قلت: وهذه الرواية هي من كلام مسير سيرة المهدي، وهو ولده، وهي تقضي بأن دعوة علي بن صلاح متعقبة لدعوة المهدي، والسيد صارم الدين قال: قام الإمام علي بعد والده وأحمد بعد...، البيت، فقضى بعكس هذه الرواية، ويمكن الجمع بين الروايتين بأنهما لما وقعتا في يوم وليلة تسومح في حكاية ترتب بعضها على الآخر، والله اعلم.(2/361)


فصل: في ذكر مصَّنفاته -عليه السلام- وذكر شيء من أشعاره، وما يتصل بذلك
قال مصَّنف سيرته: له في أصول الدين ثمانية تصانيف:
الأول: (نكت الفرائد).
الثاني: (شرحها).
الثالث : كتاب (القلائد).
[ثم بيض مكان الرابع في المنقول منها، هذه النبذة]، ثم قال: الخامس كتاب (الملل والنحل)، والسادس: كتاب (المنية والأمل، في شرح كتاب الملل [والنحل)، السابع: كتاب (رياضة الأفهام في لطيف الكلام)، الثامن: كتاب (دامغ الأوهام في شرح رياضة الأفهام)، وهو جزءان.
وفي أصول الفقه ثلاثة كتب:
[الأول] كتاب (فائقة الفصول في ضبط معاني جوهرة الأصول).
[الثاني: كتاب (معيار العقول في علم الأصول).]
الثالث: كتاب (منهاج الأصول إلى معرفة معاني شرح معيار العقول).
وفي علم العربية خمسة كتب:
[الأول] كتاب (الكوكب الزاهر في شرح مقدمة طاهر).
الثاني: كتاب (الشافية في شرح معاني الكافية)، لكنه ذهب [منه] كراريس.
الثالث: (المكلَّل)، وهو شرح على (المفصَّل).
الرابع: ( تاج علوم الأدب وقانون كلام العرب).
الخامس: كتاب (إكليل التاج وجوهرة الوهَّاج).
وفي الفقه خمسة كتب أيضاً:(2/362)


الأول منها: كتاب (الأزهار)، وضعه في الحبس، ولم يوضع بكاغد عدة سنين، وإنما حفظه السيد علي بن الهادي، ومولانا -عليه السلام- يملي عليه ما صححوا لمذهب الهادي -عليه السلام- وكانا يكتبانه في باب المجلس بجص؛ لأنهم لم يمكنوه من كتب ولا مداد، فلما خرج السيد علي بن الهادي وهو متغيب له كله غيباً محققاً صبر حولين كاملين، ثم وضعه بكاغد، وسمي كتاب (الأزهار في فقه الأئمة الأطهار) [أظن الناقل للأم نسي كتاب (البحر الزخار) ].
قلت أنا: وهذا الكتاب مشهور البركة، غير ممنوع الحركة، سار في الأقطار مسير الشموس والأقمار، وطار في الآفاق، واشترك في تغيبه أخلاط الرفاق، وبلغ مصنفه مناه في انتشاره، وانتفاع الخلق به وهو في الحياة كما أشار إليه -عليه السلام- بقوله في قصيدته القافية:
قد صار ما منعوه في حلي.... وفي البيت العتيق وينبع وعراق
وهذه منقبة، [و] لو وازنتها جميع المناقب لرجحتها، أو يزن بها جميع الفضائل لألكجتها، أو رمحتها:
وكم له من يد بيضاء طائلة.... في منهج العلم تعلو أرفع الرتب
الثاني من مصنفاته في الفقه: كتاب (الغيث المدرار المفتح لكمائم الأزهار)، وصَّنفه في السجن إلى أن وصل البيع؛ لأنهم قد كانوا مكنوه من الكتب من بعد خروج (الأزهار).
الثالث: كتاب (الأحكام المتضمن لفقه أئمة الإسلام).
الرابع: كتاب (الانتقاد للآيات المعتبرة في الاجتهاد).
وله في السنة النبوية:
كتاب (الأنوار الناصة على مسائل الأزهار)، الثاني: (القمر النوَّار في الردِّ على المرخصين في الملاهي و الأمزار).
وفي علم الطريقة:(2/363)


[الأول] كتاب (تكملة الأحكام والتصفية من بواطن الآثام).
الثاني: كتاب (حياة القلوب في عبادة علاَّم الغيوب).
وفي علم الفرائض:
[الأول] كتاب (الفائض).
الثاني: كتاب (القاموس الفائض في علم الفرائض).
وفي المنطق:
كتاب (القسطاس المستقيم في علم الحد والبرهان القويم).
وفي علم التأريخ:
[الأول] كتاب (الجواهر والدرر في سيرة سيد البشر).
الثاني: كتاب (يواقيت السير في شرح كتاب الجواهر والدرر).
وفي معرفة قصص الصالحين:
[الأول] كتاب (تزيين المجالس).
والثاني: كتاب (مكنون العرائس). انتهى.
وما نقلته مما وجدته مختصراً من سيرته –عليه السلام-.
وأقول: اعلم أن هذا الإمام رزق من الحظوة في منافسة طلب العلم من الزيدية على تحصيل علومه أجمع في جميع الفنون، وتدوين فتاويه، وأشعاره ومطولاته، ومقطوعاته شيئاً ما اعلمهم فعلوه بغيره من المتأخرين، فلا تجد جهة من جهات الزيدية خصوصاً في الجهة الغربية إلا وقد استقصى أهلها على رقم جلائل أقواله ودقائقها حتى البيت الواحد، وجبلوا على محبته، وكراهة من يتعرض للإعتراض عليه، في أصول أقواله وفروعها، على وجه من شاهده عجب من ذلك.
واعلم أن هذا عوض من الله لما لحقه من انزواء الدنيا عنه، ولعمري إن هذا هو الملك العقيم، كما أشار إليه في شعره الفصيح الفخيم، ولظهور ذلك في أيدي الناس، وتدوينهم إياه في كل كراس، واشتهار شعره فوق اشتهار شعر أبي فراس؛ لم أودع هذا الشرح منه إلا يسيراً من ذكر ما أوردوه ردّاً على من طعن عليه بأنه في فن الفقه ضعيف الأمراس، حيث يقول:(2/364)


وكم جاهلِ في الناس[قد قال إنني].... عن الفقه عار وهو عني غافلُ
ووالله ما في الوقت اعلم ناقلاً.... من الفقه غيباً مثلما أنا ناقلُ
فمنه ألوفً صرن غيباً بلفظها.... وفي الذهن بالمعنى سواها مسائلُ
كثير بلا حصر وهذا تحدث.... بما الله من إحسانه لي فاعلُ

ومن ذلك ما أنشأه، وهو في السجن:
سلوا عني الأيام كيف قطعتها.... وكيف تقضَّى عنفوان شبابي
يقلن وما زوراً شهدنَّ به لقد.... رأينا فتىً لا يزدهيه تصابي
رأينا فتىً نيفُ وعشرون عمره.... وفي كل فن قد أتى بعجابِ
بدرس وتدريس وتصنيف دفترٍ.... ومشكلة قد حلها بجوابِ
سلوا عني الأطماع هل كنت مقبلاً.... عليها وهل أفعمن قط وطابي
يقلن وما زوراً شهدن به لقد.... أبانا وقد جئنا بغير طلابِ
سلوا أسرتي عن شيمتي فيهم وعن.... وصائف آداب الكرام ودابي
يقولوا: رأينا ذا حجا متوقراً.... صموتاً بفكرٍ ناطقاً بصوابِ
فتى بشره يلقى الوفود مبشراً.... بفضل قرَى منه وفصل خطابِ
فتى وجهه ينفي الهموم ولفظه.... على الكبد الحرّاء ماء سحابِ

ومن ذلك [في] حث الفاطميين علىالتقى [والدين]، [والذم لهم عن موارد الشقاء] :
إذا ما رأيت الفاطمي تمردا.... أقام على كسب المعاصي وأخلدا
فذاك الذي لما اكتسى ثوب عزة.... تبدَّل أثواب الدناءَة وارتدا
فيا سوأتا للفاطمي إذا أتى.... أسير المعاصي يوم يلقى محمدا
فلو لم يكن إلا الحياء عقوبة.... ولم يخش أن يصلى الجحيم مخلدا
لكان له والله أكبر رادع.... عن النكر والفحشاء كهلاً وأمردا
فقل لبني الزهراء: إن محمداً.... بنى لكم بيت التقاء وشيدا(2/365)

153 / 205
ع
En
A+
A-