختار في معنى العدالة والإشارة إلى دليله(1/403)


الشرط: هو اتصال السند الصحيح أو إرسال من لايرسل إلا الصحيح، هذا في غير المتواتر، والمتلقى بالقبول، وقد أوضحت المختار بدليله في الصحة والعدالة في لوامع الأنوار وفي فصل الخطاب وفي الرسالة المسماة إيضاح الدلالة، وأفيد الناظر هنا أني أشترط العدالة المحققة ولا أعتمد على رواية كافر أو فاسق بتصريح أو تأويل. أما الأول فهو إجماع، وأما الثاني وهو محل النزاع فلنحو قوله تعالى: ((وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ)) والركون هو: الميل اليسير كما ثبت في التفسير وأخذِ الدين عنهم من الميل إليهم، ولقوله جل شأنه: ((إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا))، وهذا العموم القرآني يتناول المصرح والمتأول، ودعوى تخصيصه بالإجماع مردودة بل لو ادعي العكس في الصدر الأول لما كان بعيداً فقد نقل رد المخالف نقلاً لايرده إلا جاهل أو متجاهل، والأمر بالتبين يوجب عدم الاعتماد عليه وهو المطلوب لا القطع بكذبه فليس بمراد ولاوجه له، ولكون الأدلة الموجبة للعمل التي أقواها بعث الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم للتبليغ بالآحاد والإجماع لم تثبت في المتأول، إذ لم يكن في عصره صلى اللّه عليه وآله وسلم ولا إجماع على غير من ذكرنا، ولايروعنك كثرة القائلين بالقبول فليست الكثرة دلالة الحق بل أهله القليل، ولا المجازفة بدعوى الإجماع وإن صدرت من بعض ذوي التحقيق والاطلاع فالواقع خلاف ذلك، والحق لايعرف بالرجال، ولايجب العمل بمجرد الظن على فرض ثبوته، فالظن لايغني من الحق شيئاً، ثم إنه يلزم قبول المصرح إن ظن صدقه والإجماع يرده ولقد ضاقت بالسيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير المذاهب لما انتقض به عليه ولجأ إلى دعوى التخصيص، ثم لو فرض جواز العمل بالظن في بعض جزئيات العمليات التي يتعذر فيها سواه كأروش الجنايات وقيم المتلفات فيخص به ويبقى تحت العموم الدال على المنع ما عداه.(1/404)


ومن أعجب التهافت أن الكثير لاسيما من يدعون ويدعى لهم أنهم لايُخَرِّجون إلا الصحيح حتى صار ذلك لقباً لبعض كتبهم، وحتى صار المقلدون من أتباعهم يجرحون ويقدحون فيمن أبدى أي منازعة في حديث أو راو من رواتهم كأنها نزلت آية محكمة من كتاب اللّه تعالى أو تواترت سنة من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بصحة جميع ما أخرجوه وهؤلاء يقبلون المصرحين زاعمين أنهم من المتأولين كالوليد بن عقبة الذي هو سبب نزول الآية: ((إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ))، والسبب مقطوع به فلايجوز تخصيصه بالاتفاق وأمثاله كثير، والتمحلات التي يدافع بها البعض لاتنفق في سوق التحقيق، والله تعالى ولي التوفيق.
فإن قلت: مابالك خصصت المقلدين من الأَتباع. قلت: لأن أرباب البحث والاطلاع لاترى عندهم ذلك التعصب وسوء الطباع، ألا ترى إلى قدح كثير من حفاظهم كالدار قطني وابن حجر صاحب الفتح وغيرهما في بعض رجال الصحيحين وأحاديثهما وقد أوضحت هذه الأبحاث في اللوامع، وإنما الداء العضال هم المقلدون الأغبياء، فإنك تجد من الإنصاف وفهم المقاصد وتجنب الإعتساف عند خصمك العالم مالاتجده عند موافقك الجاهل.
ومن البلية عذل من لايرعوي…عن غيه وخطاب من لايفهم
وفقنا اللّه تعالى لفهم الصواب، وسلوك منهج السنة والكتاب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
كتاب الطهارة(1/405)

81 / 83
ع
En
A+
A-