[التعليق على قوله: لعل السامع أخطأ في شرح حديث: كنت أنا ورسول الله نرعى عنما]
وقال مولانا العلامة نجم العترة المطهرة الحسن بن الحسين الحوثي رضي الله عنهما: على قوله: لعل السامع أخطأ في شرح حديث: كنت أنا ورسول الله نرعى غنماً.. الخ في صفحة (150) في الطبعة الحديثة وفي القديمة صفحة (240).
هذا تحريف، فإذاً لايوثق بخبر لجواز أنه لايضبط الراوي، فكيف وقد روي في طريق أخرى فرواه النسائي عن عبدالله الهذلي عن علي بلفظ: عبدالله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة بسبع سنين. تمت من خصائصه، ورواه محمد سليمان الكوفي بلفظ: ((سبع أو خمس..)) عن سلمة بن كهيل، ورواه أبو جعفر الإسكافي عن زاذان عن علي، ورواه عن عباد بن عبدالله الأسدي عن علي، ورواه الطبري في تاريخه عن عبدالله بن عبدالله عن علي، وروى نحوه الحاكم الحسكاني عن أبي رافع بزيادة: وأشهراً. وروى أيضاً عن علي: ((لقد مكثت الملائكة سبع سنين مايستغفرون إلا لرسول الله ولي، وفينا نزلت هاتان الآيتان: ((الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ.. إلى قوله: الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)) . هل يحمل مثل هؤلاء على عدم الضبط أم يحمل الذهبي على توغله في النصب مع أنه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لقد صلت الملائكة علي وعلى علي سبع سنين، وذلك أنه لم يصل فيها أحد غيري وغيره )) رواه الإمام أبو طالب عليه السلام والناصر للحق ومحمد بن سليمان الكوفي وابن المغازلي والكنجي عن أبي أيوب كلهم يروونه عنه، وكذا رواه أبو جعفر الإسكافي عن أبي أيوب والصفار، ورواه الحاكم أبو القاسم عن أبي ذر، ورواه أيضاً عن أنس، وروى ابن المغازلي نحوه عن أنس. وبهذا يعرف أنما ضعفه القوم فهو بمظنة الصحة، وإنما ينشأ منهم مثل هذا لبغاضة العترة الطاهرة. لكنا نستدل به على نفاقهم وخذلانهم، فكيف يجوز الوثوق بقدحهم أو بما صححوه مما يجر إلى بدعتهم وأهوائهم؟! والله المستعان.
وأما قول الشارح: قبل البلوغ.(1/341)


وصححه الذهبي فقد خَصَم صلى الله عليه وآله وسلم الذهبي فإنه (ص) قال: ((ياعلي تخصم الناس بسبع أنت أول الناس إيماناً.. الخ )) فكيف يخصمهم بما لااعتداد به؟ وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((أولكم إسلاماً علي.. الخ )) وهو أفضل السابقين، ومثل هذا لايحتاج إلى الأدلة، وليس العجب إلا من ولوع الشارح بذكر الذهبي وهو أهون من أن يذكر هو. وقوله: وتأتي رواية الحديث عن عباد بن عبدالله عن علي أنه قال: "أنا عبدالله وأخو رسوله، وأنا الصديق الأكبر لايقولها بعدي إلا كذاب مفتر، ولقد صليت قبل الناس بسبع سنين " أخرجه ابن أبي شيبة وابن أبي عاصم والنسائي والحاكم والعقيلي وأبو نعيم (مساكم الله بالنعيم)، وروى أبو علي الحسن بن علي الصفار عن عباد عن عبدالله عن علي قال: "لقد صليت قبل الناس سبع سنين" انتهى من كتاب الأربعين له في الفضائل.
وروى صاحب المحيط بالإمامة عن شيخه أبي طالب ورفعه إلى علي قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبع سنين ما يصلي معه أحد غيري وغير خديجة". وعلى قوله: ((ووارث علمه..)) الخ صفحة (351) أخرجه النسائي وأبو علي الصفار كلاهما عن ابن عباس بلفظ: ((ووارثه)) فإن كان لفظ: ((ووارث علمه)) كما أشار إليه في التفريج حيث قال: (( ووارث علمه )) من رواية الحاكم فتأمل في السر في اختيارها هنا.(1/342)


[التعليق على قوله: عليكم بسنة الخلفاء]
وقال مولانا العلامة الحافظ شيخ العترة الحسن بن الحسين الحوثي رضي الله عنهما ونفع بعلومهما على قول المؤلف: عليكم بسنة الخلفاء. في صفح (358) في الحديثة وفي القديمة (246):
قد ثبت بالأدلة المعلومة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرشدنا إلى أن آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم طريق النجاة والأمان من الضلال كأحاديث الثقلين المتواترة: ((إني تارك فيكم.. الخ )) ، ((إني مخلف فيكم..الخ )) ((أهل بيتي كسفينة نوح )) ، ((أهل بيتي كالنجوم )) وغير ذلك، وكذا ماورد في علي عليه السلام بخصوصه مثل حديث أنس: ((ألا أدلكم على ماإن تمسكتم به لن تضلوا. قالوا: بلى. قال: هذا علي بن أبي طالب فأحبوه لحبي..)) الخ. وحديث زيد بن الأرقم: ((من أحب أن يتمسك بالقضيب الذي غرسه الله فليتول علي بن أبي طالب، فإنه لن يخرجكم عن هدى ولن يدخلكم في ضلاله)). وفي رواية عنه قال: قال رسول الله: ((ألا أدلكم على ما إن تمسكتم به لن تضلوا؟ قالوا: بلى. قال: الله وليكم وعلي إمامكم )). وكذا حديث عمار: ((إذا سلك الناس وادياً إلى قوله: فعليك بوادي علي، وخل عن الناس ياعمار، إن علياً لن يدلك على ردى، ولن يخرجك عن هدى)) . وحديث حذيفة: ((لو سلك الناس جانباً وعلي جانباً لكان علي مع الحق )) إلخ. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((علي مع الحق والقرآن )) . إلخ. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أنا المنذر وعلي الهادي بك ياعلي يهتدي المهتدون)) . ومالايمكن حصره مما أفاد العلم، فما معنى عليكم بسنة الخلفاء، هل يراد من تقدم علياً فيعارض القواطع بآحادي، كيف وقد صحح الترمذي الحديث في من علم نفاقه وهو معاوية: ((اللهم اجعله هاديا مهديا))؟؟(1/343)


ثم كيف يأمر بما يغضب ابنته صلى اللّه عليه وآله وسلم فيغضب الله ويأمر بظلم أخيه ووصيه ووليه وخليفته ووزيره ووارثه ونفسه فتنتزعه سلطانه وتأخذ حقه وتتولى عليه وهو ولينا ومولانا وسيدنا وأميرنا ويعسوبنا وإمامنا _أعني المسلمين_، أيأمرنا ويغوينا بسنة مَنْ غَيَّر واستأثر ونفى أبا ذر؟! سبحان الله كنا نرى أن من مال وانحرف يكتفي بأن يحمل حالهم ويتمعذر لهم بما يكون الوقف هو الأولى، فإذا قد غلا
وتجاوز إلى أن يأتي بخبر يغرينا بأن نستن بسنتهم، فإنالله وإنا إليه راجعون، وإن تأولناه بأن المراد الخلفاء شرعاً وهم علي وآله سارع مولى الخبر إلى رمينا بالتعسف، لكنا نقول: ياهذا إن قبلت هذا التأويل منا انقطع النزاع، وإن أبيت قذفنا بحديثك هذا إلى وادي السباع، يرعى مع الحمير، ونتبعه بحديث عبدالملك بن عمير.
قال أبو الحسين أيده اللّه تعالى: حديث عبدالملك بن عمير هو: ((أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم )) . وقد أوضح الحفاظ بطلانه، واستوفى الكلام في ذلك السيد محمد بن إبراهيم الوزير، والسيد الإمام الحسين بن القاسم في شرح الغاية وفي حواشي كافل ابن لقمان. والله تعالى ولي التوفيق.
[الجواب على تعليله سبب انتشار فضائل الوصي]
وقال مولانا العلامة الحافظ شيخ الإسلام مجد الدين بن محمد المؤيدي أيده اللّه تعالى: قوله: وكان السبب في ذلك أنه تأخر.. الخ صفحة (367) في الحديثة وفي القديمة (252):
انظر إلى هذا التمحل الباطل لتعليل انتشار فضائل إمام الأبرار بماهو خلاف الحقيقة والواقع، فالمعلوم أن الدولتين الأموية والعباسية قامتا بإبلاغ كل الجهد في كتم فضائل الوصي وطمس مناقبه، وساعدهم المؤلفون رغبة ورهبة حتى كانوا لايستطيعون أن يذكروه باسمه، وأن هذا الكلام المتكلف والتأول المتعسف من آثار ذلك، ولكن بحمدالله خرج من بين الكاتمين ماملأ الخافقين، ويأبى الله إلا أن يتم نوره. والله تعالى ولي التوفيق.(1/344)


[التعليق على قوله: لا يخرج على قول أهل السنة والجماعة أصلا]
وقال أبو الحسين مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده اللّه تعالى: قوله: لايخرج على قول أهل السنة والجماعة أصلا. في الصفح المذكور (367).
يقال: سنة مَنْ وجماعة مَنْ، ياخيبة الداعي إلامَ دعى! لما قطع عمر بن عبدالعزيز رحمه الله سنَّةَ معاوية قال له عمرو بن شعيب: السنة السنة. فقال له: قبحك الله بل البدعة. هذا هو الأصل في التسمية وإن لم يقصده المتأخرون، ولما صالح الحسن السبط معاوية سموا ذلك العام عام الجماعة، وعلى هذا الأساس المنهار سموا أنفسهم أهل السنة والجماعة، أما سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وجماعة الحق فهي مشتركة الدعوى بين فرق الأمة وأهل بيت النبوة الذين شهدت لهم آي التطهير والمودة والمباهلة وأخبار الكساء والثقلين والسفينة، أولى بذلك قطعاً. وبالله عليك أيها الناظر المنصف المتدبر انظر كيف يدافعون وجوه النصوص النبوية بل والآيات القرآنية ويعطفونها على قول أهل السنة والجماعة بزعمهم بمجرد الهوى والعصبية، فالمعنى فإنها وإن بلغت أي مبلغ أو دلت أي دلالة، أو أقر أئمتهم وقدوتهم في الحديث: أنه لم يرد في حق أحد ماورد في الوصي أمير المؤمنين عليه السلام. فلايتصور أو يقدر أن يخالف قول أهل السنة والجماعة كأنهم يحاشون الكتاب والسنة عن أن تخرج عما أصلوه وأسسوه على طبق سنتهم وجماعتهم، وكل ذلك مما لم يقم عليه برهان ولا أنزل الله به من سلطان، وليس في أيديهم أي دلالة لامن كتاب ولاسنة على هذا الترتيب والتأسيس في الفضل الذي هو بيد الله يؤتيه من يشاء، وإنما صنعوه من عند أنفسهم وجعلوه من أصول الدين والشريعة يضللون من خالفهم فيه ويعدونه من أهل البدع مع أن الصحابة لم يدعوا ذلك لأنفسهم، وأول من ادعى الترتيب في الفضل على حسب الترتيب في الخلافة هو معاوية، وقد أجاب عليه أمير المؤمنين بما هو معروف، أما الصحابة فلم يدعوا ذلك وحاشاهم، وقد كانوا ولاسيما عمر يقرون بتفضيل علي وسبقه وعلمه وجهاده وقرابته ومما اشتهر: ((لولا علي لهلك عمر )) .(1/345)

69 / 83
ع
En
A+
A-