((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)) [الشعراء:227] وحسبنا الله ونعم الوكيل ونعم المولى ونعم النصير.
هذا وقال الشيخ ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم من ص (150) ومابعده الطبعة الثانية مالفظه:
والدليل على فضل جنس العرب، ثم جنس قريش، ثم جنس بني هاشم، مارواه الترمذي من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن يزيد بن أبي زياد عن عبدالله بن الحارث عن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه قال: قلت: يارسول الله إن قريشاً جلسوا فتذاكروا أحسابهم بينهم فجعلوا مثلك كمثل نخلة في كبوة من الأرض، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن الله خلق الخلق فجعلني في خير فرقهم ثم خير القبايل فجعلني في خير قبيلة ثم خير البيوت فجعلني في خير بيوتهم فأنا خيرهم نفساً وخيرهم بيتاً )) . قال الترمذي: هذا حديث حسن. وعبدالله بن الحارث هو ابن نوفل. الكبا بالكسر والقصر والكبوة الكناسة والتراب الذي يكنس من البيت، والمعنى أن النخلة طيبة في نفسها وإن كان أصلها ليس بذاك، فأخبر أنه صلى الله عليه وآله وسلم خيرهم نفساً ونسباً، ثم ساق في الأخبار المقتضية لهذا المعنى إلى قوله: وقد بين صلى الله عليه وآله وسلم أن هذا التفضيل يوجب المحبة لبني هاشم ثم لقريش ثم للعرب، ثم روى خبراً من الترمذي بسنده إلى المطلب بن أبي ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب أن العباس بن عبدالمطلب دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مغضباً قال ـ وأنا عنده ـ: ما أغضبك؟ فقال: يارسول الله مالنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة، وإذا لقونا لقونا بغير ذلك. قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى احمر وجهه ثم قال: (( والذي نفسي بيده لايدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله )) .(1/231)


إلى قوله: قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وروى أحمد في المسند مثل هذا من حديث إسماعيل بن أبي خالد. إلى قوله: ورواه أيضاً من حديث جرير عن يزيد بن أبي زياد ثم ساق الخبر. وفيه: ثم قال: (( والله لايدخل قلب امرىء إيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي)) ثم ساق إلى قوله: ومثله أيضاً في المسألة مارواه أحمد ومسلم والترمذي من حديث الأوزاعي عن شداد بن عمار عن واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم )) .
إلى قوله في صفح (154): واعلم أن الأحاديث في فضل قريش، ثم في فضل بني هاشم فيها كثرة.
إلى قوله: قال: فإن الله خص العرب ولسانهم بأحكام تميزوا بها، ثم خص قريشاً على سائر العرب بما جعل فيهم من خلافة النبوة وغير ذلك من الخصائص، ثم خص بني هاشم بتحريم الصدقة واستحقاق قسط من الفي إلى غير ذلك من الخصائص فأعطى الله سبحانه كل درجة من الفضل بحسبها والله عليم حكيم، ((اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ)) [الحج:75] ((اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)) [الأنعام:123] ثم ساق في الاستدلال بحثاً نفيساً لايسع الحال استكماله، وفيما ذكر كفاية في اعتراف الشيخ بتفضيل بني هاشم، والرد على الجاحدين المدعين لمتابعة الشيخ وأمثاله، ولهذا اخترت نقل كلامه والله ولي التوفيق والاستقامة. قال في الأم: كتبه المفتقر إلى الله مجد الدين بن محمد المؤيدي.(1/232)


[مسائل نص بن تيمية على أن القول بها من الخطأ المغفور]
الحمدلله وحده
هذا بحث أنقل فيه كلام الشيخ ابن تيمية في مسائل نص على أن القول بها من الخطأ المغفور وهي أهم المسائل التي وقع فيها النزاع بين أهل البيت وأتباعهم من الزيدية وسائر العدلية من جهة وبين غيرهم من سائر الأمة من جهة أخرى، أحببت إيراده ليعرف المطلع أن الذين ينكرون أشد الإنكار على القائلين بها ويسبونهم وينسبونهم إلى القدرية والرافضة ومخالفة السنة بل قد يكفرونهم ومع ذلك يَدَّعون أنهم موافقون لهذا الشيخ ليعرف أنهم مخالفون له، جاهلون لكلامه وكلام أمثاله من أئمتهم الذين هم قدوتهم ومعتمدهم فأقول وبالله التوفيق:
قال في الجزء العشرين صفح (33) الطبعة الأولى من فتاواه مالفظه: فصل، والخطأ المغفور في الاجتهاد هو في نوع المسائل الخبرية والعلمية كما قد بسط في غير موضع كمن اعتقد ثبوت شيء لدلالة آية أو حديث وكان لذلك مايعارضه ويبين المراد ولم يعرفه مثل من اعتقد أن الذبيح إسحاق لحديث اعتقد ثبوته أو اعتقد أن الله لايُرى لقوله تعالى: ((لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ)) [الأنعام:103] ولقوله: ((وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ)) [الشورى:51](1/233)


كما احتجت عائشة بهاتين الآيتين على انتفاء الرؤية في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنما يدلان بطريق العموم، وكما نقل عن بعض التابعين أن الله لا يُرى وفسروا قوله: ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)) [القيامة:23] بأنها تنتظر ثواب ربها كما نقل عن مجاهد وأبي صالح،... إلى قوله: أو اعتقد أن الله لا يَعْجَب كما اعتقد شريح لاعتقاده أن العُجْب إنما يكون من جهل السبب والله منزه عن الجهل، أو اعتقد أن علياً أفضل الصحابة لاعتقاده صحة حديث الطير وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( اللهم ائتني بأحب الخلق إليك يأكل معي من هذا الطائر )) إلى قوله: وكما أنكر طائفة من السلف والخلف أن الله يريد المعاصي لاعتقادهم أن معناه أن الله يحب ذلك ويرضاه ويأمر به، وأنكر طائفة من السلف والخلف أن الله يريد المعاصي بكونهم ظنوا أن الإرادة لاتكون إلا بمعنى المشيئة لخلقها.. إلى آخر كلامه، فتأمله والله ولي التوفيق.(1/234)


في الصلاة على غير الرسل:
قال ابن تيمية في الجزء (37 صفح 410) في بحث الصلاة على غير الرسول صلى الله عليه وآله وسلم منفرداً، وقد أنكره البعض من المدعين المتابعة لهذا الشيخ، فلهذا أوردته مالفظه: إن ذلك جائز وهو منصوص أحمد في غير موضع. إلى قوله: وعليه جمهور أصحابه كالقاضي أبي يعلى وابن عقيل والشيخ عبدالقادر ولم يذكروا في ذلك نزاعاً.. إلى قوله: ومن جوز ذلك يحتج بالخليفتين الراشدين عمر وعلي وبأنه ليس في الكتاب ولا السنة نهي عن ذلك، لكن لايجب ذلك في حق أحد كما يجب في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتخصيصه كان بالأمر والإيجاب لابالجواز والاستحباب. قالوا: وقد ثبت أن الملائكة تصلي على المؤمنين كما في الصحيح أن الملائكة تصلي على أحدكم مادام في مصلاه، فإذا كان الله وملائكته يصلون على المؤمن فلماذا لايجوز أن يصلي عليه المؤمنون، ثم ذكر من خص بالصلاة علياً صلوات الله عليه فقال: وهم لايصلون على كل أحد من بني هاشم من العباسيين ولاعلى كل أحد من ولد الحسن والحسين ولاعلى أزواجه مع أنه قد ثبت في الصحيح: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته، فحينئذ لاحجة لمن خص بالصلاة بعض أهل البيت دون سائر أهل البيت ودون سائر المؤمنين، ولما كان الله تعالى أمر بالصلاة والسلام عليه ثم قال: من قال: إن الصلاة على غيره ممنوع منها طرد ذلك طائفة منهم أبو محمد الجويني فقالوا: لايسلم على غيره وهذا لم يعرف عن أحد من المتقدمين، وأكثر المتأخرين أنكروه فأي السلام على الغير مشروع إلى آخره. وقد استوفينا الكلام على هذا في شرح الزلف.(1/235)

47 / 83
ع
En
A+
A-