في قتال علي عليه السلام
قال ابن تيمية كافاه الله في الجزء الثاني من منهاجه (ص 230) مالفظه: وعلي يقاتل ليطاع ويتصرف في النفوس والأموال، فكيف يجعل هذا قتالا على الدين؟ وأبو بكر يقاتل من ارتد عن الإسلام ومن ترك مافرض الله ليطيع الله ورسوله فقط.. الخ.
أقول: بالله عليك أيها المطلع انظر كيف جعل جهاد علي عليه السلام للكفار والمشركين، وهو وعمه أسد الله الحمزة بن عبدالمطلب وابن عمهما عبيدة بن الحارث عليهم السلام أول من بارز للجهاد في سبيل الله تعالى، وجهاده في بدر وأحد والخندق وخيبر وحنين، وقتاله للناكثين والقاسطين الذين هم الفئة الباغية الداعية إلى النار القاتلة لعمار رضوان الله عليه، وللمارقين الذين هم الخوارج المارقون عن الدين، وهو الجهاد والقتال الذي ثبت الله به قواعد الإسلام، جعل ذلك كله ليطاع ويتصرف في النفوس والأموال، تأمل بالله عليك هل يقول هذا من يؤمن بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم واليوم الآخر، وصدق الرسول الأمين صلى الله عليه وآله وسلم: (( لايحبه إلا مؤمن ولايبغضه إلا منافق )) .
في آية الولاية
قال ابن تيمية في الجزء الثاني من منهاجه (ص 74) في سياق جحده لنزول آيات في أمير المؤمنين عليه السلام آية ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)) مالفظه: وصيغة الجمع لايراد بها اثنان فقط لاتفاق الناس، بل إما الثلاثة فصاعداً، وإما الإثنان فصاعداً، أما إرادة الإثنين فقط فخلاف الإجماع.. انتهى المراد.(1/241)


وأقول: إن الكذب والتكذيب للصدق من هذا الشيخ لاينحصران، لكن أريد أن أوضح لك هنا أنه كذاب بالنص القرآني، فقد أطلق الله صيغة الجمع وأراد الإثنين فقط قال تعالى: ((إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا)) فأطلق صيغة الجمع وهي قلوب على قلبين قطعاً، والآية نازلة في حفصة وعائشة بلاريب، فهذا نص قرآني صريح في تكذيبه بلا احتمال، وماهذا من غيره فقد صار الكذب الصريح والتكذيب للصحيح لهجة له يجازف بها بلا عدد ولاحساب ولامكيال ولاميزان، وإذا لم تستح فاصنع ماشئت، وماحكم علماء عصره بتكفيره وزندقته وسجن حتى مات إلا لشأن، ولقد كنت أعجب غاية العجب من محمد بن إبراهيم الوزير حيث أثنى عليه في الإيثار حتى وقفت على كلامه فيه أنه لم يطَّلِع على منهاجه، فهوَّن ذلك عليَّ، وكذا ابن عقيل في النصائح ثم ذكر في كتابه تقوية الإيمان أنه لم يكن اطلع على منهاجه، هذا ورد عليه أبلغ الرد، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
قال ابن حجر الهيثمي في فتاواه مالفظه: ابن تيمية عبد خذله الله تعالى وأضله وأعماه وأصمه وأذله، بذلك صرح الأئمة الذين بينوا فساد أحواله وكذب أقواله، ومن أراد ذلك فعليه بمطالعة كلام _الإمام المجتهد المتفق على إمامته وجلالته وبلوغه مرتبة الاجتهاد أبي الحسن السبكي_ وولده التاج والشيخ الإمام العز بن جماعة وأهل عصره من الشافعية والمالكية والحنفية إلى قوله: والحاصل أنه لايقام لكلامه وزن بل يرمى به في كل وعر وحَزَن، ويعتقد فيه أنه مبتدع ضال جاهل غال عامله الله تعالى بعدله وأجارنا من مثل طريقته وفعله. آمين.
انتهى من كتاب جلا العينين في محاكمة الأحمدين _يعني ابن حجر الهيثمي وأحمد بن عبدالحليم ابن تيمية_ للألوسي من الصفحة الرابعة.(1/242)


مع ابن القيم في زاد المعاد
تأليف
الإمام الحجة مجد الدين المؤيدي أيده الله تعالى
بحث في المؤاخاة:
قال ابن القيم في صفح (56) من الجزء الثاني من زاد المعاد: فصل، ثم آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم _ولم يذكر الصلاة على الآل على عادتهم_ قال: بين المهاجرين والأنصار.. إلى قوله: وقد قيل إنه آخى بين المهاجرين بعضهم مع بعض مؤاخاة ثانية واتخذ فيها علياً أخاً لنفسه.. إلى قوله: ولو واخى بين المهاجرين كان أحق الناس بأخوته أحب الخلق إليه ورفيقه في الهجرة وأنيسه في الغار وأفضل الصحابة وأكرمهم عليه أبوبكر وقد قال: "لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام أفضل" إلى آخره.(1/243)


الجواب: ((أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ)) هذا صريح في أن موجب رد الروايات الصحيحة كونها تضمنت اتخاذه صلى الله عليه وآله وسلم علياً عليه السلام أخاه دون أبي بكر وهو خلاف المذهب، فيقال للشيخ: ماذا تقول في الخبر المتواتر الذي أخرجه البخاري ومسلم وأخرجه كل المحدثين: ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدي )) بألفاظه، وسياقاته ومقاماته التي قد جمعتها في لوامع الأنوار فبلغت زيادة على اثني عشر مقاماً سوى مقام تبوك وهارون أخو موسى ووزيره وشريكه في أمره بنص الكتاب أترده لأنه لم يقل أبو بكر مني.. الخ؟! قد ذكرت ماقاله علماء الإسلام من المحدثين وغيرهم في وجه دلالته في شرح الزلف صفح (229 الطبعة الأولى) و (ص328 الطبعة الثانية) و (ص 435 الطبعة الثالثة) وفي مجمع الفوائد هذا، وماذا تصنع بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله )) الخبر المتواتر المعلوم الذي أقر الذهبي بالقطع به بعد أن بهرته طرقه، وقد أوضحت ذلك واستوفيت كلام علماء الإسلام عليه في لوامع الأنوار وشرح الزلف صفح (226 الطبعة الأولى) و (ص 325 الطبعة الثانية) و (ص 432 الطبعة الثالثة) أترده لأنه لم يقل فأبو بكر مولاه؟! وماترى في مباهلته صلى الله عليه وآله وسلم وإخراجه لعلي وابنيه وابنته عليهم الصلاة والسلام بإجماع الأمة وهي فضيلة لاتدانى ولاتضاهى، فقد جعل علياً نفسه لأنه المقصود بأنفسنا إذ الإنسان لايدعو نفسه وجمعه تعظيماً وتكريماً كما جمع نساءنا ولم يكن إلا فاطمة عليها السلام والحسنان ابناه أتنكره لأنه لم يخرج أبا بكر وهو أحق عندك منهم؟! وماتفعل بخبر الكساء الذي لفَّه عليهم، وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.. الخبر المعلوم الذي أخرجه أهل الصحاح وغيرهم أتجحده لأنه لم يدخل أبا بكر في الكساء ولاعائشة وقد طلبته هي(1/244)


وغيرها من أمهات المؤمنين؟! وماتقول في خبر الراية: ((لأعطين الراية غداً رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار، فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها )) هكذا في الصحاح لما في ذلك من الفضل العظيم الذي تتقاصر عنه الفضائل والشرف الرفيع الذي تتضاءل دونه المنازل، وهو كذلك خبر متواتر مجمع عليه بين الأمة أتقدح فيه لأنه لم يعط أبابكر وهو أحق عندك؟! وغير ذلك مما لايحاط به كثرة كتاباً وسنة.
هذي المكارم لاقَعبان من لبن .... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
إنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور، وهي مما اتفقت عليها الأمة وتطابقت على نقلها النقلة، فأما قوله: أحب الخلق إليه. فدعوى مجردة عن البرهان، وأما رفيقه في الهجرة فصحيح، ولكن أفضل من ذلك المبيت على فراشه لفدائه بنفسه، وأما أفضل الصحابة وأكرمهم عليه، فمن الدعاوي التي لم تقم عليها دلالة بل البرهان قائم على خلافها من الكتاب والسنة، ولو لم يكن إلا سبق أمير المؤمنين عليه السلام إلى الإسلام من غير أن يتقدمه كفر بالله سبحانه طرفة عين بإجماع الأمة بخلاف غيره وجهاده في سبيل الله الذي لايدانيه مدان باتفاق الخلائق، وعلمه الذي رجعت إليه جميع علماء الصحابة ومما اشتهر: ((لولاعلي لهلك عمر)) . وأما قوله: لو كنت متخذاً خليلا.. الخ.
فهذا الخبر الآحادي الذي ينقض أوله آخره حيث قال: ولكن أخوة الإسلام أفضل. ففضلها على الخلة هذا الخبر، الذي لايبلغ عشير معشار ماورد في أمير المؤمنين عليه السلام هو في سياق خبر سد الأبواب إلا باب علي وهي معلومة عند الأمة، وقد ساق طائفة منها نافعة شارح البخاري ابن حجر العسقلاني وأوضح صحتها وجمع بينها بما خلاصته أن المراد الباب في خبر علي عليه السلام والخوخة في خبر أبي بكر، وقد أوردت جميع ذلك في لوامع الأنوار وأوضحت التضعيف في رجال رواية باب أبي بكر هنالك.
والحق أبلج مايخيل سبيله .... والحق يعرفه أولوا الأباب(1/245)

49 / 83
ع
En
A+
A-