[الإمام عبد الله بن محمد بن عبد الله - عليه السلام -]
رجعنا إلى نظم السيد صارم الدين وتفسيره قال:
وفجعت بعد عبدالله بالحسن الـ.... ـمبارك الماجد المأسور بالغررِ
المراد بعبد الله هذا: [هو] عبد الله بن محمد بن عبد الله النفس الزكية، لقبه الأشتر، خرج على أبي الدوانيق في آخر مدة خلافته بالسند، وأرض كابل، وكان السبب في ذلك أن عبد الجبار بن عبد الرحمن صاحب خراسان، كتب إلى النفس الزكية، أن أنفذ إليَّ ولدك أدعو لك؛ لأن أبا الدوانيق هم بعزله بعد أن ضبط له خراسان، فسار إليه عبد الله في أربعين رجلاً أو خمسين إلى مدينة هراة وقبل وصوله إلى عبد الجبار خرج إلى السند، وبقي بها أربع سنين يدعو الناس إلى الإسلام، فأسلم على يديه خلق كثير، وعلى السند من قبل أبي الدوانيق هشام بن عمر التغلبي فوقع بينهم قتال كبير قتل من الفريقين زهاء ثلاثة آلاف رجل، وكان بينهما قدر خمسين وقعة في مقدار سنة، فقتل عبد الله هذا وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، وكان فارساً، شجاعاً، ويقاتل أيضاً راجلاً، قتل في سنة إحدى وخمسين ومائة في شعبان، بعد قتل أبيه بخمس سنين.
فلما قتل هناك ردَّ إلى أهله وولده بعد موت أبي الدوانيق إلى الكوفة، فعقبه بها، فقتل هذا بأرض السند، وأخوه علي بن محمد أخذ بمصر، وحمل إلى أبي الدوانيق، فقتله في السجن.(1/326)


[الحسن بن إبراهيم بن عبد الله - عليه السلام -]
وأما الحسن المذكور في البيت فهو: الحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي -عليه السلام - ذكره السيد أبو العباس وقال: إنه دعا، وروى له دعوة عجيبة حذفتها ميلاً إلى الاختصار، قال: فلما بلغت دعوته اجتمعت إليه الشيعة، [وكان] مستتراً بالبصرة، والشيعة يلقى بعضهم بعضاً [بأسبابه] فسعى به قرين بن يعلي الأزدي إلى أبي الدوانيق فأعطاه ثلاثة آلاف درهم، وأرسل معه مرعيد النصراني في جماعة من الأعوان، وكتب إلى صاحب البصرة بالسمع والطاعة له، فأقبلوا حتى نزلوا البصرة، فأقبل مرعيد يظهر العبادة، والتأله، ومذهب الشيعة، ومضى قرين إلى الحسن، فأخبره خبره، وعرفَّ بينه وبين الشيعة، فجعلت الشيعة تصف نسكه للحسن حتى صار الحسن مشتهياً للقائه، ومرعيد مع ذلك لا يترك صلة الحسن بالأموال، ويقول: استعن بها على أمرك، وكلما كتب إليه الحسن كتاباً وضعه على [رأسه و] عينه، وأكل ختمه يريد بذلك في رأي العين التبرك إلى أن قالت له الشيعة يوماً: إن الحسن يشتهي لقاءك، [فقال لهم] : أخشى أن أشهر أمري ولكن أنا في حجرة فلو جاءني مع هذا، وأومى إلى قرين رجوت أن يكون أغبى لأمره، فأجابته الشيعة إلى ذلك، وعمد مرعيد فهيّأ القيود والرجال، فلما وافاه الحسن قيده، وحمل من ساعته إلى أبي جعفر على البريد، فلما وصل[إليه] الحسن أمر بحبسه، وبعث عميراً مولاه، فأخذ قريناً وأخاه، فعذبهما حتى قتلهما، فقال في ذلك بعض الشيعة:
حمدت الله ذا الآلاء لما.... رأيت قرين يحمل في الحديد(1/327)


ثم إن سليمان بن الجنيد الطحاوي الصيقل عمل في خلاص الحسن بعد موت أبي الدوانيق من السجن، وقد كان الحسن [دفع ابنه وبنته إلى سليمان] فسماهما بغير اسميهما ورباهما، وكان اسم ابنه: عبد الله، و[اسم] ابنته: خديجة.
فلما أفضت الخلافة إلى[الملقب] المهدي أطلق كل من كان في حبوسه غير الحسن ورجل آخر، فقال سليمان للحسن: قد كنت أظن أنك ستطلق، وما أرى القوم مخرجيك ما دمت حياً، فهل لك أن أعمل في خلاصك ؛ فقال: [افعل] على اسم الله، قال سليمان: فأتيت يعقوب بن داود فشاورته في ذلك، فقال لي: اعمل فإنها فرصة يمكن فيها العمل، قال: فخرجت إلى أصحابي الزيدية، وفيهم أبو الجوزاء، وكان فاضلاً، [فإنه صاح] بالمهدي يوماً وهو يخطب:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ }[الصف:2] فأمر به فأدخل عليه، فقال [له] : ما حملك على ما صنعت اليوم ؟ قال[له] : قول الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ }[آل عمران: 187].فاتق الله، قال: ويلك!! من أنت؟(1/328)


قال: رجل من المسلمين، أمرك بمعروف فاعرفه، ونهاك عن منكر فأنكره، قال فضربه بعمود كان معه حتى غشي عليه عامة النهار، ثم دفعه إلى الربيع، وهؤلاء الذين كانوا من الزيدية، فقال لهم سليمان: كونوا على عدة، فإني أريد أن أنقِّب على هذا الرجل، فأجابوه بأجمعهم[واحتالوا] حتى نقَّبوا المطبق وانفتح الحصن، وخرج الحسن وعليه كساء [شعر] أسود، وقد ضرب شعره منكبيه، وكان علاجهم في النقب نصف النهار لما أراد الله من إطلاقه وتسهيل أمره فخرج من الحبس يمشي ويعتقل لا يستطيع المشي، والناس يستحثونه، فقال: لا أقدر على الخطو، ثم أتي له بحمار فركبه حتى أتى منزلاً في خان فنزل فيه، وأتي إليه بابنه عبد الله وهو لا يعرفه فسلم عليه، واعتنقا جميعاً يبكيان، وسليمان يبكي لبكائهما، ثم تحمل بعد ذلك إلى الحجاز، فأقام في أمان المهدي حتى هلك –عليه السلام-.(1/329)


[الإمام محمد بن إبراهيم بن إسماعيل(ع)].
وأنزلت بابن إبراهيم داهية.... محمد طاعن اللبَّات والثغر
قاد ابن سهل إليه عسكراً لَجِباً.... والعير يقدم نحو الليث من ذعرَِ
وقام فارس شيبان بدعوته.... أبو السرايا ولم يبخل بمنع سري
المراد بابن إبراهيم هذا هو: محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن، كنيته أبو عبد الله، وقيل: أبو القاسم، ظهر بالمدينة بعد أن أقام مستتراً مدة طويلة، واشتد الطلب عليه من أبي الدوانيق، فلم يقف على خبره، فظهر في خلافة المأمون، وذلك أن نصر بن شبيب قدم حاجاً، وكان متشيعاً حسن المذهب، فكان ينزل الجزيرة، فلما ورد المدينة سأل عن بقايا أهل البيت من المذكور منهم ؟ فذكروا أنه علي بن عبد الله بن الحسين و عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ومحمد بن إبراهيم هذا، فأما علي بن عبد الله فإنه كان مشغولاً بالعبادة لا يصل إليه أحد، ولا يأذن لأحد.(1/330)

66 / 205
ع
En
A+
A-