ومن شعر الأديب الفصيح ابن حنكاس في الإمام المهدي محمد بن المطهر، نقلتها من غير ديوان الفقيه محمد بن تريك -رحمة الله عليه- :
أما هوايَ ففيكم ليس ينصرمُ.... وسر حبي فيكم ليس ينكتمُ
فأنتم منتهى سؤلي وحبكمُ.... ديني فلا شبه فيكم ولا تهمُ
لكم بقلبي خيام قد ضربن فلا.... زالت بكم عامرات تلكم الخيمُ
عدتم كسالف عهدي بالغويز فحـ.... ـبل الود متصل والصرم منصرمُ
والسعد لي مقبل والنحس مرتحل.... والشمل ملتئم والصدع منتظمُ
ونحن في دعة مما نحاذره.... من الزمان وباب الصد منسجمُ
أهلاً بعش ابن ابنة البكري إذاقدمت.... من فوقها تحمل الأنوار والظلمُ
من كل فاترة الألحاظ فاتنة.... لها الصباح جبين والإقاح فمُ
هيفاء تنطق منها الحلي إن خطرت.... ويصمت الحجل منها ساقها الفعمُ
في ردفها هيل في عطفها ميل.... في ثغرها عسل في خدها ضرمُ
بدر مشى بقضيب فوق رمل بقا.... من تحته قدم لي منه ريق دمُ
لها من الحسن أعلاه وأحسنه.... وللإمام العلا والمجد والكرمُ
يا ركب حسبكم إن جئتم شظباً.... فهاهنا كعبة المعروف فاستلموا
حطوا بسوح أمير المؤمنين ففي.... جناب ذاك المرجَّى يعدم العدمُ
هذي المكارم لا معن ولا هرم.... وذي المآثر لا عاد ولا إرمُ
وذا محمدنا مهدي الأنام كفى.... عن من سواه فلا عرب ولا عجمُ
هذا الذي سُرَّت الدنيا بطلعته.... وتنجلي بضياه الظلمُ والظُّلمُ(2/266)
إذا انتضى الخذم الصمصام يوم وغى.... لم تدر أيهما الصمصامة الخذمُ
من المنى عرفات العرف ساحته.... والمشعران معاً والحل والحرمُ
خِرْق ترى الوفد أفواجاً إليه فذا.... ركب يشدُّ وهذا معشرُ قدموا
غيث وغوث لمحتاج ومنتجع.... والعامُ أشعثُ مغبُّر به قدمُ
ما في يديه مشاع من تكرمه.... للطالبين وأما عرضه حرمُ
إن قال قوم رأوا في وقتنا مثلاً.... لابن المطهر في جود فقد ظلموا
بر رؤوف لذي سلمٍ ومرحمةٍ.... لكنه في المغازي ضيغمُ لَحِمُ
بدر ولكن من الفضفاض طلعته.... ليث ولكنه سمر القنا يحمُ
إن صال ظلت أسود الغاب طائشة.... أو قال لانت له الألفاظ والحكمُ
أو شَّن خيلاً فهامات العدى فلق.... أوحط رجلاً فما فوق الثرى طِعَمُ
إيهٍ أبا قاسمٍ بل يا أبا حسنٍ.... يا خير من بيديه الرزق ينقسمُ
يا أصدق الناس ميعاداً إذا وعدوا.... يا أكرم الناس أفعالاً إذا كرموا
حاشاه أن تنطق العوراء بمجلسه.... إلا التلاوة والأخبار والحكمُ
إني بعروتك الوثقى لملتزم.... ولم يضع من بها في الدين يلتزمُ
يسير سيري بفضلٍ منك في عجل.... ودم و أعداك لا داموا ولا سلموا
ومما وجدته من شعر السراجي ترثية رثى بها حي الأمير محمد بن وهاس بن أبي هاشم، وعلم الدين علي بن وهاس [-رحمه الله تعالى-] :
عزاء همت بالحادثات غمائمه.... وخطب جرت بالمعضلات عظائمه
ورزء أصاب المسلمين بأسرهم.... وهدت من المجد الأثيل دعائمه
لصنوين من آل النبي وحيدر.... نوالهما قد طبق الأرض ساجمه
فهذا على العافين فاضت مكارمه.... وهذا لخصمٍ في الجدال مقاومه
وهذا لجبار الملوك مزاحمه
فمن شام ذا يوم الوغى فهو ضارمه
وهذا يسوس الملك يحمي محارمه
وهذا يشب النار للحرب والقِرَى
وذاك رؤوف بالضعيف وراحمه
ومن أمَّ ذا يوم النوال فحاتمه
وهذا يقوم الليل والدهر صائمه
وذا للكفور الجاحد الحق راغمه(2/267)
فمن للمواضي والمذاكي والتقى.... وللعلم إن شدت لعيٍّ محازمه
ومن يدفع الخطب الملم إذا عرى.... ومن لخصيم في النداء يخاصمه
فقل للمنايا بعد قتل محمد.... وهلك علي أنفذ الحكم حاكمه
أصيب العُلا والجود والدين والتقى.... فأصبح ركن المجد وهناً عزائمه
فإن يك بدر الدين أصبح ثاوياً.... فما دفنت أفعاله ومكارمه
فقد فرح الدين الحنيف بملكه.... وعُطِّل منه رسمه ومعالمه
تولى من الدنيا خميصاً وظهرة.... خفيف ولم تكتب عليه مآثمه
وكان بعين المقت ينظر نحوها.... ويزري بمن يدلي بها ويصارمه
مضى وهو محمود الطريقة سيّد.... وقد أُمِنَت أحقاره وسخائمه
وكان قريع العلم والحلم والتقى.... وأورع من تلوى عليه عمائمه
ومسألة عقما أعيا لقاحها.... عياءً من النظارتبدو هماهمه
تصدى لها والليل ملق جِرَانه.... ولم تَبِتِ الحسنى ليلاً ترائمه
فألقحها فكراً أرقّ من الهوى.... وألطف حتى ثقب الدر ناظمه
فلما أضا الفجر استبانت منيرة.... وقد نتجت من فكرة لا تراغمه
وكم ليلةٍ قد بات يقرع بابه.... لمشكلة حتى جلتها عزائمه
فللَّه من بحر خضم وسيد.... لقد درست أعلامه ومراسمه(2/268)
وقائلة عاد الرجال ولم يعد.... عليَّ ولم يسبق ببشراه خادمه
وأقبل أهلوه وألفوه بعدهم.... وأفراسه يندبنه وصوارمه
وأمسى طريحاً في بلاد بعيدة.... وحيداً ولم تجمع عليه مآتمه
ولم تمس حوليه بنات ونسوة.... يعددنه في النآئبات كرائمه
فقلت لها إن المنايا شواخص.... إلى كل حي عن قريب تصادمه
ولن يدفع الأهلون عنه منية.... ولو منعته أسده وضراغمه
أبى الله إلا أن يموت بغربة.... شهيداً بسيف الكفر تدما قسائمه
تظل سيوف الملحدين تنوشه.... وراحته ترس لها وبراجمه
وفتك ذوي الإلحاد فيه وبغيهم.... دليل على أن المهيمن راحمه
وقد فاز إذ أعطى مقادة نفسه.... ومهجته فليتق الله لائمه
كفى شرفاً أن لم يُرَب بِرِيْبةٍ.... ويمسي لمن يحسو المدام ينادمه
ولا بدَّ من يوم يعزُّ به الهدى.... يغيث به آساده وأراقمه
بهاليل خطارون بالبيض والقنا.... وبالعذب المرخى عليه وسائمه
عفاء على الدنيا إذا ما رحلتما.... وسحقاً لها كم من خميس تلاحمه
سقى جدثاً مثواكما كل ديمة.... من الغيث منهل الغرابي غمائمه
فيا راكباً عيرانه شدقمية.... خديلية كالصقر حمت قوادمه
تيمم إلى الحصن المبارك أهله.... فأنت على التوفيق واليمن قادمه
إلى ظفر حصن المكارم والعلا.... وأشرف من نيطت عليه تمائمه
إلى الحسن البر الإمام أخي التقى.... سلالة وهاس فتلك مراحمه
إلى السيد المشهور من آل هاشم.... فذاك وحيد العصر حقاً وعالمه
إمام إذا قابلت غرة وجهه.... تهلل بالمعروف وافتد ناسمه
عليه جلال قد كساه مهابة.... فعنوانه في صفحتيه وخاتمه
يبشر راجيه ببشر بشاشة.... ويعطيه ما يحوي وحيناً يقاسمه
وبلغ إليه من لَدُنِّيّ تحيةً.... تفوح كنشر المسك فُضَّت نضائمه(2/269)
وكالروضة الغناء باكرها الحيا.... ففتح من زهر الرياض تمائمه
وقل يا رضيع المجد قد عز ما جرى.... على أنني فيما عراكم مساهمه
تأس بما نال النبي وحيدراً.... وإن حلَّ من هذا العرى متفاقمه
وأعدد له الصبر الجميل فغبه.... حميد وحوض الموت يكرع حائمه
وأسرتك السادات أهلي ومعشري.... عليهم سلام قد توجه لازمه
كوالدك البر الرحيم محمد.... إذا قيل من للحلم والغيظ كاتمه
وذي الشرف الأعلى علي بن قاسمٍ.... أعزيه في شبل مضى وهو ضائمه
همام لذي الهيجاء قد شهدت له.... أفاضله يوم الوغى وأكارمه
له عوض في سبطه عند ربه.... بما اشتملت حزناً عليه حيازمه
أعزيكم أبناء حسين وأنتم.... بناة عماد الدين والغير هادمه
عيون بني الزهراء أنتم وتاجها.... وكاهل هذا الدين ثم قوادمه
عليكم سلام الله ما هبت الصبا.... وما غردت فوق الأراك حمائمه(2/270)