[ذكر عدد من أئمة الزيدية في الجيل]
ولا دعاة دعوا في الجيل بعدهم.... مثل النجوم هدى للخلق في السفرِ
من كل أبلج بالعلياء متوج بالرا.... يات أدلج ماضي الجيش في البكرِ
له قضاة وأشياع تناصره.... كزيد الحبر والقاضي أبي مضرِ
قد ذكرت أنا عدة من أعيان شيعة المؤيد، وأخيه قبيل هذا الكلام فخذه من هناك.(2/81)


[1- الإمام مانكديم (ع)]
وأما الدعاة الذين أجملهم السيد صارم الدين، ولم يسمهم بأعيانهم فهم: السيد مانكديم وقد تقدم طرف من شرح حاله، وأنه دعا بلنجا عقيب موت المؤيد بالله، وكان من أعيان العترة الكرام، ومن المتبحرين في علم الكلام، وله كتاب (شرح الأصول) وهو من أجل الكتب المرجوع إليها، والمعتمد عليها.(2/82)


[2- الإمام الهادي الحقيني (ع)]
ومنهم: الإمام الهادي الحقيني، وهو أبو الحسن علي بن جعفر، من ذرية زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام وكان جامعاً للعلوم، ترشح للإمامة في أرض الديلم، وأقبل العلماء إلى بيعته لتكامل شروط الإمامة فيه.
وقد عدَّه الإمام المهدي في (البحر) في زمرة الأئمة، وأشار إلى ذلك الحاكم.
قالوا: وكان الحقيني متشدداً في الإنكار على الباطنية، وعلى من يرى أنهم صلحاء، وإباحة دمه، واغتنام ماله دون سبيه واسترقاقه، حتى بلغه ذات يوم أن القاضي مروان بلغته رقعة من الملاحدة على يدي رسول أرسلوه إليه.
والقاضي مروان هذا كان من علماء النحاة، وكان يعتذر على الإمام الهادي بعدم تنفيذ مراده عليه لقصور يده في موضعه، فقال: اللهم، إن كان هذا صدقاً فأحضره عندي ها هنا لأصلبنه فيك ولك، فلم تمض أيام إلا مقدار مسافة ما بينه وبين القاضي، فحضر القاضي مروان، فلم يؤجله بل صلبه من ساعته.
وللحقيني -عليه السلام- وصية عجيبة فيها ألفاظ دقيقة ومعان في هذا الشأن وبه حقيقة، فالله تعالى يرزقني العمل بمقتضاها، ويتوب علي توبة يرضاها، ولم يزل قائماً في إقامة قناة الدين حتى وثب عليه بغتة حشيشي من الملاحدة الباطنية، فاستشهد في يوم الإثنين في شهر رجب من شهور سنة تسعين وأربعمائة سنة.(2/83)


[3- الإمام أبو الرضى الكيسمي (ع)]
ومنهم: أبو الرضا الكيسمي الحسني، كان جامعاً لشرائط الإمامة، مؤهلاً للزعامة، دعا بعد الهادي الحقيني، فاستولى على جميع أقطار جيلان، وديلمان إلى حدود طبرستان، وكانت المملكة الجائرة إذ ذلك في ديلمان لآل حوى فنابذهم الإمام منابذة علوية حسينية حتى طال عليهم الأمد.
قال راوي أخباره: فحدث أنه -عليه السلام- ذات يوم كان جالساً في مسجد من مساجد جيلان فأراد بعض آل حوى الهجوم عليه، فبكى، وقال: اليوم أفقأ عينه، فهجم المسجد [عليه] بغتة بقضه وقضيضه، فوثب الإمام وأصحابه، فكان في أصحابه رجل يقرأ في (إصلاح المنطق) رماه الظالم بمزراق فاتقاه بالكتاب، ثم عطف على الظالم بالمزراق فضربه على عينه ففقأها بعزة الله وإعانته، كذا فرس للظالم على فقو عينه بأن دنا من جدار المسجد حتى توكأ ذباب المزراق بالجدار ونجا الإمام -عليه السلام- وأصحابه، وقصته في دعائه على الديك، وعلى ولده -عليه السلام- مشهورة.
ولم يعش بعد الحقيني إلا قليلاً، ثم قبضه الله إليه.(2/84)


[4- الإمام أبو طالب الأخير(ع)]
ومنهم السيد أبو طالب الأخير: هو أبو طالب يحيى بن أحمد بن الحسين بن المؤيد بالله -عليهم السلام-، عده في (البحر) من أئمة الهدى، وكان حافظاً لمذاهب أهل البيت عليهم السلام متونها وتعاليقها.
وكان خروجه بجيلان سنة اثنتين وخمسمائة، ودانت له أكثر بلاد الجيل، واتصل أمره إلى هوسم، وسرى [أمره] إلى جبال ديلمان، فعارضه شريف حسني، وطرده من هوسم، ثم انتهى الحال [بعد ذلك] إلى أن قويت شوكته، فطرد هذا الشريف من جيلان وديلمان، وكانت أكثر حروبه مع الباطنية قتل في يوم واحد ألفاً وأربعمائة، وأخذ من قلاعهم ثمان وثلاثين قلعة.
وافتتح من البلاد مسير اثنتي عشرة ليلة من كل جهة، وأقام أربع عشرة سنة ما يخرج وحده من الجوشق إلا لصلاة خوفاً من مكر الباطنية، وكان لا يقبل لهم توبة، ويأخذ أموالهم، ويسبي ذراريهم،وكان يقتل من خالطهم مختاراً حتى أمر بقتل سبعة أنفس فيهم رجل رأى ملحداً صلحاً، ولم يتميز عن الستة.
قال القائل: والستة في الجنة، والواحد في النار، وصلب ثلاثة أحياء، ومذهبه أن الصلب للحي [جائز] وهو مذهب كثير من العلماء وكاتبه صاحب عمان، وكان زيدياً محباً مناصراً له، وكان حاشيته وغلمانه ومن أجابه اثني عشر ألفاً على مذهب الهادي -عليه السلام-، وخدامه كلهم كانوا يصلون، ولم يكن يستعين من الفاسقين إلا بمن يصلي، وكان له من الهيبة ما لم يكن لأحد قبله.(2/85)

97 / 205
ع
En
A+
A-