[الإمام أبو هاشم النفس الزكية(ع)]
وأبوه أبو هاشم النفس الزكية دعا إلى الإمامة، وكان من فضلاء العترة، وله كتاب (سياسة النفس) في الزهد والوعظ، ولم تطل أيامه، و[إن] كان قد دخل صنعاء واستقام أمره حتى عارضه الشقي الحسين المرواني.
وتوفي أبو هاشم في ناعط من بلاد حاشد، ومشهده هناك مزور مذكور، ولم يذكره السيد صارم الدين، وقد ذكره الفقيه حميد، وغيره.
[وقبر حمزة في بيت الجالد أخبرني بعض الناس أن من قال: يا ناعطاه، يا بيت الجالداه، عند أن يحمل عليه جيش فإنه يرجع عنه ببركة هذين الرجلين].
تنبيه: اعلم أ نه ذكر في (تأريخ مسلم اللحجي) ما يشعر أن عامر بن سليمان الزواحي قاتل حمزة بن أبي هاشم مات حتف أنفه، وذلك أنه قال:لما بلغه خروج حمزة سار من ناحية يريم حتى دخل صنعاء، وكان المكرم يومئذٍ غائباً عنها فخرج عامر فقتل حمزة بالمنوى.
قال مسلم: وقد أخبرني كثير ممن أدركت من شيوخ الناس [من أهل بلاد شتى] يذكرون أن عامراً مات بأكلة أصابته في دبره، ويروون أن هذا أصابه بقتل حمزة، وآخرون يرون أن ذلك لخطيئة أخرى، وهي أن رجلاً من أهل شبام، ثم من فضلائهم قال: حججت بعد موت عامر الزواحي فأتيت مكة فاستقبل الحاج رجل، فسألهم: من فيهم من أهل شبام؟ فقلت: أنا من أهل شبام، فقال : أخبرني عن عامر الزواحي.(2/101)
قلت: نعم، قال: فأخبرني عن سبب موته؟ قلت: أكلت الدود دبره حتى لاحت عظامه، قال: فسجد لله، وقال: اللهم، لك الحمد، اللهم، فإنك عدل، فأعجبني أمره فسألته عن شأنه، وعمَّا صنع، ولماذا كان منه ما كان؟ فقال: أخبرك أني كنت مرة بصعدة فأتيت مسجدها فقعدت خلف أسطوانة منه، وكان في البلد ملوك الصليحيين والزواحيين فدخلوا المسجد، ثم انصرفوا وبقي عامر بن سليمان وغلامان له، فأمرهما فاحتملاه حتى قعد على قبر الإمام الهادي -عليه السلام- ثم كشف عن دبره وتغوَّط عليه وانصرف.
فقلت: إن كان الله عدلاً لم يمت هذا حتى يصاب في دبره بمصيبة، فهذا خبري وسببه ما رأيت. انتهى.
قلت: وما ذكره مسلم خلاف ما عليه جميع الزيدية المخترعة من أن سبب موته قتل الأمير المحسن [له] كما تقدم، والمحسن هذا من بني الهادي -عليه السلام-، وقد افتخر به الإمام الداعي يحيى بن المحسن حيث قال في جوابه على عز الدين بن المنصور -عليه السلام-:
ألم ننقم بثأركم قديماً.... بحمزة يوم أهلكه الزاوحي
قتلنا عامراً فيه انتقاماً.... ومنصوراً بأطراف الرماح
إذا ملكت يداك مسير يوم.... فأرض الله واسعة النواحي
والمحسن هذا هو: الذي قتله أهل صعدة، وسيأتي طرف من خبره قريباً بمعونة الله و[حسن] توفيقه.(2/102)
[الإمام الناصر أبو الفتح الديلمي -عليه السلام-]
والناصر الديلمي المنتقى سفكت.... له دماً يوم نجد الجاح ذي الحفرِ
هو: أبو الفتح بن ناصر بن الحسين بن محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله [بن علي] بن الحسين بن محمد بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب -عليهم السلام-.
كان قيامه في أرض اليمن بعد وصوله من ناحية الديلم في سني الثلاثين وأربعمائة سنة، وملك صعدة والظاهر، واختط ظفار وهوحصن الإمام المنصور بالله -عليه السلام-.
وكان غزير الفهم وافر العلم، له تصانيف تكشف عن علو منزلته وارتفاع درجته، منها (تفسير القرآن الكريم) جمع فيه أنواع المحاسن، وهو كتاب جليل القدر، أودع فيه من الغرائب المستحسنات والعلوم المبتكرات، ما قضى له بالتبريز والإصابة، ودل علىالكمال والنجابة، وهو أربعة أجزاء، ومنها (الرسالة المتبهجة في الرد على الفرقة الضالة المتلجلجة) يعني المطرفية، احتوت على علم رائق وكلام فائق، وله أيضاً دعوة حسنة طويلة ذكرها الفقيه حميد في (الحدائق) ومن شعره -عليه السلام-:
ألا يا لهمدان بن زيد تعاونوا.... على نصرنا فالدين سرب مضيع
ونادوا بكيلاً ثم وادعة التي.... لها المشهد المشهور ساعة تجمع
ولا بد من يوم يكون قتامه.... بوقع القنا والمشرفية أدرع
سينقاد لي من كان بالأمس عاصياً.... ويقرب مني النازح المتمنع
أنا الناصر المنصور والملك الذي.... تراه طوال الدهر لا يتضعضع
سنملأ دنيانا من العدل بعدما.... مضت حقب بالظلم والجور تنزع(2/103)
وكان مما وليه صعدة والظاهر، وحارب الصليحي في بلاد مذحج، وقتل من خولان بمجز من أعلى صعيد صعدة مقتلة عظيمة.
وله حروب على أثافت من قبل الصليحي وهي سجال له وعليه، ولم يزل شجىً في حلوقهم، حتى قتله الصليحي في نيف وأربعين بنجد الجاح، وقبره بردمان من بلاد عنس، وله عقب، والضمير في قوله: سفكت.. راجع إلى الدنيا، لأنه في معرض ذكرها من أول المنظومة، يعني أنها معاندة لأهل البيت -عليهم السلام- وزويت عنهم، وقد أحسن السيد الرضي حيث يقول:
عتبت على الدنيا فقلت: إلى متى.... أكابد فقراً همه ليس ينجلي
أكل شريف من علي جدوده.... حرام عليه الرزق غير محلل
فقالت: نعم، يا ابن الحسين رميتكم.... بسهم عناد منذ طلقني علي(2/104)
[أخبار المحسن بن الحسن]
ثم المحسن ذا الإحسان قد فتكت.... به بأيدي ذوي البغضاء والأشرِ
المحسن هذا قد تقدم ذكر طرف من خبره، ونزيد هاهنا طرفاً ذكره في (الحدائق) فقال: إنه -عليه السلام- لما وصلت دعوة الإمام أبي طالب الأخير -عليه السلام- قام بها أحسن قيام، ونفذت أوامره في صعدة ونجران، والجوفين، والظاهر، و [في] مصانع حمير.
وفي مشجر الأمير الحسين بن بدر الدين، أن المحسن هذا ملك حصن ثلا وغيره من الحصون، وهو الذي قتل الزواحي قاتل الإمام حمزة بن أبي هاشم جد المنصور بالله عليه السلام-، ثم قتله أهل صعدة وولده غدراً، فقام بثأره السيد الشريف الواصل من الديلم من جهة الإمام أبي طالب المقدم ذكره في ترجمة أبي طالب، وأخرب صعدة، وأعانه على ذلك شيخ الشيعة في وقته محمد بن عليان بن سعد البحيري وأمدهم الأمير غانم بن يحيى بن حمزة السليماني بمال كثير، وقال محمد بن عليان شعراً [أوله] :
تألبت الأوغاد من أهل صعدة
قال الفقيه حميد -رحمه الله تعالى-: وهي إلى خمسين بيتاً، انتهى كلامه.(2/105)