[تقرير السيد الإمام الحسن بن الحسين الحوثي ـ عليهما السلام ـ على هذه الرسالة الشافية]
ولَمَّا اطَّلع مولانا العلامة شرف الملة الإسلامية، وصفوة السلالة العلوية الحسن بن الحسين الحوثي ـ حفظه الله ـ على هذه الرسالة الشافية قال ما لفظه:
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على محمد وآله
اطَّلَعتُ على هذه الرسالة، والجواب الشافي، فلقد أجاد المجيب وأفاد ـ فجزاه الله عن العترة المظلومة خيراً ـ، وليعلم أنَّه منصورٌ مَن نصرهم، مخذولٌ مَن خذلهم، وأن الأصل في هذا شدة التحامل على العترة حسداً وبغياً من أيام النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ إلى يوم القيامة لما ظهر فيهم من الآيات والأخبار من النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ الدالة على أنهم خليفته ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في أمته، وأنهم الأمان من الضلال، وأنهم أئمة الأمة، فبالغ القوم في طمس آثارهم حباً للرئاسة ولذا قال علي ـ عليه السلام ـ: ضرب لي الدهر حتى قرنت بفلان وبفلان، ثم ضرب الدهر حتى قرنت بمعاوية وعمرو بن العاص. وقال يوم الدار فيما رواه الواقدي لبني هاشم ـ: إن القوم عادوكم بعد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عداوتهم إياكم في حياته ولا والله ينيبون إلا بالسيف، ثم تجاوز بهم الحد إلى قصد إبادتهم.(1/96)


ولذا قال علي: ود معاوية أنه لم يبق من بني هاشم نافخ ضرمة. مصداق قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: ((إن عترتي ستلقى من أمتي قتلا وتشريداً))، فقتلوهم وشَرَّدُوهم، فبعضٌ شرد إلى الجيل والديلم، وبعضٌ إلى اليمن، وكأنه لقوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: ((إذا حلت الفتنة بأرض الشام فعليكم بأرض اليمن))،
فوجدت العترة شيعةً نصروهم، وقاموا بحقهم من الإجلال والتعظيم لأَحيائهم وأمواتهم، ولازال السلاطين يحاربونهم، ويبالغون في قصد إطفاء أنوارهم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، وتقرب فقهاءُ السوءِ المؤثرون للحياة الدنيا على الآخرة بوضع أحاديث مطابقة لأغراض السلاطين تقرباً إليهم، وطمعاً فيما لديهم، وبعضُهم شقاوة بما كسبت أيديهم، ولخبث
الميلاد حتى قرَّروا لهم وبين العامة من أنَّ أئمة العترة لَمَّا جاهدوهم خوارج، وتارة يعدونهم وشيعتهم روافض حتى تجاوزَ بهم الحد إلى عدِّ مايصل إليهم من شيعتهم من الإجلال شركاً، من زيارتهم، والإنحنا بالتسليم عليهم، ويعدون الجهر بالصلاة عليهم بدعة، ولكن الموعد القيامة، ونعم الحكم الله، والسلام ختام، بتاريخه شوال سنة 1369 هـ، وكتب الحقير حسن بن حسين ـ وفقه الله ـ.
تَّم نقلاً والحمدلله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين، نساخته يوم الأربعاء 27 رجب 1370 هـ بقلم المفتقر إلى عفو الملك المنان علي بن يحيى شيبان.
---(1/97)


كتاب الثواقب الصائبة لكواذب الناصبة
تأليف
الإمام الحجة مجد الدين المؤيدي أيده الله تعالى
[المقدمة]
بسم اللّه الرحمن الرحيم
وبالله نستعين
وصلى اللّه وسلم على رسوله المصطفى وآله الحنفاء ورضي اللّه عن من بدينهم اعتصم وبهديهم التزم فاستمسك بالعروة الوثقى واستعصم بالحبل المتين الأقوى، دع عنك من لبّس على العباد بالتدليس، واقتعد مقاعد التدريس وقد اقتاده الضلال بمقاود الهوى فصار من حزب إبليس، اللهم إنا نسألك التثبت في القول والعمل، ونعوذ بك وأنت خير مستعاذ من الزيغ والزلل.
اعلم أيها الأخ أيدنا اللّه تعالى وإياك بتوفيقه، وأمدنا باللطف للزوم منهاج الحق وطريقه، أن اللّه جل شأنه وعز سلطانه يقول: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ)) [النساء:135]، ويقول عز وجل: ((وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ)) [آل عمران:187]، فلمثل هذه الأوامر القرآنية والزواجر الإلهية من الكتاب الكريم والسنة النبوية تحتم وحق الصدع بالحق وإن شق، ولاشك أنا لانعدم من يمج مانلقيه إليه سمعه ويضيق لمانمليه عليه ذرعه ولاسيما إذا توجه النقم على أشياخه وقادته الكبراء الذين قد صاروا محكمين في دينه أمراء، وبمن اللّه تعالى وإفضاله لانقول لهذا وأمثاله إلا كما قال عز وجل: ((وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا)) [الفرقان:63] ((وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا)) [الفرقان:72]، ونقول له من باب إبلاغ الحجة وإزالة الشبهة ماقاله سيد الوصيين صلوات اللّه عليه: إنه لملبوس عليك إن الحق لايعرف بالرجال ولكن الرجال يعرفون بالحق فاعرف الحق تعرف أهله.(1/98)


واعلم أن من أعظم ماكلف اللّه به الخلق ودعاهم به إلى سبيل نجاتهم، ودلهم على نهج سلامتهم إخلاص الطاعة لأهل بيت رسوله وإصداق الولاية لورثته وعترته في محكم قوله حتى قرنهم بكتابه وجعلهم من كل الورى أدرى به المطهرين عن الرجس المشهود لعصمتهم وحجيتهم بآية التطهير والمودة وأخبار الكساء وأحاديث التمسك وخبري السفينة وغيرها مما طفحت به الأسفار ووضحت به الحجة لذوي الأبصار، فلاحاجة بنا هنا إلى سرد الدلائل القطعية والحجج المنيرة الجلية من الكتاب العزيز والسنة النبوية على وجوب التمسك بآل محمد صلوات اللّه عليه وآله، والكون معهم ومودتهم وتقديمهم على الكافة، وأنه لايفضلهم أحد من الخلائق غيره صلى اللّه عليه وآله وسلم، وأنهم ورثة الكتاب وحجج اللّه على ذوي الألباب، ((وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)) [القصص:68] وكونهم عترة الرسول خلقوا من لحمه ودمه، وأوتوا علمه وفهمه، والمدعو لهم بجعل العلم والحكمة في زرعه وزرع زرعه، وعقبه وعقب عقبه، فلانجاة إلا بتسليم الأمر لله والنزول عند حكمه ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)) [الأحزاب:36].
وقد وصف اللّه تعالى الحاكمين بغير ما أنزل اللّه تعالى بالظالمين والفاسقين والكافرين، فهذا حكم اللّه تعالى على جميع بريته، وقضاؤه في كافة خليقته لايعارضه معارض ولايناقضه مناقض، وأن فرضه على العلماء أقدم وحكمه لهم ألزم لأنهم أعلم والمنة لله تعالى ولرسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم عليهم أعظم، فكلما تضاعفت النعمة له من علم وعمل ترادفت موجبات الشكر لله تعالى ولرسوله عليهم فيها، وقد جعل اللّه تعالى ذلك كله في مودة أهل البيت، وما الأمر كما يتصوره بعض من ساعد الهوى وغلبت عليه محبة الترأس في الدنيا أنه قد سقط عليه مودة ذوي القربى.(1/99)


وياسبحان اللّه ألم يعلم أن الشكر واجب عليه لهم في نفس ما استفاده من العلم إن كان من علمهم وإلا فهو ممن أخلد إلى الأرض واتبع هواه وفرح بما عنده من العلم، نعوذ بالله من الهوى ولزوم الشقا، هذا وربما يستبعد مستبعد أنه يذهب إلى هذه المذاهب أحد ممن يتدين بولاية آل محمد صلوات اللّه عليهم فنقول: إن قصدت أنهم لايصارحون به مصارحة ويكاشفون به مكاشفة فنعم، وأنى لهم وقد ألجمتهم عن ذلك الدلالات وكظمتهم عن التصريح به البينات التي هي أشهر من فلق الصباح وأنور من براح وإذاً لكانوا قد خلعوا القناع وكيف وهم قد غَمَّروا على الرَّعَاع أنهم من خلاصة الأشياع والأتباع وإنما يظهر هذا منهم في الأفعال، وإن كانوا على خلاف تلك الأقوال والعامل بما يقوله ويوجبه الدليل قليل.
ثم نقول له: والذي يقول في كتابه المجيد: ((مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)) [ق:18]، ماحمل على هذا إلا النصح بإيضاح الحجة وبيان المحجة بعد أن علمنا أن اللّه سبحانه وتعالى لايرضى بالسكوت منا وأن الإقرار عليه قبيح، وأن اللّه سبحانه وتعالى له غير مبيح، ثم شأنك وخلاص نفسك، والنظر لما ينجيك عند حلول رمسك، فإن كنت لاترضى بقبوله، فتلك شكاة ظاهر عنك عارها، وإنا بحمد اللّه تعالى لانحب هلاك أحد من عباد اللّه، ونحرص كما علم اللّه على هداية جميع خلق اللّه ((وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ)) [يوسف:103].(1/100)

20 / 83
ع
En
A+
A-