مع الشوكاني في العقد الثمين في وصاية أمير المؤمنين
وفي صفح (5) من العقد الثمين في وصاية أمير المؤمنين للشوكاني قوله: وأنت تعلم أن قوله: أوصى بكتاب الله تعالى لا يتم معه قوله: (لا) في أول الحديث.
قلت: يقال: قد سبق إلى إيراد هذه المناقضة في كلام ابن أبي أوفى الإمام الأعظم المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليهما السلام في الشافي، ورد عليه بالرد الوافي وأفاد أنه كان من المنحرفين عن أمير المؤمنين عليه السلام، وأما عائشة فالأمر فيها أوضح من أن يخفى، والحجج على إثبات الوصية لأمير المؤمنين وسيد الوصيين وأخي سيد النبيين صلوات الله عليهم أجمعين أكثر من أن تحصى.
وفي تعب من يحسد الشمسَ ضوءها ويجهد أن يأتي لها بضريب
وفي صفح (7) من العقد: نعم قد أراد صلى الله عليه وآله وسلم أن يكتب لأمته مكتوباً عند موته.. إلى قوله: وحيل بينه وبين ماهنالك.
قلت: يقال: الله حسب من حال بينه وبين ذلك.(1/306)
مع الشوكاني في فتح القدير
تأليف
الإمام الحجة مجد الدين المؤيدي أيده الله تعالى
مع الشوكاني في فتح القدير
حول الخروج من النار
في الجزء الثاني في سياق تفسير قوله تعالى: ((يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ)) [المائدة:37]، صفحة 39 من قول الشوكاني: ويالله العجب من رجلٍ لايفرق بين أصح الصحيح وأكذب الكذب. بل نقول: يالله العجب منك أيها الرجل حيث لاتفرق بين ماثبت بنصوص كتاب الله سبحانه وتواتر من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين ماروته ولفقته الحشوية، وهل بعد ماورد في كتاب الله العزيز بالنص الصريح في قاتل المؤمن عمداً بالخلود في النار تصريح والقتل لايوجب الكفر بالله سبحانه، فإن حمله على الكافر الخارج عن الملة فهو تحريف وإخراج للوعيد على القتل، وكذا الزاني توعده الله بالخلود مع المشرك والقاتل قال تعالى: ((وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا)) [الفرقان:68-69] ولو كان المراد بالزاني الكافر، لكان ذكر الزنا والقتل لامعنى له لأن الوعيد على الكفر، ولكان بمثابة من قال: من أشرك بالله وشرب الماء أو عصى معصية صغيرة فهو خالد في النار.(1/307)
وعلى الجملة فالقول بالخروج من النار هو مذهب اليهود الذين رد الله عليهم في كتابه حيث قالوا: ((وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {80} بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) [البقره:80-81] وقال تعالى: ((لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا)) [النساء:123] ولايضر أئمة العلم تهجم المؤلف وأمثاله عليهم.
مايضر اليم بحراً زاخراً… أن رمى فيه سفيهٌ بحجر
ماضر تغلب وائل أهجوتها… أم بلت حيث تناطح البحران
والأدلة مستوفاة في محلها، والله تعالى ولي التوفيق.
آية الولاية
حاشية على تفسير قوله تعالى: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ))، الآية 55 المائدة/ في فتح القدير الجزء الثاني ص 51 من السطر 26 من قوله: ويدفعه عدم جواز إخراج الزكاة في تلك الحال.
أقول: بل يصححه الواقع، وهو أنه تصدق بخاتمه وهو راكع حيث أشار بيده إلى السائل فأخذه كما ثبت في الروايات المتواترة، وليست بكيل ولاوزن حتى لايصح في الصلاة كما توصل إليه الشوكاني ليرد الحقيقة الواقعة لما في القلب من الزيغ والخذلان الواضح، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وقد أتى في آخر البحث ببعض الروايات في نزول الآية في أمير المؤمنين عليه السلام.
حول رؤية الله تعالى
حاشية في فتح القدير الجزء الخامس في سورة القيامة تفسير قوله تعالى: ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)) صفحة 240 سطر 21 من قوله: ولم يتمسك من نفاها واستبعدها بشيء يصلح للتمسك به لامن كتاب الله ولامن سنة رسوله.(1/308)
أقول: أليس قوله تعالى: ((لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ)) من كتاب الله سبحانه، وقوله تعالى: ((لَن تَرَانِي)) من كتاب الله تعالى، وتعليق رؤيته تعالى بالمحال وهو استقرار الجبل حال تدكدكه، وقوله تعالى رداً على اليهود الذين سألوا موسى الرؤية البصرية كما هو مذهب الحشوية: ((فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ))، أليس هذا من كتاب الله عز وجل؟ إنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور، وقد استوفينا البحث في لوامع الأنوار وغيره.(1/309)
ومن أعجب العجب ماذكره الرازي في الاستدلال على جواز الرؤية، وقد رأيت أن أنقل هنا كلامه والجواب عليه من كتاب الحق الدامغ حيث قال: وأما الفخر الرازي فقد قال: (( لو لم يكن تعالى جائز الرؤية لما حصل التمدح بقوله: ((لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ)) ألا ترى أن المعدوم لاتصح رؤيته والعلوم والقدرة والإرادة والروائح والطعوم لايصح رؤية شيء منها، ولامدح لشيء منها في كونها بحيث لاتصح رؤيتها، فثبت أن قوله: ((لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ)) يفيد المدح، وثبت أن ذلك إنما يفيد المدح لو كان صحيح الرؤية، وهذا يدل على أن قوله تعالى: ((لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ)) يفيد كونه تعالى جائز الرؤية، وتمام التحقيق فيه أن الشيء إذا كان في نفسه بحيث يمتنع رؤيته فحينئذ لايلزم من عدم رؤيته مدح وتعظيم للشيء، أما إذا كان في نفسه جائز الرؤية ثم إنه قدر على حجب الأبصار عن رؤيته وعن إدراكه كانت هذه القدرة الكاملة دالة على المدح والعظمة، فثبت أن هذه الآية دالة على أنه تعالى جائز الرؤية بحسب ذاته. وإذا ثبت هذا وجب القطع بأن المؤمنين يرونه يوم القيامة، والدليل عليه أن القائل قائلان، قائل قال: بجواز الرؤية مع أن المؤمنين يرونه، وقائل قال: لايرونه ولاتجوز رؤيته، فأما القول بأنه تعالى تجوز رؤيته مع أنه لايراه أحد من المؤمنين فهو قول لم يقل به أحد من الأمة فكان باطلا، فثبت بما ذكرنا أن هذه الآية تدل على أنه تعالى جائز الرؤية في ذاته، وثبت أنه متى كان الأمر كذلك وجب القطع بأن المؤمنين يرونه، فثبت بما ذكرنا دلالة هذه الآية على حصول الرؤية، وهذا استدلال لطيف من هذه الآية )).(1/310)