وهيهات ما يفدي حميم حميمه.... إذ الموت للإنسان ضربة لازب
كثير حياة المرء مثل قليلها.... تزول وباقي عيشه مثل ذاهب
فيا مرسلي إن جئت صنعاء ضحوة.... حماها إلهي من كثير الشوائب
فقل لي لشمس الدين أحمد والأولى.... حواليه من صدر خليل وصاحب
لكم أسوة في المصطفى وابن عمه.... فإنهما أهل النهى والتجارب
وصبراً جميلاً واحتساباً فإنما الـ.... ـثواب على قدر احتمال النوائب
وقولي لكم صبراً على الرزء سنهُ.... وإلا فلستم تلهمون بصائب
ونسأل من عمَّ الورى بنواله.... وأرخى عليهم مسبلات السحائب
يبل ثرى قبر تضمن جسمه.... ويؤنسه عند انصراف الأقارب
ويرقاه بالرضوان فوراً فلم يكن.... على طاعة الرحمن غير مواظب
بآية ما كان ابتداءُ شكائه.... طهور به ينوي صلاة الرغائب
عليه سلام الله وقفاً فإنني.... رأيت الكريم الحر رهن النوائب
وإني لكل العترة الشم وامقٌ.... فيا لائمي في حبهم لست صاحب(3/131)


[ذكر من ملك صعدة في عصر المصنف من أولاد الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة -عليه السلام-]
فصل: ومما يحسن ذكره في هذا الموضع الذي ترتب على قوله:
وذا زمانك، إلى آخره.. أني أذكر نبذة ممن ملك صعدة ونواحيها من بني المنصور بالله في عصرنا، فأقول:(3/132)


[الأمير الحسين بن علي بن قاسم]
أولهم: الأمير الحسين بن علي بن قاسم، ملكها في ذي الحجة [من] سنة ست وستين وثمانمائة [سنة] ؛ لأنه كان من جملة عسكر جمعه السيد يحيى بن صلاح الهادوي، وحطوا على صعدة، فلما كاد يأخذها توالس الأمير هو وأهل صعدة، وأحبوا جانبه، فوعدهم إن سهلوا له الدخول ووعدوه بذلك، فلما فتح السيد صعدة خاف أهل صعدة إن تقوَّت شوكته عليهم يجور عليهم ويأخذهم بذنوب قد أسلفوها إلى جدته الشريفة فاطمة بنت الحسن حال إخراج الناصر لها من صعدة، وأخذ البلاد عليها، فرجحوا للأمير الحسين ولأصحابه بني حمزة أن يلزم السيد يحيى، وقالوا له: سيفان لا يصلحان في غمد، فلزمه وصاح للناس بالأمان والضمان، فلما استقر بالمدينة أصلح البلاد، وقدم ولده الهادي عليها إلى أن مات الحسين في [أول] سنة اثنتين وسبعين في الزاهر من الجوف، وقبره هناك مشهور.(3/133)


[الأمير الهادي بن الحسين]
فاستمر الهادي والياً للبلاد، ولم يكن قد ملك أبوه تلمص وغيره من الحصون، ولكن ملكها الهادي ما خلا حصن نعمان فقد كان مع والٍ كان فيه لحي عامر بن طاهر، حفظه مدة وانكسر عليهم جوامك كثيرة، فأذن له ابن الطاهر في بيعه، فشراه الهادي بعد أن حط عليه، ثم استمر الهادي يغادي الغارات على صنعاء، ويراوحها وفيها ابن الناصر، فما قدر عليها حتى قتل في ذي القعدة [من] سنة ثلاث وسبعين، قتله بعض عرب الجوف في عدة من عسكره وبني عمه الحمزات.
ودفن عند أبيه في مشهدهم في الجوف.(3/134)


[الأمير محمد بن الحسين]
وملك البلاد أخوه محمد بن الحسين، فطالت مدته، وتقوَّت على الأعداء شوكته، واشتهرت شجاعته وحميته، وكثرت في عصره بنو عمه وذريته، ونقم بالثأر ممن قتل أخاه وأسرته، وحضر وقائع كثيرة يخذل الفرسان، ويكسع الأقران، إلى أن توفي على فراشه بين إخوته وعترته، في بلد مسقط رأسه، ومنبت شعبته [بالجوف بالزاهر]، وكان ذلك يوم حادي عشر من رجب سنة خمس عشرة وتسعمائة سنة، وبلغ علم وفاته إلى صعدة يوم ثالث موته، فوقع فيها رجة عظيمة بموته، وبكى عليه من يعرفه، ومن لا يعرفه، حتى من كان يتمنى موته دامت عليه حسرته، وجرت دمعته؛ لأنه كان فيه خصال محمودة، منها: نزاهته عن المعاصي التي تدنس عرض الشريف، ومنها:
أنه كان كثير الصفح والعفو، وعدم الحنة على الخصم، فإذا قدر عليه في معركة في الأغلب رفع السيف عنه وغير ذلك من خصال الكمال، فأما شجاعته العظيمة، فأقرَّ له بها الموالف والمخالف، وأقام عليه الناس القراءة في المساجد ثلاثة أيام –سيما- بمسجد الهادي -عليه السلام- وأنشدت فيه المراثي، وعقرت عليه العقائر الكثيرة في الجوف، وفي صعدة، ودفن في الزاهر، وعمل عليه هناك تابوت صنع في صعدة، وأرسل به [إلى ثَمَّ]، وكانت مدة عمره قدر سبعين سنة فما حولها، و ملك البلاد قدر نيف وأربعين سنة، وخلف أولاداً نجباء أهل شجاعة، فولي منهم بعده وقبل موته الأمير شمس الدين: أحمد بن محمد، وكنيته المتوكل على الله [تعالى]، فمات أبوه، وقد تقوت شوكته، وانتشرت في البلاد كلمته وهيبته ورعيته، ومال الأشراف بنو حمزة في الأغلب ميلته.(3/135)

187 / 205
ع
En
A+
A-