وقال الصاحب الكافي:
بدا من الشيب في رأسي تفاريق.... وحان للَّهو تمحيص وتطليق
هذا ولا لهو مع همَّ يعرفني.... بيوم زيد وبعض الهم تعويق
لما رأى أن أمر الدين مطرح.... وقد تقسمه نهب وتمحيق
وأن أمر هشام في تفرعنه.... يزداد شراً وإن الرجس زنديق
قام الإمام بحق الله ينهضه.... محبة الدين إن الدين موموق
[يدعو إلى ما دعا آباؤه زمناً.... إليه وهو بعون الله مرفوق]
[لما تردت حرارتي عليه ولم.... فليس يعسره في الخلق مخلوق]
ابن النبي نعم وابن الوصي نعم.... وابن الشهيد نعم والقول تحقيق
لم يشفهم قتله حتى تعاوره.... قتل وصلب وإحراق وتغريق(1/286)


[الإمام يحيى بن زيد - عليهما السلام -].
وقام يحيى بن زيد بعد والده.... وهزَّ عاسل عزم غير منكسرِ
فسلمته إلى سلم بن أحوزها.... بالجوزجان بلا ضعف ولا خورِ
صلى الإله على زيد وصفوته.... يحيى وصلى على أشياعه الغررِ
السالكين إلى الأخرى مسالكها.... والمقبلين على أعمالها الأخرِ
ففي النهار جهاد طال عثيرة.... والليل ترجيع آي الذكر في السحرِ
وأشهد الله أن الحق دينهم.... وأنهم صفوة الباري من البشرِ(1/287)


هو أبو عبد الله، وقيل: أبو طالب يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب- عليهم السلام-، كان مثل أبيه في الشجاعة، وقوة القلب في مبارزة الأقران، وله مقامات مشهورة بخراسان مدة ظهوره بها في حروبه لما استشهد أبوه خرج من الكوفة متنكراً مستتراً مع جماعة من أصحابه فدخل خراسان، ونزل على الحرش بن عبد الرحمن الشيباني، فكتب يوسف بن عمر إلى نصر بن سيار يطلبه، فكتب إلى عامله عقيل بن معقل الليثي فطلبه ببلخ، فذكر له أنه في دار الحرش، فطالبه بتسليمه فأنكر أن يكون عالماً به؛ فضرب ستمائة سوط فلم يعترف، فقال: والله، لا أرفع السوط عنك حتى تسلمه أو تموت، فقال حرش –رحمه الله-: والله لو كان تحت قدمي هاتين لا رفعتهما فاصنع ما بدا لك، فلما خشي ابن الحرش على أبيه دسَّ إليه بأنه يدله عليه إن أفرج عن أبيه فدل عليه [وأخذ] وحمل إلى نصر بن سيار، [فقيدَّه وحبسه] وكتب بخبره إلى يوسف بن عمر، فكتب يوسف إلى الوليد، فأمر الوليد: أن افرج عنه، واترك التعرض له ولأصحابه، فكتب يوسف إلى نصر بما أمر به الوليد، فدعاه نصر، وحلَّ قيده، وقال له: لا تثر الفتنة‍‍‍، فقال: وهل في أمة محمد ً أعظم من فتنتكم في سفك الدماء، والشروع فيما لستم له بأهل؟‍‍‍‍ فسكت نصر وخلى سبيله، فخرج من عنده وجاء إلى بيهق وأظهر الدعوة هنالك فبايعه فيها سبعون رجلاً؛ فاجتمع على حربه زهاء عشرة آلاف قائدهم سلم بن أحور عن رأي نصر بن سيار، فخرج عليهم يحيى فقاتلهم وهزمهم، ثم اجتمع عليه بقية العسكر والجيش، فقاتلهم ثلاثة أيام ولياليها أشد قتال حتى قتل أصحابه، وأتته(1/288)


نشابة في جبهته، ثم حزوا رأسه، وحملوه إلى مروان في رواية (الحدائق) وقال الحاكم في (شرح العيون) : إلى الوليد، وهو المعارض له وكان قتله في شهر رمضان عشية الجمعة سنة ست وعشرين[ومائة] وقيل: سنة خمس وصلب بدنه -عليه السلام- على مدينة الجوزجان، وسنه إذ ذلك ثمان وعشرون سنة، وعرض عليه أن يتزوج، فقال: هيهات!! وأبو الحسين مصلوب بكناسة الكوفة، ولم أطلب بثأره، وكان -عليه السلام- ينشد:
يا ابن زيد أليس قد قال زيد.... من أحبَّ الحياة عاش ذليلا
كن كزيد وأنت مهجة زيد.... تتخذ في الجنان ظلاً ظليلا
يشير إلى قول أبيه لما خرج من عند هشام: من أحب البقاء استدثر الذل إلى الفناء.
[و] روى الإمام المنصور بالله -عليه السلام-: أن قاتل يحيى [بن زيد] كان قد رأى في منامه[قبل قتله ليحيى -عليه السلام-] أنه رمى نبياً فقتله، فلما أصبح أخبر بذلك من أخبره ثم غل يده إلى عنقه، وأقام كذلك مدة من الزمان حتى خرج يحيى -عليه السلام-، واجتمعت الجنود[الأموية] الطالبة لحربه، فقال له بعضهم: قد قام هذا الخارجي ولا غنى لنا عن رميك، فاخرج معنا فإذا انقضت الحرب عدت بحالك [فخرج] فكان هو القاتل ليحيى -عليه السلام- ولا عقب له.(1/289)


[الإمام محمد بن عبد الله (النفس الزكية) (ع) ].
وفي محمدها المهدي ما حفظت.... حقاً لما كتبت كفاه في السيرِ
زاكي الأصول وزاكي الفرع من حسن.... وخير مؤتزرٍ بالمجد معتجرِ
مالت عليه إلى فرعون معشره.... أبي الدوانيق طاغي عصره الغدرِ
هو: أبو عبد الله، وقيل: أبو القاسم محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب -عليهم السلام-، [و] كان يسمى المهدي، ويسمى صريح قريش؛ لأنه لم يكن في آبائه من أمه أم ولد إلى أمير المؤمنين، وكذلك جداته من قبل أمه، وكان يسمى بالنفس الزكية؛ لورود الأثر: ((أن النفس الزكية تقتل فيسيل دمه إلى حجار الزيت )) وكان كذلك، وحملت به أمه أربع سنين.
فائدة: ومن حمل به أكثر من تسعة أشهر: الضحاك بن مزاحم ولد لستة عشر شهراً، وشعبة بن الحجاج [ولد] لسنتين، وهرم بن حيان ولد لأربع سنين، ولذلك سمي هرماً، ومالك بن أنس حمل به أكثر من ثلاث سنين، والحجاج بن يوسف ولد لثلاثين شهراً، وكان يقول: أذكر ليلة ميلادي، وعبد الملك بن مروان ولد لسنة، والشافعي حمل به أربع سنين أو أقل، والحنفية يمازحونهم ويقولون: ما جسر إمامكم يظهر أوان الوجود حتى مات أمامنا؛ فتجيبهم الشافعية: بل إمامكم ما تثبت لظهور إمامنا.(1/290)

58 / 205
ع
En
A+
A-