قلت: ورواه الطفاوي من تهذيب الكمال، بسند لمؤلفه عال، إلى النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ ولفظه: عن علي (ع)، قال: بينا النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ آخذ بيدي؛ فمررنا بحديقة، فقلت: ما أحسنها من حديقة! قال: ((لك في الجنة أحسن منها)) حتى مررنا بسبع حدائق كل ذلك أقول: ما أحسنها! ويقول: ((لك في الجنة أحسن منها))، حتى إذا خلا له الطريق اعتنقني، وأجهش باكياً، فقلت: ما يبكيك؟
قال: ((إحن في صدور قوم، لا يبدونها لك إلا من بعدي)).
فقلت: في سلامة من ديني؟
قال: ((في سلامة من دينك))).
ذكره في حواشي شرح الغاية.
قلت: وكم لهذه الأخبار الشريفة من شواهد ليس لها انحصار.
[أحاديث في الحث على محبة علي ومخرجوها]
قال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أوصي من آمن بي وصدقني، بولاية علي بن أبي طالب؛ فمن تولاه، فقد تولاني، ومن تولاّني، فقد تولّى الله؛ ومن أحبّه فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحبّ الله؛ ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل))، أخرجه الإمام المرشد بالله، والكنجي، وأبو علي الصفار، عن عمار بن ياسر من ثلاث طرق، ومحمد بن سليمان من طريقين.
ورواه بسنده عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (ع) بلفظ: ((فإن ولاءه ولائي، وولائي ولاء الله؛ وإن منكم من يسفهه حقه))، وليس فيه ذكر من أحبه...إلخ.
ورواه بسنده إلى الباقر، ورواه أبو القاسم في كتاب إقرار الصحابة بسنده إلى ابن عمر، بنحو رواية محمد بن سليمان، وفيه: ((أمرت بالإعراض عنهم)).
وعلى رواية الأصل: أخرجه الطبراني، وابن عساكر عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه، عن جده.
وأخرجه الطبراني من /583(2/583)
قوله: ((من أحب علياً فقد أحبني...إلى آخره))، عن محمد بن عبيدالله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنهم -، إلا أنه بلفظ: ((أحبه الله)) و ((أبغضه الله)).
وأخرجه الإمام المرشد بالله (ع) عن أبي رافع من حيث أخرجه الطبراني بلفظه، إلا أن صدره: ((من أحبه فقد أحبني... إلخ)).
وقد سبق الخبر الشريف.
وأخرج في المحيط عن الإمام أبي طالب بطريقه إلى ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أقضى أمتي بكتاب الله علي، فمن أحبني فليحبه؛ فإن العبد لا ينال ولايتي إلا بحب علي)).
وأخرجه الإمام الناصر (ع) بلفظه بسنده إلى ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((من أحبك فبحبي أحبك؛ فإن العبد لا ينال ولايتي إلا بحبك))، أخرجه الديلمي عن ابن عباس.
وأخرج قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((محبك محبي، ومبغضك مبغضي)) ابن المغازلي عن علي (ع)، والطبراني عن سلمان ـ رضي الله عنه ـ.
وأخرج الحاكم في المستدرك عن سلمان: ((من أحب علياً فقد أحبني، ومن أبغض علياً فقد أبغضني)).
[أخبار متنوعة في فضائل أمير المؤمنين (ع)]
وأخرج الحاكم أيضاً فيه عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: نظر النبي - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - إلى علي، فقال: ((يا علي أنت سيد في الدنيا، سيد في الآخرة؛ حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله؛ وعدوّك عدوّي، وعدوّي عدوّ الله؛ والويل لمن أبغضك بعدي))، قال: صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه /584(2/584)
أبو علي الصفار بإسناده إلى أنس بلفظ: نظر رسول الله إلى علي بن أبي طالب، فقال: ((أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة؛ ومن أحبك فقد أحبّني، ومن أحبني فقد أحبّ الله؛ ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله؛ وويل لمن أبغضك بعدي؛ أنا سيد المرسلين، وأنت سيد المسلمين، وأنت يعسوب المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين))، أخرجه الإمام الرضا علي بن موسى الكاظم، عن آبائه(ع).
وأخرجه بمثل روايته ابن المغازلي، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.
وأخرجه أحمد بن حنبل، عن ابن عباس بلفظ: ((أنت سيد في الدنيا، سيد في الآخرة؛ من أحبّك فقد أحبّني، وحبيبك حبيب الله؛ وعدوّك عدوّي، وعدوّي عدوّ الله؛ والويل لمن أبغضك بعدي)).
وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن محمد بن علي (ع) قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((ما ثَبَّتَ الله حبّ علي في قلب مؤمن، فزلت به قدم، إلا ثبت الله قدميه يوم القيامة على الصراط)).
وأخرج ابن النجار عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، قال: خرج رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ قابضاً على يد علي ذات يوم، فقال: ((ألا من أبغض هذا فقد أبغض الله ورسوله، ومن أحب هذا فقد أحب الله ورسوله)).
وأخرج الحاكم وصححه هو والذهبي عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ، عنه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: ((من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله؛ ومن أطاع علياً فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني)).
وفي شرح النهج: وروى الناس كافة أن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ قال: ((هذا وليي وأنا وليه؛ عاديت من عاداه، وسالمت من سالمه)) /585(2/585)
أو نحو هذا اللفظ.
وروى محمد بن عبدالله بن أبي رافع، عن زيد بن علي بن الحسين (ع)، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لعلي (ع): ((عدوّك عدوّي، وعدوّي عدوّ الله عز وجل)) انتهى.
وأخرج الطبراني، والحاكم، والخطيب عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((يا علي طوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب فيك)).
وأخرج الديلمي عن جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنهما ـ قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((ثلاث من كن فيه فليس مني ولا أنا منه: بغض علي، ونصب أهل بيتي، ومن قال: الإيمان كلام)).
وفي هذا الخبر الشريف ذكر النصب.
وأخرج عن أنس قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((عنوان صحيفة المؤمن حبّ علي بن أبي طالب)).
وأخرج عنه أبو سعيد في شرف النبوة، قال: صعد رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ المنبر، فذكر قولاً كثيراً ثم قال: ((أين علي بن أبي طالب؟)).
فوثب إليه؛ فقال: ها أنذا يا رسول الله.
فضمه إلى صدره، وقبّل بين عينيه، وقال بأعلى صوته: ((معاشر المسلمين، هذا أخي، وابن عمي، وختني؛ هذا /586(2/586)
لحمي ودمي وشعري، هذا أبو السبطين: الحسن والحسين، سيدي شباب أهل الجنة؛ هذا مفرج الكروب عني، هذا أسد الله، وسيفه في أرضه على أعدائه؛ على مبغضه لعنة الله ولعنة اللاعنين، والله منه بريء؛ فمن أحب أن يبرأ من الله ومني، فليبرأ من علي؛ وليبلغ الشاهد الغائب)).
ثم قال: ((اجلس يا علي؛ فقد عرف الله لك ذلك)).
ذكره المحب الطبري في الذخائر.
وفي خبر بريدة لما شكى علياً (ع) ورسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - يسمع؛ فخرج مغضباً وقال: ((ما بال أقوام ينقصون علياً؛ من أبغض علياً، فقد أبغضني، ومن فارق علياً، فقد فارقني؛ إن علياً مني وأنا منه؛ خلق من طينتي وخلقت من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم؛ يا بريدة، أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذها، وهو وليكم بعدي))، بلفظه في جواهر العقدين.
وأخرج الحاكم الجشمي عن أنس، وسعيد بن جبير ـ وذكره الإمام (ع) في الشافي ـ: ((يا علي، منزلتك عندي كمنزلتي عند الله؛ فمن فارقك فقد فارقني، ومن فارقني فقد فارق الله)).
وأخرج الكنجي، وابن المغازلي، وأحمد في المناقب، والحاكم في المستدرك عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - يقول: ((يا علي، من فارقني فارق الله، ومن فارقك فقد فارقني))؛ وقد مَرّ.
وأخرجه ابن المغازلي عن مجاهد، عن /587(2/587)