أو لأنها لم تكن قد وضعت أو أنهم عرفوا وضعها فلم يلتفتوا إليها، كما قد شكا الباقر من أنها: وضعت أحاديث لم تكن ولم تخلق، وكما قال ابن نفطويه: وضعت أحاديث مراغمة لبني هاشم. وكما قال المدائني: أمر معاوية بوضع أحاديث معارضة لما روي في علي وذويه. فلعل هذا من ذاك، ومن منع من الخروج يحوم إلى القول بوجوب طاعة الظالم وأن ولايته ثابتة من الله ورسوله، وماذكر هنا فإنما هو ملاحظة لشروط وجوب الخروج أو جوازه، وفرق بين قولنا: لايجب الخروج أو لايجوز الخروج مع عدم تكامل الشروط، وبين قولنا: تجب طاعة الظالم. وكيف يكون فقدان شروط وجوب الأخذ على يده والخروج عليه يقتضي وجوب طاعته، وقد قال علي عليه السلام: ((أطيعوني ماأطعت الله، فإذا عصيته فلاطاعة لي عليكم)) رواه كثير من المحدثين.(1/326)
فالذي يقع به الإشراق وجمع شمل الأحاديث هو الجمع بقول علي الآتي في هذه الورقة: حق على الإمام .. إلخ. فهو المطابق للقرآن ((لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) ولأنه قال صلى الله عليه وآله وسلم في علي: ((هو المبين ما أرسلت به لأمتي)). رواه الديلمي، وقال: ((وتبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي)). رواه أبو نعيم والكنجي ومحمد بن سليمان الكوفي وعلي بن الحسين في المحيط وغيرهم، وقد علقنا بعض أدلة على كون قول علي حجة على الحديث الآتي للشارح أوله: ((أرأف أمتي بأمتي أبو بكر..)) الخ. وماذكر في الجمع لايصح معه إطلاق القول بوجوب طاعة الظالم إنما يكون عذراً في عدم وجوب نهيهم وجهادهم.وقد قال علي كرم الله وجهه: ((فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم )) وهو مع الحق، ويأتي إقرار الشارح بتواتر الآثار معنى أن علياً لايزيغ عن الحق ولايفارقه في باب الجد في صفح (81) وفي الطبعة القديمة في صفح (55): وبهذا لايتم في هذه المباحث شيء مع مخالفة قول علي عليه السلام.إلى قوله: وقال أبو بكر في خطبة له ورواه الواقدي: (( فإذا عصيت فلاطاعة لي عليكم )) ورواه الزبير بن بكار. انتهى.
[التعليق على قوله: هي في جميع قريش]
وقال مولانا العلامة شيخ الإسلام مجد الدين بن محمد المؤيدي أيده الله على قول المؤلف فقال: هي في جميع قريش في آخر صفح (17) وفي القديمة صفح (11).
اعلم أيها المطلع أن لفظ: جميع. زيادة موضوعة لاشك في ذلك ولاشبهة فهي غير موجودة في شيء من نسخ المجموع القديمة والحديثة الخطية والمطبوعة، ولافي شيء من شروح المجموع كالمنهاج الجلي شرح مجموع الإمام زيد بن علي للإمام المهدي محمد بن المطهر بن يحيى عليهم السلام، ولاهي مروية في أي كتاب من كتب الحديث، لاكتب أهل البيت ولاكتب غيرهم، ومع هذا فهي مخالفة لما عليه آل محمد جميعاً.(1/327)
وقد روجع المؤلف فيها أيام وصوله إلى صعدة، فغاية ما أفاد أنه وجدها في نسخة قديمة وكتب ذلك بقلمه في نسخته التي صارت إليَّ بحمد الله بالشراء من القاضي أحمد الواسعي وصارت إلى والده بالشراء من المؤلف.
ومثل هذه الوجادة مردودة لا أصل لها، وقد تكلم الناس وخاضوا في مسألة الإمامة ولم يذكرها متكلم أصلا، ولقد كانت أعظم حجة على أهل البيت لو كان لها أصل، يعلم ذلك.
زاد مولانا العلامة الحجة مجد الدين في حاشية أخرى بل هي موضوعة مصادمة للأدلة المعلومة التي فيها إجماع العترة النبوية عليهم السلام ولاتوجد في نسخة من نسخ المجموع الشريف.. الخ. إلى أن قال: ولو ظفر المعارضون لأهل البيت صلوات اللّه عليهم لكان لهم أعظم حجة ولقد تتبع فقيه الخارقة المجموع الشريف حرفاً حرفاً ليصحح دعواه على الإمام الأعظم المنصور بالله عبد اللّه بن حمزة رضي اللّه عنه وعلى جماعة الزيدية مخالفتهم للإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين سلام اللّه عليهم ورضوانه فلم يذكر هذه النسخة التي كان له أقوى دليل.. الخ.
وكل من شرح المجموع لم يذكرها كالمهدي محمد بن المطهر. إلى أن قال: فحكم هذه النسخة حكم الزيادة في سائر الكتب المعلومة المتلقاة بالقبول ومعلوم أن زيادة كهذه لاتقبل.(1/328)
قلت: والأمثال لها حكمها يقال آفة الكذب المواجهة. فإن مولانا العلامة مجد الدين بن محمد حفظه اللّه لما لاقى المؤلف بجامع صعدة المقدس وألزمه الخروج فيما لا أصل له وهي لفظة: جميع. أجابه أنها في بعض النسخ فألجأه مرة أخرى أن يعين النسخة ومن الكاتب ومن الراوي فانقطع المؤلف وأحصر، وبهذا فلتثق أيها المطلع أن لفظة: جميع. من بعض الوفاق الذي يقال فيه: في بعض الوفاق نفاق.
تنبيه لك: اطلع على نهج البلاغة مايقول علي عليه السلام في هذا الشأن في هذا البطن من هاشم مشيراً إلى الحسنين، فانظر وطالع وتدبر إنا لله وإنا إليه راجعون. كتبه متطفلاً بعد البحرين شرف الدين وضياء الملة رحمه اللّه الحسن وأبقى لنا مجدنا ببقاء مولانا مجد الدين بن محمد المؤيدي حفظه اللّه تعالى إسماعيل بن أحمد بن المؤيد محمد بن المتوكل على اللّه إسماعيل الملقب المختفي.
وروى علي بن الحسين صاحب المحيط بالإمامة بإسناده قال: دخل نفر من الكوفة على زيد بن علي وساق إلى قوله: فقال ـ يعني زيد بن علي عليهما السلام ـ إنه مامن قرن ينشأ إلا بعث الله عز وجل منا رجلا أو خرج منا رجل حجة على ذلك القرن علمه من علم وجهله من جهل. وروى أبو جعفر الطبري في تاريخه وابن الأثير عن زيد بن علي أنه قال للذين رفضوه وقد قالوا له: ماتقول في أبي بكر وعمر؟: إن أشد ما أقول فيمن ذكرتم أنا كنا أحق بسلطان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممن ذكرتم ومن الناس أجمعين فدفعونا عنه ولم يبلغ ذلك بهم كفرا، فهذه رواية العامة كما أفاد ذلك المولى الحسن بن الحسين الحوثي أيده الله، فكيف يعدل عن هذا الشارح ولا يتنبه لذلك، والله المستعان. انتهى .(1/329)
[التعليق على قوله: لكنه إذا تغلّب وجبت طاعته]
قال مولانا الحافظ العلامة الحجة مجد الدين بن محمد المؤيدي أيده الله آمين على قول المؤلف: لكنه إذا تغلب وجبت طاعته من صفح (33) في الطبعة الحديثة وفي القديمة (14)
كلا ولا كرامة ((لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) وأي عهد أعظم من أن يوجب الله طاعته ((وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا)) ومتى كان ظالماً فقد لعنه الله في كتابه العزيز، فكيف يكون مهاناً ملعوناً وهو أشد الطرد؟ واجبة طاعته هذا تناقض وخلف من القول، وأين آيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المملوء بها القرآن الكريم.(1/330)