في زكاة المستغلات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على محمد الأمين وآله الطاهرين.
هذا سؤال لفظه: سؤال لكافة العلماء الأعلام خصوصاً سيدي العلامة المجتهد المطلق مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي حفظكم الله وأبقاكم ماتقول في الدكاكين المستغلة وغيرها، هل تلزم فيها الزكاة؟ ومادليل من أوجب الزكاة فيها؟ وأين الصحيح عندكم لنعتمد عليه؟ أفيدونا كثر الله في العلماء من أمثالكم، فتقليد الحي أولى من الميت، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته حرر صفر 13/1393 هـ.
السائل محمد يحيى لطف شاكر
فكان الجواب بما لفظه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله الطاهرين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الجواب والله الموفق إلى منهج الصواب: إن الزكاة في المستغلات كالدكاكين التي للكرى وغيرها تلزم عند الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام، وقد استدل له بعموم قوله تعالى: ((خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً)) الآية قال في البحر: قلنا: مخصص بقوله ((ليس على المسلم صدقة)). قال في التخريج: وعن أبي هريرة ((ليس على المسلم صدقة في عبده ولافي فرسه)) وفي رواية: أنه قال: ((ليس على العبد صدقة إلا صدقة الفطر)) أخرجه البخاري ومسلم وللباقين نحو الأولى. قلت: وهذا الاستدلال قاصر فالإمام الهادي إلى الحق عليه السلام لاينكر التخصيص وإنما هو يقول لم يخص إلا مالم يرد به تجارة كما هو لفظ الخبر الآتي، والمستغلات ملحقة بما يراد به التجارة، وهذا صريح كلامه في الأحكام.(1/366)


قال عليه السلام: عفا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الإبل العوامل تكون في المصر إلى قوله: وعفا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الدور والخدم والكسوة والخيل، قال يحيى بن الحسين عليه السلام: وإنما عفا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك إذا لم يكن صاحبه اتخذه للتجارة ولا اشتراه لطلب ربح، فأما إن كان اشترى شيئا من ذلك كله أو من غيره إلى قوله: لطلب ربح واستغل فيه المال للتجارة، فعلى من أراد به ذلك الزكاة يزكيه على قدر ثمنه إذا كان ثمنه مما يجب في مثله الزكاة.. إلخ كلامه عليه السلام. وقد احتج للإمام الهادي إلى الحق المؤيد بالله عليهما السلام في شرح التجريد بقوله: ومن جهة النظر أن مال التجارة إذا وجبت فيه الزكاة وجبت في المستغل قياساً عليه، والمعنى أن كل واحد منهما مال يبتغى به النماء بالتصرف فيه.. الخ، فهذا هو الاستدلال الواضح، هذا وقال الأكثر وهو المختار لاتجب الزكاة في المستغلات لما سبق، ولما رواه الإمام الأعظم زيد بن علي بن
الحسين بن علي عليهم السلام عفا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الإبل العوامل تكون في المصر إلى قوله: وعن الدور والخدم والخيل والحمير والبراذين والكسوة والياقوت والزمرد مالم ترد به تجارة، وقد سبقت رواية الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام لبعضه، والأخبار في هذا كثيرة صريحة صحيحة والآية ونحوها مجملة كقوله تعالى: ((أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاة)) من المجملات المحتملات، وما أحسن مانقله الإمام المهدي في البحر عن الإمام يحيى عليهما السلام واستقواه: أن الأوامر القرآنية صريحة في الطلب محتملة في الوجوب مجملة في التفصيل. حكاه في الروض وإلحاقها بأموال التجارة غير متضح. والله تعالى ولي التوفيق والهداية إلى أقوم طريق.(1/367)


في مسائل الطلاق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله كما يجب لجلاله وصلواته وسلامه على سيدنا محمد وآله، وبعد فقد كان الإطلاع على السؤال المؤرخ سادس وعشرين/2/1388هـ.
والجواب والله الهادي إلى منهج الصواب: أن مراقبة الله سبحانه ومعاملته هي العمدة وعليها المدار في الأمر كله فهو عز وجل علام الغيوب والمطلع على ضمائر القلوب يعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور، وفي الأخبار النبوية: ((إنما الأعمال بالنية )) أخرجه الستة سوى مالك، و ((لاقول ولاعمل إلابنية ولاقول ولاعمل ولانية إلا بإصابة السنة)) أخرجه الإمام الناصر والإمام المؤيد بالله وأبو طالب وأبو العباس من طريق جعفر بن محمد عن آبائه رضوان الله عليهم، فاعتبار النية في جميع الألفاظ الصريح منها والكناية هو الحق، وهو قول كثير من الأئمة رضي الله عنهم منهم الباقر والصادق والناصر ومالك وأحمد. وما أحسن كلام بعض العلماء حيث قال: والله سبحانه ذكر الطلاق ولم يعين لفظاً. فعلم أنه رد الناس إلى مايتعارفونه طلاقاً، فأي لفظ جرى عرفهم وقع به الطلاق مع النية والألفاظ التي لاتراد بعينها، بل للدلالة على مقاصد لافظها، فإذا تكلم بلفظ دال على معنى وقصد به ذلك المعنى ترتب عليه حكمه، ولهذا يقع الطلاق من العجمي والتركي والهندي بألسنتهم، بل لو طلق أحدهم بصريح الطلاق بالعربية ولم يفهم معناه لم يقع به شيء قطعاً.(1/368)


وقد دل حديث كعب بن مالك على أن الطلاق لايقع بهذا اللفظ وأمثاله إلا بالنية وأشار بذلك إلى قوله: ((إلحقي بأهلك )) . قال: والصواب أن ذلك جار في سائر الألفاظ صريحها وكنايتها حتى قال: وتقسيم الألفاظ إلى صريح وكناية وإن كان تقسيماً صحيحاً في أصل الوضع لكن تختلف باختلاف الأشخاص والأزمنة والأمكنة، فليس حكماً ثابتاً للفظ ذاته فرب لفظ صريح عند قوم كناية عند آخرين.. إلى آخره.
إذا عرفت ذلك فهذا اللفظ الذي ذكره السائل وهو قول: اعتبري نفسك مطلقة. بحسب الظاهر أمرٌ لها باعتبار نفسها كذلك، واعتبار نفسها مطلقة ليس بصريح طلاق وإنما هو بمعنى افرضي أو قدري أو احسبي أو اجعلي، وغاية مافيه أنه يحتمل أن يقصد بذلك إيقاع الطلاق أو الإقرار به وإن لم يكن موضوعاً له، وقد أقسم السائل بالله أنه لم ينو طلاقاً. ولم يزد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على تحليف ركانة في خبره المعروف في الطلاق، ولايعرف قصده ونيته إلا من جهته، وبناء على ماقرره السائل وعَبَّر به عن قصده وأكده باليمين فلم يقع بذلك طلاق فالمرأة باقية في عقد نكاحه لايجوز لها الامتناع منه ولايجوز لأحد أن يمنعها منه، هذا هو الذي يقضي به الشرع الشريف، ولم نبحث عن السنة والبدعة في هذا لعدم لزومه هنا حيث لم يتقرر وقوع شيء. والله تعالى ولي التوفيق.
حرر 29/2/1388هـ
المفتقر إلى الله تعالى مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي وفقه الله تعالى.(1/369)


الجواب على مسألة العملة الورقية
بسم اللّه الرحمن الرحيم
وصلى اللّه على محمد الأمين وعلى آله الطاهرين، ورد إلينا سؤال حاصله: هل تجب الزكاة في العملة الورقية؟. والجواب والله الهادي إلى الصواب:
أن العملة الورقية إن كان المقصود بها عند التملك لها التجارة فلا إشكال في وجوب الزكاة فيها كسائر أموال التجارة، وإن لم يكن المقصود بها إلا القنية للحاجة إن عرضت كالتزويج والنفقة وغير ذلك فهذا محط النظر. والمختار أنها إن لم يقصد بها التجارة عند التملك لها بالاختيار فلاتجب فيها الزكاة كسائر العروض من البنادق والسيوف والأسلحة والسيارات الثمينة والدور والرقيق وغير ذلك مما عفا عنه الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم. وقد بلغ عن بعض العلماء إيجاب الزكاة فيها تحرياً وتشدداً في الإيجاب على الناس وهو عكس التحري الواجب، قال اللّه تعالى: ((يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ)) والرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول: ((يسروا ولاتعسروا))، وقال أمير المؤمنين عليه السلام: :"لأن أخطيء في العفو أحب إلي من أن أخطيء في العقوبة".(1/370)

74 / 83
ع
En
A+
A-