فتوى في التصوير
قال مولانا شيخ الإسلام وإمام أهل البيت الكرام الإمام الرباني مفتي القطر اليماني كهف العلوم حجة المنطوق والمفهوم شامة الزمان وجوهرة الأقران الإمام الأعظم والبحر الخضم مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيد الله به الدين:
كنا نتحرج من التصوير لما قد ورد في المصورين، فلما عرفنا كيفية أخذ هذه الرسوم لم نر بها بأساً لأنها ليست بتصوير وإنما هي كالنظر في الماء والمرآة، فمن زعم أنها تصوير فقد غلط، لأن التصوير تفعيل، وهو أن تنحت الصورة، وهذا إنما هو حبس الصورة الإلهية، فلهذا يشترط أن يكون ثمة إضاءة حتى تظهر الصورة الإلهية، فليس للراسم أي تأثير في التصوير، وبعد أن تحقق هذا أذن جماعة من العلماء الأعلام في أخذ رسومهم منهم شيخنا العلامة محمد بن إبراهيم المؤيدي الملقب بابن حورية، ومنهم شيخنا العلامة عبدالله بن الإمام الهادي الحسن بن يحيى، ومنهم شيخنا العلامة الحسن بن الحسين الحوثي رضي الله عنهم وغيرهم كثير. والعجب ممن يعتقد أنها تصوير وأنها محرمة ويبالغ في ذلك ثم يبيحها ويستعملها في الجوازات والإقامات والرخص والبطاقات والنقود ويزعم أن ذلك للضرورة وليس هناك ضرورة تبيح المحرم لإمكان الاستغناء عن ذلك كبصمة الإبهام مع أنه قد ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم باستثناء الرقم في الثوب من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لاتدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولاصورة إلا رقماً في ثوب )) رواه الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام، ورواه بعض أهل السنن ولكن هذا الرسم ليس بتصوير كما سبق، أما التصوير فنحن نكرهه على الإطلاق كما ذكر ذلك الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام، والله تعالى ولي التوفيق.(1/391)
في بيع الدم ونقله
قال مولانا حجة الإسلام والمسلمين مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى وحفظه: بسم الله الرحمن الرحيم. ورد سؤال في البيع والشراء في الدم ونقله من شخص لآخر، ونقل عضو من شخص لآخر مع أنه بائن حي. وفي حل ذلك إذا كان من غير مسلم، وكيف حال من ركب فيه في صلاته؟
وقد أجاب على ذلك سيدي الولد العلامة شرف الأعلام الحسن بن محمد الفيشي حفظه الله تعالى وتولاه وأدام علاه وعرض ذلك الجواب علي للنظر فيه وحاصله: أن الشرع الشريف قد أباح للمضطر في كتابه الحكيم التناول من المحرمات مايدفع به الضرر فيجوز ذلك سواء حصل ذلك بجهة التبرع أو المعاوضة فيجوز للمعطي أن يدفع النقود للمستعطي لا المستعطي. وأما صلاة المرقع والمسعف بالدم فلايصل بغيره. هذا ملخص المقصود الواقع السؤال عنه أما ماتعرض له في أوله فلاتعلق له بالسؤال. فأقول وبالله التوفيق: قد أفاد في الجواب مافيه الكفاية، والراجح عندي صحة صلاة من نقل إليه ذلك والصلاة بغيره، إذ قد صار حكمه حكم دمه وأعضائه، والدليل على هذا أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أذن لمن قطعت أنفه بتبديلها ذهباً وذلك في عضو قطعي وهو مانع من غسل ماتحته ولم يأمره أن لايصلي بغيره، وقد أجبت بهذا في تركيب الأسنان في الفم مع أنه إن كان المنقول من مسلم فالذي أختاره عدم نجاسة ميتة، المسلم ونحوها وهو قول الإمام المنصور بالله والأمير الحسين عليهما السلام لقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الخبر
الصحيح: ((المسلم لاينجس)) رواه الإمام الأعظم زيد بن علي عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم . وأخرجه عنه في أمالي الإمام أحمد بن عيسى عليهما السلام، وأخرج البخاري تعليقاً عن ابن عباس: ((المسلم لاينجس حياً ولاميتاً)) ووصله الحاكم في المستدرك . والله تعالى ولي التوفيق.(1/392)
مسائل العلامة محمد بن منصور المؤيدي إلى الإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين (ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد: فهذه أسئلة وجهها مولانا ووالدنا شيخ بني الحسن وإمام أعلام اليمن ذو الفضل المشهور والعمل المبرور نجم آل محمد الولي محمد بن منصور المؤيدي إلى مقام الإمام المنصور بالله رب العالمين محمد بن يحيى حميد الدين رضوان الله عليهم يختبره بها، وذلك بعد وفاة الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحوثي رضي الله عنهم بشهر ولفظها:
الحمدلله رب العالمين بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على من أطفى الله به رسوم الجاهلية وجلى به سنن المرسلين خاتم الأنبياء وعلى آله البررة الأتقياء القافين أثره. أما بعد: فصدرت هذه الأحرف من الحقير الراجي عفو الله ورضوانه محمد بن منصور المؤيدي إلى مولانا حليف السنة والقرآن .
إلى قوله: لايخفى مولانا أن الإمامة من أمهات مسائل أصول الدين الدخول فيها صعب والخروج أصعب والمراد رضاء الله والتثبت لما ندين عند الله وحال مولانا حفظه الله لايخفى على الخاص والعام، ولكن ((بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ)) فتفضلوا بالإجابة في هذه الأطراف.
إلى قوله: ومع علمنا بكثرة شغلكم واهتمامكم بسنام الدين لم نجعلها إلا على إيجاز ومسائل لاتعنيكم بالبحث لأن ليس المراد إلا براءة الذمة.
السؤال الأول: ما قولكم في قول القائل: الله يريد دخول المؤمنين الجنة والكفار النار مع إتيانه بالمضارع الحالي، ودخول المؤمنين الجنة والكفار النار لايكون إلا بعد الموت والحشر والنشر مع قول العدلية: إرادة الله مراده. فإن رديناه إلى معنى المشيئة والرضى احتاج إلى برهان أن المشيئة تستعمل بمعنى الإرادة، إما حقيقة فهو محل النزاع، وإما مجازاً فتحتاج إلى علاقة.(1/393)
إلى قوله: فأوضحوا ماهو الوجه المسوغ لإطلاق هذا اللفظ؟
السؤال الثاني: ماقولكم رضي الله عنكم في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)) مع قوله: ((في ماسقت السماء العشر)) فجعل أهل المذهب الأول مخصصاً للثاني مع أن القاعدة أنه لايصح التخصيص إلا مع معرفة التاريخ وهو خاف، فبينوا ما المختار لكم بدليله؟
السؤال الثالث: ماقولكم رضي الله عنكم في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لايقضي القاضي وهو غضبان)) فإن فيه تنبيهاً على أن الغضب علة عدم جواز الحكم كما ذكره الأصوليون لأنه مشوش للنظر، فهل ينقض حكم الحاكم إذا وقع الحكم منه في حاله؟ فإن قلتم: نعم، فبينوا ما الوجه مع أنه لاينقض حكم الحاكم إلا بدليل قطعي، وإن قلتم: لايصح نقضه فالقاعدة أن النهي يدل على فساد المنهي عنه في العبادات.
السؤال الرابع: قولهم: مالايتم الواجب إلا به يجب لوجوبه، لأن الأمر بالشيء أمر بمقدماته، فما الدليل الواضح على أن الأمر بالشيء أمر بمقدماته. وقد قال بعض أصحابنا: إنا لو لم نقل إن الأمر بالشيء أمر بمقدماته لاستلزم تكليف مالايطاق، وإنما يستلزم تكليف مالايطاق لو منع من المقدمة وأوجب مايترتب عليها، فبينوا ما المختار لكم بدليله؟
السؤال الخامس: في كلام أهل المذهب في وجوب القصاص أن العبرة بقصد الذات فإذا قصد الرامي ذات المرمي قتل به، واللازم من كلامهم أنه لو قتل ظاناً لاستحقاق دم المرمي وأنه الذي قتل أباه أو أخاه فانكشف خلافه أن يقاد به مع العلم أو الظن الغالب أن الفاعل لو علم أنه غير المستحق له ماقتله، فما المختار لكم هل مع القرائن المفيدة للعلم أنه غلط يقاد به أم اللازم الدية؟(1/394)
السؤال السادس: ذكر أهل علم التصريف أنه إذا أريد وزن الكلمة قوبلت أصولها بالفاء والعين واللام، فإن بقي بعد هذه الثلاثة أصل عبر عنه باللام، فإن كان في الكلمة زايد عبر عن الزايد بلفظه، فما وزن (نكتل) من قوله تعالى: ((أَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ)).
السؤال السابع: ماقولكم رضي الله عنكم في قول القائل: من يفعل هذا إلا زيد. وفي قوله تعالى: ((وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ)) مارفع زيد عليه وإلا الله في الآية، ومامحل مَنْ من الإعراب، وكذا في قول القائل: من ذا لقيت. مامحل (من) و (ذا)، فتفضلوا يامولانا بالجواب مبادرة لمصالح دينية تبنى عليه.؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جوابات الإمام المنصور بالله عليه السلام :(1/395)