وقاتل كلب القوم من ثأر أهله.... ليربص فيها والمحاجر حول
هنالك تلقى وجهه وكأنه.... هلال وبشر الماجدين قليل
ويعطي إذا عز العطا كل سيد.... ويبسط بشراً وجهه وينيل
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟......ويبكي جبان فيهما وبخيل
ما من يد في الناس إلا وكفه.... إليها على طول المنال تطول
حليم كريم أريحي مهذب.... قطوع لأسباب العناد وصول
إذا سيل معروفاً يكاد خفيفه.... وإن عظم المطلوب منه يسيل
فيا نفس صبراً كم تعدين مجده.... عريض يبذ الحاسدين طويل
فتى بين يحيى بن الحسين وقاسم.... فروع نبوات له وأصول
فصبراً بني بنت النبي محمد.... وأشياعكم إن العزاء قليل
وهذا ما اتصل بي من خبر هذين الشريفين، فإن ظفرت فيما بعد من خبرهما بما تقر به العين، حسبما قصدته في نشر فضائل أولاد السبطين، ألحقته به ابتغاء إحدى الحسنيين.(2/176)


[ذكر ما كان بين المنصور بالله عبد الله بن حمزة والأمير يحيى بن أحمد بن سليمان]
[قوله -عليه السلام-] :
وكان من رهطه في ثافت حدثٌ.... إلى ابن أحمد يحيى غير مغتفرِ
[ثافت: بالثاء المثلثة بعدها ألف بعد الفاء تاء مثناة من فوق]، وقد يقال: أثافت بالألف قبل المثلثة، وهو معقل حول كولة أهل أبي الحسين، كان في المدة الماضية، فأخربه محمد بن الإمام أحمد بن سليمان، لما نقم بثأر أخيه نقلت ما نقل عن خط السيد صارم الدين، أن الأمير يحيى بن أحمد بن سليمان كان من الأبطال والفصحاء، ولما دعا [الإمام] المنصورلم يلب دعوته، وخرج إلى الملك المسعود ورجع إلى ثافت، فلزمه المنصور أسيراً، ثم إن أصحاب المنصور قتلوه خنقاً بالعمائم، فنفر بنو الهادي إلا قليلاً، بعد أن حلف لهم المنصور بالأيمان البالغة ما علم ولا أمر.
قال السيد إبراهيم: وكان هذا أول حدث بين هذين البطنين، وقتل أيضاً ولده علي بن يحيى بالجبجب قتله أيضاً بنو المنصور. انتهى.
ونقلت [أنا] أيضاً من ديوان المنصور أبياتاً تدل أنه -عليه السلام- كان كثير التألم من يحيى هذا، وذلك أنه نقل عنه إلى المنصور أنه قال: لولا عبد الله بن حمزة ما ذكر بنو حمزة بشيء من الفضل، فكتب إليه هذه الأبيات:
لا أعدُّ القبيح منك قبيحاً.... بل أرى كل ما فعلت مليحا
و أداوي جراح قلبي فقد.... صيرته بالجفا منك جريحا
ولأهلي نعيت ذماً صريحاً.... ثم أصحبته إليَّ مديحا
ما أرى صنوهم بذلك يرضى.... وهو يحوي ذهناً ولسناً فصيحا
ولعمري لقد نصحتك في كل.... أموري لكن عصيت النصيحا
وإذا ما أبيت نصحي فلا قول.... سوى ما أقوله تصريحا
ليس للأقربين فيك نصيب.... فاستمع من أخيك قولاً صحيحا
وعليك السلام في كل حين.... كل ما صاحب الغمام الريحا
وصلاة الإ له تختص في الدهر.... علياً وأحمدا والمسيحا(2/177)


[أخبار الإمام الداعي المعتضد بالله يحيى بن المحسن بن محفوظ -عليه السلام-]
وأضرمت بين داعينا وصاحبه.... محمد نار حرب جزلة الشررِ
جدت ظفار وحوث في عداوته.... وقام فيها أبو فتح مع العذرِ
المراد بالداعي هو: الإمام المعتضد بالله يحيى بن المحسن بن محفوظ بن محمد بن يحيى بن يحيى، من ذرية الهادي -عليه السلام-، فإنه دعا بعد المنصور بالله، وحكي عن المنصور بالله أنه قال: مع الداعي علم أربعة أئمة وقال به شيعة صعدة، ومن انضم إليهم من الأشراف، وعاداه شيعة الظاهر جميعهم، كالفقيه حميد المحلي وغيره، وأقاموا عز الدين محمد بن المنصور محتسباً، وكان بين الداعي وبينهم مشاعرات ومراسلات معروفة، وكان مفلقاً، بطلاً، شجاعاً، إلا أنه قليل حظ، وأهله يروون حديثاً عن النبي ً، معناه أنه قال: ((سيخرج من أولادي رجل ينفث بالشعر كنفث الحية بالسم)) أو ما هذا معناه، ويقولون هو المعني بهذا الخبر، لغزر قريحته، وفصاحته، وسهولة الشعر عليه، وأنا أقول: إن صحَّ الخبر فلا نسلم أنه المعني به، فإن أكثر أهل البيت لهم من الفصاحة والانتقال على الشعر أكثر مما لهذا الإمام، ففي الرواية عن ابن خلّكان، وقد ذكر الشريف الرضي الموسوي وغزارة فصاحته، فقال : هو أشعر الطالبيين على كثرة شعرائهم وفصحائهم، قال: فإن قلت: هو أفصح قريش لم أبعد. انتهى كلامه.(2/178)


ففيه ما يدل على كثرة فصحاء العترة، وهو دليل على ما ذكرته فاعرفه موفقاً، وللداعي هذا مصنَّفات في العربية، وفي أصول الفقه: (كتاب المقنع)جزءان صنف الجزء الأول وعاقه عن تمامه الحمام، فألف الجزء الثاني السيد العلامة محمد بن الهادي بن تاج الدين، وللداعي في كتاب (المقنع) شعر، وهو:
هذا الكتاب كتاب المقنع الشافي.... أزرى على الكتب في مجموع أوصافِ
دحى معان تجلى منه في شهب.... من الكلام درارٍ بين أصدافِ
أدلة كسيوف الهند قاطعة.... صقلتها بصقيل الفكرة الصافي
وما احتذيت مثالاً فيه عن أحد.... إلا طريقة آبائي وأسلافي
وله أيضاً (رسالة جواب على الشتوي) فيها علم جم، أوردت منها أكثرها هنا من خط [حي] الفقيه المرحوم محمد بن ناجي الحملاني، قال في أول خطه: ومن رسالة الأغلب أنها للداعي، وأما حي السيد العلامة الهادي بن إبراهيم فقال في (كاشفة الغمة) : إنها للأمير الكبير [بدر الدين] محمد بن أحمد، قال: إنه جوَّب بها على الشيعة المذكورين عن الداعي؛ لأنه كان قائلاً بإمامته،ولعل رواية السيد في (كاشفة الغمة) هي الصواب، والله اعلم.(2/179)


قال المجِوِّب: أما قوله سأل المنصور الشيخ محي الدين النجراني عن خمسة آلاف مسألة، فلعلها خمسمائة فيما أحسب، أو أقل من غير نقص في مبلغ علم المنصور، وغزارة فهمه، بل أخبرنا عمَّا كان وشاهدناه، وأما أن مدة البحث كانت أربعة أشهر، فهي كانت دون ذلك، وأما التسرع إلى تحمل هذه الأعباء الثقيلة، أو التحرج عنها، فكلاهما فعله السلف علي –عليه السلام-، قال: أنا لكم مشير خير من أمير، وقال أبو بكر: وليتكم ولست بخيركم، وقال عمر: لو كان سالم حيّاً ما داخلني فيه شك، ونقيض ذلك أن علياً –عليه السلام- لم يسمح بحقه بل عدد فضائله، وهو أجلى من الشمس، وروي أن أحد السيدين المؤيد و أبا طالب بعث أخاه ليختبر له الناس إن دعاهم فدعا لنفسه، أو ليس الغيرة من الإيمان{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ }[الحديد:21] والبدار إلى ذلك بأن تنظم في سلك المناقب والمدائح، أولى من أن تجعل في منثور المعائب والقبائح، قام زيد بعد قتل الحسين ثم ولده يحيى، و إبراهيم بن عبد الله -عليهم السلام- بعد قتل أخيه المهدي، بلغه نعيه وهو في صلاة الجمعة، فدعا إلى نفسه بعد فراغ الصلاة، والناصر جاذب الداعيين[رداهما] مع علو مكانهما، وسمو قدرهما وشأنهما، وأنا قرأت في أصول الدين سبع سنين، ولي في أصول الفقه تصنيف، لم أسبق إلى مثله، وهو (المقنع)، أوضحت فيه الأمثلة وأوردت فيه من الأسئلة مالا يكاد يوجد في غيره، وقرأت الأصولين على الفقيه [الأجل] ترب الإمام المنصور سليمان بن عبد الله السفياني وتغيبت (التحرير) وقرأت على شمس الدين، ومحمد بن أحمد النجراني، وعلى(2/180)

116 / 205
ع
En
A+
A-