شيوخ رُفَيْدَةٍ وشيوخ جنب.... وشهرانٍ ذووا قدر كبارا
وإني ناشد طَلِقَ المحيا.... أبا يحيى الذي جبر انكسارا
مليك آزال لا زال المرجى.... لدفع كريهة تدني التبارا
وذلك أحمد شمس المعالي.... وبدر في الدياجي قد أنارا
هما الملكان ناصر دين حق.... ومنتصر لمن عظم اقتدارا
[انتهى الموجود منها أيضاً، وأظنها أكثر أبياتاً مما هنا، والله اعلم].(3/96)


[دعوة الإمام شرف الدين بن شمس الدين -عليه السلام-]
ومما يناسب ما هنا أنه وصل إلى صعدة في آخر شهر ربيع الآخر من سنة اثنتي عشرة [سنة، وصل] إلى الأمير محمد بن الحسين، و إلى ولده أحمد بن محمد، و إلى غيرهما من سادة، وقضاة، وفقهاء، ومشائخ: دعوة من أرض حجة من مولانا: شرف الدين بن شمس الدين بن الإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضى مضمونها أنه لما روجع السيد، الفاضل، [الصدر، العلامة جمال الدين] علي بن صلاح بن الحسن بن أمير المؤمنين علي بن المؤيد –عليه السلام- في أن يقوم بأمور المؤمنين منذ توفي حي الإمام [الولي] محمد بن علي الوشلي إلى هذا التأريخ، فلم يفعل.(3/97)


قال: ولم يكن في شيعة المغارب والظواهر الذين قوَّموا الوشلي وقدموه على غيره حيلة، ولا بقيت لهم رغبة ولا اعتداد بدعوة مولانا الحسن بن أمير المؤمنين، اجتمعوا ونصبوا شرف الدين بن شمس الدين بن المهدي لدين الله أمير المؤمنين يوم حادي عشر من جمادى الأولى من هذه السنة، فلما وصلت هذه الدعوة إلى صعدة، وفيها الأمير محمد بن الحسين لم يعجبه ذلك؛ لأن ميله كان إلى السيد علي بن صلاح، ظهر منه ومن ولده أحمد بن محمد عدم الاكتراث بذلك، بل كانت سبيلاً في أكثر مراودة السيد علي ومعاودته وإشياع الفضل معه مراراً وكراراً، فما أسعف إلى شيء من ذلك، بل أظهر لهما ولغيرهما أنه لو كانت له رغبة إلى أخذ هذه الأمور فلتة من غير اجتماع من المسلمين كافة لفعلت، فإن عندي دعوة أنشأتها في الأسبوع الذي علمت فيه بوفاة حي الإمام محمد بن علي فيها حضور شهود عدول، احترست بها مخافة من مثل هذه المبادرة والمسارعة التي تجلب المنازعة.
قلت أنا: وكتبت هذه الفائدة الملحقة، وما اعلم ما في علم الباري مما سيكون في مستقبل العمر [من هذه الأمور]، فليقع العود إلى ذكر بقية أبيات منظومة السيد صارم الدين، وشرح ما سنح من ألفاظها، وبالله التوفيق.(3/98)


[الكلام في خروج التتر]
قوله:
وأصبح الناس في رهج وفي هرج.... من دونه هرج بغداد من التتر
يعني أن الناس في صنعاء، وبلاد الزيدية في أيام فتنة قريس، وعلب، وعرقب انزعجوا، واضطربوا، وتقلقلوا، وتقلبت بهم الأحوال كتقلبها بأهل المدن التي خرج عليها التتر، وهم أمة من الترك، وقد يقال لهم: التتار بإثبات الألف.
قال في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: إنهم خرجوا على بلاد الإسلام من أقصى المشرق مما يلي [بلاد] الصين، وكان خروجهم في أثناء سنة خمس أو ست عشرة وستمائة سنة في عصر ابن أبي الحديد، ذكر أنهم من أصبر الناس على القتال، لا يعرفون الفرار، ويعملون ما يحتاجون إليه من السلاح بأيديهم، وخيلهم لا تحتاج إلى الشعير، بل تأكل نبات الأرض وعروق المراعي، أكثر مواشيهم في أرضهم الخيل والبقر، [ومع هذا فهم] يأكلون الميتة والكلاب والخنازير، وهم أصبر خلق الله على الجوع والعطش والشقاء [والتعب]، وثيابهم من أحسن الثياب لمساً، وفيهم من يلبس جلود الكلاب والدواب الميتة والمسافة التي بينهم وبين بخارى، وسمرقند، وجميع ما وراء النهر تزيد على ستة أشهر.(3/99)


وكان السبب في خروجهم: أن السلطان المسمى خوارزم شاه استولى على البلاد التي بين بلاد الإسلام، وبين بلاد التتر، وقتل ملوك أهل تلك [الممالك]، وكانوا حجاباً على بلاد الإسلام يشغلون التتر، [ويدفعونهم، فلما فتنوا لم يبق من يصبر على دفاع التتر]، وفرّغت لهم الطرق، فأول ما أخذوه من بلاد الإسلام بخارى، ثم سمرقند، ثم مازندران، ثم نَيْشَابور بالشين المعجمة، ثم أذربيجان، وهمذان، وتبريز، وزنجان، وقزوين، والكرخ، ثم المراعشة، ثم أخذوا غيرها من مدن خراسان في دون سنة، ولم يبق عليهم إلا أصبهان، فإنهم نزلوا عليها مراراً في سنة سبع وعشرين، ثم في سنة تسع وعشرين وستمائة، فحاربهم أهلها، وقتل من الفريقين خلق كثير، وما حصل لهم من أخذها غرض حتى اختلف أهلها الشافعية والحنفية في سنة ثلاث وثلاثين، ووقعت بينهم حروب شديدة وعصبية ظاهرة، فخرج قوم من الشافعية إلى من يقاربهم من ممالك التتر، وقالوا لهم: اقصدوا البلد بالحرب فنحن نسلمه إليكم، فقصدها التتر، وحاصروها، واختلف سيف الشافعية والحنفية في البلد، فقتل منهم خلق كثير، ثم فتحت الشافعية أبواب المدينة، فلما دخل التتر بدأوا بالشافعية، فقتلوهم قتلاً ذريعاً، ولم يفوا لهم بالعهود التي [قد] كانوا أعطوهم إياها، ثم قتلوا الحنفية، ثم سائر الناس، وسبوا النساء، وشقوا بطون الحبالى، ونهبوا الأموال، وصادروا الأغنياء، ثم أضرموا النيار، فأحرقوا أصبهان، فصارت تلالاً من الرماد، ولم يستوعب التتر من البلاد التي دخلوها مثل أصبهان، وكذلك خوارزم، وقد كانت مدينة قوية، وبها عسكر كثير من الخوارزمية(3/100)

180 / 205
ع
En
A+
A-