نعيم، والرافعي، والكنجي بلفظ: ((فليتول علياً، وليتول وليه، وليقتدِ بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي...إلخ)).
ورواه الطبراني بلفظ: ((وليقتد بأهل بيتي من بعدي، فإنهم عترتي... إلخ)).
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((من أحب أن يركب سفينة النجاة، ويتمسك بالعروة الوثقى، ويعتصم بحبل الله المتين، فليأتم علياً، وليأتم الهداة من ولده))، رواه الحاكم الحسكاني بإسناده عن علي (ع).
قلت: وقد سبقت هذه الأخبار الشريفة.
قال ـ أيده الله ـ: وكذا حديث الثقلين، وحديث السفينة المتواترين، وحديث النجوم المستفيض؛ فإنها قاضية بأنهم هداة الأمة، والأولى بالاتباع، فهم الأئمة على الخلق؛ وكذا قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء:59]، قال علي (ع): من هم يا رسول الله؟
قال: ((أنت أولهم))، رواه الحاكم عن سليم بن قيس الهلالي، عن علي (ع).
ورواه الحاكم أيضاً عن جعفر الصادق، قال: نزلت في علي، والحسن والحسين.
ورواه الناصر الأطروش عن جعفر الصادق بلفظ: (هم علي، والحسن، والحسين، وذريتهم (ع))، ذكره أبو القاسم البستي.
وكذا قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ }...إلى قوله: {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ } [النور:55]...إلخ، قال في البرهان: نزلت في رسول الله صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم، وعلي، /523(2/523)
وخيار أهل بيتهما...إلخ.
ويؤيده ما رواه الحاكم عن ابن عباس، قال: نزلت هذه الآية في آل محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ.
ذكر هذا في المصابيح.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((لا تعلّموا أهل بيتي فهم أعلم منكم، ولا تقصروا عنهم فتهلِكوا، ولا تتولوا غيرهم فتضلوا))، من رواية القاسم بن إبراهيم عن زيد بن أرقم.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((من سره أن يحيا حياتي))...إلى قوله: ((فليتولّ علي بن أبي طالب، والأخيار من ذريتي))، وقد علم أن ذريته ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ من ولد فاطمة بالأخبار الجمة؛ وهذا الخبر رواه محمد بن سليمان الكوفي.
وروى بإسناده إلى محمد بن علي رفعه، وروى بسنده إلى محمد بن عبدالله، وأخيه يحيى بن عبدالله الكامل، عن جدهما، عن علي بن أبي طالب، قال: لما خطب أبو بكر قام أبي بن كعب، فقال: يا معشر المهاجرين والأنصار، ألستم تعلمون أن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، قال: ((أوصيكم بأهل بيتي خيراً فقدموهم، ولا تقدموا عليهم، وأمِّروهم ولا تأَمّروا عليهم...إلخ))؟
قال ـ أيده الله ـ: تأمل إلى شدة عناد المخالفين للعترة (ع) كيف يستدلون على أن الإمامة في قريش بما يروونه آحاداً من أنه قال: ((قدموا قريشاً... إلخ)).
قلت: وبخبر: ((الأئمة من قريش)).
قال: ولا يلتفتون إلى حديث الثقلين المتواتر، الذي فيه: ((قدّموهم ولا تقدّموا عليهم))، وأنه دليل على أن الإمامة في العترة.
قلت: مع أن أهل البيت (ع) المرادون بذلك أيضاً بالأولى، وبدلالة ما لايحصى.
قال: وعنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أنه قال: ((أتاني جبريل آنفاً، فقال: تختموا بالعقيق، فإنه أول حجر شهد لله بالوحدانية، ولي بالنبوة، ولعلي بالوصية، ولولده بالإمامة، ولشيعته بالجنة))، رواه ابن /524(2/524)
المغازلي بإسناده عن علي(ع)؛ وأخرجه ابن السمان، عن علي أيضاً من شمس الأخبار؛ ورواه الخوارزمي.
انتهى من تفريج الكروب.
وقال الهادي (ع) في الأحكام: بلغنا عن رسول الله صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم أنه قال: ((من أمرَ بالمعروف، ونهى عن المنكر من ذريتي، فهو خليفة الله في أرضه، وخليفة كتابه، وخليفة رسوله)).
وفي الجامع الكافي: عن الباقر، قال: من حبس نفسه لواعيتنا، وكان منتظراً لقائمنا، كان كالمتشحط بين سيفه وترسه في سبيل الله.
[إجماع العترة على أولوية علي وذريته بالإمامة وتفضيلهم]
وفيه: قال الحسن بن يحيى: أجمع آل رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أن علي بن أبي طالب أفضل الناس بعد رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وأعلمهم، وأولاهم بمقامه؛ ثم من بعد أمير المؤمنين الحسن والحسين، أولى بمقام أمير المؤمنين؛ ثم من بعد ذلك علماء آل رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ.
أفاده في الاعتصام.
قلت: وهذا معلوم من دينهم ضرورة، والنصوص فيه أكثر من أن تحصر، وقد مَرّ ما فيه مدّكر؛ وإذا كان أمير المؤمنين، وسيد الوصيين، وأخو سيد النبيين ـ صلى الله وسلم عليهم أجمعين ـ خيراً من سادة أهل الجنة، وأفضل أهل بيت النبوة، الذين ورد فيهم ما لايحصى كثرة، كتاباً وسنةً، فما بالك بغيرهم من سائر الأمة.
وقد سبق في الفصل الأول، ما أخرجه الإمام المنصور بالله من أمالي المرشد بالله(ع) يرفعه إلى رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((نحن شجرة /525(2/525)
النبوة، ومعدن الرسالة؛ ليس أحد من الخلائق يفضل أهل بيتي غيري)) وشواهده.
قال ـ أيده الله تعالى ـ: ويشهد له قوله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: ((نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد)) أخرجه الملا، والطبري عن أنس؛ وأخرجه الديلمي.
وقال ابن عمر: ويحك! علي من أهل البيت لا يقاس بهم أحد.
..إلى آخر ما رواه الحاكم الحسكاني.
قلت: وقد تقدم.
وقول الوصي (ع): لا يعادل بآل محمد من هذه الأمة أحد، ولا يساوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً؛ هم أساس الدين، وعماد اليقين، إليهم يفيء الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة، الآن إذ رجع الحق إلى أهله، ونقل إلى منتقله.
ومن كلامه (ع): أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا، كذباً وبغياً علينا، أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم؟ بنا يستعطى الهدى، ويستجلى العمى؛ إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا يصلح على سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم.
[انتهى] من نهج البلاغة.
وقوله (ع): نحن الشعار والأصحاب، والخزنة والأبواب، ولا تؤتى البيوت إلا من أبوابها، فمن أتاها من غير أبوابها سُمي سارقاً؛ فيهم كرائم القرآن، وهم كنوز الرحمن؛ إن نطقوا صدقوا، وإن سكتوا لم يسبقوا.
قال الإمام (ع) في الشافي: إن المعلوم ضرورة من علي وذريته الطاهرين أنه (ع) أفضل الخلائق، بعد النبيين والمرسلين، وأنه سيد /526(2/526)
الوصيين، وخليفة رسول رب العالمين، بعد النبي صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين.
...إلى قوله (ع): إذْ جاء فيهم ما لا يمكن تحويله، وعلم من دينهم ما لا يصح تحويله، أن أباهم أفضل البرية بعد الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وأنهم أفضل الخلائق بعده. انتهى.
[المفضلون لعلي(ع) على كل أحد بعد الرسول (ص)]
قلت: وقول أهل بيت النبوة في أمير المؤمنين، وإمام المتقين، وسيد الوصيين، وأخي سيد النبيين ـ عليهم الصلاة والسلام ـ: إنه أفضل الأمة، وتالي أخيه نبي الرحمة، وثانيه في كل درجة ومنزله، هو قول جميع بني هاشم، الذين شيخهم العباس بن عبد المطلب، وولده البحر حبر الأمة، كما هو المعلوم من أقوالهم وأفعالهم، وقول أعيان السابقين الأبرار، من المهاجرين والأنصار، كالمقداد وأبي ذر وعمار.
وقد امتنعوا كافة عن البيعة لأبي بكر؛ لاعتقادهم الحق لعلي (ع)، وقد أجمع على رواية امتناعهم لذلك جميع الطوائف، من موالف ومخالف؛ وإن اختلفوا فيما وراء ذلك.
وهو ومن معه من أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة لا يتأخرون عن الحق ساعة ولا لحظة؛ كيف وهو مع الحق، والحق معه؟
[كلام علي(ع) في العذر عن المنازعة في الإمامة]
وقد اتفق البخاري ومسلم في كتابيهما أنه لم يبايع هو ولا أحد من بني هاشم ستة أشهر؛ ثم كانت المصالحة ـ التي أخرجها البخاري هكذا بلفظها ـ بين علي، وأبي بكر، وسببها عند آل محمد (ع)، ومن اتبعهم، إشفاقه من انتشار حبل الإسلام، واختلال أمر الملة، وذهاب الدين الحنيف لغلبة الردة؛ كما قال (ع): إنه لما قبض رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ قلنا: /527(2/527)