أربع فرق: فرقة على الحق لا ينقصها الباطل، وفرقة على الباطل لا ينقصها الحق، وفرقة مرقت من الدين كما يمرق السهم من الرمية، وفرقة وقفت كالشاة)).
..إلى قوله: ((إذا جاءها الذئب فاختطفها)) انتهى.
[تخريج حديث الحوأب]
وروى في المحيط، عن أبي طالب بسنده إلى ابن مسعود، وأبو العباس الحسني بسنده إليه، قال: قلت: يا رسول الله، من يغسلك إذا مت؟
قال: ((يغسل كل نبي وصيه)).
فقلت: يا رسول الله، ومن وصيك؟
قال: ((علي بن أبي طالب)).
قال: قلت: يا رسول الله، كم يعيش بعدك؟
قال: ((ثلاثين سنة)).
ثم قال: ((إن يوشع بن نون خرجت عليه صفراء بنت شعيب زوجة موسى، وقالت: أنا أحق بالأمر منك، فقاتلها، وقاتل مقاتليها، وأسرها وأحسن أسرها؛ وإن ابنة أبي بكر ستخرج على علي في كذا وكذا ألفاً من أمتي، فيقاتلها، ويقتل مقاتلتها، ويأسرها ويحسن أسرها؛ وفيها وفي صفراء نزل قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب:33] يعني صفراء في خروجها على يوشع بن نون)).
وأخرج البخاري في صحيحه رفعه إلى نافع عن عبدالله، قال: قام النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ فأشار إلى مسكن عائشة، فقال: ((هاهنا الفتنة ـ ثلاثاًـ)).
وروى أبو العباس عن ابن عباس ـ رضي الله عنهم ـ عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، قال: ((ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تخرج حتى تنبحها كلاب الحوأب، يقتل عن يمينها ويسارها قتلى كثير، في النار)).
ورواه صاحب المحيط بسنده إلى ابن عباس باختلاف يسير، وروى نحوه الكنجي عن ابن عباس، وقال: أخرجه ابن خزيمة، وروى نحوه أبو عمر في الاستيعاب، وأبو مخنف بسندهما /503(2/503)


إلى ابن عباس.
وقالت عائشة: إني سمعت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يقول: ((كأني بكلاب ماء يدعى الحوأب قد نبحت بعض نسائي))، ثم قال لي: ((إياك يا حميراء أن تكونيها))، فلفق لها الزبير، وطلحة، خمسين أعرابياً، جعلا لهم جعلاً فحلفوا لها، وشهدوا أن هذا ليس بماء الحوأب؛ فكانت هذه أول شهادة زور في الإسلام.
رواه الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس، ورواه محمد بن إسحاق عن حبيب بن عمير، ورواه جرير بن يزيد عن عامر الشعبي.
ورواه أبو مخنف، قال: حدثنا إسماعيل بن خالد، عن قيس بن حازم، قالوا جميعاً.
وساق الرواية، وفيها ما ذكر، فقالت أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ لعائشة: يا ابنة أبي بكر، أبدم عثمان تطلبين، وما كنتِ تدعينه إلا نعثلاً؟ أم على ابن أبي طالب تنقمين؟ أذكّرك الله، وخمساً سمعتهنّ أنا وأنت من رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ.
وساقت إلى قول عائشة: فأقبل رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ عليها غضبان محمراً وجهه، وقال: ((والله لا يبغضه ـ يعني علياً ـ أحد من أهل بيتي، ولا من غيرهم، إلا خرج من الإيمان؛ وإنه مع الحق، والحق معه))، وأنه قال لأم سلمة: ((يا ابنة أبي أمية، أعيذك أن تكوني منبحة كلاب الحوأب، وأنت يومئذ ناكبة عن الصراط))، وأنه قال لعائشة: ((إن لأمتي منكِ يوماً مراً)).
رواه في شرح النهج عن أبي جعفر الإسكافي.
[بحث أخبار الناكثين والقاسطين والمارقين]
قلت: والأخبار في هذا كثيرة، وكفى بأخبار الناكثين والقاسطين والمارقين المتواترة.
ومن طرقها: ما رواه الإمام الأعظم زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي(ع) قال: أمرني رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين؛ وما كنت لأترك شيئاً مما أمرني به حبيبي رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ. /504(2/504)


قال أيده الله في التخريج: قال في التلخيص: رواه النسائي في الخصائص، والبزار، والطبراني.
وفي كنز العمال: أخرجه ابن عدي، والطبراني في الأوسط، وعبد الغني بن سعيد في إيضاح الإشكال، والأصفهاني في الحجة، وابن مندة في غرائب شعبة، وابن عساكر من طرق، وفي رواية عن علي (ع): أمرت بقتال ثلاثة: القاسطين، والناكثين، والمارقين؛ فأما القاسطون فأهل الشام، وأما الناكثون ـ فذكرهم ـ وأما المارقون فأهل النهروان.
أخرجه الحاكم في الأربعين، وابن عساكر.
وأخرجه الحاكم من طريقين عن أبي أيوب بلفظ: أمر رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ علي بن أبي طالب بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
وفي الرواية الأخرى بلفظ: سمعت رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - يقول لعلي بن أبي طالب: ((يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين))، وساقه بإسنادين مختلفين إلى أبي أيوب...إلخ.
[انتهى] من تتمة الروض النضير.
وفي الروض النضير: قال: أخرجه الحاكم، وغيره عن أبي أيوب، وهو متلقى بالقبول إن لم يكن متواتراً، انتهى.
وقد مَرّ الحديث عن ابن عباس، وفيه: ((اشهدي يا أم سلمة أنه قاتِل الناكثين والقاسطين والمارقين))، من رواية الإمام في الشافي، والقاسم بن إبراهيم، وأبي العباس الحسني، والفقيه حميد الشهيد، وعبدالله بن طاهر، والعقيلي، والكنجي.
ورواه ابن المغازلي من حديث المناشدة؛ وروى الكنجي بإسناده إلى أبي سعيد الخدري، قال: أمرنا رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، مع علي بن أبي طالب. وقال: أخرجه الحاكم أبو عبدالله، وأخرجه الكنجي أيضاً عن علي.
قال أيده الله: وأخرجه إبراهيم بن ديزيل عن أبي أيوب، وقال عمار بن ياسر: أما إني أشهد أن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أمر علياً بقتال الناكثين والقاسطين.
رواه أبو مخنف؛ قاله عمار رداً على أبي موسى، لما ثبط الناس عن الجهاد مع علي(ع).
ورواه محمد بن سليمان الكوفي عن علقمة، /505(2/505)


وعن أبي سعيد التيمي، كليهما عن علي؛ لفظ أبي سعيد: عهد إليَّ رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أن أقتل الناكثين والقاسطين والمارقين، فقال: الناكثين أهل الجمل، والقاسطين أهل الشام، والمارقين الخوارج.
قلت: بالنصب على الحكاية.
قال أيده الله: ولفظ علقمة: أمرت أن أقتل...إلخ.
وعن أبي سعيد التيمي، عن علي (ع)، نحو الأول من طريق أخرى، ورواه عن إبراهيم، عن علي نحو حديث علقمة.
وروى نحوه عن أبي أيوب.
وقال عمار بن ياسر: أمرني رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ بقتال الناكثين، وقد فعلت، وأمرني بقتال القاسطين، وأنتم هم ـ يخاطب عمرو بن العاص في صفين ـ وأما المارقون فلا أدري أدركهم أو لا.
رواه نصر بن مزاحم.
وأخرج الإمام أبو طالب (ع) عن علي (ع): ((يا علي أنت فارس العرب، وأنت قاتل الناكثين والمارقين والقاسطين، وأنت أخي، ومولى كل مؤمن ومؤمنة، وأنت سيف الله الذي لا يخطئ، وأنت رفيقي في الجنة)).
قال أبو ذر لسلمان ـ رضي الله عنهما ـ: إلزم كتاب الله، وعلي بن أبي طالب؛ فأشهد أني سمعت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يقول: ((علي أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الأكبر، والفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل))؛ أخرجه الإمام المرشد بالله (ع)، وأبو علي الحسن الصفار، ومحمد بن سليمان الكوفي بسنده إلى أبي ذر من طريقين.
وأخرج ابن عبد البر في الاستيعاب، عن أبي ليلى الغفاري، والكنجي في مناقبه، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((ستكون من بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب؛ فإنه أول من يراني، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الأكبر، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين)).
وأخرج الحافظ الكنجي في مناقبه من حديث السمرقندي؛ وبإسناده عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، قال: ستكون فتنة من /506(2/506)


أدركها فعليه بخصلة من كتاب الله، وعلي بن أبي طالب؛ فإني سمعت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وهو آخذ بيد علي ـ رضي الله عنه ـ، وهو يقول: ((هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة، وهو الصديق الأكبر، وهو بابي الذي أوتى منه، وهو خليفتي من بعدي)).
ثم قال: أخرجه محدث الشام في فضائل علي ـ رضي الله عنه ـ بطرق شتى.
[تخريج أحاديث: ذمِّ الخوارج ومدح قاتلهم]
وأخرج الإمام المنصور بالله (ع) في الشافي، بسنده إلى صاحب كتاب المحيط بالإمامة، بسنده إلى أبي اليسر، قال: كنت عند عائشة أم المؤمنين، فدخل مسروق، فقالت: من قتل الخوارج؟
قال: علي.
فقالت: سمعت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يقول: ((يقتلهم خير أمتي من بعدي، وهو يتبع الحق والحق يتبعه)).
قال: وهذا خبر معروف من أصحاب الحديث لم يدفعه أحد منهم.
قلت: وفي مسند أحمد بن حنبل: عن مسروق، قال: قالت لي عائشة: إنك من ولدي، ومن أحبهم إليَّ، فهل عندك علم من المخَدَّج؟
فقلت: نعم قتله علي بن أبي طالب على نهر يقال لأعلاه ثامراً، ولأسفله النهروان.
..إلى قوله: فقالت: هل لك على ذلك بَيّنَةٌ؟
فأقمت رجالاً شهدوا عندها بذلك.
قال: فقلت: سألتكِ بصاحب هذا القبر، ما الذي سمعت من رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ فيهم؟
فقالت: نعم، سمعته ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يقول: ((إنهم شر الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة، وأقربهم عند الله وسيلة)).
أفاده في شرح النهج.
وأخرجه محمد بن سليمان الكوفي، وابن المغازلي، عن عائشة بلفظ: ((هم...الخبر بتمامه))، ونقله الإمام محمد بن عبدالله الوزير.
قال: وفي كتاب صفين للمدائني: عن مسروق، أن عائشة لما عرفت أن علياً قتل ذا الثدية، قالت: لعن الله عمرو بن العاص، كتب عليَّ أنه قتله بالإسكندرية؛ ألا إنه لا يمنعني ما في نفسي أن أقول ما سمعت من رسول الله صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم، /507(2/507)

76 / 151
ع
En
A+
A-