ومنها حديث قتاله البغاة، وهو في حديث أبي سعيد: (( تقتل عماراً الفئة الباغية )) وكان عمار مع علي. وقد تقدمت الإشارة إلى الحديث المذكور في الصلاة.
ومنها: حديث قتاله الخوارج، وقد تقدم من حديث أبي سعيد في علامات النبوة، وغير ذلك مما يعرف بالتتبع.
وأوعب من جمع مناقبه من الأحاديث الجياد النسائي في كتاب الخصائص.
وأما حديث: (( من كنت مولاه فعلي مولاه )) فقد أخرجه الترمذي والنسائي، وهو كثير الطرق جداً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد وكثير من أسانيدها صحاح وحسان، وقد روينا عن الإمام أحمد قال: مابلغنا عن أحد من الصحابة مابلغنا عن علي بن أبي طالب. انتهى المراد نقله في المكان والتاريخ السابقين والقصد التقريب للباحث، والله سبحانه ولي التوفيق.
قال في الأصل: كتبه المفتقر إلى الله تعالى مجد الدين بن محمد المؤيدي غفر الله لهما وللمؤمنين.(1/206)


مع ابن تيمية
تأليف
الإمام الحجة مجد الدين المؤيدي أيده الله تعالى
[حول الشيعة والتشيع]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده..
قال ابن تيمية في الجزء الثالث عشر من فتاواه الطبعة الأولى صفح (31) في ذكر الخوارج مالفظه: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أحاديث صحيحة في ذمهم والأمر بقتالهم.. الخ.
قلت: ولكنهم يقبلون حديثهم ويأخذون عنهم لأنهم ليسوا بشيعة، ويقولون: إن مقاصدهم صالحة، وإن قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ((إنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)) و((إنهم كلاب النار)) و((أنهم شر الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة)). هكذا يقول لسان حالهم كما يعلم ذلك من تصفح صرائح كلامهم.
قال في ذلك الصفح: ثم الشيعة لما حدثوا لم يكن الذي ابتدع التشيع قصده الدين بل كان غرضه فاسداً، وقد قيل: إنه كان منافقاً زنديقاً.. الخ.(1/207)


قلت: لأن التشيع أصله محبة أمير المؤمنين وأهل بيته عليهم السلام وتفضيله على غيره كما ذكره علماء الأمة من المحدثين وغيرهم، وهو الفطرة التي قضى بها كتاب الله تعالى بمثل قوله تعالى: ((قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)) [الشورى:23] ونحو قوله تعالى: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)) [الأحزاب:33]، ((فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ)) [آل عمران :61] الآية، ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ..))[المائدة:58] وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بمثل خبر الغدير، والمنزلة، وخبر فتح خيبر، وبراءة، وخبر: (( لايحبك إلا مؤمن ولايبغضك إلا منافق )) وغير ذلك مما عرفه الخاص والعام وامتلأت به دواوين الإسلام، فلهذا ترمونهم جميعاً بكل فاقرة وبكل حجر ومدر، وتقولون: ليس قصدهم الدين، وإن أغراضهم فاسدة. وليس الغرض والمقصود الغلاة بل من يطلق عليه اسم الشيعة كما ذكرنا ليدخل في ذلك أصحاب أمير المؤمنين الخلص وأصحاب أولاده بل وأولاده أنفسهم لأن هذا مذهبهم جميعاً، بل وأبرار صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كعمار وسلمان والمقداد وأبي ذر رضي الله عنهم لأنهم من الشيعة القائلين بتفضيله بإجماع الأمة، لأنهم قد حدوا التشيع بحد يدخل فيه الجميع حيث قالوا: إنه محبة علي وتفضيله على غيره كما حدَّه به ابن حجر وغيره. هكذا يصرح به لسان مقالهم، سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم.
قال ابن تيمية في ذلك الصفح: فأصل بدعتهم _أي الشيعة_ مبنية على الكذب.
قلت: لروايتهم فضائل أهل البيت عليهم السلام.
قال: وتكذيب الأحاديث الصحيحة.
قلت: أي التي وضعت لمعاوية وأضرابه وروايات الحشوية للتشبيه والجبر ونحوها.
قال: ولهذا لايوجد في فرق الأمة من الكذب أكثر مما وجد فيهم.(1/208)


قلت: لكثرة مارووه في تنزيه الله سبحانه وتعالى وفضائل أهل البيت عليهم السلام.
وقال في صفح (32): والشيعة لايكاد يوثق برواية أحد منهم من شيوخهم.
قلت: لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد شهد لهم بالإيمان ـ أعني الشيعة المخلصين ـ بقوله صلى الله عليه وآله وسلم في علي عليه السلام: (( لايحبه إلا مؤمن ولايبغضه إلا منافق )) أخرجه أهل الصحاح وغيرهم, فلايوثق برواية أحد منهم في حكم الشيخ ابن تيمية وأضرابه من أهل حران وأتباعهم، فاعتبر إن كنت ممن يبصر.
قال في ذلك الصفح: ولهذا أعرض عنهم أهل الصحيح فلايروي البخاري ومسلم أحاديث علي إلا عن أهل بيته، كأولاده مثل الحسن والحسين ومثل محمد بن الحنفية وكاتبه عبيدالله بن أبي رافع.. إلخ.
قلت: هؤلاء الذين لم يستطيعوا القدح فيهم خشية الفضيحة بين الأمة، ولكن قد قدحوا في جميع أصحابهم والرواة عنهم إلا من روى مايوافق هواهم، وبذلك سدوا الباب عن الأخذ عن أمير المؤمنين وعن أولاده إلا رواية أخبار يسيرة لاتعارض مذاهبهم، ولهذا لم يرووا عن الإمام زيد بن علي ولاعن عبدالله بن الحسن الكامل ولاعن جعفر الصادق ولاعن الإمام محمد بن عبدالله النفس الزكية ولاعن إخوته الأئمة، بل قد قدحوا في جعفر بن محمد الصادق، فقال يحيى بن سعيد القطان: مجالد أحب إلي منه. والقطان شيخ مشائخ البخاري، وقدحوا في الإمام النفس الزكية محمد بن عبد الله، فقال البخاري المخذول: لايتابع على حديثه، وذلك لما أمكنتهم الفرصة بمساعدة الدولة لهم، ولم يرووا عن أحد من أضرابهم، ولم يتركوا جهداً في إطفاء نورهم، وإخفاء ذكرهم، ومحو أثرهم هكذا ينطق لسان حالهم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره.
وقال في ذلك الصفح: وقام قوم من أهل الفتنة والظلم فقتلوا عثمان فتفرق المسلمون بعد مقتل عثمان، ولما اقتتل المسلمون بصفين واتفقوا على تحكيم حكمين خرجت الخوارج على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفارقوه.. الخ.(1/209)


قلت: أما الذين قتلوا عثمان فمن أهل الفتنة والظلم، وأما الذين قاتلوا أمير المؤمنين عليه السلام بصفين وقاتلوا الحسنين عليهما السلام وحرصوا على قتلهم وقتلوا عمار بن ياسر الذي تواترت الأخبار أنها تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار وقتلوا خزيمة بن ثابت ذا الشهادتين وأويس القرني سيد التابعين والألوف المؤلفة من المؤمنين، فهم عند الشيخ وأصحابه مسلمون مجتهدون مأجورون، ولهذا قال: ولما اقتتل المسلمون. ليعمهم جميعاً بذلك، ولم يقل كما قال في قتلة عثمان، إنهم أهل فتنة أو ظلم. سبحان الله كيف يصنع الهوى بأهله، إنا لله وإنا إليه راجعون، وذكر أن الشيعة ثلاث طوائف:-
قال: طائفة تقول: إنه إله. وهؤلاء لمَّا ظهر عليهم أحرقهم بالنار.
قلت: هذه الطائفة لاتعد من فرق الشيعة على التحقيق وهي خارجة عن الإسلام بإجماع الأنام.
ثم قال في صفح (33): وقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس، قال: أُتي علي بزنادقة فحرقهم بالنار، ولو كنت أنا لم أحرقهم لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يعذب بعذاب الله ولضربت أعناقهم لقوله: (( من بدل دينه فاقتلو )) ..الخ.(1/210)

42 / 83
ع
En
A+
A-