وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((سيد الشهداء عند اللّه يوم القيامة حمزة بن عبدالمطلب)) أخرجه الحاكم عن جابر بن عبداللّه رضي اللّه عنهما والطبراني عن علي عليه السلام في أخبار كثيرة، وهذه أيضاً أبلغ وأعظم من الإضافة إلى المتكلم.
وأما قوله: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم نهى حيث دعوه: ياسيدنا. فكان عليه أن يوضح طريق روايته ورجال سنده وتعديلهم ومايلزم إيضاحه من أوجه الاستدلال المتعلقة بسنده ومتنه ومعناه وهل هو عام أو خاص أو مطلق أو مقيد أو مجمل أو مبين أو ناسخ أو منسوخ وهل النهي للتحريم أو للتنزيه، ولكن هذا هو شأن أرباب النظر والاجتهاد الذين هم أهل للإصدار والإيراد أما الذين همهم الإيهام والقعقعة بين العوام فإنهم يذرون الروايات ذرواً ويهذون المقالات هذّاً فيركبون متن عمياء ويخبطون خبط عشواء، ولم ينفرد أهل اليمن بتخصيص الهاشميين بلفظ السيادة فسبيلهم سبيل غيرهم من الشعوب الإسلامية في تمييزهم بوصف خاص كالحجاز ومصر والعراق والسودان والمغرب وغيرهم.
وأما قوله: لو أن الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم أوصى بالخلافة لعلي عليه السلام وخالفوه لكفروا.
فالجواب: أن كلام علماء الإسلام في هذه المسألة معلوم، وهذا إلزام باطل ليس عليه أثارة من علم، وقد علم الناس كافة مذهب أهل بيت محمد عليه وعليهم أفضل الصلوات والتسليم ولم يقولوا إنهم كفروا الصحابة ولاغيرهم بالخلاف في الخلافة وإثارة مثل هذا ونشره ليس من الإرشاد في شيء بل هو من قصد التلبيس والإفساد وبذر الفرقة بين طوائف العباد، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وأما قوله: إنه اطلع على كلمة في فضل الإمام الهادي عليه السلام في شرح الزلف فقد أجبنا عليه برسالة مستقلة (الماحي للريب في الإيمان بالغيب) فينبغي أن تطلعوا عليها وتتأملوا فيها.(1/136)


وأما قوله في شأن شرح الزلف: أنه يريد صحة ماقررناه فيها، فنحن بحمدالله قد أوضحنا فيها الأدلة من الآيات القرآنية والسنة النبوية بطرقها الصحيحة بما إن تأمله ذووا العلم والإنصاف لم يسعهم إلا التسليم والاعتراف، ونحن فاتحون صدورنا لحل ما أشكل على كل مطلع فيها على طريق أهل العلم المجانبين للهوى والاعتساف.
وأما قوله: في حديث ((من كنت مولاه فعلي مولاه..)) الخ فالخبر معلوم للأمة ومعانيه وأسبابه واضحة وقد كرره صلى اللّه عليه وآله وسلم في مقامات عديدة ومواقف كثيرة ولم ينقل ناقل من العلماء ولاغيرهم أن سببه قولهم: إنه تركه بين النساء والصبيان وما أشبه ذلك، فهذا جهل عظيم وخبط جسيم وقد أوضحنا طرقه ورواته وماقاله علماء الأمة فيه في شرح الزلف صفح (226) ص325 الطبعة الثانية، ص432 الطبعة الثالثة، وقد أوردنا في الكتاب المذكور الآيات القرآنية والسنة النبوية كآية التطهير وبيان نزولها في أهل البيت بأخبار الكساء مع ذكر رواتها ومخرجيها من كتب الإسلام وآية المودة وآية الولاية وغير ذلك، وذلك في آخر فصل منها صفح (216) الطبعة الأولى، ص313 الطبعة الثانية، ص419 الطبعة الثالثة، فتأملوه ففيه كفاية لمن ألقى السمع وهو شهيد وله مع ذلك توفيق من اللّه وتسديد، وحسبنا اللّه ونعم الوكيل فهذا ماتيسر إيراده وقد أعرضنا عن الخوض في بعض ماذكرتم مما لاثمرة فيه ولاطائل، ونسأل اللّه للجميع التوفيق والهداية إلى أقوم طريق وأن يجمع الكلمة على مافيه صلاح الإسلام والمسلمين. تم بحمدالله ومنِّه نقل هذا لمؤلفه غرة شهر الحجة الحرام سنة (1395 هجرية) على صاحبها وآله أفضل الصلوات والسلام، كتبه الفقير إلى اللّه أحمد بن يحيى بن أحمد بن عبدالكريم حجر وفقه اللّه لصالح الأعمال.(1/137)


كتاب الماحي للريب في الإيمان بالغيب
تأليف
الإمام الحجة مجد الدين المؤيدي أيده الله تعالى
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين ((عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا)) [الجن:26-27] والصلاة والسلام على من أرسله اللّه رحمة للعالمين المنزل عليه من الذكر المبين ((هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ {2} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)) [البقره:2-3] وعلى آله الطاهرين. وبعد:
فإنه لما كان الاطلاع على السؤال الذي لم يبين صاحبُه فيه اسمه ولم يوضح مُورده رسمه بل لم يذكر فيه تحية السلام التي هي سنة أهل الإسلام وإنَّا بحمدالله وفضله لنرغب في البحث والمذاكرة السالكة منهج أهل العلم في السؤال والاسترشاد وطلب الحق مع استعمال آداب البحث المعهودة بين السلف والخلف.
فأقول وبالله تعالى التوفيق: أما قوله: أولا: من راوي الحديث يعني الذي رويناه في شرح الزلف في صفح (63) ولفظه: وأشار الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم بيده إلى اليمن.. الخبر.(1/138)


فالجواب والله الموفق إلى منهج الصواب أن الحديث هذا رواه كثير من أعلام أهل بيت محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم وأوليائهم رضوان اللّه عليهم كما يعرف ذلك من له اطلاع على علومهم ومؤلفاتهم، وممن رواه القاضي العلامة تقي الدين عبداللّه بن محمد بن أبي النجم، والإمام المنصور بالله الحسن بن محمد بدر الدين، والأمير الناصر حافظ العترة الحسين بن بدر الدين، والإمام المنصور بالله القاسم بن محمد وغيرهم، وقد رويته بعد ثبوت صحته لدي، وقد قام البرهان على قبول خبر العدل الحافظ كما هو معلوم في الأصول، ولما لم يكن القصد لرواية هذا الخبر الشريف إلزام الخصم، ولم يكن المقام مقام خلاف ومنازعة لم أخرجه ولم أذكر رواته كما خرجت الأخبار المحتج بها في ذلك الكتاب وأوضحت رواتها والكتب المروية فيها كأخبار الكساء والمنزلة والثقلين وغيرها مما القصد به إقامة الحجة.
أما هذا الخبر الشريف ونحوه مما ليس الغرض فيه ذلك فقد اكتفيت فيه بالإرسال كما هو شأن علماء الإسلام إذ لايوجد بينهم خلاف في ذلك وإنما الخلاف في وجوب العمل بالمرسل، أما الرواية فلاكلام في جوازها ولايدل على منعها دليل لامن العقل ولامن الشرع، والمرسلات مشحونة بها كتب المسلمين لا يعلم أنه يوجد كتاب من كتبهم خالياً من ذلك، والمعلقات والمنقطعات مملوء بها الموطأ والبخاري ومسلم وسائر كتب علماء المسلمين ولم يسبق إلى الاستنكار على ذلك والاعتراض إلا أن يكون هذا من العلم الجديد فلاكلام، وقد أوضحت الحجة على وجوب قبول المرسل وأوردت كلام السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير عن الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير عن العلامة محمد بن جرير الطبري في إجماع السلف على قبوله وذلك في صفح (215) من شرح الزلف الطبعة الأولى، وفي ص 312 في الطبعة الثانية، وفي ص418 الطبة الثالثة.
وأما قوله: ماهو سند الحديث.(1/139)


فالجواب: أنه قد أغنى عن هذا السؤال السؤال الأول وأغنى جوابه عن جوابه، فلامعنى للتكرير فسند الحديث طريقه.
وأماقوله: في أي الكتب المشهورة.
فالجواب: أنه مروي في كتب كثيرة من كتب أهل البيت وأوليائهم رضي اللّه عنهم منها الأسانيد اليحيوية وأنوار اليقين وينابيع النصيحة والأساس وغيرها، وهذا الخبر النبوي قد رواه الأئمة ولم يعارض أي دليل لامن الكتاب ولامن السنة وليس فيه إلا البشارة بالإمام المجدد للدين، المحيي لكتاب اللّه وسنة جده الرسول الأمين صلى اللّه عليه وعلى أهله الطاهرين، المطهر لليمن الميمون من أرجاس الملحدين والمفسدين أمير المؤمنين الهادي إلى الحق المبين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم أزكى التحيات والتسليم، فما هو موجب الإستفسار والاستنكار؟ ولعل السائل يريد بالكتب المشهورة غير كتب أهل البيت وأوليائهم رضي اللّه عنهم!
فالجواب: أنه لم يرد دليل من كتاب اللّه تعالى ولامن سنة رسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم ولا إجماع من المسلمين أنه لايقبل إلاَّ مارواه فلان وفلان أو طائفة مخصوصة ولم يدع أحد من أهل الكتب أنه أحاط بسنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، وقد صرح كبار المحدثين كالبخاري ومسلم وغيرهما بما معناه أن الذي تركوه من الحديث الصحيح أكثر من الذي رووه، وقد استوفيت هذا في المنهج الأقوم في صفحة (18)، فليتأمل..
وأما قوله: مارأي المؤلف في الذي يدعي علم الغيب إلى يوم القيامة أو يدعي ذلك للغير؟(1/140)

28 / 83
ع
En
A+
A-