[الخلافة في الأرض في القرآن لثلاثة: آدم وداود وعلي]
قال أيده الله في التخريج: وروى الحاكم أبو القاسم بإسناده إلى عبدالله بن مسعود، قال: وقعت الخلافة من الله في القرآن لثلاثة نفر: لآدم (ع)، لقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً } [البقرة:30]، يعني آدم؛ والخليفة الثاني: داود لقوله تعالى: {يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ } [ص:26]، يعني أرض بيت المقدس؛ والخليفة الثالث: علي بن أبي طالب (ع) لقوله تعالى: {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } [النور:55]، يعني آدم، وداود (ع)، انتهى.
قال أيده الله: وهذا تفسير صحابي من العظماء، ولا مساغ للاجتهاد فيه، فيكون توقيفاً ـ نسأل الله توفيقاً ـ.
وقال في البرهان ـ أي الإمام الناصر الديلمي (ع) ـ: إنها نزلت الآية في رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وعلي، وخيار أهل بيتهما، ومن سار بسيرتهما إلى يوم القيامة؛ لأنهم ورثة الكتاب...إلخ.
ومثل هذا ذكره محمد بن القاسم، والحسين بن القاسم.
ويؤيده ما رواه الحاكم بإسناده إلى ابن عباس، قال: نزلت هذه الآية في آل محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ؛ وما ذكره الشرفي في المصابيح.
[إتمام تخريج أحاديث الوصاية والخلافة]
وقال الحسن السبط (ع): إن الله اختار محمداً، وأمره أن ينتخب من أهله رجلاً يؤازره ويعينه على أداء رسالته، فعرض ذلك رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ على عمومته، فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم، فأوحى الله إليه: (أن اتخذ علياً وزيراً، وناصراً ووصياً)، فضمّ رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ علياً إلى صدره، وقال: ((هذا منكم صفوتي، وهذا دونكم المختار عندي، وهذا يعينني على أمري، شدّ الله به ظهري، كما شدّ ظهر موسى بهارون؛ اللهم /513(2/513)


أيده بالإيمان، وجنّبْه عبادة الأوثان)).
ذكر هذا الإمام أحمد بن سليمان (ع).
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((وصيي، وأعلم من أخلف بعدي، علي بن أبي طالب)) أخرجه الإمام أبو طالب (ع) عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ.
وأخرج عن جابر أنه قال، وقد زار الحسين السبط (ع): فأشهد أنك ابن خير النبيين، وابن سيد الوصيين...إلخ.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لعلي (ع): ((أنت وصيي))، رواه محمد بن سليمان الكوفي عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (ع)؛ ورواه عن زيد بن أرقم، من طريقين.
وروى أيضاً عن الباقر (ع) قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((يا علي، أنت أخي ووصيي، وأنت أمين النبيين، وخاتم الوصيين)).
وروى أيضاً بسنده عن الباقر (ع) من حديث الإسراء: ((فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟
قال: هؤلاء ملائكة يقال لهم: الأوابون؛ فسمعتهم يقولون: محمد خير الأنبياء، وعلي خير الأوصياء...إلخ)).
وروى بإسناده إلى أبي رافع، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ قال: ((أما ترضى يا علي أنك أخي في الدنيا والآخرة، وأنك خير أمتي في الدنيا والآخرة، وأن امرأتك خير نساء أمتي في الدنيا والآخرة، وأن ولديك سيدا شباب أمتي في الدنيا والآخرة، وأنك أخي ووزيري ووارثي؟)).
وخطب علي (ع) فقال: أنا عبدالله وأخو رسوله، لا يقولها أحد قبلي ولا بعدي إلا كذاب؛ ورثت نبي الرحمة، ونكحت سيدة نساء هذه الأمة، وأنا خاتم الوصيين.
أخرجه محمد بن سليمان بسنده إلى أبي البحتري الأنصاري، والأصبغ بن نباتة؛ وهو في شرح النهج عن حكيم بن جبير.
وفي الخبر: ((أوحى الله إلى الجنة لأزيننك بأربعة أركان يوم القيامة: بمحمد سيد الأنبياء، وعلي سيد الأوصياء، والحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة)) أخرجه الإمام (ع) في الشافي بسنده إلى الحاكم الجشمي، وبسنده إلى /514(2/514)


قتادة.
وأخرج الإمام (ع) أيضاً من أمالي الإمام أبي طالب (ع) بسنده إلى مجاهد، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: بينا رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يطوف بالكعبة، إذ بدت رمانة من الكعبة، فاخضر المسجد لحسن خضرتها؛ فمدّ رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يده فتناولها، ومضى رسول الله في طوافه، فلما انقضى طوافه صلى في المقام ركعتين؛ ثم فرق الرمانة قسمين، كأنها قدت بالسكين، وأكل النصف، وأطعم علياً (ع) النصف.
..إلى قوله: ثم التفت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ إلى أصحابه، فقال: ((إن هذا قطف من قطوف الجنة، ولا يأكله إلا نبي، أو وصي نبي، ولولا ذلك لأطعمناكم)).
قال الإمام (ع): وقد أكل طعام الجنة مراراً، وشافه جبريل (ع) مراراً، وأحصى عدد الملائكة (ع)، وهو أمارة الوصية والخلافة، انتهى.
وعنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((إن الله اختار من كل أمة نبياً، واختار لكل نبي وصياً؛ فأنا نبي هذه الأمة، وعلي وصيي في عترتي، وأهل بيتي، وأمتي))، رواه الخوارزمي عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ.
[انتهى] من التفريج.
وأخرج الإمام (ع) في الشافي من مسند أحمد بن حنبل، وساق سنده، قال: قلنا لسلمان: سل النبي من وصيه؟
فقال سلمان: يا رسول الله، من وصيك؟
فقال: ((يا سلمان، من كان وصي موسى؟)).
فقال: يوشع بن نون.
قال: ((فإن وصيي ووارثي، يقضي ديني، وينجز موعدي، علي بن أبي طالب)).
قال ـ أيّده الله ـ في التخريج: وعنه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: ((إن علياً وصيي ووارثي))، رواه البغوي، وابن المغازلي، والكنجي عن بريدة، ورواه الخوارزمي في فصوله، وأخرجه ابن عساكر، وصدره: ((لكل نبي وصي ووارث)).
وعنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((إن أخي ووزيري ووصيي علي بن أبي طالب))، رواه علي بن الحسين في المحيط، والحسن الصفار عن أنس.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لعلي (ع): ((أنت أخي ووصيي /515(2/515)


ووارثي))، رواه محمد بن سليمان، عن عبدالله بن أبي أوفى، ورواه أحمد، والصفار بلفظ: ((أنت أخي، ووارثي)) عن زيد بن أبي أوفى.
قلت: وهذه الرواية عن عبدالله بن أبي أوفى ترد ما رواه عنه البخاري ومسلم من إنكاره للوصاية، وهي أصح وأرجح من تلك الرواية المخالفة للمتواتر المعلوم، بإجماع المسلمين وإقرار الخصوم؛ وقد أنكر عليه السائل له في تلك الرواية، حيث قال: فقلت: كيف كتب على الناس الوصية أو أمر بالوصية؟
فقال: أوصى بكتاب الله ـ هكذا أخرجاه عنه ـ.
قال الإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) في سياق الرد عليه ما لفظه: فلما أعيد عليه السؤال، قال: نعم أوصى بكتاب الله، وأفرد العترة من الكتاب، والنبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ قال ـ مجمعاً عليه كافة أهل الإسلام من الصحاح، وغيرها ـ: ((خلفت فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، حبلان ممدودان لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض))، فذكر كونهما خليفتيه.
...إلى قوله: فكيف يقول ابن أبي أوفى: إن الوصية بأحدهما دون الآخر، مع ثبوت انحرافه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، ومخالفته الإجماع؛ ولم يرو بنفسه ذلك عن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، ولم يوافقه أحد من الصحابة على ذلك؛ وقوله في ذلك غير مقبول؛ لكونه مخالفاً للكتاب والسنة.
إلى آخر ما في الشافي.
نعم، وأخرج المرشد بالله بسنده إلى موسى الكاظم، عن آبائه، عن علي (ع)، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((إن فيك مثلاً من عيسى ابن مريم (ع))).
وساق إلى قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((ولكن أنت أخي، ووزيري، ووصيي، ووارثي، وعَيْبة علمي)). /516(2/516)


ومن حديث عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أتاني جبريل فبشرني أن منا سبعة لم يخلق الله مثلهم: أنا محمد رسول الله سيد النبيين، وعلي ابن عمي سيد الوصيين... الخبر))، أخرجه محمد بن سليمان الكوفي بسنده إلى أبي سعيد الخدري.
وقال الوصي (ع): إن أكرم الخلق على الله يوم القيامة سبعة، كلهم من ولد عبدالمطلب.
فقال عمار: من هم؟
قال: نبيكم خير النبيين، ووصيكم خير الوصيين، وحمزة سيد الشهداء، وجعفر الطيّار في الجنة ـ سقط اثنان، وهما الحسنان كما يأتي قريباً ـ ورجل يخرج منا آخر الزمان يقال له: المهدي.
رواه في الكامل المنير.
ومن شواهده ما أخرجه الإمام في الشافي، بسنده إلى أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((نحن ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة: أنا، وحمزة، وجعفر، وعلي، والحسن، والحسين، والمهدي)).
قال ـ أيده الله ـ في التخريج: وأخرجه عن أنس الحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط مسلم، وابن ماجه؛ وابن السري عن أنس، ورواه الطبري، وابن المغازلي بدون ((المهدي)) عن أنس.
وروى محمد بن سليمان الكوفي بإسناده عن ابن عباس، قال: قال النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أول سبعة يدخلون الجنة: أنا، وحمزة، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، والمهدي محمد بن عبدالله)).
وأخرج الكنجي عن ربيعة السعدي، عن حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ، قال: لأحدثنكم بما سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصره عيناي؛ خرج رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - كأني أنظر إليه كما أنظر إليك الساعة، /517(2/517)

78 / 151
ع
En
A+
A-