وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((فلو أن رجلاً صفن بين الركن والمقام، فصلى وصام، ثم لقي الله وهو مبغض لأهل بيت محمد دخل النار)) أخرجه الحاكم في المستدرك، والذهبي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وقال: على شرط مسلم.
وأخرج الطبراني عن ابن عمر: ((ألا أرضيك يا علي؛ أنت أخي ووزيري، تقضي ديني، وتنجز موعدي، وتبريء ذمتي؛ فمن أحبك في حياة مني، فقد قضى نحبه؛ ومن أحبّك في حياة منك بعدي، فقد ختم الله له بالأمن والإيمان؛ ومن أحبك بعدي ولم يرك ختم الله له بالأمن والإيمان، وأمنه يوم الفزع؛ ومن مات وهو يبغضك يا علي مات ميتة جاهلية، يحاسبه الله بما عمل في الإسلام))، وقد مَرّ.
وأروده ابن الإمام في شرح الغاية، قال فيها: وعن علي (ع)، قال: طلبني رسول الله.
..إلى قوله: فقال: ((قم، والله لأرضينك؛ أنت أخي وأبو ولدي، تقاتل على سنتي، وتبريء ذمتي؛ من مات في عهدي، فهو في كنز الله؛ ومن مات في عهدك، فقد قضى نحبه؛ ومن مات يحبك بعد موتك، فقد ختم الله له بالأمن والإيمان ما طلعت شمس أو غربت...الخبر)).
قال: أخرجه أبو يعلى، وقال البوصيري: رواته ثقات، انتهى. /616(2/616)
وهو في جواهر العقدين إلى قوله: ((ما طلعت شمس وما غربت)).
قال المحب الطبري: أخرجه أحمد في المناقب.
قال صاحب الجواهر: وقد أخرجه أبو يعلى بنحوه.
انتهى المراد إيراده.
وقد سبق من طرق الجميع ما فيه كفاية، وإن كان لا ينتهى في هذا إلى غاية.
[الأخبار بوجوب حبِّ أهل البيت (ع) وتحريم بغضهم]
والأخبار بوجوب حبهم، وأنه إيمان، وتحريم بغضهم، وأنه نفاق، والوعد بالشفاعة لمحبيهم، وحرمانها لمبغضيهم، معلومة بين الأمة، قد أفردها بالتأليف أعلام الأئمة، وهي مستغرقة لأسفار جمة.
ولنذكر هنا قسطاً نافعاً لأرباب الهداية، وطرفاً قاطعاً لذوي الزيغ والغواية؛ والله ولي التسديد في البداية والنهاية.
قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((ما أحبّنا أهل البيت أحد فزلّت به قدم إلا ثبتته قدم، حتى ينجيه الله يوم القيامة))، أخرجه إمام الأئمة الهادي إلى الحق(ع) في الأحكام؛ وقد سبق.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((الإسلام لباسه الحياء، وزينته الوفاء، ومروءته العمل الصالح، وعماده الورع؛ ولكل شيء عماد، وعماد الإسلام حبّنا أهل البيت))، أخرجه الإمام أبو طالب (ع) بسنده إلى جعفر الصادق، عن آبائه(ع) إلى رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ.
وأخرجه ابن النجار عن الحسين السبط (ع)، باختلاف يسير، لا يخل بالمعنى. /617(2/617)
وقد سبق أيضاً ما أخرجه الإمام أبو طالب (ع) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: ((أيها الناس، أوصيكم بعترتي أهل بيتي خيراً؛ فإنهم لحمتي وفصيلتي، فاحفظوا منهم ما تحفظون مني)).
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((يا علي، من أحب ولدك فقد أحبك، ومن أحبك فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أحب الله أدخله الجنة؛ ومن أبغضهم فقد أبغضك، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، ومن أبغض الله كان حقيقاً على الله أن يدخله النار))، أخرجه إمام الأئمة الهادي إلى الحق (ع) في الأحكام، كما تقدم.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أحبّوا الله لما يغذوكم من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي))، أخرجه الإمام المنصور بالله (ع) في الشافي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.
وأخرجه محمد بن سليمان الكوفي بسنده إلى ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، وابن المغازلي عنه من طريقين، وأخرجه عنه أبو داود، والترمذي وحسنه، والبيهقي في الشعب، والحاكم في المستدرك، وقال: صحيح الإسناد، والطبراني.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أحبّوا أهل بيتي، وأحبوا علياً؛ فمن أبغض أحداً من أهل بيتي فقد حرم شفاعتي))، أخرجه ابن عدي في الكامل عن أنس.
ولا يخفى ما في عطف الخاص ـ وهو علي ـ على العام ـ وهو أهل البيت(ع)ـ من إفادة الإجلال والإعظام، كقوله عز وجل: {وَالصَّلَاةِ /618(2/618)
الْوُسْطَى } [البقرة:238]، وكذكر جبريل وميكائيل بعد الملائكة ـ عليهم الصلاة والسلام ـ، فهو من أجل مواقعه العظام.
وأخرج الإمام المرشد بالله (ع) عن علي (ع): ((لا نالت شفاعتي من لم يخلفني في عترتي أهل بيتي)).
وأخرج ابن عدي أيضاً، والديلمي عن علي، عن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أثبتكم على الصراط أشدكم حباً لأهل بيتي)).
وأخرج الحاكم الحسكاني، عن سالم بن عبدالله، عن أبيه، قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أكثركم نوراً يوم القيامة أكثركم حباً لآل محمد)).
وأخرج الحاكم الحسكاني أيضاً بإسناده، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أما والله لا يحب أهل بيتي عبد إلا أعطاه الله نوراً، حتى يرد عليّ الحوض؛ ولا يبغض أهل بيتي عبد إلا احتجب الله عنه يوم القيامة)).
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((إن لكل بني أب عصبة ينتمون إليها إلا ولد فاطمة، فأنا وليهم وعصبتهم، وهم عترتي خلقوا من طينتي؛ ويل للمكذبين بفضلهم؛ من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه))، وقد سبق /619(2/619)
صدر الخبر، وما في بابه، من روايات العترة وسائر الأمة.
وسبقت الأخبار في هذا المعنى، نحو: قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((من أحبّ)) ((ومن سرّه أن يحيا حياتي))، وفيها: ((فليتولّ علي بن أبي طالب وذريته الطاهرين أئمة الهدى))، وفيها: ((والأئمة من بعدي، أعطاهم الله علمي وفهمي، وهم عترتي، خُلقوا من لحمي ودمي، إلى الله أشكو من ظالمهم))، وفيها: ((فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله ـ عز وجل ـ شفاعتي)).
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((من أحب أن يركب سفينة النجاة، ويتمسك بالعروة الوثقى، ويعتصم بحبل الله المتين، فليأتم علياً، وليأتم الهداة من ولده...الخبر)).
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((إن لله حرمات ثلاثاً من حفظها حفظ الله له أمر دينه ودنياه... الخبر))، وفيه: ((وحرمة رَحِمي)).
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأله الله عن أربع... الخبر))، وفيه:: ((وعن حبنا أهل البيت)).
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، وأهلي أحب إليه من أهله، وعترتي أحب إليه من عترته...الخبر)).
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((نحن أهل البيت شجرة النبوة، ومعدن الرسالة، ليس أحد من الخلائق يفضل أهل بيتي غيري)).
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد)).
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((قدّموهم ولا تقدموا عليهم، وتعلموا منهم ولا تعلموهم، ولا تخالفوهم فتضلوا، ولا تشتموهم فتكفروا)).
وغيرها كثير؛ وقد تقدمت هذه /620(2/620)