قلت: وقد أقَرّ فقيه الخارقة ـ على شدة تمرده، وكثرة عناده ـ بتفسير الآية بعد اعتراضه والرد عليه؛ فقال: هذا ممكن غير مستحيل، لكن بشرط أنهم يُسألون عن التوحيد أولاً، وعن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ ثانياً، ثم يسألون بعد ذلك عن ولاية علي (ع)؛ لأن وجوبها بعد.
فأجاب عليه الإمام (ع) أنه لم يذكر أن أول ما يسألون عنه هو أمر علي (ع) حتى يعتب بزعمه، ويُرَتَّب.
...إلى قوله (ع): إن الذي فسر الخبر هو مبلّغ الوحي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ فعتب الفقيه هو عليه...إلخ.
وإنما أوردته؛ لأنا لا نعدم مِنْ خَلَف الفقيه مِنْ هو على طريقته في هذا الباب، فيعلم أن سلفنا وسلفه قد كفونا مؤنة الإيراد والجواب.
هذا، وروى الحاكم الحسكاني، بإسناده إلى النبي صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم في قوله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)} [الصافات]، قال: ((عن ولاية علي بن أبي طالب))، رواه عن أبي سعيد الخدري من ثلاث طرق، وفي واحدة بلفظ: ((عن إمامة علي بن أبي طالب)).
ورواه عن ابن عباس من طريقه عن الشعبي، عنه.
ورواه عن أبي جعفر، قال: ((عن ولاية علي))، ومثله عن أبي إسحق السبيعي، وعن جابر الجعفي.
وروى بإسناده عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم: ((إذا كان يوم القيامة أوقف أنا وعلي على الصراط؛ فما يمر بنا أحد إلا سألناه عن ولاية علي؛ فمن كانت معه، وإلا ألقيناه في النار؛ وذلك قوله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)} [الصافات])).
ورواه محمد بن سليمان الكوفي بإسناده إلى أبي سعيد الخدري، عن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ في قوله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)} [الصافات]، قال: ((عن ولاية علي بن أبي طالب)) من طريقين، وعن أنس.
ورواه ابن شيرويه الديلمي في كتاب الفردوس، بإسناده إلى أبي سعيد، عن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((وقفوهم إنهم مسؤولون عن ولاية علي بن أبي طالب))، عن الإمام الحسن بن بدر الدين كما ذكره الإمام هنا. /488(2/488)
وروي هذا في تنبيه الغافلين عن أبي إسحاق، ورواه ابن البطريق في العمدة من كتاب الفردوس.
وفي مناقب الكنجي: وروى ابن جرير، وتابعه الحافظ أبو العلا الهمداني، وكذلك ذكره الخوارزمي عن أبي إسحاق، ورفعه ابن جرير وحده عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)} [الصافات]، يعني عن ولاية علي بن أبي طالب (ع).
أفاده ـ أيّده الله ـ في تخريج الشافي.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((إن الله لما خلق السماوات والأرض دعاهنّ فأجبنه، فعرض عليهنّ نبوتي، وولاية علي بن أبي طالب، فقبلتاهما؛ ثم خلق الخلق، وفوض إلينا أمر الدنيا؛ فالسعيد من سعد بنا، والشقي من شقي بنا؛ نحن المحلّون لحلاله، والمحرمون لحرامه))، رواه البكري الخوارزمي عن جابر.
أفاده في التفريج.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((النظر إلى علي عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل الله إيمان عبد إلا بولايته، والبراءة من أعدائه)) انتهى من حديث طويل أخرجه الكنجي عن علي (ع)، وقال: رواه الحافظ أبو العلا الهمداني، وتابعه الخوارزمي.
أفاده ـ أيده الله ـ في التخريج.
قلت: ورواه الخوارزمي في فصوله، بسنده عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (ع) من خبر طويل.
قال ـ أيده الله ـ: عن أبي ذر، سمعت النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يقول: ((أيها الناس، لو صليتم حتى تكونوا كالأوتار، وصمتم حتى تكونوا كالحنايا، ولقيتم الله بغير ولاية علي بن أبي طالب، لكبكم الله في نار جهنم)) رواه أبو خراسان محمد بن عبدالله بن عيسى، يرفعه إلى أبي ذر.
[انتهى] من الكامل المنير.
وأخرج الحاكم أبو القاسم عن علي (ع) في قوله تعالى: {فَأَذَّنَ }...الآية [الأعراف:44]، قال: أنا المؤذن.
وعن الباقر قال: هو أمير المؤمنين.
وعن ابن عباس، قال: المؤذن علي؛ يقول: ألا لعنة الله على الذين كذبوا بولايتي، واستخفوا بحقي.
وقد سبق ما في جواهر العقدين، ولفظه: قال الحافظ جمال الدين الزرندي عقيب حديث: ((من كنتُ مولاه فعلي/489(2/489)
مولاه)): قال الإمام الواحدي: هذه الولاية التي أثبتها النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ مسئول عنها يوم القيامة.
وروى في قوله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)} [الصافات]، أي عن ولاية علي، وأهل البيت.
...إلى قوله: ما أخرجه الديلمي عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعاً: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)} [الصافات]، عن ولاية علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ.
ويشهد لذلك قوله في بعض الطرق المتقدمة: ((والله سائلكم كيف خلفتموني في كتابه، وأهل بيتي)).
وأخرج ابن المغازلي، ورفعه إلى أنس قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على شفير جهنم، لم يجز عليه إلا من كان معه كتاب ولاية علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ)).
وقال في موضع آخر: وعن أبي بردة ـ رضي الله عنه ـ، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، ونحن جلوس ذات يوم: ((والذي نفسي بيده، لا تزول قدم عن قدم يوم القيامة، حتى يسأل الله الرجل عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن جسده فيم أبلاه؟ وعن ماله مِمَّ كسبه وفيم أنفقه؟ وعن حبنا أهل البيت)).
قال عمر: ما آية حبكم؟
فوضع يده على رأس علي وهو جالس إلى جانبه، وقال: ((آية حبي حبّ هذا من بعدي)).
قال: وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ مرفوعاً: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة، حتى يُسأل عن أربع))...الخبر بلفظه إلا أن فيه: ((وعن ماله فيم أنفقه ومن أين اكتسبه؟))، انتهى.
[أحاديث متنوعة في لزوم التزام ولاية الوصي]
قلت: وقد تقدم في ذكر خبر الغدير ما ورد في قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ }...الآية [المائدة:3]، وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، والولاية لعلي بن أبي طالب))، من رواية الإمام الرضا علي بن موسى الكاظم (ع).
ورواها الإمام المرشد بالله (ع) بلفظ: /490(2/490)
((وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، والولاية لعلي)) ومثلها لمحمد بن سليمان الكوفي إلا أن فيها: ((ورضى الرب بولايتي، وبالولاية لعلي من بعدي)).
ومن كلام الوصي ـ صلوات الله عليه ـ: ثم انتقل النور إلى غرائزنا، ولمع في أئمتنا؛ فنحن أنوار السماء، وأنوار الأرض؛ فبنا النجاة، ومنا مكنون العلم، وإلينا مصير الأمر، وبمهدينا تقطع الحجج، خاتم الأئمة، ومنقذ الأمة، وغاية النور، ومصدر الأمور؛ فنحن أفضل المخلوقين، وأفضل الموحدين، وحجج رب العالمين؛ فليهنأ النعمة من تمسك بولايتنا، وقبض عروتنا؛ انتهى.
أخرجه المسعودي في مروج الذهب، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد، عن أبيه محمد، عن أبيه علي، عن أبيه الحسين سبط رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع).
وأخرج أبو العباس الحسني، بسنده إلى موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن، عن أبيه، عن جده: أنه قال النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لعلي: ((وأنت وصيي من أهلي، وخليفتي في أمتي؛ من والاك فقد والاني، ومن عصاك فقد عصاني)).
وأخرج الإمام المرشد بالله، بسنده إلى جعفر الصادق، قال: حدثني أبي محمد بن علي الباقر، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، عن أبيه الحسين الشهيد، عن أبيه علي بن أبي طالب (ع)، قال: سمعت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يقول: ((لو أن عبداً عبد الله سبعة آلاف سنة، وهو عمر الدنيا؛ ثم أتى الله ـ عز وجل ـ ببغض علي بن أبي طالب، جاحداً لحقه، ناكثاً لولايته، لأتعس الله خده، وجدع أنفه)).
وأخرج أبو العباس الحسني (ع) بسنده، عن حذيفة بن اليمان، قال: رأيت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ كما تراني، قد أخذ بيد الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)، ثم قال: ((أيها الناس، إن من استكمال حجتي على الأشقياء من بعدي ولاية علي بن أبي طالب؛ ألا إن التاركين ولاية علي بن أبي طالب هم الخارجون من ديني، فلا أعرفن خلافكم على الأخيار /491(2/491)
من بعدي)) وقد مرّ.
والخبر المروي عن الباقر، عن آبائه (ع): أن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ قال: ((خذوا بحجزة هذا الأنزع - يعني علياً (ع) - فإنه الصديق الأكبر، والهادي لمن اتبعه؛ من اعتصم به أخذ بحبل الله، ومن تركه مَرَقَ من دين الله، ومن تخلف عنه محقه الله، ومن ترك ولايته أضله الله، ومن أخذ بولايته هداه الله))، قال في تفريج الكروب: وعلى فصوله شواهد.
قلت: والوارد من الآيات والأخبار في الولاية، مما لا تحيط به رواية، ولا تبلغ منه الغاية.
[تخريج: بك يا علي يهتدى المهتدون، و{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ }]
ولما نزل قوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)} [الرعد]، قال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أنا المنذر، وعلي الهادي، بك يا علي يهتدي المهتدون))؛ أخرجه ابن عساكر، عن ابن عباس.
قال: وذكره غير واحد من أئمة التفسير، منهم: محمد بن جرير الطبري، وأحمد بن محمد الثعلبي النيسابوري، والنقاش، وغيرهم؛ وأخرجه الديلمي عن ابن عباس.
أفاده ابن الإمام في شرح الغاية.
قال ـ أيده الله ـ في تخريج الشافي: وأخرجه علي بن الحسين في المحيط، عن ابن عباس؛ وأخرج نحوه الناصر للحق عن أبي برزة الأسلمي، وأخرج نحوه في المحيط عن علي زين العابدين (ع)، موقوفاً.
وقال ـ كثر الله فوائده ـ: قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أنا المنذر وعلي الهادي... إلخ))، رواه أبو القاسم الحسكاني عن ابن عباس من ست طرق، وعن أبي برزة الأسلمي من ثلاث طرق، وعن أبي هريرة، وعن يعلى بن مرة، وعن علي، وعن مجاهد، وعن زرقاء الكوفية، ونحوه عن علي من ثلاث طرق، وعن أبي برزة.
وروى بإسناده عن أبي سعيد الخدري في قوله تعالى: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)} [الرعد]، قال: قال رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: ((هو علي بن أبي طالب)).
ورواه /492(2/492)