[الكلام على صحة حديث ((لا يؤمنكم ذو جرأة في دينه))]
وقوله في سبل السلام الجزء الثاني في صفح (19) ـ وهي أحاديث كثيرة دالة على صحة الصلاة خلف كل بار وفاجر إلا أنها كلها ضعيفة ـ: وقد عارضها حديث: ((لايؤمنكم ذو جرأة في دينه )) ونحوه وهي أيضاً ضعيفة.
قلت: يقال: أما حديث: ((لايؤمنكم ذو جرأة في دينه)) فقد رواه شيخ الإسلام محمد بن منصور المرادي عن السيد الإمام أبي الطاهر العلوي أحمد بن عيسى بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأخرجه الإمام المؤيد بالله في شرح التجريد، فهو خبر علوي نبوي مسند صحيح، والله تعالى ولي التوفيق.
[الكلام على جواز جمع الصلاة]
وفي الجزء الثاني من كتاب سبل السلام آخر صفح (40) من قوله: وأما حديث ابن عباس عند مسلم أنه جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولامطر.. إلى قوله: فلايصح الاحتجاج به، لأنه غير معين لجمع التقديم والتأخير كما هو ظاهر رواية مسلم وتعيين واحد منها تَحَكُّم.. الخ.
قلت: يقال: لايحتاج إلى التعيين لأنه إذا ثبت أحدهما فقد بطل القول بوجوب التوقيت ولم يبق إلا القول لعدم وجوب التوقيت وجواز الجمع فلايضر هذا الاحتمال.(1/296)


[الكلام على من قال: المقصود بالجمع هو الجمع الصوري]
وقوله في صفح (41) وقد أول بعضهم حديث ابن عباس في الجمع الصوري.
قلت: يقال: يرد هذا التأويل أن الجمع بين الصلاتين إذا أطلق في الشرع لم يفهم منه إلا الجمع المعهود شرعاً، وهو جمع الصلاتين في وقت إحداهما، وظن أبي الشعثاء لاحجة فيه، والرواية المرفوعة عن ابن عباس فيها نظر.
وقوله: وأما قياس الحاضر على المسافر..
قلت: يقال: ليس من القياس في شيء، إذ لادليل على أن العلة السفر، وأفعاله صلى الله عليه وآله وسلم في الحضر والسفر حجة على الحاضر والمسافر، ولهذا احتج أعلام أهل البيت كالقاسم والهادي إلى الحق عليهم السلام بذلك على الجواز مطلقاً، والإلزام بالقصر والفطر في غاية السقوط، إذ قد ثبت النص القرآني بأن ذلك في السفر لاغيره، وهذا واضح لمن أمعن النظر، والله تعالى ولي التوفيق.(1/297)


[تعليق المؤلف على حديث ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد))]
وفي صفح (246) من الجزء الثاني من سبل السلام في حديث: ((لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)) قوله بضم الدال المهملة على أنه نفي ويُروى بسكونها على أنه نهي. قلت: يقال: هذا وهم عجيب فإن المضعف لايصح تسكينه ولايستقيم لالتقاء الساكنين، وإن كان نهياً فإنما يكسر للتخلص من الساكنين أو يفتح للتخفيف، وإن كان ماقبل المضعف مضموماً جاز ضمه للاتباع مثل: لم يمد. وقوله في ذلك الصفح: ودل بمفهوم الحصر أنه يحرم شد الرحال .. الخ. قلت: يقال: العجب كل العجب من هذا الاستدلال وهذا الإعمال البعيد عن التحقيق والاعتدال، ويقال عليه:
أولا: إن الخبر محتمل للنفي كما سبق لك بل هو الرواية الظاهرة بضم الدال ومع ذلك فلادلالة على التحريم أصلا ويكون المعنى فيه المبالغة، فهو من الحصر الإدعائي فكأن شد الرحال إلى غير الثلاثة المساجد كلا شد فيكون لنفي كماله في الفضيله أو نحو ذلك، ولايجوز حمله على أنه في معنى النهي لما سيأتي، ثانياً: وأنه وإن فرض احتماله للنهي فلااستدلال بمحتمل.(1/298)


ثالثاً: أنه وإن كان للنهي فهو محمول على أنها لاتشد الرحال إلى شيء من المساجد إلا إلى الثلاثة لا أنها لاتشد الرحال على الإطلاق والعموم إلا إلى ثلاثة مساجد، لما علم قطعاً أنها تشد الرحال إلى الجهاد وإلى الهجرة وجوباً وإلى غيرهما جوازاً، هذا معلوم من الدين ضرورة. وانظر إلى تمثيله بقوله: كزيارة الصالحين إلى آخره. قلت: ماهو المخصص لما ذكر وأن يكون لقصد ولقصد، والحديث يفيد العموم والأخبار الواردة في الحث والترغيب على زيارة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وزيارة الصالحين أحياء وأمواتاً أكثر من أن تحصر وإن أنكرها بعض المنكرين، ولو لم يكن من ذلك إلا فعله صلى الله عليه وآله وسلم في زيارة أهل البقيع وأهل أحد، وتعليمه صلى الله عليه وآله وسلم للزيارة المخرجة في كتب العترة وصحاح العامة، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في القبور: ((ألا فزوروها)) الخبر الصحيح
بالإجماع، والعجب ممن يزعم كراهية التصريح بزيارة القبر مع ورود التصريح به في الألفاظ النبوية كهذا الخبر الصحيح المروي في الصحاح وغيرها، وذلك يصلح لصرف ذلك الخبر الآحادي عن ظاهره لو كان له ظاهر وينهض لتأويله، وأن مثل هذا لايخفى على أمثال هذا العالم النظار، ولكن لهوى النفوس سريرة لاتعلم، والله تعالى ولي التوفيق.(1/299)


مع الجلال في كتاب العصمة عن الضلال

وفي صفح (13) من كتاب العصمة عن الضلال للسيد الحسن بن أحمد الجلال قوله: واعلم أن المعتزلة وإن هربوا من الجبر فقد لزمهم ماهربوا منه، وذلك لمَّا أوجبوا اللطف.. الخ.
قلت: يقال: أولا: الكثيرون منهم لايوجبون الأصلح من اللطف فلايرد عليهم هذا الإيراد من أصله، فإلزامه للمعتزلة من الإيهام والتلبيس والتغرير. ثانياً: أن القائلين بوجوب اللطف لايقولون هذه المقالة ولايرتبون هذا الترتيب، وإنما يقولون: إن اللطف مبني على الاختيار فمن علم الله منه أنه يقبله وينتفع به ويختار عنده فعل ماكلفه لطف به، ومن علم أنه لايختار عنده ذلك ولايلتطف لم يجعل له لطفاً لأنه لامعنى له. فلامعنى للتهويل بقوله: خلقه على بنية لاتقبل.. الخ. بل خلقه على بنية يكون معها متمكناً من القبول وعدمه. انتهى.(1/300)

60 / 83
ع
En
A+
A-