الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ)) [آل عمران:18] الآية، ولم يرضوا بالسكوت على ماهم عليه من الجهالة، ويزعمون أن ذلك من الخوض فيما لايجوز، وأن القول الحق الذي هو حقيقة التوحيد والتنزيه عن شبه المخلوقين تعطيل لَمَّا لم يفهموا إلا صفات المخلوقين، وما أشبه تنزيههم هذا بتسبيح البروية حيث قالت: سبحان الله قبل الله سبحان الله بعد الله. وغيرر ذلك من الجهالات والضلالات، ولم يثبت علماء التوحيد إلا مادلت عليه أدلة العقل والنقل وإمامهم في ذلك باب مدينة العلم ولي الأمة والمبين لهم مايختلفون فيه بعد أخيه صلى الله عليه وآله وسلم قال عليه السلام: وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، بشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله. وقال عليه السلام: كان إلهاً حياً بلا حياة. وقال: من وصفه فقد شبهه، ومن لم يصفه فقد نفاه، وصفته أنه سميع ولاصفة لسمعه. وقال عليه السلام: باينهم بصفته رباً كما باينوه بحدوثهم خلقاً.. الخ. وقد استوفينا الكلام في هذا في كتاب لوامع الأنوار، والله تعالى ولي التوفيق.
[التعليق على قوله: وقد صحح جماعة من أصحابنا جواز الصلاة في الخف المتنجس أسفله إذا دلكه بالأرض حتى تذهب العين]
من صفح (298) ج (2) قوله: وقد صحح جماعة من أصحابنا جواز الصلاة في الخف المتنجس أسفله إذا دلكه بالأرض حتى تذهب العين.. الخ.
قلت: لكن الدليل يقضي بخلافه قال الله تعالى: ((وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)) وفي الرواية:أنه نزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمره بخلع نعله لأن فيها قذراً،وهو يحتمل أن يكون غير نجس فكيف بالنجاسة المحققة،لايقال: إنه لم يعد الصلاة. لأنه يقال: يحتمل ماسبق _أي أنها غير نجاسة_، ويحتمل أنه يعفى مع عدم العلم وهو الأظهر، أو أن ذلك في أول نزول الحكم ولاتكليف قبل التبليغ لأنه تكليف بمالايعلم، والله أعلم.(1/276)
[الكلام على وجوب التسمية عند الوضوء]
من صفح (299) ج (2) قوله: أما أذكاره فكان صلى الله عليه وآله وسلم يسمي الله أوله ووردت أحاديث تدل على التحتم في التسمية وكلها مؤولة أو ضعيفة.. الخ.
قلت: تأويلاً خلاف الظاهر ولاموجب للعدول عنه فالواجب العمل بذلك، فمن الأدلة على الوجوب قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لاصلاة لمن لا وضوء له ولاوضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه )) أخرجه الإمام المؤيد بالله في شرح التجريد عن أمير المؤمنين عليه السلام وصححه الحاكم من حديث أبي هريرة قال في الروض النضير: قال ابن حجر: وفي الباب عن أبي سعيد وسعيد بن زيد وعائشة وسهل بن سعد وأبي سبرة وأم سبرة وعلي وأنس ثم ذكر حديث كل واحد منهم وهو حديث: ((لاصلاة لمن لا وضوء له )) .. الخ. وفي كل منها مقال، وقال بعد ذلك: والظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة تدل على أن له أصلا قال أبو بكر بن أبي شيبة: ثبت لنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاله. انتهى المراد. قلت: والتأويل الذي ذكروه هو أن يحمل على نفي الفضيلة، وهو خلاف الظاهر بلا دليل يمنع من حمله على الحقيقة التي هي نفي الوضوء إذ هو شرعي أو نفي الصحة، لأنها أقرب شيء إلى العدم كما قرر في محله من الأصول.(1/277)
[الكلام على اشتراط ضربتين في التيمم]
من صفح (300) ج (2) قوله في التيمم: عن عمار بن ياسر قال: بعثنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء إلى أن قال: ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت ذلك له فقال: (( إنما يكفيك أن تضرب بيديك هكذا، ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه )) وفي رواية لهما _أي البخاري ومسلم_: ((وضرب بيديه الأرض ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه )) ففي هذا الحديث أدل دليل على أنه لايشترط فوق ذلك إلى أن قال: قيل: ولايعلم في حديث يقطع بصحته اشتراط ضربتين.. الخ.
قلت: قد صح الاشتراط عن أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى المرفقين. أخرجه الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين عن آبائه عليهم السلام عنه عليه السلام، وروى السيوطي في جمع الجوامع في مسند علي عليه السلام: وأخرج الحاكم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين )) . وأخرج الإمام المؤيد بالله عليه السلام في شرح التجريد من طريق الهادي عليه السلام بإسناده إلى علي عليه السلام قال: أعضاء التيمم الوجه واليدان إلى المرفقين. قال ابن عبدالبر: لما اختلفت الروايات في كيفية التيمم وتعارضت كان الواجب ضربة للوجه وضربة أخرى لليدين إلى المرفقين قياساً على الوضوء. انتهى المراد.(1/278)
[التعليق على قوله: ولا يعلم في حديث التحتم في التيمم لكل فريضة]
من صفح (301) ج (2) قوله: ولايعلم في حديث التحتم في التيمم لكل فريضة.
قلت: في أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن الإمام زيد بن علي عليهم السلام، قال محمد بن منصور: حدثنا حسين بن نصر، عن خالد بن عيسى، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، قال: جرت السنة ألا يُصلى بالتيمم الواحد إلا صلاة واحدة ونافلتها. قلت: وهذا له حكم المرفوع فمثل هذا اللفظ يحمل على سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما قرر في الأصول والرواة جميعهم من الثقات الأثبات عند العترة عليهم السلام. وفيه: وحدثنا جعفر ـ يعني النيروسي ـ عن قاسم بن إبراهيم، قال: يصلي المتيمم صلاة واحدة بالتيمم ويتيمم لوقت كل صلاة. وفي سنن البيهقي بإسناده إلى ابن عمر قال: تيمم لكل صلاة وإن لم تحدث. قال: إسناده صحيح، وحكى في التلخيص عن البيهقي قال: ولانعلم له مخالفاً من الصحابة، وقد روي عن علي وعن ابن عباس والرواية عن علي أخرجها بإسناده إلى أبي بكر بن أبي شيبة: أخبرنا هشيم، عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، قال: يتيمم لكل صلاة. والرواية عن ابن عباس أخرجه بإسناده إلى عبدالرزاق، عن ابن أبي عمارة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: من السنة ألايصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للصلاة الأخرى. أفاده في الروض النضير، وهذا كاف في الحجة ولاعبرة بتضعيفهم لبعض الرواة فهو للمخالفة في المذهب وهو غير مقبول بالاتفاق، والله تعالى ولي التوفيق.(1/279)
[الكلام في عبدالله بن الزبير]
من صفح (307) ج (2) قوله: وكان عبدالله بن الزبير إذا سجد تنزل العصافير على ظهره لاتحسبه إلا جذم حائط من طول السجود.
قلت: نوم على يقين خير من عبادة على شك، وماينفعه ذلك والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول في علي عليه السلام: (( لايحبه إلا مؤمن ولايبغضه إلا منافق )) وقد كان من أشد المبغضين له والمقاتلين له، وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: مازال الزبير رجلا منا حتى نشأ ولده المشئوم عبدالله فأفسده. فما أحقه وأمثاله بقوله تعالى: ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2)عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً)) [الغاشيه:2-4] ولقد كان الخوارج أشد عبادة منه ونسكاً ومانفعهم ذلك، بل مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية كما ورد في الخبر النبوي صلوات الله وسلامه على صاحبه وآله، فنسأل الله تعالى التوفيق وحسن الخاتمة.
[التعليق على قوله: واعلم أن رفع اليدين عند الركوع والرفع منه سنة ثابتة]
من صفح (324) ج (2) قوله: واعلم أن رفع اليدين عند الركوع والرفع منه سنة ثابتة.. الخ.
قلت: رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام هو السنة الثابتة التي رواها العدد الكثير واعتمدها الجم الغفير من أهل البيت عليهم السلام منهم الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي، والإمام نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم الرسي، روى ذلك عنه حفيده إمام الأئمة الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم في كتاب الأحكام في صلاة الجنازة، ولافرق بينها وبين غيرها قطعاً، وأما في الموضعين المذكورين ففيهما خلاف كثير، وقد روى الإمام زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام أنه كان يرفع يديه في التكبيرة الأولى إلى فروع أذنيه ثم لايرفعهما حتى يقضي صلاته. ورواه غيره من المحدثين كما أوضحته في المنهج الأقوم.(1/280)