وقد أخرج أخبار النجوم والأمان إمام اليمن الهادي إلى الحق في الأحكام وكتاب معرفة اللّه والإمام علي بن موسى الرضا بسنده المتصل عن آبائه والإمام أبو طالب والإمام الموفق بالله والإمام المرشد بالله في الأمالي والإمام المنصور بالله في الشافي بأسانيدهم وصاحب جواهر العقدين عن سلمة بن الأكوع. وقال: خرجه مسددوابن أبي شيبة وأبو يعلى، وأخرجه المحب الطبري في ذخائر العقبى عن سلمة أيضاً، وصاحب الجواهر أيضاً عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا هلك أهل بيتي جاء أهل الأرض من الآيات مايوعدون)) وقال: أخرجه ابن المظفر من حديث عبداللّه بن إبراهيم الغفاري.
وعن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((النجوم أمان لأهل السماء..)) بلفظ ماتقدم، وأخرجه أحمد بن حنبل في المناقب، وهو في ذخائر العقبى بلفظه. قال: وعن قتادة عن عطاء عن ابن عباس رضي اللّه عنهم قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب الشيطان)) أخرجه الحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح الإسناد إلى غير ذلك مما لايحصى كثرة كما قال السيد العلامة الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير رضي اللّه عنه:
وأحب آل محمد نفسي الفدا .... لهم فما أحد كآل محمد
هم باب حطة والسفينة والهدى .... فيهم وهم للظالمين بمرصد
وهم النجوم لخَيِّرٍ متعبِّدٍ .... وهمُ الرجوم لكل من لم يعبد
وهم الأمان لكل من تحت السماء .... وجزاء أحمد ودهم فتودد
والقوم والقرآن فاعرف قدرهم .... ثقلان للثقلين نص محمد
وكفى لهم شرفاً ومجداً باذخاً .... شرع الصلاة لهم بكل تشهد
ولهم فضائل لست أحصي عدها .... من رام عد الشهب لم تتعدد(1/131)


وبعد فإنه وصلنا كتابك أيها الأخ الكريم تذكر فيه: وصول من وصل إلى بلاد آل أبي جبارة للإرشاد. فنقول: وعليكم السلام ورحمة اللّه وبركاته، وأنَّا بحمدالله وفضله يهمنا كل الاهتمام إرشاد العباد، ونشر معالم الدين في البلاد، وبذل النصيحة لكل حاضر وباد، خالية عن الهوى نقية عن الغش بعيدة عن السياسة التي هي من أصول التخريب والفساد، ويعلم اللّه تعالى أنَّا لم نأل جهداً في الإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب الطاقة والإمكان ولكنه قد صار الحال في هذه الأزمان كما جاء عن الرسول الأمين صلى اللّه عليه وآله وسلم في تفسير قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)) [المائده:105] قال صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((إذا رأيت هوى متبعاً وشحاً مطاعاً ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك)). فصبرنا منتظرين لفرج اللّه على عباده وانتظار الفرج عبادة، وهذا كإيضاح للعذر الموجب للسكوت جواباً لما أشرت إليه من أن الحجة علينا قائمة لإبلاغ ما أمر اللّه بإبلاغه.(1/132)


نعم وقد سررنا جداً بوصول من ذكرت آملين أن يكون همهم تعليم الجاهل وإرشاد الضال ودعاء العباد إلى محاربة الإلحاد وإزالة ماعم من الفساد، وعند أن وصلتنا رسالتك والسؤال الذي وجهه إلينا بعضهم المجانب لطريق أهل العلم والاسترشاد عجبنا غاية العجب وخاب الأمر حيث انعكس العمل، فانقلب ذلك الإرشاد إلى الإستنكار والأخذ والرد في مسائل الاجتهاد التي قد اتفق علماء الإسلام قاطبة على عدم النكير فيها ولا يثير الاستنكار حولها إلامن يسعى لبذر الفرقة بين الأمة المحمدية، فأملنا فيكم ومن اطلع على رسالتنا هذه من المشائخ والأعيان والأفراد أن يثبتوا ولاينخدعوا ولايغتروا بزخارف الأقوال المجانبة لمنهج العلم وأهله ففي الخبر النبوي على صاحبه وآله أفضل الصلاة والسلام: ((من أخذ دينه عن أفواه الرجال وقلدهم فيه ذهبت به الرجال من يمين إلى شمال وكان من دين اللّه على أعظم زوال)) ولله القائل وهو الإمام الواثق بالله المطهر بن الإمام المهدي لدين اللّه محمد بن الإمام المتوكل على اللّه المطهر ابن يحيى عليهم لاسلام:
لايستزلك أقوام بأقوال .... ملفقات حريات بإبطال
لاترتضي غير آل المصطفى وزراً .... فالآل حق وغير الآل كالآل
فآية الود والتطهير أنزلتا .... فيهم كما قد رووا من غير إشكال
وهل أتى قد أتى فيهم فمالهم .... من الخلائق من ند وأشكال
وهم سفينة نوح كل من حملت .... أنجته من أزل أهواء وأهوال
والمصطفى قال: إن العلم في عقبي .... فاطلبه ثَمَّ وخل الناصب القالي
هذا وإليك الجواب على ماذكرت أنه أورد عليك أما قوله: إن الإمام زيد بن علي عليه السلام منهاجه قوي وحججه فنقول:(1/133)


أما الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام ففضله وعلمه وجهاده واجتهاده معلوم للأمة المحمدية لاتناكر في ذلك، وأعظم من جد واجتهد في نشر مذهبه وانتسب إليه وأظهر الزيدية وسلك منهاجه إمام اليمن الميمون الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم السلام وكلاهما من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة.
وأما قوله: إننا مخالفون للإمام زيد ومخالفون للرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم..
فأما المخالفة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فنقول: سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم، كيف وإنما يطلب كل مسلم صحيح الإسلام مايصح له عن الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم، ولاتجوز نسبة المخالفة المتعمدة إلى أحد من علماء الدين في مسائل الخلاف بين علماء المسلمين، ولم يسبق لأحد منهم إطلاق الخلاف عمداً لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لمجرد الخلاف في المسائل الفرعية الاجتهادية، فطريقته هذه مخالفة لما عليه علماء الإسلام المعتد بهم، وقد استوفينا الكلام على مسألة الرفع والضم والجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم والتأذين بحي على خير العمل وغير ذلك من المسائل المهمة في رسالتنا المسماة بالمنهج الأقوم، وقد أرسلنا إليكم منه بنسخة اطلعوا عليها وتأملوه.
وأما قوله: الإمام زيد بن علي عليه السلام كان يضم ويؤمن ولايقول: حي على خير العمل. فكل هذا غير صحيح ولا أصل له فلم يثبت عنه أنه ضم وإنما توهم بعضهم من رواية: ثلاث من أخلاق الأنبياء.. الخبر. وقد تكلمت على ذلك في المنهج الأقوم، ولم ينقل عنه التأمين أصلا وهو الراوي لحي على خير العمل عن أبيه زين العابدين عليهما السلام.(1/134)


وأما قوله: إنه لايجوز أن يُدعى أحد بلفظ: (ياسيدي) فإن أراد أنه لايجوز إطلاق لفظ السيد على أحد من الخلق فهو رد للقرآن الكريم فقد قال سبحانه وتعالى: ((وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ)) ورد للسنة الشريفة حيث قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم مشيراً إلى ولده الحسن عليه السلام: ((إن ابني هذا سيد وسيصلح اللّه به بين فئتين من المسلمين)) أخرجه البخاري وغيره.
وقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين علي عليه
السلام: ((أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة)). أخرجه أحمد والحاكم عن ابن عباس وقال: صحيح على شرط الشيخين. وإن قال: إنها لاتجوز مع الإضافة كلفظ: سيدي وسيدنا ونحوهما. فقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((أنا سيد ولد آدم)).
وقال صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((الحسن والحسين سيدا شباب أهل
الجنة)). وهذا خبر متواتر مجمع على صحته وإضافته إلى ولد آدم وإلى شباب أهل الجنة أبلغ من إضافة السيد إلى نفس المتكلم أو إليه مع غيره فجوازه بالأولى، وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((قوموا إلى سيدكم )) مريداً به سعد بن معاذ رضي اللّه عنه وهو خبر صحيح رواه أهل السنن كالبخاري وأهل السير، وفي هذا الحديث دلالة على بطلان قوله: إنه لايجوز القيام للعالم والوافدين. وقد نص العلماء على أنه يستحب القيام للقادم من أهل الفضل ولم يصح النهي، ولكن الفتنة كل الفتنة أن يتصدر لتعريف السنة من ليس له في العلم قدم.
هذا وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: ((نحن ولد عبدالمطلب سادة أهل الجنة)) الخبر أخرجه الإمام المنصور بالله عبداللّه بن حمزة عليهما السلام بسنده إلى أنس وأخرجه الحاكم عن أنس وقال: صحيح على شرط مسلم، وأخرجه ابن ماجه وابن السري والطبري.(1/135)

27 / 83
ع
En
A+
A-