((وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ..)) الآية، ((لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (78)كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ)) الآية، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه..)) الخبر. وكيف يغير على من تجب طاعته، وفي الخبر: ((سيكون عليكم أمراء من بعدي يأمرونكم بماتعرفون ويعملون بما تنكرون، فليس أولئك عليكم بأئمة)) أخرجه الطبراني عن عبادة بن الصامت، وفي آخر: ((سيكون أمراء تعرفون وتنكرون فمن نابذهم نجا ومن اعتزلهم سلم ومن خالطهم هلك)). أخرجه ابن أبي شيبة والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفي آخر: ((استقيموا لقريش ما استقاموا لكم فإن لم يستقيموا لكم فضعوا سيوفكم على عواتقكم وأبيدوا خضراءهم)) أخرجه في الجامع الكافي عن طريق محمد بن منصور وأحمد بن حنبل والخطيب عن ثوبان والطبراني عن نعمان بن بشير وحسنه السيوطي.
وفي آخر: ((الأئمة من قريش ما إذا حكموا عدلوا، وإذا قسموا أقسطوا، وإذا استرحموا رحموا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)) أخرجه محمد بن منصور في الجامع الكافي ورواه أحمد بن حنبل بزيادة: ((لايقبل منهم صرف ولاعدل )) . قال المنذري: ورواته ثقات.
وفي آخر: ((الأئمة من قريش إن لي عليكم حقاً ولهم عليكم حقاً مثل ذلك ما إن استرحموا رحموا، وإن عاهدوا وفوا، وإن حكموا عدلوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)) أخرجه أحمد عن أنس، وقد سبقت. وفي معناها أخبار كثيرة.
وفي آخر: ((فلاطاعة لمن عصى الله عز وجل)) أخرجه الطبراني والحاكم عن عبادة بن الصامت.(1/331)


وفي آخر: ((لاطاعة لمن لم يطع الله)) أخرجه أحمد عن أنس.
وفي آخر: ((لتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً)) الخبر أخرجه الناصر الأطروش وغيره.وفي الكتاب والسنة الكثير من هذا لو لم يكن إلا قوله تعالى: ((احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ)) وهم أعوانهم، وأي إعانة أكبر من الطاعة، فكيف يرفض هذا كله أو يرد أو يقيد لأجل خبر أو خبرين أو نحو ذلك يقضي ببطلانها العقل والنقل والمعلوم والواقع؟ أنها لفقت مساعدة للظلمة ومصانعة لدول الفساد.
فإن قيل: إنه قد رواها أهل الصحاح.
قلت: أو كلما في كتب الصحاح معلوم الصحة يعارض به الكتاب ومالايحصى كثرة في السنة، أو ليس قد ترك العمل بأخبار كثيرة في الصحاح، ونص أئمة النقل من أهل السنة وغيرهم على ضعف بل ووضع بعض الأخبار في البخاري ومسلم كما ذلك معلوم لمن له أدنى اطلاع، وقد انتقد الدار قطني وغيره على نحو مائتي خبر في البخاري، ونص ابن حزم على بطلان خبرين في البخاري ومسلم، وهذا المحل لايسع البسط وقد أوضحنا ذلك في لوامع الأنوار، وكفى بقول أمير المؤمنين وسيد المسلمين وغيره من أئمة الدين: ((أطيعوني ما أطعت الله)) فتدبر أيها الناظر، والله تعالى ولي التوفيق.(1/332)


[التعليق على بيعة أبي بكر]
وقال مولانا شيخ الإسلام العلامة مجد الدين بن محمد المؤيدي أيده الله على قول المؤلف: والمراد اجتماع أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار وإلا لما تمت بيعة أبي بكر مع تأخر علي عليه السلام صفح (7) في الطبعة الجديدة وفي القديمة (32):
قلت: ياسبحان الله ومن أين تمت بيعة أبي بكر وماهو الدليل على ذلك بأي كتاب أم بأية سنة، كيف تتم بيعة تخلف عنها من هو مع الحق والقرآن والحق والقرآن معه، من هو مولى المؤمنين بنص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الغدير، ووليهم بآية المائدة من هو من محمد بمنزلة هارون من موسى عليهم الصلاة والسلام من لاتحصى فضائله ولاتحصر مناقبه، ولو لم يكن نص لقدمه الفضل، وتخلف معه أيضاً الحسنان سبطا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وريحانتاه وسيدا شباب أهل الجنة وعم رسول الله (ص) وبقية آبائه العباس وأولاده منهم حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن العباس وجميع بني هاشم، هذا بإجماع الأمة ورواية أهل الصحاح منهم البخاري، وتخلف معهم أيضاً سادات السابقين من المهاجرين والأنصار منهم عمار بن ياسر المشهود له بالجنة وسلمان الفارسي الذي هو من أهل البيت وأبو ذر والمقداد المشهود لهم باشتياق الجنة إليهم والزبير بن العوام وسعد بن عبادة وولده ومن معهم من الأنصار.
وكيف تصح البيعة وقد أجمع أهل بيت النبوة أولهم وآخرهم وسابقهم ولاحقهم على عدم صحتها وإنما اختلفوا في التأويل للمشايخ الثلاثة، أما أنها صحت البيعة وتمت الإمامة فلم يقل بذلك أحد منهم وعلى قود قول المؤلف: إنها تمت البيعة. فكان يجوز قتال المتخلفين المذكورين وعلى رأسهم أمير المؤمنين وأخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته وسادات المهاجرين والأنصار الذين تخلفوا، سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم، وكيف وعمر نفسه وهو رأس العاقدين لتلك البيعة يقول على المنبر: كانت بيعة أبي بكر فلتة.. الخ. برواية البخاري وغيره. ويقول أيضاً: فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه وقد نظمت في ذلك الأشعار كما قال:
فبيعة هذا أحكم الله عقدها …وبيعة هذا فلتة قال صاحبه
فهم يقرون أنها كانت فلتة ويحكمون على من عاد إلى مثلها بالقتل.(1/333)


ونقول: نحن بل إنها تمت وانعقدت بإجماع جل أهل الحل والعقد ولا اعتبار بمن تخلف عنها، ونستدل بها على صحة ماوقع على مثلها، إن هذا لأعجب العجب، وإنه لمخالف حتى للعاقدين أنفسهم.
وأما قول أمير المؤمنين عليه السلام: إنه قد بايعني القوم.. الخ. فإنما هو احتجاج على معاوية وإلزام للخصم بما يلتزمه وقوله: وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار إلى آخره صحيح أنهم متى أجمعوا.. الخ. ولم يقل أنهم اجتمعوا على إمامة أبي بكر وعمر وكيف يقول ذلك أو يقصده وهو أول المخالفين، وإنما كلامه عليه السلام على الأسلوب الحكيم في استدراج الخصم وإلزامه بما يلتزمه وما يعقلها إلا العالمون، ثم يقال: إن كانت البيعة قد تمت فلماذا لم يزل أبو بكر وعمر يتابعان أمير المؤمنين عليه السلام والمتخلفين معه في البيعة حتى طلب مصالحته بعد ستة أشهر كما روى ذلك البخاري وغيره، لماذا هذه المتابعة لمن لا اعتبار به ولايعتد بخلافه، لقد كان أهون للمؤلف أن يدعي كما ادعى المحاولون لتصحيح بيعة أبي بكر أنها تمت بعد البيعة المدعاة منه عليه السلام، ولم يتجاسروا على القول أنها تمت مع تأخر علي عليه السلام، وأنه لايضر خلافه ويجاب بعد هذا بما أجاب به العترة أن هذه البيعة المدعاة غير صحيحة، وإنما هي مصالحة ومسالمة كما رواها أهل الصحاح، وكيف وهو والحسنان وسائر أهل البيت عليهم السلام لم يزالوا يصرحون بعدم ذلك ولكنه عليه السلام رأى أن صلاح الإسلام والمسلمين في ترك النزاع مع استقامة سيرة الشيخين كما قال عليه السلام: (( لأسلمن ماسلمت أمور المسلمين ولم يكن الجور إلا علي خاصة )) أو كما قال، وإلى الله ترجع الأمور.(1/334)


[التعليق على قوله: وفي هذا الحديث دلالة واضحة أن زيد بن ثابت أعلم الصحابة بالفرائض]
وقال مولانا العلامة نجم العترة المطهرة الحسن بن الحسين الحوثي رضي الله عنهما على قول المؤلف: وفي هذا الحديث دلالة واضحة أن زيد بن ثابت أعلم الصحابة بالفرائض صفحة (40) في الطبعة الحديثة وفي القديمة صفحة (26)
قد ثبت بالأدلة المتواترة من أحاديث الثقلين وغيرها أن العترة هداة الأمة والأمان من الضلال، ومن المعلوم أن علياً رأس العترة والملحوظ الأعظم، وقد ورد فيه بخصوصه مايعلم به كونه الحجة مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيه: (( فإنه لن يخرجكم عن هدى.. )) الخ من حديث زيد بن أرقم الذي أخرجه الحاكم والكنجي والطبراني وأبو نعيم ومحمد بن سليمان الكوفي، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمار في علي: ((إنه لن يدلك على ردى ولن يخرجك عن هدى)). رواه الديلمي والطبراني والحاكم والإمام عبدالله بن حمزة عليهما السلام ورواه الديلمي أيضاً عن أبي أيوب، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((علي مع الحق والحق مع علي )). رواه في المحيط بإسناده إلى أبن ابي اليسر عن عائشة ورواه ابن المغازلي بسنده إلى ابن أبي سعيد، ورواه أيضاً من حديث المناشدة عن علي عليه السلام ورواه أبو طالب عن أم سلمة بلفظ: ((علي مع الحق والقرآن والحق والقرآن مع علي )) وأخرجه الحاكم والطبراني ومالك في الموطأ بلفظ: ((علي مع القرآن والقرآن مع علي )) عن أم سلمة كما أخرجه وزاد فيه: ((ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض )) ذكره في المحيط.(1/335)

67 / 83
ع
En
A+
A-