عن ابن عباس، وعن محمد بن الحنفية، وعن أبي صالح من طريقين، وعن أبي جعفر الصادق؛ وقال أبو صالح: قال ابن عباس: هو والله علي بن أبي طالب؛ انتهى شواهده.
وعنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أنا المنذر، وعلي الهادي، وبك يا علي يهتدي المهتدون))، أخرجه الديلمي، والكنجي عن ابن عباس، وأخرجه ابن عساكر، عن علي.
انتهى شرح غاية.
وقال علي (ع): ((رسول الله المنذر، وأنا الهادي)) أخرجه الحاكم عن علي، وقال: صحيح.
انتهى من التفريج؛ وقد تقدمت الرواية، في تفسير الآية.
قال أمير المؤمنين (ع): إن الله تعالى عنانا بقوله: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ } [البقرة:143]، فرسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ هو الشاهد علينا، ونحن شهداء الله على خلقه، وحججه في أرضه، ونحن الذين قال الله ـ عز اسمه ـ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } [البقرة:143].
أخرجه الحاكم الحسكاني، عن سليم بن قيس، عن علي (ع).
[خطبة السبط الأكبر يوم وفاة والده وتخريجها]
وأخرج الإمام أبو طالب (ع) بسنده، إلى فطر بن خليفة، أن الحسن السبط لما أُصيب علي (ع): قام خطيباً، فقال: الحمد لله وهو للحمد أهل، الذي منَّ علينا بدين الإسلام، وجعل فينا النبوة والكتاب، واصطفانا على خلقه، وجعلنا شهداء على خلقه، وجعل الرسول علينا شهيداً...إلى آخرها.
ولهذه الخطبة الشريفة طرق كثيرة.
قال الإمام محمد بن عبدالله الوزير: ومن ذلك خطبة /493(2/493)
الحسن بن علي(ع) على رؤوس من بقي من الصحابة والتابعين يوم مات علي (ع)، منها: خاتم الوصيين، ووصي خاتم الأنبياء، وأمير الصديقين، والشهداء والصالحين؛ ثم قال: أيها الناس لقد فارقكم رجل ما سبقه الأولون، ولا يدركه الآخرون.
قال الإمام (ع): وهذه الخطبة قد أخرجها جماعة من أهل الحديث، منهم: الكنجي، وابن حجر في المنح، وحسَّن إسنادها، ورواها أئمتنا؛ وهي مشهورة لا يمكن إنكارها، وأخرجها النسائي في الخصائص، انتهى.
وأخرجها أبو علي الصفار والكنجي، عن أبي الطفيل، قال: خطب الحسن بعد وفاة علي؛ وذكره، فقال: خاتم الوصيين...وساق ما تقدم إلى قوله: ولا يدركه الآخرون؛ لقد كان رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يعطيه الراية، فيقاتل جبريل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، فما يرجع حتى يفتح الله عليه؛ ما ترك ذهباً ولا فضة، إلا سبع مائة درهم، يريد أن يشتري بها خادماً لأم كلثوم.
ثم قال: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ.
ثم تلا قوله تعالى: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ ءَابَائِي }...الآية [يوسف:38]، وأنا ابن البشير، وأنا ابن النذير، وأنا ابن الداعي إلى الله وابن السراج المنير، أنا ابن الذي أُرسل رحمة للعالمين، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وأنا من أهل البيت الذين كان جبريل ينزل عليهم، وعنهم كان يعرج، وأنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم وولايتهم، فقال فيما أنزل على محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً}...إلخ [الشورى:23]، واقتراف الحسنة مودتنا.
انتهى من الأربعين للصفار. /494(2/494)
قال أبو الفرج الأصفهاني: ـ وذكر السند ـ عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي مريم...إلى قوله: خطب الحسن بن علي، وقال: أيها الناس، لقد فارقكم ـ وساق الخطبة...إلى قوله: واقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت ـ ولم يذكر {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ }...الآية.
وأخرج الدولابي الخطبة بتمامها من قوله: لقد فارقكم...إلخ، كرواية الصفار عن زيد بن الحسن؛ أفاده الأمير في شرح التحفة.
وروى ابن المغازلي عن هُبيرة بن مريم: لقد فارقكم...إلى قوله: سبعمائة درهم.
ورواها أحمد بن شعيب النسائي في خصائصه، عن هبيرة، عن الحسن، كرواية ابن المغازلي بزيادة قوله: قال رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: ((لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، يقاتل جبريل عن يمينه...إلخ)) باختلاف يسير.
وأخرج أحمد بن حنبل، عن عمرو بن حبشي، كرواية المغازلي.
أفاده في التفريج، وفيه: وأخرج أحمد عن زر بن حبيش ، عن الحسن بن علي أنه خطب، وقال: لقد فارقكم بالأمس رجل ما سبقه الأولون، ولا يدركه الآخرون.
أفاده ـ أيده الله ـ في التخريج، قال فيه: وروى الخطبة المرشد بالله...إلى قوله: يشتري بها خادماً، عن هبيرة بن مريم.
وأخرج الكنجي عن عبدالله بن مسعود، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((ما بعثت علياً في سرية، إلا رأيت جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، والسحابة تظله، حتى يرزقه الله الظفر)).
وأخرجه محمد بن سليمان الكوفي، بسنده إلى جابر بن عبدالله، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((ما بعث الله علياً في سرية، إلا رأيت جبريل عن يمينه...إلخ)).
وقال ابن أبي الحديد: وفي خطبة الحسن بن علي (ع) لما قبض أبوه: لقد /495(2/495)
فارقكم في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون، ولا يدركه الآخرون؛ كان يبعثه رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ للحرب، وجبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره. انتهى.
ورواه أبو جعفر الطبري في تاريخه، بسنده إلى خالد بن جابر، عن الحسن بن علي (ع)، ورواه الموفق بالله عن هبيرة بن مريم.
أفاده ـ أيده الله ـ في التخريج.
قلت: وأخرجها السيد الإمام أبو العباس (ع) في المصابيح عن الحسين بن زيد بن علي (ع).
[تخريج حديث ((علي خير البشر))]
هذا، ومن شواهد ما سبق نحو أخبار: ((علي خير البشر، فمن أبى فقد كفر))، أفاد صاحب المحيط بالإمامة أن شيخه يرويه بإحدى وسبعين طريقاً، وقد رواه الذهبي في الميزان عن شريك، وقال: بإسناد كالشمس.
وأورده محمد بن سليمان الكوفي مسنداً في مناقبه بطرق وشواهد كثيرة، نحو: ((علي خير البرية)).
ورواه السيوطي في سورة لم يكن، في الدر المنثور، من طرق؛ أفاده الإمام محمد بن عبدالله (ع).
وقال الإمام المنصور بالله (ع) في الشافي: والأخبار المتواترة مروية عن جابر أنه قال: ((علي خير البشر، لا يشك فيه إلا كافر)).
قلت: ساق في المحيط بالإمامة بسنده إلى جابر، قال: خير الناس ـ يعني علياً(ع) ـ ولا يشك فيه إلا كافر.
وبسنده إلى أبي إسحاق، عن أبي وائل، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((علي خير البشر فمن أبى فقد كفر)).
قال ـ أيده الله ـ في تخريج الشافي بعد إيراد قوله (ع): والأخبار المتواترة...إلخ: أخرجه أبو يعلى، وابن عساكر، وقال: روي عن عائشة؛ وأبو القاسم الجابري عن عائشة مرفوعاً، ورواه في المحيط بالإمامة ـ وذكر الرواية المارة ـ.
قال: وكذا رواه برهان الدين في أسنى المطالب، بإسناده إلى جابر، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((علي خير البشر... إلخ)).
وذكر في الإقبال عن شريك النخعي قال: ((علي خير البشر... إلخ)).
وأخرجه الخطيب عن علي، وحذيفة مرفوعاً، وعن جابر مرفوعاً، وروى محمد بن سليمان الكوفي بسنده إلى جابر، قال: ((علي خير البشر)).
وروى بسنده إلى حذيفة عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((علي خير البشر، فمن أبى فقد كفر)).
وقال /496(2/496)
الإمام يحيى بن حمزة (ع): روى علي، وابن مسعود، أن النبي قال: ((علي سيد البشر، من أبى فقد كفر)).
وسئل جابر بن عبدالله عن علي، فقال: ذلك خير البشر، من شك فيه فقد كفر.
رواه يحيى بن الحسن العقيقي بسنده؛ ذكره الإمام الموفق بالله.
قلت: وقد سبق ذكر الخبر، والوعد بالكلام عليه، فهذا تمامه، والله ولي الإعانة.
[تمام الكلام على حديث: ((أنا سلم لمن سالمت))، ونحوه]
ونحو قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((من ناصب علياً الخلافة بعدي فهو كافر، وقد حارب الله ورسوله؛ ومن شك في علي فهو كافر))، رواه الخطيب ابن المغازلي، عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ، وأخرجه الكنجي.
وفي هذا المعنى أخبار متواترة، كأخبار المحاربة، نحو: قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لعلي (ع): ((أنا سلم لمن سالمت، حرب لمن حاربت))، أخرجه الإمام المرشد بالله (ع)، ومحمد بن سليمان الكوفي، وابن المغازلي، وعبد الوهاب الكلابي، عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ.
قال ابن أبي الحديد: ورواه الناس كافة.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((حربك حربي، وسلمك سلمي))، أخرجه نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم (ع)، والإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة من طريق الإمام الناصر الأطروش (ع)؛ ومحمد بن سليمان الكوفي بطريقين عن جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنهما ـ.
والكنجي والخوارزمي، وابن المغازلي، عن علي (ع).
وأبو يعلى الهمداني بإسناده عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (ع)، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي))...إلى قوله: ((حربك حربي، وسلمك سلمي)).
وابن /497(2/497)